كتب – خالد عبد الحميد
قال اللواء محمد الشهاوي رئيس أركان الحرب الكيميائية الأسبق إنه مع حلول الذكرى الثانية والخمسين لنصر السادس من أكتوبر تقف مصر أمام محطة فارقة في تاريخها، تلك الحرب التي غيرت موازين القوى في المنطقة، وأسقطت الأسطورة الإسرائيلية التي طالما رددت أن جيشها لا يقهر.
وأضاف أن القوات المسلحة المصرية أثبتت في ذلك اليوم العظيم أن الإرادة الصلبة والإيمان بعدالة القضية قادران على قلب الموازين وصناعة المستحيل.
وأوضح الشهاوي أن حرب أكتوبر لم تكن مجرد مواجهة مسلحة بين جيشين، بل كانت معجزة عسكرية بكل المقاييس؛ فقد امتلك المقاتل المصري قوة العزيمة والإصرار والصبر والمثابرة، وكان مدفوعا بروح معنوية عالية جعلت المستحيل ممكنا، وأعادت لمصر والأمة العربية كرامتها، وأكدت أن تحرير الأرض لا يأتي إلا بالتضحية والفداء.
وأشار إلى أن تحرير سيناء لم يكن نهاية المطاف، بل كانت البداية لمسيرة طويلة من البناء والتنمية، حيث استمرت روح أكتوبر نفسها لتتحول إلى مشروعات قومية عملاقة تملأ أرض مصر عمرانا وحياة.
وتابع قائلا: “ما يجب أن يعرفه الجميع أن حرب أكتوبر لم تكن فقط حرب دبابات وطائرات، بل كانت أيضًا حربا نفسية من الطراز الأول.. حيث حاولت إسرائيل أن تزرع الرعب في قلوب جنودنا بالترويج لخطة إشعال مياه قناة السويس بالنيران حتى يرتفع اللهب ويصبح عبور القناة مستحيلا.. لكن ما لم تدركه إسرائيل أن عقول المصريين وابتكاراتهم لا تقل شجاعة عن بنادقهم.”
وأضاف: “القوات المسلحة المصرية واجهت تلك الخطة الإسرائيلية الماكرة بابتكار غير مسبوق، حيث جرى تطوير مادة خاصة لمقاومة الحريق لتغطية القوارب المستخدمة في العبور، كما جرت دراسة دقيقة لسد كل الفتحات التي يمكن أن يخرج منها اللهب.. وفي صباح السادس من أكتوبر، وبينما كان العدو يترقب أن يرى النيران مشتعلة في وجه قواتنا، فوجئ بأن كل الفتحات قد أغلقت، وأن مخططاته قد سقطت في لحظة، ليكتشف أن ما كان يظنه سلاح ردع نفسي لم يكن سوى سراب.”
وأكد أن هذا الموقف وحده يكشف كيف امتلك المقاتل المصري القدرة على الجمع بين الشجاعة العسكرية والعبقرية الهندسية، وكيف تحول التخطيط والإبداع إلى أسلحة لا تقل أهمية عن المدفع والدبابة.
وأشار إلى أن ما تحقق يومها كان درسا للعالم بأسره في أن الإيمان بالهدف والاعتماد على سواعد أبناء الوطن قادر على مواجهة أعتى القوى.
وشدد على أن أهم الدروس المستفادة من حرب أكتوبر أن مستقبل الأمم لا يتحقق إلا بدماء الشهداء، وأن الحفاظ على الأمن القومي يتطلب دوما الاستعداد والتضحية.
وقال: قادة مصر يعرفون جيدا معنى قدسية التراب الوطني، ولن يفرطوا في ذرة رمل من أرضها، وأبناء القوات المسلحة اليوم يواصلون المسيرة بروح أكتوبر، حاملين رسائل ردع واضحة لكل من تسول له نفسه المساس بأمن مصر القومي.”
واختتم حديثه قائلا إن أكتوبر سيبقى رمزا خالدًا للعزة والكرامة، وستظل راية النصر خفاقة، لا باعتباره حدثا من الماضي، بل كقوة دافعة للحاضر والمستقبل، تلهم الأجيال الجديدة معاني التضحية والفداء والانتماء للوطن.