رئيس الكيان الصهيوني يتحدث مع نتنياهو رئيس الوزراء
نكشف عن هوية السلاح الجديد الذي يبث الرعب في قلوب الإسرائليين
وما هي استيراتيجية اسرائيل خلال السنوات الخمسة المقبلة
ترجمة وتحليل – آلاء شوقي – خاص لـ ” الوطن المصري “
حضارة الإنسان، وتاريخه، ومستقبله، هي رهن كلمة صدق …” تلك هي مقولة الدكتور “مصطفى محمود”، وهذا اكثر ما يخشاه الكيان الصهيوني.
“اسرائيل” تعلم جيداً، انها الكيان الوحيد الغريب، لغوياً، ودينياً، وقومياً، في منطقة الشرق الأوسط، ومن هذا المنطلق، احترفت التعامل معه بحنكة، جعلتها تقف كجزيرة ثابته، وسط بحر هائج من الأحداث حولها.
وبالرغم من انها لا تخشى المواجهة العسكرية من المحيطين بها – هكذا تحاول ايهام الآخرين – بها من كل جانب، الا انها تخشى الكلمة التي يمكن ان تسقط دولتها بين ليلة وضحاها، والتي تستخدم حالياً، بأبسط الوسائل في القرن الحادي والعشرين، وهي مواقع التواصل الإجتماعي.
هذا ما استنتجه “معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي”، المشارك في صناعة القرارات الصهيونية، واحياناً العالمية، في البحث الدوري السنوي، بعنوان: “التقديرات الإستراتيجية لإسرائيل عام 2016-2017″، ألفته، مديرة الأبحاث الإسرائيلية بالمعهد “انات كروز”، ورئيس برنامج العلاقات الإسرائيلية-الفلسطينية، الباحث “شلومو بروم”، اضافة الي كبار خبراء المعهد في المجال الإستراتيجي، والعسكري الإسرائيلي، المختصين في مجالات الأمن الإسرائيلي، وقضايا الشرق الأوسط.
يذكر ان رئيس الكيان الصهيوني “رؤفين ريفيلن”، استلم البحث في الأسابيع القليلة الماضية.
وقد لخص مدير المعهد، ورئيس الإستخبارات الإسرائيلي سابقاً ” عاموس يادلين”، داخل كتيب البحث ، المكون من 273 ورقه، ما ذكر فيه تفصيلاً.
ذكر ان البحث كتب، خلال فترة الإضطرابات، وعدم الاستقرار في البيئة الإستراتيجية المحيطة بإسرائيل، بمنطقة الشرق الأوسط، والساحة الدولية، في السنوات السابقة، خاصة في فترة، ما تسمى بـ “الربيع العربي”، التي اجتاحت المنطقة.
واكد انه مازالت العديد من الأحداث، التي وقعت في المنطقة خلال تلك الفترة، قيد الإستعراض، خاصة تلك التي لها تأثير مباشر، أو غير مباشر، على الأمن القومي الإسرائيلي.
كما اوضح انه يشمل ايضاً، عناصر توضح الصورة العامة للأحداث، مع إمكانية اعطاء، سياسات، ومبادرات جديدة، من شآنها مساعدة الكيان الصهوني، في مواجهة التحديات الأمنية، والسياسية، وكيفية الإستفاده من الأحداث المحيطة، لتعزيز قدرتها، ومكانتها الإقليمية، والدولية.
واشار الي المشكلة الوحيدة التي تؤرقهم، هي “حرب الكلمات”. فذكر ان الخطر على اسرائيل ليس كالسابق، كما كان يتمثل في الخطر العسكري، من خلال الجيوش المعادية، المباشرة، والحروب التقليدية.
فأضحى التهديد يكمن تحت مفهوم “التهديدات الناعمة”، في مجال الشبكة العنكبوتية، وحرب الإعلام، التي تناشد بتأييد حملات “BDS“. وهي حملة المقاطعة، وسحب الاستثمارات من الكيان الصهيوني، وفرض العقوبات عليه، لينصاع للقانون الدولي، والمبادئ العربية لحقوق الإنسان. واهدافه الثلاثة المعلنة، هي انهاء الاحتلال الإسرائيلي، واستعماره لكل الأراضي العربية. والإعتراف الإسرائيلي بالحقوق الأساسية للفلسطينيين، وإعطاءهم المساواة الكاملة ، اضافة الي قيام إسرائيل بإحترام، وحماية، حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، وممتلكاتهم، كما هو منصوص عليه، في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم “194“.
