الأحد, 24 نوفمبر, 2024 , 3:20 ص

حوار مع “سياف السعودية”: القصاص رادع مهيب أجره عند الله..وأحد سيوفى مصرى الصنع

كشف منفذ أحكام القصاص، السياف السعودي نايف البيشي، تفاصيل حياته وأسرار مهنته في حوار له، ليوضح الصورة الحقيقية للسياف والتي لا يعرفها الكثيرون، لأو ربما تكون في مخيلتهم كتلك الصورة التي تظهره الأفلام والدراما.
تحدث نايف البيشي، في منزل شقيقه المتواضع نايف البيشي، شارحًا مايسبق تنفيذ أحكام القصاص وكيفية التنقيذ والسيوف المستخدمة ومن ضمنها سيوفاً لرجال أعمال ومشائخ قبائل، موضحاً مواقف ساهم فيها بالشفاعة واعتاق رقاب بعض المحكومين، وذلك في حوار خاص لموقع “سبق” السعودي.
وبعيدًا عن الصورة المرسومة لـ” السياف” سواء في الشكل او التصرفات كشف لقاء البيشي عن أمور يجهلها الكثير حول ما يدور في ساحات القصاص من مواقف وتصرفات فتحت باب الحياة من جديد لاشخاص كان السيف فوق رؤسهم.
يوضح البيشي أنه دائما ما يتريث قبل تنفيذ الاحكام أملاً في عفو اوتنازل تعتق رقبة محكومة، يقول البيشي حول ذلك:” قبل تنفيذ الحكم احاول الذهاب الى ورثة الدم واقناعهم بالتنازل فيما اعمد الى حركات تمويه بالسيف قبل التنفيذ ..فالبعض يرق قلبه على المحكوم ويتحقق العفو باذن الله وهو ما حدث في مواقف عدة “. وأوضح السياف البيشي أن أول حكم نفذه كان بمدينة الرياض كان بـ3 اشخاص، فيما ابكته كثيرا مواقف العفو في ساحات القصاص.
“البيشي” البالغ من العمر 29 عاما والذي يحمل شهادة الثانوية العامة ودبلوم الكترونيات، والطامح لاكمال الدراسة في جامعة نايف للعلوم الأمنية، كشف عن حلم الطفولة في أن يكون قاضيا قائلا : كنت أفكر في صغري وأحلم أن أكون قاضياً .. لكن القضاء صعب جداً وسخر الله له من هو قادر عليه .. وبعدها لم أفكر إلا في هذه المهنة التي وفقت فيها والحمد لله ولن أفكر في غيرها أبداً ولن أتركها حتى ولو كنت أغنى الأغنياء”.
وبصوت خفي وندي والدموع تذرف من عينيه قال البيشي في ختام الحوار :” أسأل المولى عز وجل ان يأتيني الموت وأنا قائم وسيفي بيميني أنفذ شرع الله في ساحة القصاص”.
وفيما يلي نص الحوار:
بداية نريد معرفة نبذة عنكم ؟
– نايف بن ناصر بن عبد الرحمن بن محمد بن حمد بن عون العامري البيشي من قبيلة بني عامر في بيشة، عمي شيخ القبيلة ووالدي من أعيان ووجهاء القبيلة، حاصل على شهادة الثانوية العامة ودبلوم الكترونيات لمدة سنتين ودورة حاسب آلي، حديث الزواج وانتظر أول مولود بعد أشهر قليلة، أحب الكتابة والقراءة والسفر ورعاية الأبل.
كيف كانت ردة فعل زوجتك عندما عرفت أنك (سياف) ؟وهل تحدثها عن القصاص؟
– عندما تقدمت لخطبتها، وعرفت على الفور أنني سياف فوجئت بموافقتها فورًا وترحيبها بي بالرغم من المعارضات التي حصلت من بعض أقاربها، لكنها لم تبال بأحد والحمد لله. واتممت الزواج بأسرع وقت ” خوفا من أن تتراجع عن قرارها “،  والحمد لله حياتنا تملاؤها السعادة ولا يخالطها أي شوائب ، فيما يخلو بيتي من أجواء وحكايات احكام القصاص التي انفذها.
هل تحرص على أكلات معنية؟
– أحب وأفضل دوماً وجبة مكونة من لحم الخروف المشوي وخبز البر البلدي والسمن البلدي والزبد البلدي من إنتاج البيت وبالتحديد من عمل الوالدة “حفظها الله” وعسل السدر والقرصان البلدي من إنتاج المنحل الخاص وحليب الأبل البلدي واللبن البلدي و” قولوا ما شاء الله تبارك الله”.
حدثنا عن نظرة جيرانك والناس ؟
– بالنسبة لجيراني ليس بيني وبينهم إلا كل إحترام وتقدير، وليس هناك نفور أو نحو ذلك لا من المقربين ولا من العامة. وعندما آتي للمناسبات التي اعزم فيها ألاقي كل ترحيب من “المعازيب” والمعازيم، وكل منهم يرغب أن أجلس بجانبه.
