واذا كان المصريون انتفضوا وبعد وقت طويل ضد هذه الأوضاع وتلك الاختيارات بعمل ثورتين ضد الفساد والإفساد، فإنه من غير المقبول ان يستمر هذا الأسلوب في اختيار القيادات بعد 30 يونيه وقدوم رئيس بارادة شعبية جارفة .
نقول ذلك بمناسبة حالة الترهل والفشل الحكومي واخرها كارثة وزير العدل والتي كانت القشة التي تسببت في إقالته رغم علمنا أن هناك أسبابا أخري للإقالة وكان الٱختيار من البداية خاطئ ، وقبلها بشهور الكارثة التي وقعت في الاسكندرية وكان بطلها محافظا ، ثبت فشله مع أول يوم عمل له بالمحافظة ، ومع ممارسات وتدخلات زوجته في ادارة شئون المحافظة ، ومع ذلك استمر في منصبه ردحا من الزمن الي أن تمت إقالته في النهاية.
والمشكلة التي نحن بصددها لا يجب أن نختذلها في محافظ أو وزير فاشل ، فهذا وارد في معظم دول العالم ، بشرط أن يكون الباقين علي قدر المسئولية .. ولكن اذا كان معظم المحافظين .. ومعظم الوزراء .. ومعظم رؤساء الأحياء ورؤساء الهيئات ورؤساء مجالس الصحف ليسوا أهلا لتولي هذه المناصب وتسببوا اما باهمالهم او بجهلهم في انهيار العمل بمؤسساتهم فهنا .. وهنا فقط يجب ان نقف وندرس ونكشف عن سبب ما يحدث في مصر .
بالبحث والتعمق وجدنا أن سبب معاناة المصريين هو سوء اختيار القيادات التي تدير شئون الدولة .
نعم الرئيس يعمل ليل نهار من أجل المصريين .. ومن أجل الوطن .. ولكن ما دون الرئيس يحتاجون الي وقفة .. والي الاجابة علي سؤال مهم وهو .. من يختار القيادات في مصر .. اختيار رئيس الحكومة الذي يعتبر الرجل الثاني في الدولة ، وربما الأول في ادارة السلطة التنفيذية ، ان صلح اختيار هذه الشخصية صلح سائر الجسد ، وان كانت غير مؤهلة فسنجد ما نلمسه اليوم من سوء اختيار .
واذا ما خضع اختيار رئيس الحكومة الي عدة معايير أهمها الحسم والحزم والفهم والخبرة والقدرة علي اتخاذ القرار وعدم انتمائه الي فصيل سياسي قد يؤثر علي عمله العام ، فسنجد رئيس حكومة بالمواصفات المطلوبة لهذا المنصب ، وبالتالي سيختار هو وزراء ومحافظين بنفس المعايير ، وبالتبعية سيختار الوزير أو المحافظ معاونيه بنفس المعايير الي أن نصل الي أصغر مسئول في الدولة .. من هنا يتم معالجة الخلل في اختيار القيادات .. من هنا يمكن ان نشاهد مسئولا علي قدر المسئولية .. اذا صلحت الرأس .. صلح سائر الجسد .. وأتذكر الآن مقولة قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية عند بداية توليه مقاليد الأمور في مصر : ” أنا لا أستطيع أن أعمل بمفردي ويجب أن يعمل معي الجميع لنهضة مصر وبدون توافر ذلك لن أنجح في مهمتي ” .. كلمات بسيطة موجزة تعبر عن حقيقة المرض الذي تعاني منه مصر منذ زمن طويل .
الشاهد الآن أن الرئيس يواصل العمل ليل نهار بجد واجتهاد بمفرده .. وباقي أعضاء السلطة التنفيذية بعيدة تماما عن المشهد الا من رحم ربي .
وأقول للرئيس السيسي الذي أعلم علم اليقبن أنه رجل المرحلة ومنقذ ومخلص مصر من حكم الملاعين : صديقك من صدقك القول .. وعدوك من زين لك أن الأمور تسير علي ما يرام .. ولكنها ليست كذلك وسيادتكم تعلم ذلك .. ما زلنا نعاني من موروث الماضي السحيق .. ما زال هناك في الحكومة وزراء لا يصلحون لادارة شئون مصلحة حكومية .. ومحافظون لا يعلمون عدد الأحياء التي تقع في نطاق مسئوليتهم ، واختاروا رؤساء أحياء ومدن وقري فاسدين .. ومرتشين ، تسببوا في اغراق البلاد في مستنقع من الفساد .. وبعض رؤساء مجالس صحف قومية تم اختيارهم من بين أهل الثقة ، فاختاروا هم مرؤسيهم أيضا من أهل الثقة .. والنتيجة ترك الساحة لصحف يطلق عليها مستقلة وهي في الحقيقة موجهة لضرب الدولة المصرية وتنفذ أجندات أجنبية الا القليل منها .. والنتيجة انهيار منظومة الاعلام والصحافة مرآة المجتمع .
قديما كان مبارك يلقي بالتقارير الأمنية والرقابية والمعلوماتية عرض الحائط وكان اختيار القيادات بالمزاج ، فاختيار وزير التربية والتعليم ، والثقافة والصحة يأتي بترشيحا مباشرا من الهانم .. ووزراء ومسئولين أخرين بترشيح من مستر جيمي ، أما المحافظين ورؤساء الأحياء والمدن فكانت مهمة الحرس الحديدي ( زكريا والشاذلي وصفوت وسرور ) والتاريخ لا يكذب .. وكان من نتيجة هذا الاختيار انهيار البلاد والذي ما زالنا نعاني منه حتي اليوم ، وربما استمر ذلك لفترة قادمة يعلم الله مدتها .
وفي النهاية أتذكر مقولة أحد قيادات القوات المسلحة : ” الدولة التي تعتمد في حياتها اليومية وادارة شئونها بالكامل علي القوات المسلحة هي دولة فاشلة “. – كان الله في عون قواتنا المسلحة التي تعمل في كل اتجاه في ظل غياب السلطة التنفيذية عن المشهد .
سيادة الرئيس – لا خير فينا ان لم نقلها .. هذا هو الداء .. وهذا هو الدواء .. حسن الاختيار .. ثم حسن الاختيار .. ثم حسن الاختيار .. لتحيا مصر .