ثم اوضح انه بالنسبة لمواقع التواصل الإجتماعي المتنوعة، فهي مصدر قوة جديد اضيف لهذا المجال، فحطمت احتكار المعرفة، وصارت المنصة المعلوماتية الأكبر في العالم، فكل المعلومات متاحة للجميع، وبالمجان، وبات الـ”فيس-بوك، وتويتر، ويوتيوب، ووتش أب، …”، وغيرهم، البيئة الإجتماعية الأكبر، والأكثر تفاعلاً في الوطن العربي، واصبحت مكبرات صوتهم اعلى من مكبرات صوت الإذاعات، وبيوت الدين (المساجد، والكنائس)، في دفع الناس جراء قضية معينة.
فحسب زعم البحث الغير منطقي، يبلغ عدد العرب الذين يستخدون مواقع التواصل، اكثر من 9 ملايين شخص في اليوم الواحد، اي ما يعادل 35% من سكان العرب في المنطقة. وهم نشطاء 24 ساعة يومياً، وفي ايام الاسبوع كله.
الا انه اوضح سهولة استغلال هذا الوضع جيداً لصالحهم، من خلال سماع احلام، وطموحات، ورغبات الشباب، والنساء، والأقليات، الذين يشكلون معاً اغلبية ساحقة من سكان الوطن العربي، لأنهم لا يحظوا بتمثيل سياسي حقيقي على الواقع. فتلك المواقع بالنسبة لهم، المكان الديمقراطي الوحيد في المنطقة، والغير مقيد بحدود جغرافية، ونتيجة لهذا، تعد الرقابة، والسيطرة عليه امر مستحيل.
وعلى صعيد آخر، يتعين على اسرائيل – علي حد قولهم – ان تستعد استعداداً تاماً لمواجهة الحرب المعادية من هذا النوع، بإستخدام نفس السياسية، اي سياسة “القوة الناعمة”، لأنها احدى اشكال القوى، التي لا يقل أهميتها، او تأثيرها في هذا العصر، لمواجهة صراع الأدمغة، والآراء على شبكات التواصل الإجتماعي.
ثم نصح بضرورة تحليلهم لأهم نقاط ساحة “المعركة الناعمة”، ويبدأوا من حيث انتهى الآخرون في هذا المجال، اي عمل قواعد جديدة متطورة من القدرات المتاحة، ومن الضروري ايضاً إنشاء هيئات إسرائيلية جديدة، ومتطورة مختصة بهذا المجال.
وشدد بأنه يجب وضع استراتيجية ملائمة لتلك المواجهات، من خلال رصد مصادرها، وتخصيص الجهات الإسرائيلية، التي ستواجه تلك التحديات كل واحدة على حدى.
والأهم، ضرورة التشديد على التعاون بين سياسة القوة الناعمة، والقوة الصلبة التقليدية، اي العسكرية.
ويعد هذا ما يقلق الكيان الصهيوني خلال تلك الفترة، والفترات القادمة، اما بالنسبة للهزة الإقليمية المحيطة بها، والتي تتعرض لها المنطقة منذ عام 2011، فيبدو ان أغلبها، يصب في صالح الكيان الصهيوني.
فأكد “يادلين” انه بعد استعراض الميزانية العامة للأمن القومي الإسرائيلي، في أواخر عام 2016، مع نظرة إلى العام المقبل، وما بعده، تبين أن العوامل المحيطة ذات تأثير إيجابي على الوضع الاستراتيجي لإسرائيل، التي ظلت صامدة على مدى العام الماضي، ناصحاً بأهم السياسات التي يجب ان تتخذ خلال السنوات القادمة، لأنهم لا يعتقدون ان المنطقة ستعود للإستقرار قبل اعوام كثيرة قادمة.
استعرض الوضع القائم، بعد احداث عام 2011، من ضعف الدول العربية المستمر، وتفكك بعضها.
فذكر ان المنطقة تعاني من حالة عدم إستقرار سياسي، وإقتصادي بوجه عام، بل وبلغ عدم الإستقرار الي حد التفكك في خمس دول عربية، وهم: “سوريا، اليمن، ليبيا، العراق، ولبنان”، بسبب القضايا الدينية، والمذهبية، والقومية، والقبلية، والحروب الأهلية. مما ادى الي ظهور كيانات جديدة، لا تعد هويتها قومية، او دولية، بل ارهابية. فتحولت منطقة الشرق الأوسط الي منظومة معقدة، مركبة، ومتعددة، كونتها هويات مسلحة دموية. مضيفاً انه من الصعب ان تستعيد تلك الدول وحدتها الداخلية مستقبلاً، بل وربما تعد التجزئة في بعض الدول واقعاً ثابتاً.
