إعداد- مصطفى حمزة
” نموت نموت وتحيا مصر “..و”يحيا الهلال مع الصليب”..شعارات يتجدد صداها مصحوبة بحنين جارف لأصالتها ، وأمنيات بالإخلاص الحقيقى لمعانيها مع حلول الذكرى 97 لثورة 1919، والتى تحل اليوم الأربعاء 9 مارس.
وانطلقت البشارة الأولى للثورة عندما شغلت الزعيم “سعد زغلول” فكرة تأليف وفد مصري للدفاع عن قضية مصر سنة 1918م ، ورغم محاولة الإحتلال الإنجليز لقتل الفكرة ومواجهة حملات التوقيع بالموافقه الشعبية عليها ، تشكل الوفد ، الذي ضم سعد زغلول ،مصطفى النحاس ،مكرم عبيد ،عبد العزيز فهمي ،علي شعراوي ،أحمد لطفي السيد وآخرين.
وكانت صيغة التفويض الذى تحمس لتوقيعه جموع الشعب المصرى فى سابقة تعد الأولى من نوعها وقتها ،”نحن الموقعين على هذا قد أنبنا عنا حضرات: سعد زغلول و.. في أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة حيثما وجدوا للسعي سبيلاً في استقلال مصر تطبيقاً لمبادئ الحرية والعدل التي تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى” .
ومع ما وجده الوفد من دعم ،وجده الإحتلال مغايرا لرغباته ، تم اعتقال سعد زغلول ،ودر قرارنفيه إلى جزيرة “مالطة” بالبحر المتوسط، هو ومجموعة من رفاقه في 8 مارس 1919م
في اليوم التالي لاعتقال الزعيم الوطني المصري سعد زغلول وأعضاء الوفد، أشعل طلبة الجامعة في القاهرة شرارة التظاهرات، وخلال يومين ، امتد نطاق الاحتجاجات ليشمل جميع الطلبة بما فيهم طلبة الازهر، وبعد أيام قليلة كانت الثورة تفرض وجودها بكافة مدن وقرى مصر.
وقام عمال الترام بإضراب مطالبين بزيادة الأجور وتخفيض ساعات العمل وغيرها ، قبل شل حركتة تماما ، تلا ذلك إضراب عمال السكك الحديدية، والذي جاء عقب قيام السلطات البريطانية بإلحاق بعض الجنود للتدريب بورش العنابر في بولاق للحلول محل العمال المصريين في حالة إضرابهم، مما عجّل بقرار العمال بالمشاركة في الأحداث.
ولم يكتف هؤلاء بإعلان الإضراب، بل قاموا بإتلاف محولات حركة القطارات وابتكروا عملية قطع خطوط السكك الحديدية – التي أخذها عنهم الفلاحون وأصبحت أهم أسلحة الثورة .
وأضرب سائقو التاكسي وعمال البريد والكهرباء والجمارك ، تلا ذلك إضراب عمال المطابع وعمال الفنارات والورش الحكومية ومصلحة الجمارك بالاسكندرية .
ولم تتوقف احتجاجات المدن على التظاهرات وإضرابات العمال، بل قام السكان في الأحياء الفقيرة بحفر الخنادق لمواجهة القوات البريطانية وقوات الشرطة، وقاموا بالاعتداء على بعض المحلات التجارية وممتلكات الأجانب وتدمير مركبات الترام .
وفى محاولة لقمع الثورة الشعبية الأولى بمصر أرسل الانجليز سفينة مسلحة إلى أسيوط، فهبط مئات الفلاحين إلى النيل مسلحين بالبنادق القديمة للاستيلاء على السفينة، فردت القوات البريطانية بأفظع أعمال العنف، وبدأ سقوط الشهداء بين صفوف الطلبة أثناء المظاهرات السلمية في بداية الثورة .
عقب انتشار قطع خطوط السكك الحديد، أصدرت السلطات بيانات تهدد بإعدام كل من يساهم في ذلك، وبحرق القرى المجاورة للخطوط التي يتم قطعها.
وتم تشكيل العديد من المحاكم العسكرية لمحاكمة المشاركين في الثورة، كما تم قتل أربعمائة من البدو في يوم واحد على أيدي القوات البريطانية وقوات الشرطة المصرية، بالإضافة لحرق ونهب قرى العزيزية ،البدرشين ،والشباك وغيرها، مع قتل وجلد الفلاحين واغتصاب عدد من النساء .
مع وصل الثورة لأشدها ،اضطرت إنجلترا الي عزل الحاكم البريطاني ،ولمج تكتفى بالإفراج والتراجع عن نفى سعد زغلول وزملائه،بل سمحت ايضا للوفد المصري برئاسة سعد زغلول بالسفر إلي مؤتمر الصلح في باريس ، ليعرض عليه قضية استقلال مصر .
وعقب رفض أعضاء مؤتمر الصلح بباريس لمطالب الوفد عاد المصريون إلي الثورة و ازداد حماسهم ، و قاطع الشعب البضائع الإنجليزية ، فألقي الإنجليز القبض علي ” زغلول” مرة أخري ، و نفى إلي جزيرة “سيشل” في المحيط الهندى ، فازدادت الثورة اشتعالا ، وحاولت إنجلترا القضاء على الثورة بالقوة ، ولكنها فشلت .