الخميس, 21 نوفمبر, 2024 , 7:38 م

أبو المكارم . . دراما عائلية ( 2 )

أبو المكارم . . دراما عائلية ( 2 )

بقلم دكتور/ حسن صابر

لازال أبو المكارم يعاني من بقاء أم زوجته في بيته ، لأنها إستولت على زوجته وسلبت كل وقتها الذي كانت تكرسه له ، وإنتبه أبو المكارم إلى أن زوجته تعامله معاملة جيدة إذا هو أحسن معاملة والدتها ، ولم يظهر ضيقه من بقائها عنده ، أما إذا لم يحسن معاملة والدتها ولم يتكلم معها فتنقلب زوجته عليه وتصبح كلماتها له مثل زعابيب أمشير ، فقرر أبو المكارم أن يتبع إستراتيجية جديدة مع أم زوجته ، وبموجب هذه الإستراتيجية أصبح عليه أن يتقرب منها ، ويتحدث معها بود وحنان ، ولا مانع أن يحتضنها من وقت لآخر ويقبلها ، ويتبادل معها النكات المضحكة ، ويشاركها متابعة التمثيليات والبرامج التليفزيونية التي تحبها ، وإتضح له أن هذه الإستراتيجية ناجحة ، وخف كثيراً التوتر الذي ساد جو البيت ، وتحولت زوجته إلى ملاك تراعيه أكثر من قبل ، مما أدى إلى إندماج أبو المكارم في  الإستراتيجية الجديدة الناجحة ، وزادت متابعته للتمثيليات التليفزيونية التي تحبها والدة زوجته ، لكنه وجد أنها مغرمة بالتمثيليات التركية والهندية المدبلجة بالأصوات السورية ، وحاول أن يقنعها بمتابعة المسلسلات المصرية لكنها لا تحبها ، فإغتاظ منها مرة أخرى ، ثم حاول بعد ذلك ألا يدع هذا الغيظ يفسد عليه الإستراتيجية الجديدة في التعامل مع زوجته وأمها ، فكتم غيظه ، وتابع معهما المسلسلات التركية والهندية ، رغم أنه لا يحب هذه المسلسلات ويعتبرها متخلفة هابطة مملة بسبب إيقاعها البطئ حتى أن حلقات المسلسل التركي ” شارع السلام ” وصلت حتى الآن إلى الحلقة الخمس والسبعين 75 ، ولا يبدو أنها إقتربت من النهاية ، فتعمد أبو المكارم أن يدعو زوجته وأمها إلى العشاء خارج البيت في نفس وقت بث المسلسل حتى يخفف من إدمانهما لهذا المسلسل السخيف ، ويهرب هو من متابعته ، لكن خبثه لم ينجح ، فقبل أن يغادروا ، وقفت الزوجة وأمها على الباب وطلبتا منه أن يضبط مؤقت الديكودر لتسجيل المسلسل حتى يتمكنا من مشاهدته عند عودتهم إلى البيت ، ورضخ أبو المكارم ، وأدرك إدراكاً كاملاً غير ناقص أنه لا مناص من متابعة هذا المسلسل إذا أراد سلاماً ووئاماً مع زوجته وأمها ، فإستسلم وبدأ في متابعة المسلسلين التركي ” شارع السلام ” والهندي ” سحر الغرام ” .

2 حسن

تظاهر أبو المكارم أنه يتابع المسلسل التركي معهما ، لكنه كان في الحقيقة مشغولاً بالرد على أصحابه في الفيسبوك وتويتر ، ومن وقت لآخر يتظاهر بأنه يتابع المسلسل وينظر إلى الشاشة ، لكنه في الحقيقة لا يرى ما يعرض إلى أن ظهرت على الشاشة  ” فادية ” بطلة المسلسل التركي ، فإنبهر بجمالها وهدوئها الساحر ، وبدأ في متابعتها كلما ظهرت على الشاشة ، وتدريجياً بدأ يندمج معهما في المسلسل ، حتى أصبح حريصاً ألا تفوته كلمة واحدة من هذا المسلسل ، وعندما كانوا يخرجون أثناء وقت المسلسل كان هو الذي يحرص على تسجيل المسلسل لمتابعته عندما يعودون إلى البيت ، حتى وصل به الأمر أنه عندما يغمض عينيه يرى أبطال المسلسل أمامه ، فادية وبلال وشكران ، ورازان أخت بلال ، وحسن أبو شكران ، أما أم شكران فهى حدوتة ، والممثلة التركية التي أدت دورها كانت رائعة ، كما أن الممثلة السورية التي أدت بصوتها في الدبلجة صوت أم شكران كانت أيضاً رائعة ، وربما كان السبب في حب أبو المكارم لأم شكران هو كراهية أم زوجته لها ، فما أن تراها على الشاشة أو تسمع صوتها إلا وتنهال عليها بالشتائم والنعت بأسوأ الصفات ، وفرح أخيراً أبو المكارم أن وجد شيئاً يثير غضب أم زوجته .

