«لم قولتي أه كنتي أم الصابرين».. سيدة الشاشة العربية «الراحلة التي لن تغيب»

 كتبت – عايدة رضوان

إديتي للفن قيمته، ساهمتي في رفعته، ولا همك العابثين اللي سبب نكبته، لكل إنسان يا فاتن فكرته وسكته، واخترتي إنتى الطريق الصعب وصمدتي، ولا في ضجيج الأسواق المغرية ضيعتي، من البدء راسمة الهدف واضح، وصممتي بلغتي عالي القمم .. على الصخور سيرتي، لم قولتي أه كنتي أم الصابرين إنتي، بقيتي نور كل شاشة وغيرك إتشتتوا.. هذا ما رثا به الكاتب الراحل عبد الرحمن الأبنودي سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة.

«أجمل طفلة في مصر»

ولدت فاتن أحمد حمامة، في الـ 27 من مايو 1931م، في السنبلاوين أحد مدن الدقهلية، وذلك حسب ما ذكره سجلها المدني، ولكنها وحسب أحد تصريحاتها، ولدت “حمامة” في حي عابدين في القاهرة، وكان والدها موظفًا في وزارة التعليم.

بدأ ولع “حمامة” بالسينما في السادسة من العُمر، حين اصطحبها والدها لمشاهدة فيلم في إحدى دور العرض، وكانت الممثلة آسيا داغر تلعب دور البطولة، وعندما بدأ جميع من في الصالة بالتصفيق لآسيا داغر، واستنادًا إلى فاتن حمامة، فإنها قالت لوالدها:” إنها تشعر بأن الجميع يصفقون لها”، ومنذ ذلك اليوم بدأ ولعها بعالم السينما.

فازت فاتن حمامة، بمسابقة أجمل طفلة في مصر، وعندها أرسل والدها صورة لها إلى المخرج محمد كريم، الذي كان يبحث عن طفلة تقوم بالتمثيل مع الموسيقار محمد عبد الوهاب في فيلم «يوم سعيد» عام 1940م، واقتنع المخرج محمد كريم بموهبة الطفلة، فقام بإبرام عقد مع والدها ليضمن مشاركتها في أعماله السينمائية المستقبلية،وعقب 4سنوات استدعاها “كريم”، للتمثيل مرة ثانية أمام محمد عبد الوهاب في فيلم «رصاصة في القلب» عام 1944م، واستطاعت فاتن إنشاء موضع قدم لها في السينما المصرية مع فيلما الثالث «دنيا» عام 1946م، ما كان أدعى لأن تنتقل العائلة إلى القاهرة، تشجيعًا للفنانة الناشئة، حتى تتمكن من الالتحاق بالمعهد العالي للتمثيل عام 1946م.

«يوسف وهبي و اكتشاف ملاك الرحمة»

لاحظ يوسف وهبي، موهبة فاتن حمامة عندما وقعت عيناه عليها، فطلب منها تمثيل دور ابنته في فيلم «ملاك الرحمة» عام 1946، لتدخل بهذا الفيلم مرحلة جديدة في حياتها، وهي “الميلودراما”، وكان عمرها آنذاك 15سنة فقط، حين بدأ اهتمام النقاد والمخرجين بها.

وتوالى الاشتراك بين “حمامة” و”وهبي” في التمثيل، في فيلم “كرسي الاعتراف” 1949م، كما قامت في نفس السنة بأداء دور البطولة في الفيلمين “اليتيمتين” و”ست البيت”، لتحقق نجاحًا عاليًا على صعيد شباك التذاكر .

«ذو الفقار وسيدة الشاشة العربية حب وشراكة»

في أبريل عام 1948م، تزوجت فاتن حمامة من المخرج عز الدين ذو الفقار، وذلك عقب أن تكرر لقاء الثنائي للمرة الثالثة في فيلم« أبوزيد الهلالي»، لتبدأ قصة الحب التي استمرت حتى 6سنوات، والتي أنجبها خلالها ابنتهما نادية، وقدما للسينما العربية أجمل الأفلام منها:”موعد مع الحياة، موعد مع السعادة، وسلوا قلبي”، كما أسسا معًا شركة إنتاج سينمائية قامت بإنتاج فيلم “موعد مع الحياة” عام 1954م، يذكر أن كان هذا الفيلم سبب إطلاق النقاد لقب سيدة الشاشة العربية عليها، ولكن سرعان ما انتهت زيجة حمامة وذو الفقار بالطلاق عام 1956م، ورغم انفصالهما ظلت العلاقة الفنية والإنسانية بينهما مستمرة، وفي أفضل حالتها، واستمر التعاون بينهما، وهو ما نتج عنه واحد من أهم الأفلام الرومانسية في تاريخ السينما المصرية «نهر الحب» عام 1960م.

