بعد أشهر من اللقاءات السرية في الأردن وسلطنة عمان، التقى ممثلون عن الحكومة السعودية بممثلين عن جماعة الحوثي للمرة الأولى، بهدف التوصل إلى اتفاق لإيقاف الحرب المستمرة منذ عام “بحسب روسيا اليوم”.
فبعد أسبوع على توقف الغارات الجوية على صنعاء، ووقف الهجمات على الحدود السعودية، شق موكب ضخم من سيارات الدفع الرباعي طريقه من محافظة صعدة، معقل الحوثيين، إلى جنوب المملكة، حاملا معه أحد الضباط الكبار في الجيش السعودي، كان قد وقع أسيرا لدى الحوثيين. كما حمل الوفد معه ثلاثين جثة لجنود سعوديين، قُتلوا في المواجهات على الخط الحدودي، وذلك في بادرة للتعبير عن حسن نوايا الحوثيين، وجديتهم في إيقاف الحرب.
ووفق قيادات كبيرة مقربة من الحوثيين، فإن اللقاء جاء تتويجا لجلسات سرية، عقدت في مسقط وفي العاصمة الأردنية عمان، بين ممثلين عن الحوثيين وآخرين عن الحكومة السعودية بإشراف أوروبي، وتركزت على موضوع تأمين الحدود، مقابل وقف الغارات وقبول الحوثيين بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، والانخراط في تشكيل حكومة وحدة وطنية، تستكمل الاستفتاء على الدستور، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، بعد تعديل ما يعترض عليه الحوثيون وحزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
ولا ينبغي الإفراط في التفاؤل بقرب انتهاء الحرب، لأن موقف حزب “تجمع الإصلاح”، الذي ينخرط مقاتلوه في الحرب إلى جانب القوات الحكومية ضد الحوثيين، ما زال غير معروف حتى الآن، وكذلك موقف حزب “المؤتمر الشعبي”، الذي يرأسه الرئيس السابق، علي عبد الله الصالح والذي تشارك قوات الجيش المؤيدة له في الحرب إلى جانب الحوثيين. لكن هذه الخطوة تمثل أهم اختراق لمصلحة عملية السلام منذ بدء القتال في نهاية مارس/آذار من العام الماضي.
هذه الخطوة المفاجأة أتت متزامنة مع تسريب رسالة سرية موجهة من مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان، أوضح فيها أن السعودية دخلت في مفاوضات سرية مباشرة مع الحوثيين، وأنها وافقت مؤخرا على استئنافها في العاصمة الأردنية.
وتشير الرسالة، المؤرخة في منتصف فبراير/شباط الماضي، إلى أن ولد الشيخ أحمد التقى وزير الدولة السعودي مساعد العبيان، الذي يوصف بأنه صندوق أسرار الملك سلمان، وشخصا ثانيا يدعى أبا علي، ويعتقد أنه من جهاز الاستخبارات السعودية، وأنه أبلغ الرجلين بـ”استعداد الحوثيين لاستئناف المفاوضات السرية المباشرة مع ممثلي الرياض”، وأنهما “رحبا بهذا التقدم المحرَز، وأعربا عن التزامهما المضي قدما في هذا المسار”، رغم أنهما أبديا بعض الملاحظات.
وطبقالما تضمنته رسالة ولد الشيخ أحمد، وهي ثاني رسالة يتم تسريبها بهذا الشأن، فإن المسؤولَين السعوديين رأَيا أنه “في ضوء التقدم، التي تحرزه قوات التحالف ميدانيا باتجاه صنعاء، فإن من مصلحة الحوثيين اغتنام الفرصة، والتفاوض بحسن نية، باعتبار أنهم في موقف ضعيف ميدانيا، وأن خياراتهم بدأت تضيق”. غير أنهما رفضا فكرة رفع مستوى تمثيل المملكة في هذه المفاوضات في الوقت الراهن، كما طالب بذلك المتحدث باسم “أنصار الله/الحوثيين” محمد عبد السلام، مؤكدين أن”الشخصين، اللذين مثلا الرياض في الجولة السرية السابقة، هما من نفس مستوى محمد عبد السلام”.
وذكرت الرسالة أن المسؤولَين السعوديين وافقا على مقترح الحوثيين بعقد المفاوضات في عمان بعد أن خيرهما الحوثيون بين الأردن والمغرب، وأن هذه المفاوضات السرية يمكن أن تعقد في غضون أسبوع، إذا ما وافقت الأطراف على ذلك.
ومنذ أكثر من شهرين، يعمل المبعوث الدولي إلى اليمن وسفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن على إعادة إحياء المسار السياسي، الذي توقف منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي بسبب تعارض في مطالب الجانبين الحكومي والحوثيين، وساهمت المواجهات، الدائرة على مقربة من صنعاء، في تعزيز مطالب الحل السلمي ووضع حد للقتل والدمار.