«عندما كان قرب القمة كان الكل يهتمون بما يعرفه… وعندما ابتعد عن القمة تحول اهتمام الكل إلى ما يفكر فيه»، هكذا وصف وزير الدولة لشؤون الخارجية البريطانية أنتوني ناتنج، الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، الذي توفي اليوم الخميس، عن عمر 92 عامًا بعد صراع مع المرض.
وولد “هيكل” في إحدى قرى محافظة القليوبية، عام 1923، وعمل في الصحافة، عام 1942، وفي عام 1951، صدر له أول كتاب بعنوان إيران فوق بركان، بعد رحلة إلى إيران استغرقت شهرا كاملاً.
وتولى رئاسة تحرير جريدة الأهرام عام 1957، وفي عام 1970 م عين “هيكل” وزيراً للإرشاد القومي، ولأن الرئيس جمال عبد الناصر ، ونص المرسوم الرئاسي لـ”عبد الناصر” على استمرار “هيكل” في عمله الصحفي كرئيس لتحرير الأهرام، وذلك بناءًا على صداقة عبد الناصر وهيكل التي خولت له معرفة مدى حب “هيكل” لعمله الصحفي.
ورأى الأديب الراحل أنيس منصور أن “هيكل كان مفكّرعبدالناصر، وصاغ الفكر السياسي للزعيم في هذه الفترة، ولم يحصل أي شخص على هذا الدور”.
وقال في حوار له مع فضائية (أون تي في)، في 2011: ” إن عبدالناصر من اختراع هيكل”.
وظل “الأستاذ” رئيسًا لتحرير الأهرام، حتى أصدر الرئيس الراحل محمد أنور السادات، قرارًا عام 1974 بنقل “هيكل” من الأهرام إلى قصر عابدين للعمل مستشارًا لرئيس الجمهورية، واعتذر هيكل، ثم خرج من جريدة الأهرام لآخر مرة يوم السبت 2 فبراير ، وقال: ” إن الرئيس يملك أن يقرر إخراجي من الأهرام، وأما أين أذهب بعد ذلك فقراري وحدي، وقراري هو أن أتفرغ لكتابة كتبي… وفقط “.
وتجددت خلافات “هيكل” والرئيس السادات، مع الرئيس السادات بسبب هنري كيسنجر، بعد قبوله بسياسة فك الارتباط خطوة خطوة – جبهة جبهة، التي رأها هيكل مقدمة لصلح مصري – إسرائيلي منفرد يؤدي إلى انفراط في العالم العربي يصعب التنبؤ بتداعياته وعواقب، حتى قال السادات إن “هيكل” لم يعد صحفيًا ولكنه أصبح سياسيًا، ولا يجوز له كصحفي أن يناقش القرارات السياسية.
وعندما بدأ “محمد حسني مبارك” تولي رئاسة الجمهوري، أعلن “هيكل” تأييده الشخصي له، كما دعا المواطنين لتأييد مبارك ومساعدته لينجح في مهمته.
لكنه عاد وأخذ مكانًا بعيدًا عن النظام، واختار أن يتفرغ لكتاباته فقط، حتى جاءت كلمة له في الجامعة الأمريكية، عام 2002: إن السلطة شاخت في مواقعها، وهناك مخطط واضح لتوريث الحكم، ومهما كانت الصورة حلوة، فلابد أن نقول كفاية”.