بقلم – خالد عبد الحميد
من الملفات الشائكة التي ترهق أي كاتب عندما يتصدي لها الملفات التي تتعلق بترتيب البيت من الداخل ، فأي تقصير في هذا الترتيب سوف يترتب عليه التقصير في التصدي لأي ملف خارجي .
من هنا نبدأ هذا المقال الشائك حول كيفية ترتيب ( بيت الصحفيين ) .
كلنا يعلم ما تعانيه مهنة الصحافة والتراجع الكبير في الأداء المهني وربما الأخلاقي أيضا، ولهذا التراجع أسبابه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .
اقتصاديا يكفينا قولا أن نؤكد وبالأرقام وسجلات وزارة المالية أن رواتب الصحفيين تعتبر أدني مرتبات مهنية في مصر ، وعلينا أن نؤكد حقيقة قد لا يعلمها الكثيرين وهي أن راتب صحفي يعمل في الصحف القومية بأقدمية 20 عاما لا يزيد عن 7 آلاف جنيها شهريا ، وهو أقل من الحد الأدني لأي خريج حديث يتم تعيينه في القطاع العام أو الخاص .. صحفي بدرجة مدير تحرير خبرة 20 عاما متزوج ولديه أبناء في مراحل التعليم المختلفة لا يزيد راتبه عن 7 آلاف جنيها وربما أقل.
أما الصحفيين العاملين في الصحف الخاصة والحزبية فحدث ولا حرج .
هذا عن الوضع الاقتصادي لعوام الصحفيين لمن لا يعلم .
أما الوضع الاجتماعي فهو شديد الارتباط بالوضع الاقتصادي وأصبحت نظرة المجتمع للصحفي ليست جيدة حتي الأعمال الفنية قللت من قيمة ومكانة الصحفي الذي أصبح مادة للتريقة في بعض الأعمال ، ولم تجد المهنة من يدافع عنها وعن كرامتها .
أما الوضع السياسي فلنا هنا وقفة ، فعلي الرغم من أن الصحفي صاحب رؤية سياسية ويساهم في تشكيل فكر ووعي الرأي العام ، إلا أننا خلطنا العمل النقابي بالسياسي ، وبدلا من أن تكون نقابة الصحفيين .. نقابة خدمية لخدمة أعضائها تحولت في بعض الأحيان إلي منبرا سياسيا أثر علي تركيبة النقابة حتي أصبحت انتخابات مجلس النقابة تتم علي أرضية سياسية وليست نقابية .
وهنا مربط الفرس .. علينا ونحن نتصدي لهذه القضية أن نتجرد من كافة الانتماءات السياسية ونرتدي عباءة واحدة فقط هي العباءة النقابية التي تجمعنا وتوحدنا وتخدمنا جميعا.
شخصنة الأمور ليست من طباعنا ، وضرب شخصية لحساب أخري ليست من أخلاقنا ، وتغليب المصلحة الشخصية علي حساب العامة لم تكن في يوم من الأيام هدفنا وإلا لكان وضعنا الاجتماعي الآن ضمن الصفوة من أصحاب الملايين ، تلك القلة التي احترفت التربح من المهنة بكافة الوسائل..ونحمد الله أنها قلة .
الشاهد هنا أن الجماعة الصحفية الآن مريضة ، والمهنة تلفظ أنفاسها بعد رحيل معظم الرواد الذين كانوا يحملون هموم المهنة علي أكتافهم ،وبقيت قلة منهم نتمني الا تغادرنا هي الأخري دون تصحيح المسار .
الآن تغيرت تركيبة الجمعية العمومية ومن يسيطر علي النقابة يسعي بكل ما أوتي من قوة لضم أكبر عدد من أبناء التيار الذي ينتمي إليه سعيا لتغيير التركيبة والفكر ، وصولا الي الاستمرار في السيطرة علي النقابة ، بعد اقحام العمل السياسي والحزبي داخل البيت لتتحول نقابة الصحفيين من نقابة خدمية إلي نقابة تعمل بالسياسة وان لم يكن ذلك بشكل رسمي وظاهر إلا أن الشواهد كلها تؤكد ذلك .
وفي الدورات الانتخابية الأخيرة شاهدنا ظواهر غريبة علي العمل النقابي داخل نقابة الصحفيين .. بعد أن تباري أنصار المرشحين في القيام بعمليات تشويه للمرشحين ونسج الأكاذيب حولهم .. دعاية رخيصة تفتقد للأخلاق وحدود الزمالة .. منذ متي وكانت انتخابات نقابة الصحفيين تتم بهذا المستوي المتدني أخلاقيا واجتماعيا ومهنيا .