اما بالنسبة لبداية التنظيمات الإرهابية، فهي نتيجة للفراغ الدولي في دولة “سوريا” في المقام الاول، الي ان اعلنت، واقسمت بعد الحركات الإرهابية الأخرى، في كل من “ليبيا”، وشبه جزيرة “سيناء”، و”افغانستان”، و”نيجيريا” يمين الولاء لها، ونشأت فكرة الخلافة. مما جعل الجميع في المحيط الإقليمي، والعالمي امام تهديد خطير.
ونتيجة لهذا، عادت دول كبرى الي الساحة العسكرية مرة اخرى، مثل: “روسياً” وبعض دول “اوروبا”، اضافة الي تواجد “الولايات المتحدة” بالفعل، وتدخلهم جميعاً كلاعيبين اساسيين في الشرق الأوسط. مما اسفر عن عودة فكرة تعدد الأقطاب، بعد ان تعود العالم على فكرة القطبية الأحادية للولايات المتحدة.
لكن ادى تدخل تلك الدول في المنطقة الي نشوء خارطة قتالية غير مستقرة، الا انها لم تؤثر على الكيان الصهيوني حتى الان.
ثم اضاف ان التدهور الإقليمي، ادى لا محالة الي التدهور الاقتصادي، ويعد ايضاً هذا التدهور من المميزات التي تصب ايجابياً لصالح الحكومة الإسرائيلية.
فأوضح ان الحكومة الإسرائيلية تستفيد من تراجع اسعار النفط، كونها احدى المستوردين له. فحالة عدم الإستقرار في “المملكة العربية السعودية”، والفقر، والركود الإقتصادي، الذي يسيطر على المنطقة بأسرها، أدى لإنخفاض اسعاره حتى الان، مما دفع الإقتصاد الإسرائيلي، واسواقه في العالم، الي التقدم للأمام بشكل غير مباشر.
واضاف انه نتيجة ايضاً لتراجع الأسعار، تضعف اعداء اسرائيل، خاصة العدو المركزي “ايران”.
واشار الي قدرة اسرائيل في المقابل، من خلال استخراج الغاز الطبيعي من “البحر المتوسط”، تعزيز مكانتها استرتيجياً. فتصدير الغاز الي دول الشرق الأوسط، تعد اداه لدفع مصالحها الإستراتيجية، واستقلالها في مجال الطاقة.
لكنه اكد ان تعزيز مكانة اسرائيل في المنطقة في هذا العنصر، لا يعد عنصراً اساسياً، انما عنصراً مساعداً.
فالعنصر الأساسي، هو حل مشكلة تدهور علاقاتها، او جمودها، مع بعض دول المنطقة، والعالم.
فبالرغم من وجود مصالح مشتركة بين بعض دول الوطن العربي السنية، واسرائيل، خلال الأعوام الأخيرة، مثل: قلقهم من محاولة هيمنة “ايران” على المنطقة، ومواجهة التنظيمات الإرهابية مثل “داعش”، اللذان يعدا خطراً على امنهم القومي، الا ان مشكلة القضية الفلسطينية تعد عائقاً كبيراً في استمرار عملية السلام، التي صمدت خلال فترة الإضطرابات الأخيرة، حتى وان لم تكن القضية الفلسطينية على رأس قائمة المشاكل الان، الا انها تعرقل التعاملات بين الطرفين.
تم الإشارة ايضا في البحث عن بعض دول “اوروبا”، وادارة الولايات المتحدة الأمريكية سابقاً، بقيادة الرئيس السابق “باراك اوباما”، الذي اتهم اسرائيل، ورئيس وزراءها “بنيامين نتنياهو”، بالمسؤلية الكاملة في فشل عمليات السلام، وتصعيد الخلافات حول قضية المستوطنات، اضافة الي اتهام بعض دول اوروبا، اسرائيل بتعاملها بعنف ضد الفلسطينيين، مما ادى لتدهور مكانتها معهم.
وعليه اوضح “يادلين”، انه حيال تلك التشخيصات، الرؤية الشاملة في الخمس سنوات الماضية، يتعين بلورة استراتيجية اسرائيلية لخمس سنين قادمة، في عالم يتغير بإستمرار، ومنطقة مليئة بعدم اليقين، تضمن لها موقفاً، واداء اكثر حنكة.
وهنا يُنصح الكيان الصهيوني بعدة خطوات يجب ان يتبعها خلال الفترة القادمة:
اولاً يجب ان تستعد الحكومة الإسرائيلية، بوضع خطة، لإحتمال تفكك سوريا نهائياً، او استمرار المواجهات داخلها لسنين طويلة الأمد.
