تعاطف شعبي كبير مع نجل الشهيد القذافي يصيب كارهي ليبيا بالجنون
تراجع دخل المواطن من 15 ألف دولار سنويًّا في 2011 إلى 6 آلاف دولار في 2022
231 مليار دولار خسائر منذ 2011 بسبب إيقاف أو إغلاق حقول ومواني نفطية
كتب – خالد عبد الحميد
“ثورة الفاتح من سبتمبر” التي جاءت بالزعيم الراحل معمر القذافي إلى الحكم عام 1969، في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أزمة سياسية، على وقع صراع بين سلطتين تنفيذيتين.
وجاءت احتفالات هذا العام، موسعة وشملت عدّة مدن في شمال ووسط وجنوب ليبيا، وهي المناطق التي لا تزال تدين بالولاء لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي .
ولأول مرة منذ سنوات يخرج مئات من أبناء الشعب الليبي يحتفلون بذكرى الثورة رافعين صور الزعيم الراحل معمر القذافي ، والمهندس سيف الإسلام القذافي والأخير يعتبره قطاع كبير من الليبيين المنقذ والذي يستطيع بما لديه من خبرة اكتسبها في بيت الزعيم الراحل ، والتعليم الراقي الذي حصل عليه في أوروبا ، بالإضافة إلى سيرة شعبية كبيرة يتمتع بها سيف الإسلام لدي الشعب الليبي في إعادة الوحدة والاستقرار للجماهيرية الليبية بعد سنوات عجاف من انتشار العنف وعدم الاستقرار في أنحاء الدولة الليبية الشقيقة .
ولا شك أن هذا الحدث وما اظهره من تعاطف شعبي كبير تجاه نجل الشهيد معمر القذافي سيصيب كارهي ليبيا ، ورسالة قوية لأهل الشر الذين لا يريدون أمناً ولا استقراراً لهذه الدولة العربية الغنية بأبنائها وثرواتها.
هؤلاء يسعون بقوة لإقصاء سيف الإسلام القذافي عن الحكم حتي لو وصل الأمر إلي اغتياله ، فمن فعلها أول مرة واغتال الزعيم الأب معمر القذافي ، يمكن أن يفعلها مجدداً مع الزعيم الإبن سيف الإسلام القذافي ، والرهان هنا علي الشعب الليبي الذي يجب أن يفطن لهذا المخطط الذي يسعي لاستمرار حالة الفوضي وعدم الاستقرار في البلاد لاستنزاف ثروات الليبيين ، وعليهم أن يكونوا الدرع الواق لحماية سيف الإسلام إلي أن يصل لسدة الحكم ويعيد بناء الدولة من جديد وطرد كافة الميلشيات المسلحة والجماعات التكفيرية التى اتخذت من ليبيا منصة لإطلاق عملياتها الإرهابية تجاه البلدان العربية المجاورة .
وعودة إلى الاحتفالات بذكرى الثورة ، فقد أظهرت صور ومقاطع فيديو خروج المئات إلى الشوارع حاملين صور معمر القذافي ونجله سيف الإسلام القذافي، والرايات الخضراء المميزة لنظام حكمه.
كما أطلقت الألعاب النارية، بينما استغل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الحدث، لتهنئة الليبيين، للتذكير بإنجازات القذافي والمقارنة بين الأوضاع في عهده وبعد رحيله.
بدوره، تحدّث عضو المجلس الأعلى للقبائل الموالي للنظام السابق، أشرف عبد الفتّاح، عن انضمام عدة مدن ليبية كانت في السابق مناهضة لنظام معمر القذافي ومؤيدة ثورة 17 فبراير، إلى احتفالات هذا العام، على غرار عدد من أحياء العاصمة طرابلس ومدن صبراتة والزاوية غرب ليبيا، رغم تعميم منشورات لمنع أي مظاهر للاحتفال والتضييق المفروض على المحتفلين .
وأضاف عبد الفتاح أن أنصار القذافي طالبوا خلال هذه الاحتفالات بضرورة إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية وإنهاء المراحل الانتقالية في البلاد.
يشار إلى أنه وبعد سنوات على رحيله، لا يزال القذافي حاضراً بقوة في أذهان الليبيين خاصة لدى الموالين له، الذين يعوّلون على نجله سيف الإسلام القذافي بانتشال ليبيا من الضياع.
وقد بات ذلك أمراً محتملا، خاصة بعد ظهوره وإعلان ترشحه للإنتخابات الرئاسية، مدفوعاً بشعبية كبيرة من القبائل والمناطق الموالية لنظام والده، ومن قبل من يحنون للماضي ويشعرون بخيبة أمل من غياب الاستقرار وانحدار ليبيا إلى الهاوية
وعلي صعيد متصل وبعيدا عن الاحتفالات ، تواجه العاصمة الليبية طرابلس، خطر اندلاع صراع جديد بين الميليشيات، حيث تتردد أنباء عن تجدد الخلافات بين ميليشيا “الردع” وميليشيا “ثوار طرابلس” التابعة إلى “أيوب أبوراس”، حيث تسعيان إلى تسوية “حساب قديم”.
وتداولت وسائل إعلام محلية أنباء حول إعطاء ميليشيا “الردع” مهلة لمقاتلين تابعين لـ”أبو راس” لإخلاء معسكر السعداوي القريب من عين زارة جنوب العاصمة.
