كتب – خالدعبدالحميد
ولد البطل ابراهيم فى شهر ديسمبر من عام 1947 فى احدى قرى محافظة البحيرة وقد تميز البطل ابراهيم بتفوقه فى دراسته رغم صغر سنة وتوالى نجاحه حتى حصل على شهادة الثانوية العامة فى عام 1964 ولميوله للأعمال التجارية التحق بعد ذلك بكلية التجارة وكان البطل ابراهيم باراً بوالديه كان مؤمنا بالله والوطن واثقاً من نفسه يتمنى اليوم الذى يقدم فيه لمصر ما تطلبه منه وذلك عن طريق العمل فى احدى ميادين الكفاح
وكان دائما يردد بأنه لابد وان تكون هناك جولة اخرى مع العدو الصهيونى وتلقينهم درساً لن ينسوه ابداً وتسترد مصر فيها كرامة وعزة الشعب العربى عامة والمصرى خاصة
وما أن انتهى ابراهيم من دراستة الجامعية حتى سارع الى منطقة التجنيد ليكون فى طليعة رجال القوات المسلحة وفى ابريل عام 1969 تحقق لابراهيم امنيته فانضم لصفوف القوات المسلحة فى سلاح المدفعية وكانت لحظة من أسعد لحظات العمر عندما شاهد دبابات العدو وهى تحترق عن اخرها على يديه هو وزملاؤه
بدأ البطل حياته العسكرية فى مركز تدريب المدفعية وهناك التقى بزملاء له فى الكفاح وكان ابراهيم حريصاً على اداء واجبه مطيعاً لرؤساءه مقدراً للمسئولية متحلياً بصفات الجندية والأنضباط العسكرى ملماً بكل العلوم العسكرية
ولن ينسى ابراهيم ذلك اليوم الذى خرج فيه فى طابور تجريبى تكتيكى وصدر له الامر بالرمى على احد الاهداف واصاب الهدف من اول طلقة فغمرته السعادة والفرحة .. كان ابراهيم مثالا طيباً لشباب مصر مما جعل قادته يرشحونه ليكون ضمن مجموعة جديدة بدأ تشكيلها ضمن سلاح المدفعية ليتدربوا على نوع جديد من السلاح وهو الصاروخ الموجه المضاد للدبابات وامام هذا النشاط وذلك التفوق تم تعيين ابراهيم ضمن طاقم الصاروخ لما يتمتع به من ضبط الأعصاب ودقة فى التصويب
وجاء عام 1970 وكان العدو وقتها يقوم بعمليات اختراق مجال مصر الجوى دون رادع فتارة يضرب مدن القناة واخرى بحر البقر وثالثة يضرب مصانع أبو زعبل حتى صدر الأمر الى ابراهيم ليقود ثلاثة اطقم ويعبر بهم فى قوارب من المطاط الى الضفة الشرقية لعمل كمين لتلك الدورية وما ان عبر البطل القناة الى الضفة الشرقية حتى اسرع الى اختيار اماكن الأطقم وتم توزيعهم واختيار مكان طاقمهم فى الوسط ليكون ذلك حافزا لرفع معنويات الرجال وعندما اقتربت دورية العدو من مكان الكمين اصدر ابراهيم امره بالضرب فأنطلقت الصواريخ الثلاثة فى وقت واحد فتم تدمير الدورية بالكامل فكانت لحظة من اسعد لحظات العمر التى لن تنسى فى حياة البطل ومنذ ذلك اليوم توالت الكمائن والاغارات على طول جبهة القنال وتوالت خسائر العدو فى الافراد والمعدات
ثم ألحق ابراهيم بوحدته على لواء مشاة ميكانيكى فاشترك فى جميع تدريباته ومشروعاته التدريبية المتنوعة فأثبت ابراهيم كفاءة عالية فى التدريب والاستعداد ولم يمض وقت طويل حتى جاء السادس من اكتوبر عام 1973 كان ابراهيم ومن معه مستعدين للبذل والفداء ووهبوا حياتهم للمعركة
ومما زاد الحقد والمرارة فى قلب ابراهيم رؤيته للعدو على الضفة الشرقية للقناة يمضى فى بناء التحصينات والنقط القوية و على الرغم من هذا كان ابراهيم يؤمن ايماناً صادقاً من كل قلبه ان مصر قلب العروبة وان ابناءها لن يرضوا لانفسهم ذلك ابداً ولابد من جولة يستردون فيها كل حقوقهم المغتصبة ومن خلال عمل ابراهيم حكمدار لفصيلته فقد زاد ايماناً وثقة وكان دائم التاكد من كفاءة رجال فصيلته وكان ايمانه بالله والوطن دافعا دائماً الى التفانى فى اداء الواجب
