الجمعة, 22 نوفمبر, 2024 , 9:59 ص

الحقونا .. مصر تفقد أبنائها في الخارج بعد ١٠ سنوات  – الحلقة الأولي-

 

 أسرة مصرية مهاجرة لكندا .. الصورة تضم أبناء الجيل الأول والثاني والثالث

 

الجيل الأول ضيعته البيروقراطية .. والثاني والثالث فقد الهوية

فريد : الظهير الشعبي للدولة المصرية في الخارج يتآكل  بسبب سياسات خاطئة

اسكندر :  الكل مقصر .. حتي الكنيسة والمسجد لم يفعلوا شيئا للحفاظ علي الهوية المصرية

عوض :  الدولة فشلت خلال الثلاثين عاما الماضية في ربط الجيلين الثاني والثالث بالوطن

 

فتح الملف – خالدعبدالحميد

تعاني مصر منذ عشرات السنين من مشاكل وأزمات استعصت الطرق التقليدية عن حلها لتزداد الأزمات تفاقما  وتحول بعضها الي مآسي وكوارث يدفع الوطن كله ثمنها .

مشكلة مصر الأزلية أننا لا نفكر خارج الصندوق ونستخدم دائما الحلول التقليدية لمواجهة وحل ما تعانيه مصر من مشكلات .

اليوم وفي هذا العدد نطرح قضية من أخطر القضايا ، لا سيما أنها تمس الأمن القومي المصري وأبناء مصر في الخارج .. قضيتنا هي الجيل الثاني والثالث من أبناء المصريين المقيمين بالخارج  وفقدهم للهوية المصرية .

كما نعلم وتعلمون أن الجيل الأول وهو الذي تربي وعاش في مصر سنوات طويلة قبل أن يفكر في السفر للخارج وترك البلاد .. بعضهم هاجر من مصر واستقر في أوروبا ودول أمريكا الجنوبية واللاتينية وكندا ، وبعضهم سافر لدول الخليج بحثا عن لقمة العيش .

وكلا الفريقين ترك البلاد هربا من الظروف الصعبة التي تمر بها مصر ، بحثا عن حياة أفضل.

هذا الجيل تترواح أعماره الآن ما بين الخمسين والسبعين عاما ، أي أنه خلال 10 أو 15 عاما سينتهي هذا الجيل ويرحل عن عالمنا .. وهنا تكمن الكارثة التي ستكون محور قضيتنا في هذا العدد .

أبناء الجيل الأول لديهم العديد من المشكلات مع الجهاز التنفيذي للدولة ويشتكون دائما من بعض المشكلات التي تواجههم مثل تعليم أبنائهم في الداخل أو بطاقات الرقم القومي ، أو التعامل مع قنصلياتنا بالخارج او التجنيد ، أو مد الاجازت بدون مرتب من جهات العمل في مصر ، أو توثيق الأوراق واستخراج جوزات السفر ، ومشكلة الجمارك ، ونقل الجثامين الي أخر هذا المشكلات التي يعاني منها المصريين بالخارج .

المشكلة هنا أن أبناء الجيل الأول يعاصرون هذه الأمور  ويرون الوطن للأسف وكأنه كتلة من المشكلات والتعقيدات البيروقراطية .. وتتجلي مشكلة الجيل الثاني والثالث في دول أوروبا وأمريكا وكندا حيث عايش هؤلاء معاناة أبائهم من الروتين الحكومي المصري ، ناهيك عن أنهم ولدوا في الخارج و تلقوا تعليمهم هناك .. تطبعوا بطباع دول الإقامة وثقافتها ، وفي المجمل تحولوا الي  أوروبيين لا يعلمون شيئا عن مصر أو الوطن الا من خلال حكاوي وحكايات أبائهم عنها ، وحتي الحكايات التي يحكيها الأباء للحفاظ علي الهوية المصرية لدي أبناء الجيلين الثاني والثالث تكون غالبا ممزوجة بالحزن والأسي من بعض المعاملات السيئة من مسئولين لا يقدرون حجم المسئولية الملقاة علي عاتقهم ، لاسيما وهم يتعاملون مع تلك النوعية من المصريين التي تحتاج الي معاملة خاصة.

  هل نطلب بعد ذلك من الأبناء والأحفاد أن يكونوا علي صلة وتواصل مع وطنهم الأم مصر .

الكارثة يا سادة هنا أنه وبعد رحيل الجيل الأول لن يكون هناك مصريين بالخارج يدينون بالولاء أو الإنتماء لمصر أو للوطن .. تلك هي المصيبة أو الكارثة التي ان لم يتم تداركها بحلول غير تقليدية سنواجه بها بعد 10 أو 15 سنة من الآن في ظل وجود  أجيال مصرية بالوراثة فقط .

