الأحد, 24 نوفمبر, 2024 , 4:06 ص

بطل كتيبة الصواريخ عريف محمد شاهين لـ «الوطن المصري» : اشتقنا لحرب أكتوبر كما تشتاق الأم لعودة ابنها الغائب

حملت صاروخي علي كتفي وتسلقت خط بارليف علي أقدامي ودمرت دبابة اسرائيلية

 حوار – خالد عبد الحميد

أبطال من ذهب كلما مر بهم العمر ازدادو غلاوة ومحبة في قلوب المصريين .. ولما لا وهم كانوا أحد أسباب ما نحن فيه اليوم من أمن واستقرار والعيش بكرامة بعد أن سطروا ملحمة عسكرية لا تزال تدرس حتي يومنا هذا في كبري المعاهد العسكرية التعليمة في العالم .

التقينا واحدا ممن سطروا لنا تاريخ أمتنا وشارك في حرب التحرير ..التقينا البطل المصري المقاتل صلاح محمد محمد شاهين – كان يحمل درجة عريف بكتيبة صواريخ اثناء حرب السادس من أكتوبر عان 1973 قلبنا معه في سجل الشرف والبطولة واستعدنا معه ذكريات الفخر والعزة أثناء العبور العظيم .

قال العريف صلاح محمد شاهين : أنا من مواليد 8 أكتوبر  1984 من مدينة بورسعيد الباسلة ، تم تجنيدي عام 1970 أثناء حرب الاستنزاف كان من المفروض أن أقضي في الخدمة عام ونصف العام فقط لأنني كنت مؤهلا فوق المتوسط ولكنني استمريت في الخدمة 5 سنوات بسبب قيام الحرب التي كنا ننتظرها جميعا منذ عدة سنوات وقد منحني الله شرف الاشتراك في العبور العظيم وتحرير تراب الوطن من المحتلين .

وأضاف : من حسن حظي أنني كنت في كتيبة قائدها البطل اللواء عبد الجابر أحمد علي  وكان معي فيها صائد الدبابات البطل محمد عبد العاطي وقد أبلت الكتيبة بلاءا حسنا في المعركة وكان لها دور كبير في تكبيد العدو خسائر فادحة في الأرواح والمعدات .

واستطرد صلاح شاهين قائلا: منذ أن تم تجنيدي عام 1970 وحتي قيام الحرب كنا نتدرب باستمرار علي عبور القناة وظلت التدريبات مستمرة حتي أننا وقبل ساعة الصفر بلحظات لم يكن لدينا أي تأكيد أننا سنحارب واعتقدنا أن هذه الاستعدادات لا تعدو كونها إحدي التدريبات اليومية علي العبور إلي أن تحققت المفاجأة التي أحدثت زلزالا بداخلنا .. انها الحرب التي انتظرناها طويلا وكنا نتشاق إليها كما تشتاق الأم إلي ابنها الغائب .

في البداية اعتقدنا أن مشروع تدريب مثل بقية المشروعات إلي أن علمنا أنها الحرب

ففي يوم السبت كانت الساعة تقترب من الثانية عشر ظهرا فوجئنا بأوامر تصدر باجتماع  عاجل لقادة السرايا بالكتيبة ، ثم تلاه اجتماع لقادة الفصائل ، وبعدها كل قائد فصيلة اجتمع بأعضاء فصيلته وقام بالتفتيش علي مهماتهم الشخصية والشدة وكافة مستلزمات الحرب .. هنا اعتقدنا أن الأمر هذه المرة ليس كبقية المرات وأن حدث جلل نجهز له . 

وفي تمام الساعة الثانية إلا عشر دقائق فوجئنا بطوفان من الطائرات والمقاتلات المصرية تندفع بقوة ناحية الضفة الشرفية عابرة لقناة السويس باتجاه سيناء

المفاجأة أعجزت السنتنا عن الكلام سوي كلمة واحدة .. لم توقفها المفاجأة وخرجت تلقائيا وهي صيحة الله أكبر .. لحظات لم أنساها حتي اليوم وكلما تذكرتها اقشر بدني كأننا أعيش هذه اللحظات الآن .. شعور لا يمكن وصفه .