فيما قالت مصادر أهلية إن عين زارة شهدت حشدًا لقوات “ثوار طرابلس”، الذين صادروا في وقت سابق آليات لقوات تتبع هيثم التاجوري تراجعت إلى المنطقة من مواقعها في قلب العاصمة، بعد مواجهات السبت الماضي.
أمام هذه الصراعات التي لا تنتهي، لا يجد الليبيون جهة أو شخصًا قادرًا على إيقاف ما يحدث في العاصمة، كما يرى الخبير العسكري الليبي محمد الصادق، مشددًا على أن الحل الوحيد يتمثل في إنهاء فوضى السلاح وقيام مؤسسة عسكرية موحدة في كل بقاع الدولة.
لكن الحل يبقى بعيدًا، ويظل أهالي طرابلس يعانون تحت “العصابات والميليشيات المؤدلجة”، وفق الصادق، الذي يشير إلى أن الليبيين لم يجنوا سوى سقوط الضحايا برصاص تلك المجموعات المسلحة.
ودعا رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أحمد حمزة، إلى تجنيب المدنيين مآسي تلك المواجهات، حيث باتت أعمال العنف التي تتجدت بين الفترة والأخرى، تشكل تهديدًا وخطرًا كبيرين على أمنهم وممتلكاتهم.
وأدت المواجهات التي دارت يوم 27 أغسطس الماضي في طرابلس إلى سقوط 32 قتيلا و159 جريحا، إضافة إلى أضرار لحقت بنحو 5 مؤسسات صحية ومسجد وعدد من الممتلكات العامة والخاصة.
وعلي الصعيد الدولى كشفت أرقام البنك الدولي ومنتدى دافوس الأخيرة عن ليبيا بشأن الاقتصاد والتعليم عن “كوارث مفاجئة”، مقارنة بما كان عليه الحال قبل عام 2011 رغم الثروات الهائلة للبلد النفطي.
ورغم تأكيدهم على التأزم الشديد لليبيا في كل المجالات بسبب الصراعات السياسية والعسكرية الدائرة منذ 2011، فإن خبراء ليبيين يعربون عن تفاؤلهم بإمكانية محو هذه الكوارث سريعًا، حال تحقيق الاستقرار في البلاد.
وفي أحدث تقرير للبنك الدولي عن ليبيا بعنوان “ليبيا الآفاق الاقتصادية- سبتمبر 2022” جاء:
– انهار دخل المواطن بعد أن أُنهك الاقتصاد بسبب النزاع، حتى بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي في 2022 نصف قيمته قبل عام 2011.
– وفي 2011، كان دخل المواطن الليبي أكثر من 15 ألف دولار سنويًّا، وانحدر في 2022 إلى 6000 دولار.
– سجل التضخم 5.7% في مارس مقارنةً بنفس الشهر من 2021، كما سجّل تضخم سلة الحد الأدنى للإنفاق نسبة أعلى بـ32.2%، مما كان عليه في مايو 2021.
يأتي هذا على خلفية الضربات التي وجهها النزاع المسلح للقطاع النفطي، المصدر الرئيسي للدخل، وإيقاف أو إغلاق حقول وموانئ نفطية، وهو ما أدى إلى خسائر 231 مليار دولار منذ 2011.
ورغم الأرقام التشاؤمية فإن المحلل الاقتصادي سامر العذابي، يرى أن ثروات ليبيا ستنتشلها سريعًا من كبوتها حال انتهاء الصراع.
ويوضح: “إذا حدث استقرار سيكون الخير في انتظار الليبيين؛ فثروة البلاد النفطية والمعدنية لا نهائية، والليبيون عددهم لا يزيد على 6 ملايين شخص، وثروات ليبيا قادرة على أن تنفق على الوطن العربي إذا استغلت بشكل صحيح وصرفت على الليبيين لا السلاح”.
كما جلبت الاضطرابات للبلاد أيضًا انتكاسة في التعليم، فقد خرجت ليبيا من التصنيف الدولي لجودة التعليم، لغياب عوامل هذه الجودة، وفق المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
ويعتمد مؤشر جودة التعليم على 12 معيارًا هي: المؤسسات، والابتكار وتطور الأعمال، وبيئة الاقتصاد الكلي، والصحة، والتعليم الأساسي، والتعليم الجامعي، والتدريب، وكفاءة أسواق السلع، وكفاءة سوق العمل، وتطوير سوق المال، والجاهزية التكنولوجية، وحجم السوق.
ولا يجد الخبير التربوي مجدي ساجد، ما يُدهش في هذا التدهور، لافتًا إلى أن غياب الأمان مع تراجع الإنفاق على التعليم وهروب العمالة الأجنبية، كل هذا يولد هذه الكارثة.
ويضرب مثلًا بأنّه قبل 2011 كان يتم استقدام أساتذة جامعات ومدرسين أكفاء من كافة أنحاء العالم.
وتخوَّف ساجد من أن الجيل الحالي من الطلاب “سيكون الأسوأ في تاريخ ليبيا، نتيجة ما زرعته الميليشيات بداخله، ولا علاج لذلك إلا بإعادة تأهيله وتعريفه بمصطلح دولة المؤسسات”.