الأربعاء, 19 نوفمبر, 2025 , 5:29 م
خبراء يحذرون من هجمات التزييف العميق والديدان الذكية

​الذكاء الاصطناعي يطلق «جيوش» المحتالين

خبراء الأمن السيبراني يحذرون من هجمات التزييف العميق والديدان الذكية

الوطن المصري – وفاء الشابوري

​شهدت جلسة «الذكاء الاصطناعي + الأمن السيبراني: استخدام الذكاء الاصطناعي للدفاع ضد الهجمات المعزَّزة بالذكاء الاصطناعي» المقامة على هامش فعاليات معرض كايرو اي سي تي نقاشاً موسعاً بين عدد من خبراء الأمن السيبراني حول التحولات الجذرية التي فرضها الذكاء الاصطناعي على مشهد الهجمات الإلكترونية عالميًا.
​وأجمع الخبراء على أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة مساعدة، بل أصبح عنصراً أساسياً في بناء الهجمات الرقمية الحديثة، وأن قدرة المهاجمين اليوم تجاوزت الحدود الجغرافية وأدوات الحماية التقليدية.
و خلص الخبراء إلى أن الذكاء الاصطناعي غيّر قواعد اللعبة بالكامل، محولاً الهجمات إلى عمليات تفاعلية تتسم بالتعلم الآلي والتخفي، مما يتطلب من المؤسسات تبني حلول دفاعية قائمة على الذكاء الاصطناعي أيضاً، لكنهم حذروا من أن الثقة أصبحت هي الإشكالية الأكبر في ظل تقنيات التزييف العميق (Deepfake)، مؤكدين أن الذكاء البشري يظل خط الحماية الأخير.
​الهجمات تحولت إلى عمليات تفاعلية
​من جانبه، قال مدير فرع شركة تريند مايكرو في مصر، أحمد علاء، إن طبيعة الهجمات السيبرانية تغيرت بالكامل مع دخول الذكاء الاصطناعي، موضحاً أن الأساليب التقليدية لم تعد هي المهيمنة، وأن المهاجمين باتوا قادرين على استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي في تنفيذ هجمات معقدة بدقة أكبر.
أشار إلى أن المهام اليومية البسيطة، مثل كتابة رسائل البريد الإلكتروني أو إعداد الملفات المالية، أصبحت تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وهو ما مكّن المهاجمين من تطوير رسائل تصيُّد أكثر احترافية. وأضاف أن المهاجم لم يعد مرتبطًا بمكان أو قطاع محدد، بل يمكنه تشغيل هجمة من أي نقطة في العالم، مستفيداً من تقنيات مثل الـ«Deepfake» في انتحال الأصوات وعقد اجتماعات مزيفة يصعب التمييز بينها وبين الحقيقة. وأوضح علاء أن الهجمات تطورت لتصبح تفاعلية تعتمد على ذكاء اصطناعي قادر على الرد اللحظي، وإيهام المستخدم بأنه يتعامل مع شخص حقيقي.
وأشار إلى أن شركات الأمن السيبراني بدأت بدورها في دمج وحدات ذكاء اصطناعي داخل حلولها، للتنبؤ بالهجمات وتحليل السلوك قبل وقوع الاختراق. وحذّر في الوقت نفسه من الانتشار الواسع لأدوات الذكاء الاصطناعي مجهولة المصدر، التي قد تحتوي على أبواب خلفية تهدد خصوصية المؤسسات والأفراد.

​ظهور «ديدان الذكاء الاصطناعي»

​وفي سياق متصل، حذّر مدير تطوير الأعمال لمصر وشرق إفريقيا بشركة Group-IB، إسلام أحمد، من أن الذكاء الاصطناعي أصبح يُستخدم على نطاق واسع لإنتاج محتوى مزيف عالي الدقة، يُسهِم في تضليل المستخدمين وشن هجمات أكثر تعقيدًا. وأوضح أن تقنيات الـ«Deepfake» التي بدأت كابتكار ترفيهي تحولت لاحقًا إلى وسيلة لخلق محتوى مضلل، قد يُستخدم لانتحال شخصيات مسؤولة وطلب تحويلات مالية أو تمرير قرارات حساسة. وأشار إلى ظهور جيل جديد من الهجمات يُعرف بـ«AI Worms»، وهي برمجيات خبيثة تتكيف تلقائيًا مع البيئة المُستهدفة، دون خادم مركزي، مما يجعل اكتشافها أكثر صعوبة. وشدّد على أن الإشكالية الأكبر باتت في الثقة، إذ لم يعد الإنسان قادراً على التحقق بسهولة مما يسمعه أو يراه عبر الإنترنت، في ظل قدرة المهاجمين على إنتاج رسائل وروابط وبيئات تفاعلية كاملة تبدو طبيعية تماماً.