لو لم تكن سيافاً.. ما هي المهنة التي كنت تودها ؟
– كنت أفكر في صغري وأحلم أن أكون قاضياً، ولكن القضاء صعب جداً، وسخر الله للقضاء من هو قادر عليه – وبعدها لم أفكر إلا في هذه المهنة ووفقت فيها والحمد لله ولن أفكر في غيرها أبداً ولن أتركها حتى ولو اصبحت أغنى الأغنياء.
سمعنا أنك صاحب قصص وروايات وكاتب – فهل هذا صحيح ؟
– نعم .. لكن كتاباتي محدودة وليست كثيرة لعدم وجود وقت لدي أحيانا، فقد قمت بمحاولة كتابة فيلم درامي يتطرق للمشاكل التي تدور في بلادنا “حماها الله” من سرقات وقتل ونشل وسلب وسطو مسلح واستدراج مشين وحرابة، وتحدثت عن دور رجال الأمن البواسل بعد توفيق الله لهم بالقبض على هؤلاء المجرمين وما تقوم به الدولة في قطع دابر الشر من جذوره بالشرع والسنة النبوية حتى يتم تنفيذ أحكام الله فيهم ومقاضاتهم وصدور الأحكام عليهم – ويخالطها أيضا بعض الوجاهات الخيرة في الدم والإصلاح في ذات البين ونجاح المساعي ومبادرة بعض ورثة الدم في العفو لوجه الله دون مقابل .. يعني أحداث شيقة جدا بعضها مستوحى من واقع عملنا وبـ”اللهجة العامية السعودية”.
ألم تنسق معك شركات منتجة أو مخرجين لانتاج هذا الفيلم الدرامي ؟
– أبدا ، وأتمنى ذلك قريبا
متى نفذت اول قصاص ؟
– أول قصاص نفذته بالرياض بثلاثة اشخاص، ولا أذكر متى بالتحديد فقد مضى عليه فترة طويلة، والحمد لله كان التنفيذ بأكمل وجه مطلوب وكان الخوف وقتها بعيد عني.
متي تبلغ بالتنفيذ؟ وما الترتيبات التي تتخذها قبل القصاص ؟
– ابلغ قبل القصاص بوقت كاف، وأصلي ركعتين ثم أجهز نفسي وأخذ السيف وأتجه برفقة الحرس المرافق لموقع التنفيذ.
حدثنا عن سيوفك التى تستخدمها؟
تُصرف للسياف مجموعة من الأسلحة وتعتبر عهدة معه، إضافة إلى السيف الذي يعطى له وينفذ به القصاص في المحكوم عليهم، ويوجد نوعان من السيف المستخدم منها الجوهر وهو صناعة هندية والثاني مصري.
تتعدد وسائل القصاص في المجتمعات الأخرى، هل تجد السيف أخفها وطأة؟
– السيف هو الرادع المهيب لكل من تسول له نفسه أن يرتكب جريمة ما، طائعاً للشيطان أو حتى مجرد تفكير فعندما يرى السيف هاوياً على رقاب المجرمين حتماً سيعدل عن ما مخطط له وثانياً السيف هو أسهل آلة ينفذ بها القتل ومريح للمنفذ به وسبباً في موته بسرعة فائقة لا تتجاوز 5 ثواني.
كم عدد السيافين في السعودية ؟
– الذين أعرفهم واسمع عنهم 7 أنا وواحد آخر بالرياض، وواحد بتبوك، وواحد بالمنطقة الشرقية، وواحد بمنطقة الباحة، وواحد بمنطقة مكة المكرمة وواحد بالمدينة المنورة هؤلاء هم الرسميين الذين أعرفهم.
ما متوسط الحالات التي تقابلكم شهريا ؟
– متفاوتة وغير محدودة، مرة إثنان، ومرة ثلاثة، ومرة عشرة، ومرة واحد ، متفاوتة يعني غير ثابتة، وأحيانأً يمر علينا شهور لا يأتينا فيها شيء.
موقف أبكاك وموقف لا يزال عالقاً في الذاكرة؟
– لا يوجد هناك مواقف أبكتني إلا العفو في ساحات القصاص ولايوجد مواقف عالقة في ذهني، وإن كان هناك شيء من هذه الأمور فلا يجوز للسياف ذكرها لأن السياف كمغسل الأموات يجب عليه كتم الأسرار ولا يجوز له الإفصاح عنها. ولا اعير اي اهتمام لاي مشهد كان، لأني لو سمحت لأي مشهد مؤثر أو حتى الجمهور المحيط بالساحة أثناء التنفيذ أن يدخل ذاكرتي ضاع علي التركيز وأفقد السيطرة على الضربة و” عقبها أخلف الله علي وعلي نفسيتي” ولكن الحمد لله هذا لم يحصل معي بتاتاً ولن يحصل إن شاء الله.
ما هو أول شيء تفعله بعد تنفيذ القصاص ؟
– أمسح سيفي وأعيده بجرابه، وأستقل سيارتي الرسمية، وأتجه الى البيت برفقتي الحرس المخصص دائماً معي عند الذهاب والعودة. وعندما أصل الى بيتي تاخذ زوجتي “أم سلمان” ثوبي إن كان ملطخا بالدماء لكي تقوم بغسله بنفسها.