عتابنا شديد علي الجماعة الصحفية التي تركت النقابة ولم تهتم بالمشاركة في اختيار من يمثلها ويحقق مصالحها .. وهنا كل ما يعنيني كعضو في الجمعية العمومية أن يتبني مجلس النقابة القضايا التي تهمني وحل المشاكل التي تواجهني وتذليل كافة العقبات أمامي حتي أتمكن من ممارسة المهنة بيسر دون عراقيل .
وهنا يحضرني لفظ ( التصويت العقابي) ضد مرشح الحكومة أو الدولة هذا المصطلح الذي وظفه البعض أسوأ توظيف لتحقيق مصالحهم الشخصية والأيدلوجية والتأثير علي الجمعية العمومية .
وأقولها بصدق .. عندما يتنافس مرشحين علي منصب النقيب أحدهما له علاقات قوية بالدولة ومؤسساتها ،والتي من خلالها يستطيع جلب أكبر قدر من المنافع والمزايا لأعضاء الجمعية العمومية ، والآخر طيب ومؤدب وجدع ولكنه معدوم العلاقات ، فمن بالله عليكم تختارون .. الطبيعي والذي يقبله العقل والمنطق أن أختار من يلبي احتياجاتي ويحقق طموحاتي ويمنحني حقوقي المادية والمعنوية .
للأسف ما حدث عكس عقارب الساعة وعكس العقل والمنطق والمصلحة الجمعية .
تم الاختيار بحمد الله .. فهل تم رفع المعاناة عن الصحفيين .. هل تم تحريك الرواتب مثل بقية العاملين بالدولة .. هل تم رفع البدل الصحفي الي الحد الذي يرضينا ويرفع عن كاهلنا بعض الالتزامات العائلية التي أغرقتنا في الديون .. هل حصلنا علي وحدات سكنية لائقة بالصحفيين أو حتي تساوينا بمحدودي الدخل الذين يحصلون علي وحدات اسكان اجتماعي .. هل عادت الهيبة لكارنيه الصحفي .. هل عاد الخصم الذي كان يتمتع به الصحفي في وسائل المواصلات.. وهل وهل وهل ؟
للأسف لم يتحقق شيئ من ذلك وفي النهاية تجد من يقول نحن نقابة حرة ولا نحتاج إلي مثل هذه الأشياء .. ولهؤلاء أقول : قد لا تحتاجون أنتم لمثل هذا الامتيازات أو الخدمات فقد يكون لديكم دخلا أخر من جهات لا نعلمها ، ولكننا دخولنا معروفة ومحدودة ونحن في أشد الاحتياج إلي هذه الخدمات التي حُرمنا منها لا لذنب اقترفناه ولكن لأن بعضنا سقط في شرك الخديعة بشعارات زائفة وتصفية حسابات سياسية نحن والنقابة بعيدين عنها كل البعد .
نحن لا نتهم أحدأ فردا أو كيانا بل الجميع زملاء أعزاء ولكننا وبصفتنا ننتمي لنقابة الحريات ولمجلس يرفع شعار الحريات .. أقول رأيي بحرية وهذه أبسط حقوقي النقابية والمهنية .
أقول كلمتي الآن.. والآن فقط ونحن لسنا أمام استحقاق انتخابي نقابي حتي لا يتهمنا أحد بأننا نوظف قلمنا لصالح مرشح علي حساب أخر .
كلمتي لأعضاء الجمعية العمومية « انتهي الدرس » وحدث ما حدث مع احترامنا لمن جاء بالصندوق .. أمامنا عاما ونصف العام علي موعد الانتخابات القادمة ولا نعلم ان كنا وقتها سنكون علي قيد الحياة أم انتقلنا إلي جوار ربنا .
بني مهنتي : أحسنوا الاختيار فقد هرمنا ونحن نطالب بحقوقنا .. نحتاج إلي رجل دولة – وأعلم أن هذا المصطلح سيغضب البعض – ولكنني أؤكدها : نحتاج الي ربان سفينة لنقابة الصحفيين لديه من العلاقات والاتصالات ما يستطيع من خلالها أن يحقق أحلام وطموحات أعضاء الجمعية العمومية للصحفيين .. نقابتنا مهنية وخدمية ولا يجب أن تكون غير ذلك ولو كره ( المتربصين ) عاشت وحدة الصحفيين .. كل الصحفيين .
بوابة الوطن المصرى أجرأ موقع عربى

