كتب خالد عبد الحميد
نجحت الدبلوماسية المصرية، خلال ثمانى سنوات من العمل الشاق والعزيمة الصادقة، فى وضع القاهرة على الطريق الصحيح كمركز إقليمى للشرق الأوسط وإفريقيا، وتمكنت من الانتقال من مرحلة استعادة التوازن إلى استعادة تأثير مصر كقوة ناعمة رئيسية فى المنطقة والعالم، وأن تكون طرفا مؤثرا فى محيطها الإقليمى.
وضعت الدبلوماسية المصرية، مبادئ وقواعد للتعامل مع القوى العظمى، من خلال محددات السياسة الخارجية التى رسمها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى خطاب التنصيب فى يونيو 2014، والذى أكد فيه أن مصر بما لديها من مقومات يجب أن تكون منفتحة فى علاقاتها الدولية، وأن سياسة مصر الخارجية ستتحدد طبقا لمدى استعداد الأصدقاء للتعاون وتحقيق مصالح الشعب المصرى، وأنها ستعتمد الندية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية.
وشهدت العلاقات مع الولايات المتحدة، خلال السنوات الثمانية الأخيرة زخما كبيرا فى المجالات كافة السياسية والاقتصادية والثقافية بخلاف قطاعات التعليم والاستثمار والتجارة، كما قام الرئيس السيسى بزيارة إلى الولايات المتحدة فى عام 2017 تلبية لدعوة الجانب الأمريكى، وأيضا زيارة رئيس مجلس الوزراء لواشنطن فى أكتوبر 2019 بخلاف الزيارات العديدة التى قام بها وزير الخارجية وعدد من وزراء الحكومة.
وأعادت القاهرة حوارها وتعاونها الاستراتيجى مع الولايات المتحدة فى عام 2015، فيما انعقدت الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجى فى واشنطن فى 8 و9 نوفمبر 2021 برئاسة وزير الخارجية ونظيره الأمريكى.
كما شهدت العلاقات المصرية الأوروربية دفعة قوية خلال الأعوام الماضية، سواء على المستوى الثنائى من خلال زيارات الرئيس لعدد كبير من الدول من بينها ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا والمجر والبرتغال وقبرص واليونان، ومتعددة الأطراف من بينها آلية التعاون الثلاثى مع اليونان وقبرص، أو تطوير العلاقات إلى مستوى الشراكة مع دول فيشجراد.
ومن أبرز زيارات الرئيس السيسى الأوروبية، زيارته إلى فرنسا للمشاركة فى قمة مجموعة الدول الصناعية الكبرى فى عام 2019 لعرض الرؤية الإفريقية إزاء سبل تحقيق السلام والتنمية المستدامة وترسيخ أسس الشراكة بين إفريقيا ودول المجموعة، كما زار الرئيس ألمانيا تلبية لدعوة المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل فى يونيو 2015.
وشهدت السنوات الماضية أيضا تكثيفا للزيارات التبادلية مع كندا والدول اللاتينية لتطوير العلاقات الثنائية بمختلف المجالات، بالإضافة إلى دخول اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين مصر وتجمع دول الميركسور حيز التنفيذ منذ سبتمبر 2017.
العلاقات الإفريقية
عملت الدبلوماسية المصرية على تطوير العلاقات مع الدول الإفريقية وذلك فى ضوء الارتباط التاريخى والمصالح الاستراتيجية المشتركة التى تربط مصر بدول القارة السمراء فى إطار الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة وانطلاقا من إيمان راسخ بأهمية التكامل الإقليمى والقارى وجهود وتحركات لترسخ وتعظيم الدور الريادى لمصر فى القارة.
وحرص السيسى منذ 2014 على المشاركة فى كافة القمم والاجتماعات الإفريقية، كما ترأس لجنة رؤساء الدول والحكومات الإفريقية حول تغير المناخ لمدة عامين، وشارك الرئيس فى عام 2019 فى القمة الألمانية الإفريقية ببرلين والتى تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادى بين إفريقيا ودول مجموعة العشرين من خلال مشروعات مشتركة تسهم فى الإسراع بوتيرة النمو فى القارة السمراء، كما شارك الرئيس السيسى فى القمة الإفريقية الأوروبية التى عقدت فى فبراير الماضى بالعاصمة البلجيكية بروكسل.