وفى السادس من اكتوبر عام 1973 صدر الأمر لافراد وحدة البطل بالاستعداد للتحرك فى اتجاة الشرق فما هى الا لحظات حتى اندفع الجميع لتنفيذ تعليمات رفع درجات الاستعداد وانطلق الجميع الى المركبات البرمائية وكان البطل على راس فصيلته حكمدار لاحد الاطقم وفى سعت 1340 صدر الامر بالاقتحام جنوب البحيرات المرة وظهرت المركبات من خنادقها واخذت طريقها الى الشاطئ الغربى واذا بالجميع يروا نسور مصر وابطالها يعبرون القناة وتعالت الاصوات الله اكبر ووجد ابراهيم نفسه بعدها على الشاطئ الشرقى وامامه رجال قد سبقوه فى العبور وقاموا بفتح الثغرات فى حقول الغام للعدو وهناك امتلئت مشاعر ابراهيم بالحماس والثقة والقى نفسه على الارض يقبلها
وفجأة لاحت فى الافق دبابات العدو قادمة نحوهم وعلى الفور صدر الأمر بالتوقف والاستعداد للاشتباك معهم وتقدمت مجموعات ابراهيم تحت قيادته الى الامام وحدد البطل لكل طاقم مكانه المناسب وعلى الفور قام ابراهيم بضبط الصواريخ واعداد جهاز التوجيه للعمل واخذ يراقب العدو وهو يتقدم نحوهم مطلقاً النيران واستمر فى تقدمه حتى وصلت تلك المقدمة الى مدى المرمى المؤثرة فأستجمع ابراهيم ايمانه وعزيمته واطلق صاروخه الاول فما هى الا لحظات وانفجرت الدبابة الوسطى للعدو وما كاد يرى العدو ذلك حتى بدأ يعود الى الخلف من اجل الفرار ولكن ابراهيم لم يكن يأمن للعدو فهو يعلم انه خائن ولابد ان يعاود الهجوم وفجأة ظهرت احدى دباباته من خلف احدى القباب امام ابراهيم فكان نصيبها من نصيب الاولى مما ادخل الذعر والرعب فى قلب العدو وأجبره على الانسحاب من تلك المنطقة واستمر الحال على ذلك الى ان اقبل الليل
وكانت الفرحة تملا القلوب والأخبار السارة تصلهم كل حين حيث بلغهم ان المواقع الحصينة لخط بارليف قد سقطت جميعاً ماعدا وحدة كبريت شرق وعلى الفور استكمل ابراهيم فصيلته بكل ما يلزمها وفى سعت 630 يوم 9 اكتوبر تم التحرك شمالاً فى اتجاه النقطة القوية وتعرضت الوحدة لغارات العدو ولكنها واصلت التقدم فى اتجاه النقطة القوية حتى ظهرت دبابات العدو تحاول تعطيل تقدم وحدة ابراهيم فما كان من القائد الا ان اصدر الاوامر بتخصيص وحدة فرعية مدعمة للتعامل مع هذا العدو ومنعه من التدخل وماهى الا دقائق حتى دخلت دبابات العدو مرمى ابراهيم وعلى الفور كانت اشارت ابراهيم لجهاز الاطلاق اسرع من البرق فأصابت الدبابة واصبحت كالهشيم بمن فيها وما ان راى العدو ذلك حتى نزل الرعب فى قلبة وعاد من حيث اتى
وكما هى عادة العدو يخشى لقاء الجندى العربى وجها لوجه فقرر الانسحاب من الموقع ولكن كانت الوحدة قد احكمت التجهيزات واستعد ابراهيم كما عودنا للنيل منهم فما كادت تظهر الدبابة الاولى حتى اهدى لها صاروخاً فى الجنزير ففر من فيها مزعورين رافعين ايديهم بالتسليم وحاولت الأخيرة تغيير مسارها فأصيبت بصاروخ فى البرج وهكذا جمدت باقى دبابات العدو واصيب من فيها بالفشل فظلوا فى اماكنهم الى ان قضى عليهم جميعاً
وقبل اخر ضوء يوم 9 أكتوبر تم الاستيلاء على النقطة وما فيها من غنائم ورفع علم مصر عالياً فوقها وتمسكت وحدة ابراهيم بها والدفاع عنها حتى اخر طلقة واخر رجل وكان لفشل العدو فى هجماته المضادة المتتالية وما اصابه من خسائر فى الارواح والمعدات سببا فى الموافقة على وقف اطلاق النار
وامام صلابة القائد ورجاله واصرارهم على التمسك بالنقطة تحولت المعركة الى معركة فرض ارادة وتحدى وصمود أظهرت قوة وصلابة المقاتل المصرى العريق وما يملكه من ارادة لا تلين تحت اقصى ظروف المعيشة والضغط النفسى
وهكذا كان لتلاحم القائد والمرؤوسين على مختلف المستويات ابلغ الاثر فى تحقيق النصر فى المعركة .