الأحد, 19 مايو, 2024 , 12:08 م

عادل اسكندر يكتب : أنا حرٌ بعقيدتي.. لماذا تقتلني؟!

بأي حق وتحت أي مُسمى وأي عقيدة يقتلون براءة الأطفال بهذه الوحشية..!؟..
والله جرائم العالم تتواضع أمام هذه الجريمة البشعة الغادرة…
في الأيام الماضية ضجّت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي في ماإعتبره البعض سقطة الشيخ سالم عبد الجليل والرد الذي رده عليه الأب مكاري يونان!!
بمنتهى الصراحة لن اخوض في تحليل ما قاله هذا أو ذاك، لقد سمعت الإثنين عدة مرات… وللأسف أضعت وقتي في مشاهدة بعض البرامج لمناقشة ما حدث، ووجدت العديد من المذيعين الذين يعانون من الأمراض النفسية، نصّبوا أنفسهم حكماء وقضاة ومحللين في الأمور الدينية.
عزيزي القارئ، أياً كانت عقيدتك وأياً كان مذهبك فإنني أحترمك كل الإحترام، وأنا واثق بأن كل منا يعتقد الإعتقاد المطلق بأن عقيدته هي الحق والصواب والأمل والطريق إلى الآخرة، مهما كانت تتعارض مع الآخرين فهماً وموضوعاً؛ ولذلك فأنا لا أؤمن بالمناقشة في موضوع العقائد وأعتبره تطرفاً فكرياً من أساسه، ولا أعرف ما هدف النقاش أوالتحليل للعقائد فهو موضوع شائك ولايوصلنا لأي حل مهما إعتقد البعض!!
ليس هناك ما يسمى حوار الأديان..! لماذا ولصالح من وما الهدف منه؟ كل هذه المسميات والأفكار ما هي إلاّ تضيع للوقت وتقليب في الأوراق وتفسيرات .. و… و…
أنا يا صديقي القارئ.. مسيحي وأفتخر وأنت مسلم وتفتخر أنك مسلم، وغيرنا يهودي ويفتخر وهندوسي ويفتخر وغيرنا ملحد وهو مقتنع تماماً أنه على حق …لذلك ما هدف إجتماعنا لمناقشة العقائد والمذاهب المختلفة.. هل ستقنع الناس بتغيير إيمانها بعقائدها واقناعها بعقائد أخرى ؟
الرد أكيد بالنفي لأن إقناع الآخر بعقيدة غير عقيدته لن يحدث… إن ما يثيرني فعلاً التجريح في عقيدة الآخر واتهامه بأن عقيدته فاسدة!! فليس احترامي وحبي لعقيدتي يعطيني الحق بإهانة العقائد الأخرى نهائياً… فلا يوجد أحد على وجه الأرض يملك الحقيقة المطلقة ولايملك حق إهانة الآخر مهما كان علمه أو مكانته…
فإننى أشعر بالحرية لإختياري ديني وعقيدتي، وحريتي في مزاولة الصلاة والشعائر الدينية وحتى أحتفظ بحقي هذا، لابد أن احترم حقك أنت في أن تفعل نفس الشيء وإلاّ أصبح الحق هنا ناقصاً..
ولكي يتحقق هذا المبدأ في بلادنا الغالية لابد أن نترفّع عن الخلافات والإنقسامات… وغير مسموح أدبياً أو أخلاقياً أو حتى دينياً أن يخرج علينا أحد ليتهمنا بالكفر أو الإلحاد..
قد أكون مختلفاً مع العديد، ولكني أؤمن بأن علاقتي بالله وبديني وعقيدتي من المواضيع التي ليس من المسموح لأحد مناقشتها أو تحليلها أو حتى تقييمها ،وذلك ناتج عن إيماني الكامل وإعتزازي به. البعض يفسرون ثورتهم وغضبهم أنها الإيمان بعينه أوغيرة على الدين، ويعطون الحق لأنفسهم بالتبخيس بالديانات الأخرى…هذا هوالمنبع الرئيسي للتطرف الذي يأخذنا بالتالي إلى متاهات التعصب الأعمى والإهانات والترويع والقتل ،إضافة إلى الكتب الصفراء التي يكتبها بعض المتسلقين لإهانة العقائد أوشرح الطريق للجنة …فجميعها بلا إستثناء وقود لإشعال الفتنة بين البشر الذين خلقهم الله.. الإعلام والإعلاميون هنا في بلادنا يعتبرون الفضائح وتوليع الحرائق وإشعال المشاكل، نجاحاً وسبقاً إعلامياً وتتزايد كرة النار لتصل لأكبر عدد من المشاهدين وبعدها على الفيسبوك وغيره.. وتتحول من مشكلة أو سقطة أو خطأ إلى جريمة وعقاب ومطالبة بالقصاص وألفاظ كبيرة وهذه سقطات إعلامية متكررة..
عزيزي القارئ لابد أن نؤمن بأن الإختلاف وحرية العقيدة أمر سمح به الله وحده الخالق، وطبقاً لذلك نحن نعيش في عالم يوجد فيه العديد من العقائد والمذاهب المختلفة …فلكي نعيش بأمان وسلام علينا أن ندع الخلق للخالق.
إن دور الدولة واجب وطني وأساسي والأهم أن تكون التوجهات واضحة ومحددة ولاتعتمد على الفهم الشخصي.
فأولاً: لا بدّ أن يصدرَ بيان رسمي من الرئاسة لأنها تمثّل السلطة العليا وليس من مجلس الشعب.