لم نتمالك أنفسنا وسط صيحات التكبير .. معقولة .. بدأنا العبور وهناخد حقنا .. أخيرا هنحارب .. مكناش مصدقين المشهد كان مهيبا.. صدرت التعليمات لنا أنه أثناء ضرب المدفعية بتاعتنا ننزل للمياه ونختبئ خلف السواتر الترابية

وبالفعل قامت المدفعية المصرية بدك النقط القوية للعدو في الوقت الذي تمكنا فيه من الوصول للسواتر ( خط بارليف ) كنا أول نسق يصل وتسلقنا السواتر الترابية بدون سلام أحبال وعانينا كثيرا في الصعود لا سيما وأننا كنا نحمل الصواريخ علي أكتافنا أثناء الصعود .. كنا نسقط ثم نقوم ونواصل الصعود إلي أن صعدنا لقمة السواتر الترابية ودخلنا سيناء لأول مرة منذ عام 1967

وبمجرد صعودنا  قمنا بنصب السلالم والحبال لزملائنا في النسق الثاني والثالث حتي يصعدوا خلفنا .. المذهل أننا بمجرد صعودنا لم نجد إسرائيلي واحد أمامنا .. اختفوا من أمامنا

وعندما دخلنا سيناء فوجئنا بـ4 دبابات للعدو وشريط سكة حديد قديم اختبأنا خلفه كان معايا ابراهيم عبد العال شاويش زميلي في الطقم وكنت انا المساعد له في الطقم الذي يتكون من 3 أفراد .. اخبرت ابراهيم عن أمر الدبابات الاسرائيلية ، ولم ننتظر الأوامر وتعاملنا معها .. جهزت صاروخي وضربنا أول دبابة ثم ضربنا الدبابة الثانية بصاروخ اخر  ووجدنا صاروخ ثالث ينطلق من أطقم أخري لتسقط الدبابات الثلاثة وفرت الدبابة الرابعة .

لن انسي هذه  الواقعة فقد كنا أول مرة نستخدم فيها هذه الصواريخ في معركة حقيقية وليست تدريبات .

ومن الوقائع التي تذكرها بطلنا صلاح شاهين واقعة المقاتل الشهيد عبده عمر وهو من نفس السرية : قال شاهين : مر من أمامي وكان يحمل صاروخ ، كان في طريقه للموجه ابتسم لي ابتسامه لن أنساها وأخذ يمازحني إلي أن اختفي من أمامي وما هي إلا بضع دقائق حتي غوجئت بهرج ومرج

ولما سألت عرفت إن عبده استشهد  أصيب بشاظيه في جنبه وانتقل لجوار ربه .

وأضاف : الاسرائيليين عندما عجزوا عن ايقافنا  استعانوا بقناصة علشان يتعاملوا معانا لأننا كان شغلنا كله علي الأرض وفي الحفر البرميلية

ومن المشاهد أيضا التي لن انساها حتي اليوم كانت هناك دبابة مصرية اشتعلت فيها النار والطقم بتاعها نزل يطفيها بالرمل ولقيت عسكري جري علي تنك والقود وحاول يفك التنك حتي لا تنفجر الدبابة وللأسف انفجر التنك فيه وتحول الي أشلاء ، بكيت بحرقة علي المشهد .. لفيناه في بطانية ودفناه مكانه .

وعبد المولي كان بيصلي بينا جماعة .. نادينا عليه لم يرد .. توجهنا إليه في الحفرة بتاعته لقيناه وقد أصيب بصاروخ داخل الحفرة واستنشهد ودفناه في نفس الحفرة

وقال : حصلنا علي أول اجازة بعد انتهاء الحرب وانا نازل بور سعيد علمت ان إشاعة انتشرت بقوة إني استشهدت في المعركة وأهلي سافروا لرأس البر .. توجهت اليهم وما أن شاهدوني  حتي انهاروا من هول المفاجأة غير مصدقين انني لا زلت علي قيد الحياة .

رسالتي من جيل اكتوبر لشباب اليوم .. ابتعدوا عن التقليد الأعمي واحذروا من الغزو الغربي لعقولكم .. فوقوا لنفسكم قبل فوات الآوان  ولا تلتفتوا للشائعات التي تسعي لتدمير بلادنا

خلوا بالكم من بلدكم .

اترك رد

%d