كتب: أحمد أبو الحسن
دارا آدم خيل هي قرية صغيرة في اقليم خيبر باختونخوا في باكستان، تقع بين مدينة بيشاور وكوهات، يعتمد اقتصاد هذه القرية على تجارة وحيدة وهي تصنيع وبيع الأسلحة غير المشروعة.
على جانبي الشارع الوحيد الذي يمر عبر القرية تصطف محلات تجارية تعرض على رفوفها مسدسات وبنادق كلاشنيكوف، يتم تصنيعها على يد القرويين من معادن الخردة التي يتم تجميعها من أحواض بناء وصيانة السفن، باستخدام أدوات يدوية بسيطة.
ويتم ذلك في غرف صغيرة تقع في الأزقة الخلفية للشوارع الجانبية.
يعمل ما يقرب من 75% من سكان دارا في قطاع صناعة الأسلحة، وقد توارثت مهارات هذه الصناعة أبا عن جد من خلال عدة أجيال.
تباع هذه الأسلحة غالباً بنصف أسعار النسخ الأصلية، وعدد كبير من هذه البنادق تجد طريقها إلى أفغانستان وربما إلى أماكن أخرى.
يمتلك تجار الأسلحة في دارا آدم خيل المهارات اللازمة لإنتاج نسخ طبق الأصل لأي نوع من الأسلحة المتوفرة في السوق، بداية من مسدسات الأقلام الصغيرة إلى المدافع المضادة للطائرات.
عن أحد التجار قوله أنه “لا يوجد أي نوع من الأسلحة لا يمكننا نسخه، “اجلب لنا صواريخ ستينغر وسنصنع لك نسخا يصعب عليك التمييز بينها وبين الأصلية”.
وأوضح أن “أي صانع في دارا يمكنه تقليد أي نوع من السلاح حتى وإن لم يسبق له مشاهدته، وذلك في غضون 10 أيام فرغم الأدوات البدائية التي يستخدمها الصانعون، تكون عملية الاستنساخ دقيقة لأي نوع من الأسلحة، منها مسدسات القلم وقنابل يدوية وبنادق آلية ومدافع مضادة للطائرات.
ويتم نسخها بالتفصيل حتى بأرقامها التسلسلية الأصلية فقط.
ولكن أداءها مقارنة بالأسلحة الأصلية مسألة أخرى، إذ يقول فريد شاه، أحد مصنعي الأسلحة، أن أداء مسدس مصنوع يدويا من الصلب العادي لا يمكنه منافسة مسدس مصنع في مصنع مجهز بالكامل بآلات رقمية متطورة، وموثق بخاتم يدل على أنه مختبر ومعتمد.
واوضح أن حجم البنادق التي يصنعها ليس موحد لدى كل الورشات وهذا يجعل من الصعب العثور على قطع غيار لتصليح أي منها في المستقبل.
وبالتالي، إذا تعرض جزء صغير في البندقية لعطل ما، يكون مصير البندقية بأكملها إلى النفايات.
مجرد صناعة النسخة الأولى، تستغرق كل نسخة إضافية يومين أو ثلاثة أيام.”
تاريخ صناعة الأسلحة المقلدة في دارا ادم خيل
لا أحد يعرف على وجه اليقين متى بدأ تصنيع الأسلحة في دارا، ولكن يقول السكان المحليون أن هذه الصناعة جلبها إلى القرية عسكري هارب من الجيش البريطاني خلال ثورة عام 1857.
وكان رجال القبائل جد مسرورين لتعلم مهارات صانع السلاح البريطاني، وخلال سنوات قصيرة أصبحت دارا آدم خيل مركزاً لتصنيع السلاح غير الشرعي.
في عام 1979، شهدت المدينة سنوات من الطفرة بعد غزو الروس لأفغانستان حيث ارتفع الطلب على الأسلحة بشكل ملفت.
قبل 15 عاما، كانت دارا آدم خيل تصنع الألغام المضادة للأفراد، والرشاشات والمدافع الصغيرة وحتى قاذفات الصواريخ.
ومن المستغرب، أن هذه التكنولوجيا لتصنيع الأسلحة الثقيلة كانت قد وفرتها الحكومة بنفسها. ففي ابريل عام 1988، عندما تم تفجير مستودع رئيسي للذخيرة في روالبندي، باعت الحكومة الذخيرة المدمرة كخردة لتجار الأسلحة في منطقة دارا آدم خيل.
وبين عشية وضحاها، اكتسب صانعي الأسلحة تكنولوجيا تصنيع الألغام والمدافع الرشاشة والمدافع الصغيرة وحتى قاذفات الصواريخ.
لاحقا عندما اكتشفت الحكومة أن الإرهابيين كانوا يستخدمون أسلحة دارا ضد قواتهم الخاصة، اتخذت إجراءات صارمة ضد القرويين لمنع تصنيع الأسلحة الثقيلة غير القانونية.
ولكن على الرغم من وقوع دارا آدم خيل داخل الأراضي الباكستانية، إلا أن رجال القبائل المحليين هم من يحكم القرية وليس القانون الباكستاني.
ينتشر في دارا آدم خيل اليوم أكثر من 2،500 تاجر سلاح متمرس، وهم مستاؤون من الصحافة التي تصور قريتهم بطريقة سلبية وغير مبررة، ويؤكدون بأن أسلحة دارا نادراً ما ينتهي بها المطاف في أيدي الإرهابيين، وأنها مخصصة للبيع فقط في السوق المحلي.