السبت, 8 نوفمبر, 2025 , 2:25 م
د. وفاء الجندي

تصريح ترامب عن «غياب الجريمة في مصر».. رسالة سياسية تتجاوز الإعجاب

بقلم د/وفاء الجندي 

كاتبة وباحثة في الشأن السياسي

في لحظةٍ بدت عابرة على هامش مؤتمر السلام في شرم الشيخ، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جملةً أثارت الكثير من الجدل والاهتمام:

“في مصر لا توجد جريمة كما في أمريكا.”

قد تبدو الجملة مجاملة دبلوماسية، لكنها في واقع الأمر تحمل دلالات سياسية واقتصادية عميقة، خصوصًا في توقيتها الذي جاء وسط منطقةٍ تشتعل بالتوترات والصراعات من كل جانب.

(مصر جزيرة استقرار وسط بحرٍ مضطرب)

في السنوات الأخيرة، كانت مصر تسعي جاهدة أن تكرّس لنفسها صورة “الدولة الآمنة” في منطقةٍ تشتعل بالنزاعات.. تصريح ترامب جاء ليمنح تلك الصورة دعمًا دوليًا قويًا، وكأنما يقول للعالم:

“بينما تتساقط دول المنطقة في الفوضى .. تظل مصر متماسكة وآمنة.”

بهذا المعنى، لم يكن حديث ترامب عن الجريمة مجرد مقارنة بالأرقام، بل تأكيدًا على قوة الأجهزة الأمنية المصرية وقدرتها على ضبط الشارع وحماية الاستقرار الداخلي، وهو ما تبحث عنه كبرى الشركات والسياح والمستثمرين قبل أي شيء.

*أثر التصريح على السياحة والاستثمار//

الأمن هو أول ما يبحث عنه السائح والمستثمر.. وحين تصدر الإشادة من رئيس أمريكي معروف بصراحته وابتعاده عن المجاملات، فإن وقعها يكون مضاعفًا.

بعد هذا التصريح، رُصِدت زيادة في الثقة الدولية في المقاصد السياحية المصرية، خصوصًا في شرم الشيخ والغردقة، حيث عادت شركات الطيران الأوروبية لاستئناف رحلاتها بوتيرة متزايدة.

الرسالة التي التقطها المستثمرون كانت واضحة:

“إذا كانت مصر آمنة في نظر أقوى دولة في العالم، فهي بيئة جديرة بالثقة.”

ولذلك، شهدت تلك الفترة نشاطًا متجددًا في الاستثمارات السياحية والعقارية، واهتمامًا متناميًا من صناديق استثمار عربية وأجنبية بقطاعات الطاقة والبنية التحتية.

*البعد السياسي للتصريح

من زاوية السياسة، يمكن القول إن ترامب أراد أن يُكافئ مصر على دورها في مكافحة الإرهاب وحماية الحدود، وفي الوقت نفسه يقدّم نموذجًا يُشيد بالأنظمة القوية التي تحافظ على الأمن الداخلي.. فبينما كان ينتقد ارتفاع معدلات الجريمة في مدن أمريكية كشيكاغو ونيويورك، أراد أن يُبرز مصر كدولة استطاعت أن تُعيد السيطرة إلى مؤسساتها بعد عقدٍ من الاضطرابات.

بهذا المعنى، كان التصريح رسالة مزدوجة:

• دعم مباشر للنظام المصري باعتباره حليفًا استراتيجيًا موثوقًا.

• وانتقاد غير مباشر لحالة الفوضى والانقسام داخل الولايات المتحدة نفسها.

*الاستقرار الاقتصادي يبدأ من الأمن//

كل اقتصاد قوي يبدأ من بيئة آمنة.. وحين تُمنح مصر شهادة “الأمن” من رئيس أكبر دولة في العالم، فإن ذلك يُترجم سريعًا إلى ثقة اقتصادية واستقرار مالي.

القطاع السياحي استعاد جزءًا كبيرًا من نشاطه، وقطاع الاستثمار الأجنبي المباشر شهد تحسنًا ملحوظًا بفضل تزايد الطمأنينة لدى الشركاء الدوليين.

كلمة واحدة من ترامب ساهمت في تعزيز صورة مصر كوجهة مستقرة في عالمٍ مضطرب، وهي الصورة التي تعتمد عليها الدولة في تسويق نفسها اليوم كمركزٍ إقليمي للطاقة والاستثمار والسياحة.

*إشادة تتجاوز المجاملة

تصريح ترامب لم يكن مجرد مجاملة عابرة لرئيسٍ صديق، بل اعتراف ضمني بنجاح الدولة المصرية في فرض الأمن وسط منطقةٍ تتقاذفها الصراعات.

في زمنٍ يبحث فيه العالم عن الأمان أكثر من أي وقت مضى، استطاعت مصر أن تُقدّم نفسها — من شرم الشيخ إلى القاهرة — كرمزٍ للاستقرار والعقلانية، وهو ما يجعل كلمات ترامب حينها أكثر من مجرد ثناء .. بل شهادة دولية تُترجم إلى ثقة، وسياحة، واستثمار، ومكانة سياسية متقدمة.

اترك رد

%d