بقلم – د جوزيف مجدي
صناعة الدوامات السياسية لخلق أزمات وتحولات داخل الدولة المستهدفة هي صناعة أمريكية استخباراتية بإمتياز ولذا يجب علينا الحذر من أي محلل سياسي بدرجة موظف حكومي يظهر علي شاشات القنوات الإخبارية للتنظير في عمق العلاقات الأمريكية المصرية …
لأن تصريحات ترامب ليست ذوبعة ستمر مع الوقت …
فالأمر في منتهي الخطورة …
- ••
ترامب لن يهتم بالعلاقات الاستراتيجية والدبلوماسية لأنه ليس رجل دولة
ولن يهتم بقرارات الشعوب لأن الشعوب بالنسبة له هي ورقة يمكن استخدامها للضغط علي الحاكم في استراتيجيته للحرب الاقتصادية
ترامب يهدد بتدمير اقتصاد الدول في حالة الوقوف أمامه من أي نظام سياسي ويلعب في استراتيجيته علي كسر إرادة وصمود الشعوب وهنا يتضح لنا كيف يفكر ترامب في فرض واقع التهجير الطوعي بالوقائع علي الأرض وواقع حتمية القبول به من وجهة نظره ولذا صرح they will do this
ترامب المأزوم لا يؤمن بشعارات أو وقفات احتجاجية شعبية تقودها أحزاب كرنفالية
الشعوب تنجو من توحش الرأسمالية النيوليبرالية بالوعي وليس بالاحتجاج
الاحتجاج الشعبي فكر قديم لا يضغط علي شخصيات مأزومة نفسيا مثل ترامب
- ••
ترامب يلعب في معادلة واضحة هي محاولة كسر الصمود الشعبي حتي يتم التهجير الطوعي
وذلك بواسطة تعليق مسألة ( إعمار غزة ) … والتي يراها تحتاج من ( ١٠ إلي ١٥ عاما )علي الأقل …
ولذا
ترامب يراهن علي عدم قدرة صمود الغزاويين في العراء وفوق الخراب بدون غذاء ودواء لسنين طويلة في انتظار التعمير !
ترامب لن يمنح غزة دولارا واحدا وهو الذي أوقف كل المساعدات الخارجية الأمريكية إلا مساعدات كامب ديفيد لإسرائيل ومصر .
وللعلم
ترامب لم يعيد المساعدات الأمريكية لمصر لتفهمه عمق العلاقات الاستراتيجية وكل هذه الترهات الاعلامية
ولكن
لأنه فقط يفعل عكس ما كان يفعله بايدن الذي أوقف المساعدات لمصر حتي أعادها قبل رحيله
بايدن الذي سمح بخمسة ملايين دولار للواقايات الذكرية لغزة لم يكن يفكر في تنفيذ ملف ( التهجير) … بل فقط بقاء الغزاويين مع وقف خصوبة الأسرة الغزاوية …
ترامب شخص مأزوم ببارانويا السلطة وتكمن مشكلته النفسية في رغبته في التميز عن الآخرين
بايدن لم يكن مع التهجير ولذا فمسألة التهجير بالنسبة لترامب هي مسألة شخصية لن يتهاون فيها
ترامب يقول أن التهجير سيحدث وأن الاردن ومصر سيفعلا ذلك …
وسر إصرار ترامب انه يلعب علي محاور معادلة كسر صمود الغزاويين بمنع الغذاء والدواء وغلق كل المعابر وخاصة معبر رفح .
- ••
الرئيس السيسي صرح أن الشعب المصري لن يشارك في ظلم وتهجير شعب غزة وجعل المعركة هي معركة الشعب المصري لكن ترامب يصر علي موقفه لأنه يناور بالضغط والاغراء الاقتصادي … !!!
- ••
معادلة ترامب أن الغزاويين إن عاجلا أو آجلا لن يحتملوا الخراب والتجويع وسيقومون بــ (التهجير الطوعي)
وكذلك الشعب المصري يمكن أن ينقلب علي نظامه بعد حرب اقتصادية علي مصر تزيد الفقر والمعاناة الشعبية
ترامب يرغب في غاز غزة ويريد تقديم صفقة غازية كبري لمصر علي طريقة ( الترهيب أو الترغيب)
أي حرب اقتصادية علي مصر وخلق أزمة كهرباء وطاقة وسيولة دولارية … أو حصة كبيرة لمصر في الغاز … وأمام مصر الاختيار بين الحياة والموت من وجهة نظره
وصفقة ترامب هي امتياز غازي لمصر مقابل حتي قبول فتح المعبر لدخول 2500 طفل جريح مع أسرهم
لكن من يضمن انه لو تم دخول الجرحى بأنهم سيعودون مرة أخري !
- ••
إذن
القضية الآن لم تعد كسر صمود الشعب الفلسطيني فقط … !!!
وإنما أيضا كسر صمود الشعب المصري ومحاولة اخضاع المصريين نتيجة للفقر والأزمات الاقتصادية
الرئيس المصري تخندق وراء شعبه وأكد أن التهجير خط أحمر لشعب مصر قبل أن يكون لأي نظام سياسي
إذن
الحرب حرب وعي ووجود
الشعب المصري عليه أن يعيد قراءة التاريخ كي يعرف ذاته وهويته
ترامب لا يواجه السيسي فقط بل يواجه شعبا جاء إلي الأرض ثم جاء من بعده التاريخ نفسه
وان كان ذلك كذلك … فأمام شعب مصري مواجهة حقيقية وخطيرة
- ••
والجدير بالذكر
أن توطين الجماعات الإرهابية المسلحة في سيناء لحتمية التدخل العسكري الإسرائيلي تحت غطاء الشرعية الدولية هو إستراتيجية الحرب الإسرائيلية الوقائية أو الحرب الاستباقية علي مصر بسبب القلق من نمو التسليح المصري بعد عام (٢٠١٣) في عهد الرئيس السيسي
ومن ثم تطبيق نظرية ( المناطق العازلة) مع دول الجوار وفقا لاستراتيجية إسرائيل الأمنية ( الحدود الآمنة )
ترامب و نتنياهو يعتمدا في إتمام الصفقة بينهما علي تجنب الدولة المصرية الصدام العسكري
وهذا تفسيرا فيه الكثير من التأويل