1 حسن

إندمج أبو المكارم في المسلسل التركي إندماجا شديداً ، ثم تساءل مع نفسه بعد ذلك عن سبب هذا الاهتمام بمتابعة مسلسل تركي ، رغم أنه لا يحب هذه المسلسلات التركية ويعتبرها مضيعة للوقت ، ونصب وإحتيال من المنتجين الأتراك لزيادة سعر المسلسل ، وذكاء خبيث منهم لجعل المشاهدين المتابعين للمسلسل يقضون وقتاً طويلاً لمتابعته ، ووجد أبو المكارم الإجابة على تساؤله ، وأدرك أن هناك عناصر فنية في المسلسل التركي لا تتوافر للأسف في المسلسلات المصرية ، وهذه العناصر هى :

1- رقة الموضوعات التي تتناولها هذه المسلسلات .

2- خلو هذه المسلسلات من الألفاظ البذيئة والعنف والقتل والدم والدعارة .

3- الماكياج الهادئ الذي تتجمل به الممثلات دون مبالغة كما نرى في الممثلات المصريات .

4- ملابس الممثلات والممثلين راقية بسيطة لا تكلف فيها حتى ولو كان موضوع المسلسل يتناول طبقات راقية غنية من المجتمع التركي .

5- نظافة الناس وإتباعهم للتقاليد والعادات الصحية في بيوتهم ومعيشتهم وأماكن عملهم .

6- نظافة الشوارع وجمال المناظر السياحية وأماكن التصوير ، حتى أصبحت هذه المسلسلات التركية تقدم أحسن دعاية سياحية لبلدهم ، ولا عجب أن تركيا دون غيرها إستأثرت بملايين السياح الخليجيين والعرب بينما نحن نتعطش إلى زيادة السياحة في بلدنا مصر لتحسين إقتصادنا ، لكن ماذا سيرى السياح عندنا ونحن نعرض نماذج لشخصيات مصرية بشعة ، وصور لأماكن شعبية تخلو من الجمال والنظافة ، ونعرض معارك بالسيوف ، ومخدرات ، ودعارة ، ورقص رخيص ، وألفاظ  غريبة تحتاج إلى قاموس لنفهمها ،: ونصب ، وسرقة ، وقتل ، ودم كثير يسال على شاشاتنا أثناء عرض المسلسلات المصرية ، فكيف يقبل السياح على بلدنا بعد ذلك .

7- الحفاظ على القيم الأخلاقية سواء في البيت أو الشارع أو الحارة أو المدرسة أو الجامعة أو أماكن العمل ، حتى ولو كان هناك شر ، لكن الخير سينتصر في النهاية .

8- الشعور بالراحة النفسية والسعادة عندما ترى تكافل أهل الحارة وترابطهم وسعادتهم أثناء تجمعهم في إفطار رمضان على مائدة كبيرة وسط الحارة تساهم فيها كل البيوت ويجلسون متعاطفين بعضهم مع البعض الآخر .   

3 حسن

 

9- توقفت الدول الخليجية عن شراء أغلب مسلسلاتنا المصرية وأوقفوا عرضها على شاشاتهم ، بعد أن كانت هذه المسلسلات هى الوحيدة التي تعرض عندهم .

10- لم تعد اللهجة المصرية هى المفضلة لدى الشعوب العربية ، بعد أن كنا نفخر أن هذه اللهجة هى الوحيدة من بين كل اللهجات العربية التي تحبها وتفهمها مختلف الجنسيات العربية وذلك لإنتشار المسلسلات التركية المدبلجة إلى العربية باللهجة السورية والتي أصبحت اللهجة المفضلة الآن لدى كثير من العرب بدلاً من اللهجة المصرية .

وأدرك أبو المكارم أن والدة زوجته هى السبب في إدمانه هو شخصياً للمسلسلات التركية ، وبدل أن يستخدم هذه المسلسلات للتقرب إلى حماته حسب إستراتيجيته للتخلص منها وإبعادها عن بيته سقط هو أسيراً لها ، وأصبح يخشى مغادرتها فيفقد رفيقة وشريكة له في متابعة المسلسل . 

اترك رد

%d