الوطن المصرى – ناريمان عبد الله
على مرّ التاريخ شكّلت عُمان منظومة علاقات قوية مع مختلف الأمم والحضارات والشعوب الفعالة في المشهد، سواء كانت في المحيط الإقليمي أو في العالم البعيد عن المنطقة.وتميزت تلك العلاقات بالتفاعل الثقافي تأثيرًا وتأثرًا، كما تميزت بالندية بينها وبين الكيان الآخر مهما كانت مكانته، ووجد الآخر في عُمان قدرة كبيرة على استيعاب التباين والاختلاف دون شطط أو تعصب الأمر الذي سهّل كثيرًا نمو واستمرار تلك العلاقات الحضارية على مر العصور واختلاف الدول.
والقارئ الجيد للتاريخ العماني يعجب كيف استطاع إنسان هذه البلاد بناء كل تلك الخيوط الحضارية التي ربطته بمختلف الأمم رغم اختلاف توجهاتها وثقافتها، لكنه استطاع التأثير فيها والتأثر بها بما حملته من إيجابية وفق نظرية التفاعل بين الحضارات والثقافات.
وفي العصر الحديث لم يختلف توجه عمان عن ذلك السياق التاريخي فقد اختارت أن تكون صديقة للجميع، وأن تحترم خيارات الشعوب وتوجهاتها، لكنها بقيت على الدوام صارمة في أمر التدخل في شأنها الداخلي وفي شأن حقها في اختيار توجهاتها دون أي وصاية إلا من القيم التي تؤمن بها ومن السياق التاريخي الذي اختطه لنفسها على الدوام.
ونستطيع أن نقرأ في أعداد السفراء الذين يقدمون هذه الأيام أوراق اعتمادهم للسلطان هيثم بن طارق سلطان عمان على بعد دولهم وقربها دليلًا على العلاقات الكبيرة التي تربط عُمان بهذه الدول وبتلك الثقافات المتباينة أحيانًا، وما يؤكده السفراء من مكانة كبيرة لعُمان في دولهم.
ونذكر هنا خطاب السلطان هيثم يوم توليه مقاليد عرش عُمان حينما حرص على التأكيد على «ثوابت عمان القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير واحترام سيادة الدول وعلى التَّعاون الدولي في مختلف المجالات».
وهذه ثوابت تحافظ عليها عمان وهي التي أعطتها المكانة الكبيرة بين الشعوب لأنها لم تكن في يوم من الأيام مجرد شعارات ترفع في المناسبات بل عرفها الجميع بوصفها مبادئ مترسخة في الثقافة العمانية وسلوكًا لدى الجميع.
ومن شأن ذلك أن يسهّل الأدوار التي تقوم بها عُمان سلطنة وسلطانًا في بسط ثقافة السلام وثقافة الوئام بين الجميع وفق ائتلاف الأخلاق المشتركة بين بني الإنسان بعيدًا عن أي اعتبارات أخرى من شأنها أن تبرز فروقات أو تباينات بين الناس.
وستمضي عُمان في طريقها التاريخي ثابتة الأركان شامخة تطاول السماء بقيادة السلطان هيثم بن طارق الذي يبني مجدًا جديدًا لعمان في نهضتها الثانية المتجددة التي تبشر إنسان هذه البلاد بمستقبل واعد على طريق الأمجاد.