” بوابة الوطن المصري ” استطلعت أراء بعض أبناء الجيل الأول في تلك القضية المهمة للتعرف منهم علي حقيقة المشكلة وطرق حلها ، وكذا معرفة رأي المسئولين فيها :

الدكتور هشام فريد  رئيس ائتلاف الجاليات المصرية بأوروبا ومقيم بهولندا أكد في تصريحات خاصة لـ ” الوطن المصري ” أن قضية الجيل الثاني والثالث من أبناء المصريين في الخارج قضية خطيرة تمس الأمن القومي المصري في المقام الأول باعتبار أن المصريين فى الخارج وبالذات فى اوروبا هم ثروة علمية وبشرية وعقول لا يستهان بها وهم الظهير الشعبى للدولة المصرية والرئيس السيسى. وايضا مدخراتهم فى بنوك اوروبا تقدر بما لايقل عن ١٧٠ مليار دولار !

وقال لقد استبشرنا خيرا بإنشاء وزارة لشئون المصريين بالخارج ولكنها جاءت مخيبة للآمال بعد فشلها في لم شمل المصريين واحتضانهم والإستفادة من خبراتهم  وجذب استثماراتهم لمصر .

والأخطر من ذلك أن إحباط الجيل الاول الأكثر ارتباطا بالوطن يشعر به ابناءهم من الجيل الثانى والثالث وينتقل اليهم وبقوة ، خاصة وأنهم لم يعيشوا فى مصر مثل آباءهم، ومصالحهم ومستقبلهم فى اوروبا!

والخطر يكمن فى ان الجيل الاول يتساقط يوما بعد يوم وعلى أرجح تقدير بعد ١٠ أو ١٥ عاما سينتهى الجيل الاول ولن تجد مصر من يصدقها او يتعاطف معها مثل الجيل الاول الذى ظلم بسبب سوء التقدير والإقصاء والسياسات الخاطئة والقرارات الغير صائبة !!! وتفقد مصر بكل اسف ابناءها وثروتها البشرية والظهير الشعبى لها فى اوروبا!

وأضاف أن وزارة الهجرة فشلت فشلا ذريعا في كل معظم القضايا التي تهم وتشغل المصريين في الخارج ، ولا أعلم ماذا فعلته الوزيرة تحديدا منذ أن تولت مقاليد الأمور في الوزارة ، وما هو البلان التي عملت عليه طوال الفترة الماضية .

وقال : للأسف الوزيرة تأثرت ببعض المقربين منها الذي يزينون لها أن كل من ينتقد أدائها فهم أعداء لها وللوزارة وللدولة حتي يبعدون كل المخلصين عنها ليحكموا سيطرتهم علي صناعة القرار داخل الوزارة التي كن نأمل منها خيرا .

أما المستشار عادل اسكندر رئيس جمعية الصداقة المصرية الكندية وأحد من هاجروا من مصر الي كندا منذ أكثر من 40 عاما .. تزوج من مصرية .. هاجرت معه وأنجب هناك أبناء تعلموا في المدارس والجامعات الكندية وحصلوا بالطبع علي الجنسية .

يقول عادل اسكندر : بعد اكثر من 40 عاما فى كندا هاجرت وكافحت مثل باقى المهاجرين

نجح الرعيل الأول للهجرة فى تأسيس جمعيات وهيئات اجتماعية وثقافية واعتلى عددا كبيرا جدا منه مراكز مرموقة فى الكيان الكندى فى كل المجالات الطب والهندسة والعلوم والطيران ويذكر لهذا الرعيل أنه صاحب الفضل الحقيقى في رفع أسم مصر فى كافة المحافل الاجتماعية – الثقافية – الفنية والعلمية والمشاركة فى كل النشاطات الكندية والعمل مع جميع الجاليات الأخرى منذ بداية التسعينيات .

وجاء الجيل الثانى والثالث  .. مصريين .. يحملون أسماء مصرية ويأكلون الملوخية وورق العنب ولكن اصبحت اللغة تبعدهم تدريجيا عن الجو المصرى والأجواء الإجتماعية ولابد أن نعترف بتقصير من الدولة ومن الكنيسة والمسجد للحفاظ على اللغة المصرية الجميلة ، وترك الأمر كله على الأسرة نفسها لتأكيد الهوية المصرية واللغة والتربيط مع مصر ولكن مع الشغل والعمل المستمر وغلاء تذاكر السفر غابت مصر عن ذهن الجيل الثانى الي حد بعيد وازدادت  الفجوة  اتساعا مع الجيل الثالث .

