مسقط – الوطن المصري – وفاء الشابوري
في خضم التنافس الحاد بين القوى الكبرى في العالم، ورغبتها في الحفاظ على مواقع الهيمنة على الشؤون الدولية، تظل هناك تجارب سياسية متفردة لدول ذات إرث تاريخي وحضاري، تتأسس بنيتها السياسية على مرتكزات قائمة على التسامح والمحبة والتواصل والتآلف وقبول الآخر، وحب الخير، وكره الشرور والفتن والحروب، واعتماد الحكمة ولين الخطاب والحوار في معالجة المشكلات، الأمر الذي أهَّلها لأن تتبوأ مكانها الطبيعي في الشأن الدولي وعلى المسرح السياسي العالمي.
وتعد التجربة السياسية العمانية من هذه التجارب المتميزة في نسقها الفكري القائم على السلام الداخلي والخارجي، فعلى مدار 47 عاماً من النهضة العُمانية، ترسخت الرؤية العُمانية التي وضع لبناتها الأولى السلطان قابوس، وتأخذ بمنهج التسامح والتفاهم وتعزيز آلية الحوار السلمي لحل كافة المشكلات التي تعترض سبيل الأهداف الإنسانية الكبرى التي تسعى إلى تحقيقها كافة المؤسسات الدولية كي تعيش البشرية في أمن وأمان وتفاهم ضمن منظومة عيش مشترك تحترم حقوق كافة الأطراف، وتحترم احتياجاتها ومصالحها دون تفريط في الحقوق وعلى قاعدة احترام الشرعية الدولية ومواثيقها وعدم مساواة الظالم بالمظلوم.
وقد أثبتت الممارسة العملية للسياسة العُمانية المتكئة على الشفافية والصراحة والوضوح، والعقلانية والحكمة والموضوعية، والتفاهم والتعاون والتسامح، أن هذه المبادئ هي الحاكم والمقياس الحقيقي لماهية السياسة العمانية.
ومن هنا فإن أي شهادة تأتي واصفة للسياسة العمانية أو واضعة لها في مرتبة متقدمة إنما هي ترجمة حقيقية لمكانة السياسة العُمانية، وهذا ما ينطبق على نتائج مؤشر السلام العالمي لعام 2017م الذي أصدره معهد الاقتصاد والسلام في أستراليا، حيث تقدمت السلطنة 4 مراكز في المؤشر، حائزة بذلك المركز الـ70 عالمياً وحصلت على 1,983 نقطة طبقاً للمؤشر الذي يضم 163 دولة حول العالم، حيث حصلت السلطنة على المركز الخامس عربياً.
كما حصلت السلطنة على المركز الثالث عربياً في قائمة الدول الأقل خطورة على الطفولة بالعالم وفقاً لمؤشر نهاية الطفولة في العالم لعام 2017م الذي أصدرته مؤسسة “انقذوا الأطفال” تحت عنوان: “طفولة مسلوبة”، وهي مؤسسة دولية غير حكومية معنية بحقوق الأطفال في العالم وتتخذ من لندن مقراً لها، وحازت السلطنة المركز الـ43 عالمياً طبقاً للمؤشر الذي يضم 172 دولة وحصلت على 927 نقطة.
ويؤكد خبراء ومحللون سياسيون أنه باستقراء هذه المؤشرات، يمكن القول أن السلام الداخلي والخارجي يعد سمة مميزة للتجربة السياسية العُمانية، ومن ثم جاءت التصنيفات الدولية استجابة طبيعية لعملية رصد أمينة لهذا المشوار العماني السلمي الذي يعتبر نموذجاً يحتذى من كافة الدول المحبة للسلام والساعية إلى عمل كل ما من شأنه إرساء أسس الأمن والأمان والسلام الاجتماعي والنهوض الحضاري للبشرية جمعاء.