قمة المناخ
لعبت الدبلوماسية المصرية دورا مهما فى تنظيم قمة المناخ بشكل أبهر العالم، وفى إطار العلاقات المتميزة والتنسيق بين مصر والولايات المتحدة، فيما يتعلق بالقضايا المناخية، قام وزير الخارجية سامح شكرى والمبعوث الرئاسى الأمريكى الخاص بالمناخ جون كيرى فى فبراير الماضى بتدشين مجموعة العمل المصرية الأمريكية المعنية بالمناخ والتى تم الاتفاق على تأسيسها خلال جولة الحوار الاستراتيجى باعتبار مسالة تغير المناخ تعد من الأولويات المشتركة لمصر والولايات المتحدة وخاصة مع استعداد مصر لاستضافة الدورة الـ27 لمؤتمر المناخ وقيادة الجهود الدولية لمواجهة تغير المناخ خلال الفترة المقبلة.
وفى الوقت الذى ينطلق فيه قطار التنمية بمصر صوب الجمهورية الجديدة، يظل الدفاع عن حق الدول الإفريقية العادل فى التنمية والسلام والاستقرار والتقدم ثوابت للسياسة الخارجية لمصر فى عهد الرئيس السيسى، إذ دافعت مصر عن القارة فيما يتعلق بالمناخ حيث أكد الرئيس السيسى فى كلمته أمام الدورة ال26 لقمة الأمم المتحدة لتغير المناخ “COP27” بجلاسجو العام الماضى أن مصر تدعو لضرورة منح القارة الإفريقية معاملة خاصة فى إطار تنفيذ اتفاق باريس.
وخلال القمة ذاتها تم اختيار مصر لاستضافة القمة القادمة COP27 للمناخ بالنيابة عن القارة الإفريقية.
حل الأزمات الإقليمية
القاهرة كانت لاعبا أسياسيا فى وضع نهاية للأزمة الليبية، واستضافت مصر فى هذا الاطار العديد من الاجتماعات واللقاءات بين الاطراف الليبية فضلا عن الحرص على المشاركة فى الفعاليات الدولية والاقليمية الخاصة بليبيا، كما أكد فى مختلف اللقاءات والمحافل دعم مصر الكامل لكل ما من شأنه تحقيق المصلحة لليبيا، ويفعل الإرادة الحرة لشعبها ويحافظ على وحدة وسيادة أراضيها.
وفيما يخص القضية الفلسطينية، تؤكد مصر على موقفها الثابت من القضية ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، حيث استضافت مؤتمر إعادة إعمار غزة فى عام 2014 بالقاهرة، وأطلقت المبادرة المصرية لإعادة إعمار غزة وتقديم مساعدات قيمتها 500 مليون دولار للقطاع.
وفى إطار مبادئ وثوابت السياسة المصرية، تؤكد القاهرة على موقفها الثابت بدعم كافة الجهود للتوصل إلى حل سياسى شامل للأزمة اليمنية يحقق الاستقرار ويحافظ على وحدة واستقرار اليمن ويلبى طموحات الشعب اليمنى وإنفاذ إرادته الحرة وينهى التدخلات الخارجية فى الشأن اليمنى.
وفى الوقت نفسه، تواصل مصر جهودها باستضافة الأشقاء السوريين وتقديم كافة أوجه الدعم اللازمة لهم، كما قامت مصر وفى إطار مساعيها لمساعدة الأشقاء فى وقت الأزمات بإرسال مساعدات طبية للحكومة اليمنية فى يوليو 2020.
مصر والخليج
وتحرص مصر على مدار السنوات الماضية من حكم السيسى على تعميق علاقاتها الخارجية على كافة المستويات الإقليمية وساهمت مصر فى تعزيز التعاون مع دول الخليج وتؤكد دوما على ارتباط أمن الخليج بأمن مصر القومى، وذلك من خلال تعزيز الزيارات الرسمية المتبادلة مع مختلف الدول الخليجية على مستوى القمة والمستويات الوزارية والفنية، كما شارك السيد رئيس الجمهورية فى القمة العربية الإسلامية الأمريكية فى عام 2017 فى الرياض بالمملكة العربية السعودية، وشارك وزير الخارجية سامح شكرى فى قمة مجلس التعاون الخليجى الـ41.