الاستيلاء على حصن «كواي» الإسرائيلي ببورتوفيق من أروع عمليات الصاعقة المصرية
حكاية بطولات مصرية أجبرت قادة اسرائيل علي أداء التحية العسكرية لهم
حوار – خالد عبد الحميد
لو مر مليون عام على حرب أكتوبر، ستظل المعركة الأهم فى تاريخ مصر، ولن تتوقف عن الكشف عن أسرار جديدة، حول قدرة المصريين على التخطيط والخداع الاستراتيجى، وعن بطولات أبناء مصر التى عجز أعداؤهم عن استيعابها .
بداية قوية لحوار استثنائى أجرته «بوابة الوطن المصرى» مع أحد أبطال معركة رد الكرامة أكتوبر 73 العميد أحمد عثمان شولاق والذى خاص حرب أكتوبر برتبة ملازم أول قائدا لفصيلة إشارة بإحدى كتائب الصاعقة .
العميد شولاق تذكر معنا تفاصيل الملحمة ودورها فيها قائلاً: كانت كتيبة الصاعقة التى خدمت بها تحت قيادة الرائد زغلول فتحي مكلفة بالاستيلاء على نقطة حصون بورتوفيق، إحدى أقوى الحصون الإسرائيلية وقتئذ وأشدها تسليحاً،لأنها كانت أقرب إلى شبه جزيرة، تحيطها المياه من كل جانب وهو ما أوجد صعوبة جغرافية للاستيلاء عليها لأن الماء يحاصرها من جميع مناطقها باستثناء طريق واحد يوجه إليه جميع جنود إسرائيل أسلحتهم ما يجعل السير فيه سير فى الجحيم رغم أنه لا مفر من الاستيلاء عليها .
مساء 6 أكتوبر قام الرائد زغلول بالتحضير للعملية وإعداد خطة الهجوم، خاصة أن النقطة المستهدفة كانت أمام أعرض مكان فى مجرى قناة السويس، وقوة المد والجزر فى أعلى مستوياتها، لذا كان استخدام القوارب المطاطية فى العبور يشكل خطورة على أفراد الكتيبة لأنهم سيستغرقون وقتاً أطول بالعبور ما يعرضهم لنيران العدو.
قبل الهجوم طلب الرائد زغلول فتحى من جنوده الإفطار، وتناول كوب شاى حتى يحثهم على الإفطار ليستطيعوا أداء المهمة، وتوجه قائد السرية للعريف شكرى وهو مسيحي وطالبه بأن يفطر هو وجنوده، فرغم كونه قبطياً إلا أنه كان يشارك زملائه الصيام والإفطار، وكان رده حاسما : «يا أفندم هنفطر على الضفة الشرقية إن شاء الله مع قائد الكتيبة»، لكنه استشهد صائماً برصاصة بعد نزول القوارب إلى المياه.
كانت القوارب المطاطية التى تحمل الجنود تتعرض لرصاص كثيف من جانب القوات الإسرائيلية المتمركزة فى النقطة الحصينة، وكان الجنود يواصلون السباحة نحو النقطة بعد إصابة قواربهم، ويحملون معهم زملائهم الشهداء، وهو ما كان يفعله الجنود المصابون وقد يحملون شهداء معهم إذا استطاعوا، لذا لم ينسحب أى من عناصر الكتيبة.
حاصرت الكتيبة الحصن وأنهكت الإسرائيليين وكبدتهم خسائر فادحة، فاضطر قائد الحصن إلى الاستسلام وتسليم الموقع والجنود والمعدات عن طريق الصليب الأحمر، وسلم قائد الحصن العلم الإسرائيلى الخاص بالحصن منكساً وأدى التحية العسكرية للرائد زغلول فتحي ، ورغم الجرائم التى ارتكبتها القوات الإسرائيلية بأسرى حرب 67 المصريين، إلا أن كتيبة الصاعقة تعاملت مع الإسرائيليين بمنتهى التحضر والرقى ووفقاً للأعراف العسكرية والإنسانية.
كانت مهمتي كقائد لفصيلة إشارة بالكتيبة اثناء العبور الهجوم علي أعتي وآخر حصن بخط بارليف جنوبا وهو حصن لسان بور توفيق وتحقيق الأتصال بين عناصر الكتيبة مع قيادة الكتيبة ومع قيادة الجيش الثالث الميداني وإمداد الخطوط السلكية واللاسلكية بين عناصر الكتيبة في غرب وشرق القناة تحت ظروف غاية في القسوة أثناء معركة حصن لسان بور توفيق بخط بارليف.. وكان توقيت عبور الكتيبة الساعة الخامسة مساء يوم السبت السادس من أكتوبر المجيدة ١٩٧٣ أي بعد عبور القوات المسلحة بثلاثة ساعات بمعني تلاشي عنصر المفاجأة بالنسبة لعبور الكتيبة وهذا ما سبب نسبة تضحيات كبيرة في أول موجة للعبور واقتحام خط بارليف.. شعورنا كان عظيما بقرار العبور والهجوم علي أعتي وآخر مواقع خط بارليف.. كانت عملية الإغارة على الحصن الإسرائيلي «كواي» على لسان بورتوفيق والاستيلاء عليه، من أروع العمليات التي قامت بها وحدات الصاعقة خلال حرب أكتوبر 1973 رغم الخسائر الجسيمة التي منيت بها الكتيبة .