فهم يروا ان التنظيم الإرهابي في الشرق الأوسط، مازال يحظى بقوة كبيرة كامنة، تؤهله للنهوض مرة اخرى في المستقبل، اي انه سيبقى، ويستمر، خلال الأعوام القادمة، كلاعباً مركزياً، هاماً في الشرق الأوسط، وربما خارجه.
وعليه اذا استمر القتال، ينبغي ان تحرص اسرائيل على اضعاف المحور الراديكالي هناك، وفي الوقت نفسه بجب اضعاف قوة نظام “الأسد”، الذي تدعمه دولة “ايران”، ومنظمة “حزب الله”، لأن “سوريا”، تعد ممر “ايران” الي الوطن العربي، وباب الي اسرائيل، كما يجب ابعاد القتال عن هضبة “الجولان” قدر المستطاع، حتى لا تحدث مواجهة مباشره.
اضافة الي ضرورة زيادة الحرص من التحالف (الروسي-الإيراني-السوري)، لأنه ربما يعزز الجانب المعادي للكيان الصهيوني ايضاً، حتى وان كانت “روسيا” حريصة على عدم الإحتكاك بإسرائيل، وتنسق معها بشأن نشاطهم في “سوريا”.
اما في حالة تفككها، فمن الضروري ان تستبق الحكومة الإسرائيلية الأحداث، من خلال تحالفات، مع بعض الدول السنية، مثل: “المملكة السعودية”، وبعض دول “الخليج”، و”الأردن، وتركيا”. لكن يجب ايضاً ان تتأكد بإستمرار بولاءهم، خاصة “السعوديين، والأتراك”، بأنهم يدعمون العناصر السنية المعتدلة.
واشار الي ان التحالفات معهم يعد من اهم العناصر في هذا الوقت، وذلك لأن تطابق المصالح يشكل قاعدة غير مسبوقة في تاريخهم، من شآنه ان يخدم المصالح الصهيونية، الا انه يجب وضع القضية الفلسسطينية في الإعتبار، ما ان كانت الحكومة الإسرائيلية تريد تحقيق تقدماً معهم.
وعن رجوع مكانة اسرائيل الإستراتيجية، ورجوع العلاقات بينها، وبين دول اوروبا، فمن الممكن ان تقوم بإجراء خطوات بسيطة، من شآنها أن تحدث تغيراً، على سبيل المثال، الهاءهم بتجميد مستوطنات معزولة، خارج نطاق الكتل الإستيطانية من الأساس، واتخاذ اي اجراءات بسيطة لتشجيع الإقتصاد الفلسطيني.
عندها سيقتنع العالم بأن الكيان الصهيوني صادق، وانه يسعى للسلام، ويعود بفوائد سياسية، واقتصادية.
في النهاية زعم الباحث انه يرى الكيان الصهيوني، الأقوى في منطقة الوطن العربي، والأكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية، بالرغم مما يحدث حوله، وعلى حدوده، وذلك لأنهم يمتلكوا قدرات دفاعية الأفضل في المنطقة، ومازالوا مستمرين في النمو الإقتصادي، والإستقرار الإستراتيجي. وذلك نتيجة لإختيارهم خلال الفترة المنقضية، مرحلة الجمود العسكري، وتجنب التدخلات المباشرة، بل والإنفصال في بعض المجالات، عما يحدث في محيطها.
ونصح انه يجب ان تستغل الحكومة الإسرائيلية، الفترة القادمة، ما يحدث من عواصف في الشرق الأوسط، وما يحدث فيه من تطورات، مثل المهلة الزمنية المتاحة في البرنامج النووي الإيراني، وتهديد ما يسمى “بالدولة الإسلامية”، وادراك العالم لتهديده، وان القضية الفلسطينية لم تعد السبب الرئيسي لأمراض المنطقة، كل هذا يتيح حياة كريمة لإسرائيل.
تلك كانت استيراتيجية الكيان الصهيوني في الخمس سنوات الماضية ، وخطتها في السنوات الخمسة المقبلة .. هذا التقرير والبحث نضعها أمام المعنيين في مصر والوطن العربي وتحديدا دول الخليج العربي ليعلموا فيما تفكر اسرائيل وخططها المستقبلية دون أن نتبني أيا مما نشر .. فقط ننقل اليكم ” فيما يفكر الكيان الصهيوني ” تجاهنا وتجاه دول الجوار لإتخاذ ما يلزم تجاه هذا الفكر .