السبت, 15 نوفمبر, 2025 , 7:57 م
تامر ممتاز

د. تامر ممتاز يكتب : قبل الهجوم علي الوزير .. هذا هو المتهم الحقيقي في كارثة مصر

قبل تعليق سلبي أو تهكّم على هذا التصريح “الحقيقي” الذي أدلي به الفريق كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصناعة والتجارة والذي أكد فيه عدم وجود العمالة المدربة في مصر  دعونا ننظر إلى هذه المشكلة وكيف يكون الحل.

يتكرر في الخطاب العام الحديث عن “نقص العمالة الفنية” وكأن الشباب قد اختفى أو أن المصانع تبحث عن عمّال فلا تجد أو أن السوق خالٍ من الكوادر القادرة على سد احتياجاته والحقيقة أن العمالة موجودة والفرص موجودة لكن الطرفين لا يرى بعضهما البعض.

لسنا أمام نقص في البشر بل أمام  عدم تكامل عناصر الإنتاج الأربعة داخل المجتمع وهذا هو ما أتحدث عنه منذ عام 2015 وما وضعت لأجله النظرية الاقتصادية المصرية الحديثة التي تقدّم حلًا جذريا له وستكون مصر – بإذن الله – أول دولة تتجاوز هذه الأزمة.

أولًا: أين تكمن المشكلة؟

عناصر الإنتاج الأربعة:

العمل – رأس المال – المكان/الأرض – الإدارة والتنظيم

موجودة في المجتمع بل وفي كل فرد بصورة أو بأخرى.

فالعامل يملك مهارته وآخر يملك رأس مال ولو كان محدودًا وثالث يعيش في بيئة مليئة بفرص العمل والتدريب ورابع يمتلك مكانًا أو وسيلة.

لكن الجميع يفتقد العنصر الأهم: التنسيق والتنظيم بين هذه العناصر.

لقد تفكّكت العناصر الأربعة منذ نشأة الفلسفة الراسمالية منذ ٤٠٠ عام وأصبحت كل واحدة تعمل في جزيرة منفصلة فظهر العامل وكأنه غير موجود رغم وجوده بالفعل ولا يعمل للاسف الا عن طريق مسار ضيق جدا مرهون بفرصه عمل فى القطاع الخاص

ثانيًا: كيف يؤثر غياب التنسيق؟

حين لا يعرف الشاب كيف ينظم مهاراته ولا كيف يصل إلى مكان العمل ولا كيف يوظّف رأس ماله البسيط ولا كيف يستفيد من البيئة المحيطة به يصبح في النهاية غير قادر على الوصول إلى أى فرصة وفي المقابل تصبح الشركات غير قادرة على رؤيته أو اكتشافه من هنا نؤكد أن المتهم الحقيقي هنا هو غياب الرؤية والتنسيق بين عناصر الانتاج المختلفة.

هكذا تنشأ الفجوة:

عمالة تبحث عن فرصة… وفرص تبحث عن عمالة.

لكن هذه الفجوة ليست خطأ الشباب ولا خطأ الدولة؛ بل هي خلل أصيل في الفلسفة الرأسمالية ذاتها التي تخلق  هذا الانفصال بين العرض والطلب فتتكرر الأزمة العالمية علينا كل ١٠٠ عام بالكساد.

وقد جاءت النظرية الاقتصادية المصرية الحديثة لتقدّم معالجة جذرية لهذا الخلل ولن يتكرر على الاجيال القادمة .

والدليل على صحة الكلام واضح للجميع:

الناس لا تجد دخلًا ولا فرصة والمؤسسات الدولية تُجبر الحكومات على بيع أصولها ومشروعاتها بالقوة للخروج من المنافسة لصالح القطاع الخاص فى حين ان القطاع الخاص نفسه عاجز بطبيعته عن توظيف المجتمع كله أو خلق اى دخل يكفي المجتمع حتى .

ثالثًا: تكامل العناصر هو الحل

عندما تتكامل عناصر الإنتاج الأربعة داخل المجتمع يصبح كل فرد عنصرًا منتجًا فيرى الفرص ويستطيع الوصول إليها وتراه الشركات وتستفيد منها.

وهنا فقط ينتهي ما يُسمى “عجز العمالة الفنية”.

رابعًا: السبب أم النتيجة ؟ ما نراه فى المجتمع هو النتيجة وليس السبب فالشباب موجود لكن غياب التكامل يجعل العامل غير مرئي كما يجعل الفرصة غير مرئية.

الحل إذن ليس في “البحث عن كوادر جديدة” بل في جعل العناصر الموجودة تتكامل وتعمل معًا داخل إطار واحد.

الخلاصة

المشكلة ليست في نقص العمالة مع الاعتراف بنقص مشروعات القطاع الخاص بل في غياب رؤية كلاهما لبعضهما ..انها فقط أزمة اتصالات ..

وحين نفتح المسارات التي تسمح بتكامل العمل ورأس المال والأرض والإدارة داخل المجتمع يصبح الطريق واضحًا ان تطبيق النظرية الاقتصادية المصرية الحديثة قد حان الان أوان تطبيقها وعندها فقط سيحل الرخاء وستختفي الفجوة وسنكتشف أن الكوادر لم تختفِ يومًا؛ بل كانت موجودة دائمًا لكنها لم تكن ترى الفرص ولم يكن أحد يراها.

ومصر – بإذن الله – ستكون أول دولة تحل الأزمة الاقتصادية العالمية.

 

اترك رد

%d