«ميشيل شلهوب وفاتن حمامة»

أثناء تحضير المخرج الراحل يوسف شاهين، لفيلم «صراع في الوادي»، روشحت فاتن لبطولة الفيلم، وكانت لا تزال زوجة لعز الدين ذوالفقار، ورشح لدور البطولة أمامها الفنان شكري سرحان، لكن اعتراض “حمامة” عليه، دفع “شاهين” إلى ترشيح وجهًا جديدًا ليلعب البطولة أمامها، فرشح زميل دراسته في كلية فيكتوريا بالإسكندرية، “ميشيل شلهوب” الذي عمل بعد تخرجه في شركات والده تاجر الأخشاب، و يفكر في السفر للخارج لدراسة السينما أو العمل بها.

فعرض شاهين الوجه الجديد عليها، حين طلبت “حمامة” منه تمثيل أحد المشاهد، وكانت بداية نجومية «ميشيل شلهوب»، والذي سيصبح النجم العالمي عمر الشريف فيما بعد.

أثناء التصوير تطلبت أحد المشاهد قبلة بين “فاتن” و”عُمر”، فوافقت “حمامة” على تصوير المشهد وسط دهشة الجميع، فقد كان معروف عنها رفضها الدائم لمثل تلك المشاهد، وكانت هذه القبلة هي الأولى للطرفين في السينما.

تزوجا بعد أن أشهر ميشيل إسلامه، وحمل اسم عُمر الشريف عام 1955م، وانجبا ابنهما طارق، وهو الابن الوحيد للشريف، وقدما معًا على المستوى الفني عددًا من الأفلام التي تعتبر علامة في تاريخ السينما المصرية، من بينها في صراع في النيل 1956م، ونهر الحب 1960م، لينتهي الزواج الذي دام طيلة ما يقرب من 20 عامًا بالانفصال، وذلك إثر  سفر عُمر الشريف للخارج للعمل بهوليود، ما قابله رفض من فاتن حمامة للسفر معه وترك مصر،

ورغم انفصالهما، ظل “الشريف”، يجهر بحبه بعد انفصالهما بسنوات عديدة، كان أخرها عام 2011م، في حوار صحفي، حين صرح فيه، قائلًا : ” إنني لم أحب أو أتزوج بعد فاتن حمامة فهي المرأة الوحيدة في حياتي وحبي الأول والأخير “.

«فاتن حمامة ومحمد عبد الوهاب»

بعد تجربتي زواج في الوسط الفني، انتهتا بالانفصال، اختارت الفنانة الكبيرة الابتعاد والعيش في هدوء بعيًدا عن الأضواء، حتى أنه لاتوجد صور لزوجها الحالي.

وبعد انفصالها عن عمرالشريف، بعام واحد فقط، تزوجت من طبيب الأشعة الشهير الدكتور محمد عبد الوهاب، عام 1975م، وظلت سيدة الشاشة العربية تعيش في هدوء من زوجها إلى أن غيبها الموت في الـ 17 من يناير عام 2015م.

«سيدة الشاشة العربية وعبدلناصر»

خلال مشوارها الفني تعرضت الفنانة فاتن حمامة، لمضايقات كثيرة من قِبل المخابرات المصرية، لأنها رفضت طلبهم بالتعاون معهم، ما أدى إلى مغادرتها البلاد خلال الفترة منذ 1966 وحتى 1971م، حيث كانت تتنقل بين بيروت ولندن، وأثناء فترة غيابها طلب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من مشاهير الكتاب والنقاد السينمائيين إقناعها بالعودة إلى مصر، ولكنها لم ترجع إلا بعد وفاة عبد الناصر.

«فاتن بين النجاح والتكريم»

نالت فاتن حمامة العديد من الجوائز والتكريمات، حين تم اختيارها كأفضل ممثلة، كما تم اختيار 18 من أفلامها من ضمن 150 فيلمًا من أحسن ما أنتجته السينما المصرية عام 1996م، وذلك أثناء احتفال السينما المصرية بمناسبة مرور 100 عام على نشاطها، وفي عام 1999م، تسلمت شهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، كما منحت جائزة نجمة القرن من قِبل منظمة الكتاب والنقاد المصريين‏ عام 2000م، ووسام الأرز من لبنان، ووسام الكفاءة الفكرية من المغرب، والجائزة الأولى للمرأة العربية عام 2001م.

وقدمت فاتن عمل تلفزيوني واحد بعنوان “ضمير أبله حكمت” عام 1991م، ثم قدمت عمل آخر بعنوان “وجه القمر” عام 2000م، وذلك عقب غياب طويل عن العمل الفني.

آخر ظهور للفنانة فاتن حمامة، كان في لقاءٍ مع من الفنانين بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أثناء حملته الانتخابية، كما ظهرت قبلها في الاحتفال بعيد الفن، حيث تم تكريمها تقديرًا لمشوارها الفني .

وتوفيت سيدة الشاشة العربية يوم السبت الموافق الت 17 من يناير عام 2015م، عن عمر يناهز 83 عامًا، وذلك إثر  هبوط حاد في الدورة الدموية، لترحل عنا تاركةً ما سيخلد ذكراها إلى الأبد.