وأضاف اسكندر قائلا : المشكلة أن الرعيل الأول قدم الكثير والكثير وكان مرتبطا ببلاده بطريقة غير عادية واحتفظ بذكرياته فى مصر ولكن المهاجرين الجدد قد يكونوا مشغولين بتأسيس حياتهم الجديدة ولذلك لم يعطوا للعمل الإجتماعى وقتا أو جهدا داعما .

وعلى ذلك فإن الجيل الثانى تظل مسئولية ارتباطه بمصر هى مسئولية الدولة ولابد ان تقوم بدورها بعد ان تقاعست عشرات السنين وتحملت الجالية المصرية من الرعيل الأول المسئولية بمفردها مع العلم انه حدث تخالط بين المصريين والجاليات الأخرى وتزاوجوا واسسوا   للجيل القادم ( الثالث ) وبالطبع سيظل هناك جالية مصرية من المهاجرين الجدد وخصوصا لوصول اعداد كثيرة خلال السنوات الأولى من الألفية الثالثة وأنا فى تصورى وبناء على المعطيات الحالية لابد ان نعترف أن الفجوة أصبحت كبيرة وبتوالى الأجيال سنرى فتورا بين الأجيال القادمة فى علاقتهم وحتى معلوماتهم عن الوطن المصري وخصوصا بعد رحيل الجيل الأول عن عالمنا ، والمشكلة أن الأجيال القادمة ستكون أجنبية من اصل مصرى وبعدها ستكون أجنبية فقط حتى الأسماء اصبحت تتحول تدريجيا الى الأسماء الأجنبية حتى لا يواجهوا مشاكل النطق وغرابة الإسم وسط اخوانهم فى المدارس والعمل .

لقد مرت السنوات ولم تفطن مصر كدولة للمستقبل للحفاظ على الجيلين الثاني والثالث  والأجيال الأخري المتعاقبة ، وفقدت التواصل معهم .

ان أكثر من 300 ألف مصرى بكندا يمثلون قوة كبيرة مؤثرة من الممكن الاستفادة منها وتوظيف مؤهلاتها لخدمة الوطن والاستفادة منهم لترويج السياحة ودعم الاقتصاد المصرى فى هذه الفترة العصيبة وهذا يحتاج تنسيق وقاعدة معلومات ودراسة بالتعاون مع جهات كثيرة وهو ما تفتقده مصر فى الوقت الحالى كما أنه يجب أن يكون التواصل بهدف بناء العائلة المصرية بالخارج وليس للإستفادة منهم أو لجمع تبرعات أو للمساهمة فى مشروعات لأن كل هذا سيأتى ان عاجلا أو أجلا اذا احتضنا هذه الأجيال وظلت تحمل فى خيالها وعقلها وقلبها أنها مصرية كندية كما ظل ومازال الجيل الأول يفتخر دائما .

وبعد سماع وجهة نظر بعض المصريين والمهاجرين بالخارج كان لزاما علينا أن نسمع وجهة النظر الأخري من أحد المسئولين في مصر للرد علي هذا الحديث ، فالتقت ” بوابة الوطن المصري ” ” بالمستشار علاء عوض وكيل وزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج الذي أكد قائلا : الجيل التانى والثالث أغلبهم ولد خارج مصر ويحمل جنسيات أجنبية  وللأسف لم تستطع الدولة خلال الثلاثين عاما الماضية ربطهم بالوطن. .. ماعدا محاولات ضعيفة لرحلات سنوية لا تعدو كونها ترفيهية .. فالشباب فى حاجة لمشروع قومى يلتفون حوله كهدف قومى نستثمر فيه طاقاتهم ومستوياتهم من العلم والإدراك  مثل أكاديمية للبحث العلمى من كل التخصصات العلمية. . بها مشروعات صغيرة تنفيذية مرتبطة بأفكارهم ومرتبطة ايضا بأفكار العلماء المصريين بالخارج وخبراتهم  وقمنا بعرض هذا المشروع بالتزامن مع مدينة المصريين في الخارج.

وأضاف عوض : أما التخوف من أنه بعد رحيل الجيل الأول نفقد الأجيال الأخرى فمن خبرتي الطويلة فى هذا الملف فإن مصر رغم كل صعوبتها بالنسبة لهم إلا أنها تجرى فى جيناتهم  مجرى الدم من العروق .. رغم أن أغلبهم لم يولد ولم يعش فيها وأمهاتهم قد يكن أجنبيات إلا أننى استشعر الحنين الجارف لديهم تجاه الوطن

فلا خوف من ذلك ولكن علينا أن نعمل من الآن على .. حل مشاكلهم مع التجنيد .. وإتاحة فرص استثمار أهم بالمشروعات المتوسطة . . وتنفيذ بنك الأفكار بأكاديمية علمية تجمع عقولهم لخدمة وطنهم كما أشرت سلفا.

(  وللحديث بقية )

اترك رد

%d