​الاستطلاع والاختراق في ثوانٍ

​من جانبه، أكد رئيس فريق هندسة الأنظمة وخبير أول بشركة فورتينت، كريم شيبة، أن الذكاء الاصطناعي غيّر قواعد اللعبة في مرحلتي الاستطلاع والحصول على بيانات الدخول، إذ أصبح المهاجم قادراً خلال ثوانٍ على إجراء تحليل شامل للهدف باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وتقنيات OSINT، مما مكّنه من استهداف نقاط الضعف بدقة. وأشار إلى أن الدفاعات التقليدية لم تعد كافية، وأن المؤسسات تحتاج إلى استخدام أدوات تحليل تعتمد على الذكاء الاصطناعي لفحص صورتها الخارجية، تماماً كما يراها المهاجم. وأوضح أن الهجمات الاجتماعية أصبحت أكثر خطورة، إذ يمكن توليد صفحات مزيفة متطابقة وصوتيات شديدة الدقة تدفع الضحية إلى تنفيذ إجراءات حساسة دون تردد.
​أما مهندس أول في الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات بشركة Cyshield، وائل محمد، فأكد أن جيل الهجمات الحالي لم يعد يعتمد على أنماط ثابتة يسهل اكتشافها، بل على تقنيات متقدمة مثل التوليد الآلي والتخفي متعدد الأشكال والتعلم السياقي.
وأوضح أن الهجمات أصبحت تُحاكي سلوك البشر وتتطور باستمرار، مما يجعل أدوات الحماية التقليدية غير قادرة على مواكبتها. وقال إن هذا الواقع يفرض اعتماد حلول دفاعية قائمة على الذكاء الاصطناعي قادرة على فهم السياق وتحليل النوايا ومراقبة السلوك بشكل لحظي.
​واختتم خبير أول في الحلول التقنية بشركة Dell Technologies، محمد عبدالعزيز، بتأكيد أن الذكاء الاصطناعي أصبح لاعباً أساسياً في الهجمات الدفاعية والهجومية على حد سواء، إلا أن الاعتماد الكامل عليه دون رقابة بشرية قد يشكل خطراً كبيراً. وأوضح أن المرحلة الأكثر حساسية في الهجوم أصبحت مرحلة الاستطلاع، إذ يستطيع المهاجم رسم صورة دقيقة للبنية الرقمية لأي مؤسسة في وقت قصير، مما يمنحه أفضلية منذ اللحظة الأولى. وحذّر من أن التسجيلات الصوتية والصور المزوّرة قد تجعل المستخدم العادي أكثر عرضة للخداع، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي في الدفاع ضرورة، لكن الذكاء البشري يظل خط الحماية الأخير.
​يقام معرض ومؤتمر القاهرة الدولي للتكنولوجيا بالشرق الأوسط وأفريقيا Cairo ICT 2025 في نسخته التاسعة والعشرين خلال الفترة من 16 إلى 19 نوفمبر، برعاية وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت، تحت شعار “الذكاء الاصطناعي في كل مكان AI Everywhere”، بمركز مصر للمعارض الدولية بالقاهرة الجديدة، بمشاركة أكثر من 500 عارض.
​ويجمع الحدث خمس فعاليات كبرى تشمل: PAFIX للمدفوعات الرقمية والشمول المالي، AIDC للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، Connecta للشباب والترفيه الرقمي، Innovation Arena للإبداع، وCyber Zone للأمن السيبراني، وتقام لأول مرة داخل موقعين بالمعرض.
​ويشارك في الحدث جهات حكومية ومؤسسات كبرى أبرزها: وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، البنك المركزي المصري، الهيئة العامة للرقابة المالية، الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات NTRA، هيئة ITIDA، البريد المصري، الهيئة العربية للتصنيع، إضافة إلى جهاز مستقبل مصر ضيف الشرف.
​ويرعى المعرض هذا العام: دل تكنولوجيز، إي فاينانس، WB Engineers+Consultants، البنك التجاري الدولي CIB، هواوي، أورنج مصر، مصر للطيران، إجيبت تراست، ماستركارد، ميدار، فورتينت، سيلزفورس، مجموعة بنية، خزنة، البنك الأهلي المصري، البنك العربي الأفريقي الدولي، بنك الإسكندرية، مجموعة شاكر، ICT Misr، IoT Misr، نتورك إنترناشيونال، وMeinhardt.

اترك رد

%d