عندما يذكر السياف تظهر لنا في المخيلة صورة رجل أسود ضخم.. لماذا اختلفت الصورة حديثاً؟
– وزارة الداخلية والمسؤولين بإمارة منطقة الرياض يريدون أن يوضحوا للناس أنه من الممكن لكل شخص يستطيع أن يعمل بهذه المهنة أن يكون منفذا لشريعة الله، ومصلحة العمل لا تنظر للون أو البشرة فالمسألة ليست باللون والإحتكار ونحوه إنما هي بالإيمان والقلب والعزيمة.
كيف يتم الالتحاق بوظيفة السياف؟
– من رأى في نفسه الجد والقدرة على ذلك فليتقدم الى وزارة الداخلية أو الى إحدى إمارات المناطق، وبالتأكيد سيجد كل قبول وترحيب – لكن هذه المهنة لها آلية محددة ولها تدريب خاص ولها إختبارات شفهية وعملية تطبيقية. ولا يوجد لها شهادات أو مؤهلات مشروطة ومطلوبة ، لكن القراءة والكتابة والفهم مطلوبة على من يتقدم لها.
هل هناك إقبال في الالتحاق بهذه المهنة؟
– هناك الكثير ممن يتقدم، لكن نادراً ما تجد من يتصف بالصفات المطلوبة ، فهناك من يتقدم وعندما يحضر مجرد حضور فقط لاول تنفيذ لا نراه بعدها. يجب على من يتقدم على هذه الوظيفة أن يكون قادراً عليها إيماناً وإحتساباً، وصحيح العقل حسب التدبير والتصرف قوي البينية لائق صحياً وجسمانياً وكثير من الشروط يجب توفرها فيمن يرغب التقدم لمهنة السياف.
هل لهذه المهنة حوافز ومكافأت ؟ وهل يتأخر صرفها؟
– ولاة الأمر حفظهم الله لم يقصروا معنا أبداً فقبل أن يكافؤني مادياً كافؤني معنوياً وبالنسبة لصرف المكافأت لا يأخذ وقتاً فالمسؤولين المختصين بها يسعون جاهدين دائماً في آلية صرفها فجزاهم الله خيراً.
هل نفذت القصاص بنساء؟ وهل التنفيذ بالسيف إم بإطلاق النار؟
– نعم نفذت القصاص بالنساء وبالسيف كالرجال.
هل تشجع ممارسة المرأة لمهنة السياف؟
– المرأة بذاتها ضعيفة ، فتخيل إمرأة تقوم بتنفيذ القصاص ولا أظن أنه سيحصل ذلك، ولو حصل ذلك لكانت أم سلمان (زوجتي) أول إمرأة في السعودية تقوم بتنفيذ القصاص “ولكن أشجعها على القصاص في البصل والطماطم”.
ما سبب تسمية الأملح والأزرق في بعض السيوف؟
– الأملح يقصد به المملوح الجميل جميل الشكل والمظهر، ويقال أيضاً أن المملوح يقصد به المسنون أي الحاد جداً.
أما الأرزق فهو زراق السيف أي نهاية الربع الأول من نصل السيف وحتى نهاية الربع الثالث من نصل السيف، فهذه المنطقة تحديداً إذا أرتفع السيف للأعلى وضربت فيه أشعة الشمس يبرق ويكون لونه أزرقاً ويسمى ( بارق السيف) – وهذه طبعاً تدل على جودة حديد نصل السيف – فهناك بعض السيوف ليس لها بريق وهذا من رداءة حديد نصلها.
يقال إن مشائخ ورجال أعمال اعطوك سيوفهم الخاصة لتنفذ بها ؟
– يبحثون عن الأجر والمثوبة من الله، فجزاهم الله خيرا على ما يصنعون، لأن عامل هذه المهنة مأجور عند الله تعالى إن أحتسب ذلك، فما بالك بمن يدخل سيفه وقفاً لهذه المهنة أو يشتري سيفاً ويعطيني إياه وقفاً للعمل به في هذه المهنة، وهناك من يعطيني سيفه لكي يشارك في الاجر في التنفيذ ثم نعيده له، وهناك من يهدينا إياه.
وليس كل سيف آخذه من صاحبه، إلا إذا كان في حالة جيدة ومميزاته قريبة من سيوف القصاص وصالح للتنفيذ، وإن كان غير ذلك فلا يمكن أن آخذه لكي لا يخذلنا ويخذل صاحبه أمام الله وأمام الناس أو ينكسر أو نحوه.
أخيراً .. هل تخاف الموت؟
– لا أخاف الموت فالموت لابد منه طال الزمن أو قصر والأعمار بيد الله ولا أحد يعلم متى ساعته، فالموت حق وأنا مؤمن بالله ثم بالموت- لكن ما أخاف منه هو ما بعد الموت ونسأل الله أن يحسن خاتمتنا وإياكم، ولكن ” أسأل المولى عز وجل ان يأتيني الموت وأنا قائم وسيفي بيميني أنفذ شرع الله في ساحة القصاص “.

اترك رد

%d