بقلم – خالدعبدالحميد
من يختار القيادات في مصر ؟ سؤال يتردد علي ألسنة عدد كبير من المصريين بعد أن أثبتت التجربة وعلي مدار أكثر من ثلاثين عاما سوء اختيار القيادات وما يتبعه من فشل في ادارة شئون الدولة .
واذا كان المصريون انتفضوا وبعد وقت طويل ضد هذه الأوضاع وتلك الاختيارات بعمل ثورتين ضد الفساد والإفساد، فإنه من غير المقبول ان يستمر هذا الأسلوب في اختيار القيادات بعد 30 يونيه وقدوم رئيس بارادة شعبية جارفة .
نقول ذلك بمناسبة الكارثة التي وقعت في الاسكندرية مؤخرا وكان بطلها محافظا فاشلا ، ثبت فشله مع أول يوم عمل له بالمحافظة ، ومع ممارسات وتدخلات زوجته في ادارة شئون المحافظة ، ومع ذلك استمر في منصبه .
والمشكلة التي نحن بصددها لا يجب أن نختذلها في محافظ فاشل ، فهذا وارد في معظم دول العالم ، بشرط أن يكون الباقين علي قدر المسئولية .. ولكن اذا كان معظم المحافظين .. ومعظم الوزراء .. ومعظم رؤساء الأحياء .. ورؤساء الهيئات .. ورؤساء مجالس الصحف ليسوا أهلا لتولي هذه المناصب وتسببوا اما باهمالهم او بجهلهم في انهيار العمل بمؤسساتهم فهنا .. وهنا فقط يجب ان نقف وندرس ونكشف عن سبب ما يحدث في مصر .
بالبحث والتعمق وجدنا أن سبب معاناة المصريين هو سوء اختيار القيادات التي تدير شئون الدولة .
نعم الرئيس يعمل ليل نهار من أجل المصريين .. ومن أجل الوطن .. ولكن ما دون الرئيس يحتاجون الي وقفة .. والي الاجابة علي سؤال مهم وهو .. من يختار القيادات في مصر .. لا شك أن الرئيس وفي تلك الجزئية تحديدا يسأل عن اختياره لرئيس الحكومة الذي يعتبر الرجل الثاني في الدولة ، وربما الأول في ادارة السلطة التنفيذية ، فان صلح اختيار هذه الشخصية صلح سائر الجسد ، وان كانت غير مؤهلة فسنجد ما نلمسه اليوم من سوء اختيار .
واذا ما خضع اختيار رئيس الحكومة الي عدة معايير أهمها الحسم والحزم والفهم والخبرة والقدرة علي اتخاذ القرار وعدم انتمائه الي فصيل سياسي قد يؤثر علي عمله العام ، فسنجد رئيس حكومة بالمواصفات المطلوبة لهذا المنصب ، وبالتالي سيختار هو وزراء ومحافظين بنفس المعايير ، وبالتبعية سيختار الوزير أو المحافظ معاونيه بنفس المعايير الي أن نصل الي أصغر مسئول في الدولة .. من هنا يتم معالجة الخلل في اختيار القيادات .. من هنا يمكن ان نشاهد مسئولا علي قدر المسئولية .. اذا صلحت الرأس .. صلح سائر الجسد .. وأتذكر الآن مقولة قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية عند بداية توليه مقاليد الأمور في مصر : ” أنا لا أستطيع أن أعمل بمفردي ويجب أن يعمل معي الجميع لنهضة مصر وبدون توافر ذلك لن أنجح في مهمتي ” .. كلمات بسيطة موجزة تعبر عن حقيقة المرض الذي تعاني منه مصر منذ زمن طويل .
الشاهد الآن أن الرئيس يعمل بجد واجتهاد بمفرده .. وباقي أعضاء السلطة التنفيذية بعيدة تماما عن المشهد .
وأقول للرئيس السيسي .. صديقك من صدقك القول .. وعدوك من زين لك وأوهمك أن الأمور تسير علي ما يرام .. ولكنها ليست كذلك .. ما زلنا نعاني من موروث الماضي السحيق .. ما زال هناك في الحكومة وزراء لا يصلحون لادارة شئون مصلحة حكومية .. ومحافظون لا يعلمون عدد الأحياء التي تقع في نطاق مسئوليتهم ، واختاروا رؤساء أحياء ومدن وقري فاسدين .. ومرتشين ، تسببوا في اغراق البلاد في مستنقع من الفساد .. ورؤساء مجالس صحف قومية تم اختيارهم من بين أهل الثقة ، فاختاروا هم رؤساء تحرير مؤسساتهم أيضا من أهل الثقة وليس الخبرة .. والنتيجة انهيار منظومة الاعلام والصحافة .. لان فاقد الشي لا يعطيه .
قديما كان مبارك يلقي بالتقارير الأمنية والرقابية والمعلوماتية عرض الحائط وكان اختيار القيادات بالمزاج ، فاختيار وزير التربية والتعليم ، والثقافة والصحة يأتي بترشيحا مباشرا من الهانم .. ووزراء ومسئولين أخرين بترشيح من مستر جيمي ، أما المحافظين ورؤساء الأحياء والمدن فكانت مهمة الحرس الحديدي ( زكريا والشاذلي وصفوت وسرور ) والتاريخ لا يكذب .. وكان من نتيجة هذا الاختيار انهيار البلاد والذي ما زالنا نعاني منه حتي اليوم ، وربما استمر ذلك لفترة قادمة يعلم الله مدتها .
وفي النهاية أتذكر مقولة أحد قيادات القوات المسلحة : ” الدولة التي تعتمد في حياتها اليومية وادارة شئونها علي القوات المسلحة هي دولة فاشلة “. – كان الله في عون قواتنا المسلحة التي تعمل في كل اتجاه في ظل غياب السلطة التنفيذية عن المشهد .
سيادة الرئيس – لا خير فينا ان لم نقلها .. هذا هو الداء .. وهذا هو الدواء .. حسن الاختيار .. ثم حسن الاختيار .. ثم حسن الاختيار .. لتحيا مصر .