ثانياً: على الإعلام إحترام خصوصية الأديان والمعتقدات ولا ظهور لرجال الدين على الإطلاق في البرامج الكلامية ويحذر من مناقشة العقائد والمناظرة فيها، ونفس التعليمات تصدر للأزهر الشريف والكنيسة القبطية بتحذير أبنائهم من رجال الدين والعقاب الرادع لكل من يخالف القانون.
ثالثاً: تنفيذ القانون واحترام عقيدة الآخر وحريته في بناء دور عبادته، بدون شروط وحجْر للبناء، فعلى الدولة المدنية ان تكون قوية وتفرض سلطتها في تنفيذ القانون الذى يحقق للجميع الأمن والأمان وحرية العقيدة.
رابعاً: تغيير إسم القانون من «ازدراء الأديان» إلى «إثارة الأمن القومي للبلاد» حتى نصبح دولة تحترم أبناءها بجميع طوائفهم. وأخيراً وليس آخراً القضاء العاجل ومحاكمة عسكرية لكل من يهدد أمن المواطنين العزّل وترهيبهم بدعوى تنفيذ بنود الدين. لقد شهدت الصحراء أبشع إرهاب دموي خسيس صباح يوم الجمعة… هل هناك عاقل واحد ممكن أن يعتبر قتل الأطفال الأبرياء الشهداء في أي مكان جهاداً أو إيماناً!؟
بأي حق وتحت أي مُسمى وأي عقيدة يقتلون براءة الأطفال بهذه الوحشية..!؟
والله جرائم العالم تتواضع أمام هذه الجريمة البشعة الغادرة… والبعض الذين يؤمنون بأن القتل والحرق والإجرام من الإيمان ولا يعرفون أن ذلك يُعد كفراً…!!! فهم في نظري ونظر العالم كفرة وقتلة حتى لو رفض أو خاف البعض تكفيرهم،إنهم مجموعة مجرمين متطرفين صنعهم الفكر التكفيري الذي يعاني منه العالم كله.
نفس القتلة الذين يقتلون الأبرياء في وأوربا.. والعالم يقف مكتوف الأيدي!! ومازالت بعض الدول تموّل وترحب بهم للمعيشة والإحتماء بها.. وللأسف بلاد تبيع لهم السلاح، ويقف البعض يدافع ويتشنج عند حقوق الانسان!!
أين حقوق هؤلاء الشهداء الأبرياء في كل مكان ؟!
أين حقوق الأطفال في رحلة لزيارة أماكن مقدسة وحقوق الشهداء في الكنيسة أثناء تأدية الصلاة ؟!
أَلِأنهم أُعتبروا أنهم على عقيدة فاسدة لذلك بادروا بقتلهم وسفك دمائهم؟!
ولكن تلك العقيدة الفاسدة تقول الله محبه والله يسامح.
هؤلاء لاعلاقة لهم بالإنسانية ولابالعقيدة الإسلامية، وهذه ليست أخلاق الإسلام السمحاء ولاتعاليم النبي الرسول «محمد» وتوصيته للمؤمنين من أمته في السمو والتحلي بالأخلاق الحميدة في التعامل مع جميع البشر بغض النظر عن إنتماءاتهم .
كل التعازي لأهالي الأطفال والناس الأبرياء الشهداء الذي قتلوا غدراً، إنهم حالياً في مكان أفضل فهم في حضن ملك السلام السيد المسيح. نسأل الله أن يسكنهم بجوار القديسين ويلهم أهلهم وأصدقاءهم ومصر الصبر والسلوان.
عزيزي القارئ إن شعبنا بجميع أطيافه يعيش بسلام منذ آلاف السنين أما في السنوات الأخيرة أصبح الكل يدعوا لنشر الدين ويشعر وكأنه حامى الحمى وهو الذى يدافع عن الدين والعقيدة…!
هذا هو أسلوب الجماعات المتطرفة.. هذا هو أسلوب نشرالفتنة وانتشار العنف. أمّا الذين يظهرون على القنوات الفضائية فهم يسعون إلى الشهرة والتألق المزيف، ولذلك تجاهلهم يحرق أحلامهم وعدم سماعهم والإهتمام بهم وتداول ما يقولون هو بالنسبة لهم الفشل بعينه..
أريد هنا أن أضرب مثلاً عن دور الدولة التي تعلي قانون الإحترام المتبادل بين مواطنيها بجميع معتقداتهم ودياناتهم.. فعلى سبيل المثال يوجد في كندا عدة أديان وعقائد وأماكن عبادة للجميع، ولا يستطيع أحد أن يتعدى على ديانة الآخر،والتعدي يعتبر جريمة يحاسب عليها القانون فوراً، لذلك فالجميع يعيشون في سلام ويركزون اهتمامهم بالعمل والإنتاج والتقدم، وهذا الذي نحتاجه في بلادنا «التعايش في سلام» والتركيز على العمل والإنتاج وهذا ما سيدفع بلادنا للتقدم والرخاء والتعالي عن الإهانات والتعصب والعنف.
أعزائي القراء رمضان كريم وأشكركم جميعاً على دعواتكم للإفطار وأشكر محبتكم دائماً مؤكداً أن الله محبة والدين لله وحده والوطن للجميع.
كل سنة والجميع بخير متمتعين بأيام وليال رمضان المباركة والخيم الرمضانية.. هذه هي مصر التى عاشت عليها كل الأديان والجنسيات في حب وسلام.

كاتب المقال رئيس جمعية الصداقة المصرية الكندية

مستشار جريدة الوطن المصرى

اترك رد

%d