استوقفتني عبارة قالها الرئيس الراحل أنور السادات ردا علي ممارسات مراكز القوي والطابور الخامس وقتها بقوله ” الديمقراطية لها أنياب ” .. وكان يقصد أن الديمقراطية والحرية لا تعني أن يترك الحبل علي الغارب للفاسدين وأصحاب الأجندات الأجنبية لكي يعيثوا في مصر فسادا دون حسيب أو رقيب .
ورغم أن الدولة بدأت حربا علي الفساد وقلاعه وأوكاره وأذنابه ، الا أننا نحتاج الي ضبط السرعات ورفعها للحالة القصوي حتي نلحق بركب الرئيس السيسي الذي يسابق الزمن لوضع مصر علي الخريطة العالمية ..نحتاج الي أداء تمارين لياقة بدنية حتي لا نتساقط مع أول مارثون في مشوار تعقب الفساد .
لم أجد مدخلا لموضوع المقال الذي أنا بصدده الآن سوي عبارة الرئيس السادات رحمه الله ” للديمقراطية انياب ” ، لكي تكون بداية لمقالي عن الحالة المتردية التي نشاهدها ونلمسها ونعايشها لحكومة المهندس شريف اسماعيل بعد أن تساقط الوزير تلو الأخر إما في مستنقع الفساد أو الإهمال بسبب وكما قلنا فارق السرعات ، وربما لسوء الإختيار وفارق الخبرات ، فتابعنا زلة لسان وزير عدل سابق والذي اعتبر نفسه دولة داخل الدولة ، وكارثة وزير التموين السابق بعد كشف أكبر حالة فساد في وزارته وهي والمعروفة إعلاميا بـ ” فساد صوامع القمح ” .. واختيارات وزير التنمية المحلية الغريبة لعدد من المحافظين ثبت فشلهم وتم استبعادهم مع أول حركة ، وآخرون تم ازاحتهم لوجود خلافات شخصية مع الوزير ، وهناك أيضا وزير التربية والتعليم الذي شاهدنا في عهده ” الغش الإلكتروني ” الذي قضي علي أحلام جيلا كاملا من طلاب الثانوية العامة المجتهدين لمدة عامين متتالين ، وفشل الوزارة في مواجهة مافيا الدروس الخصوصية ، وبلطجة أصحاب المدارس الخاصة ، ومع ذلك ما زال الوزير في موقعه ، ووزيرة تفرغت للإناقة والشياكة وطلب دعما ماليا لوزارتها رغم أنها لم تفعل شيئا منذ قدومها ، ووزيرا للصحة اهتم بالتصريحات الإعلامية وترك الفساد ينخر في مستشفيات الحكومة ، وفي عهده شاهدنا أزمة لبن الأطفال التي كادت تحدث كارثة كبري كان يتمناها ” إخوان الشياطين ” ولكن القوات المسلحة تدخلت سريعا لفك اللغم وتعاملت مع الأزمة فورا.
ووزير زراعة يفهم في أي شيئ الا الزراعة ، ووزير ري يطلق تصريحات ثبت عدم صحتها خاصة في الملف الأخطر وهو ملف ” سد النهضة الأثيوبي ” .
هذا قليل من كثير يحدث من المسئولين في وقت لا يقبل الخطأ ونحن في حالة حرب تحتاج الي حكومة حرب للخروج بمصر لبر الأمان .
حالة الترهل والشيخوخة التي اصابت الجهاز الإداري بالدولة تدفعني ومعي كثيرين يؤمنون بما أؤمن به الي أن أطلب من القيادة السياسية ومجلس النواب تشكيل (حكومة حرب ) لإدارة شئون الدولة في هذه المرحلة العصيبة والدقيقة التي تمر بها مصر ، ولا نقصد بالطبع من مصطلح (حكومة حرب ) أن نأتي بجميع أعضائها من داخل القوات المسلحة ، بل ما نقصده أن يتم اختيار وزراء هذه الحكومة من أصحاب الخلفية العسكرية الذين تربوا علي الإلتزام والدقة في التنفيذ ، والإبتكار في الفكر .. وزراء درسوا استراتيجية ، وتكتيك وشاركوا في وضع خطط تنموية .. وزراء الوطن لديهم أغلي من النفس .. والعرض أغلي من المال .
نحتاج الي وزراء بمواصفات خاصة ..وخاصة جدا،علي الأقل في تلك الفترة الصعبة التي تمر بها مصر .
ولأن أي طلب لابد له من وجود مسببات ، فإن ما دفعني الي هذا الطلب هو نجاح وزراء في الحكومة الحالية من أصحاب الخلفيات العسكرية وقد أبلو بلاءا حسنا ، بل وأضافوا الكثير للوزارة التي تحملوا مسئوليتها ومن هؤلاء علي سبيل المثال اللواء الدكتور محمد العصار وزير الدولة للإنتاج الحربي ، والذي عايشت جهوده عن قرب .. شعلة نشاط لا تهدأ .. شهد الإنتاج الحربي في عهده أزهي عصوره ، كما استبشرنا خيرا بقدوم اللواء محمد علي الشيخ وزير التموين والتجارة الداخلية والذي ورغم أنه لم يمضي علي تولي منصبه أكثر من شهرين ، الا أن بصماته بدأت تظهر في أخطر وزارة تتعامل مع المواطنين بشكل مباشر ، وقد لاقي اختياره ارتياحا لدي الشارع المصري ، ولدينا نموزجا ثالثا رغم أنه ليس ضمن تشكيلة الحكومة الحالية إلا أنه يتولي موقعا ومسئولية جسيمة وهو الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس الذي لم يحوذ فقط علي ثقة القيادة السياسية ، بل ثقة المصريين أيضا .
ثلاثتهم من أصحاب الخلفية العسكرية ، وثلاثتهم نجحوا بامتياز في إدارة وزاراتهم وهيئاتهم ، فما المانع أن نطلب مزيدا من هذه النوعية الوطنية الناجحة في الحكومة المصرية التي تدير شئون الدولة .. ماذا يمنع ؟ّ! هل نخشي ما يمكن أن يردده بعض الخفافيش وطيور الظلام ومدعي حقوق الإنسان علي اختيار شخصيات بخلفية عسكرية .. هؤلاء لا يجب ان نضع لهم وزنا لأنهم ببساطة يعترضون علي أي شيئ وكل شيئ يمكن أن يساهم في بناء هذه الدولة ، والدليل علي ذلك هناك شخصية مدنية ليست بخلفية عسكرية تتولي وزارة الخارجية هو السيد سامح شكري هذا الوزير الذي يحمل جينات عظماء الدبلوماسية المصرية الدكتور عصمت عبد المجيد ، والسيد عمرو موسي .. سامح شكري القوي من فصيلة الوزراء المحترمين الذين شهدت الخارجية المصرية انجازات كبيرة في عهدهم .
اذن من يعمل نعرفه وعمله خير وسيلة لتقييمه .. ومن لا يعمل أيضا نعرفه وتقاعسه خير وسيلة علي تقييمه .. وهل يستوي الذين يعملون مع الذين لا يعملون ؟!
الخلفية العسكرية شرف لكل مواطن مصري .. ومصر تحديدا عن سائر دول العالم تعلم جيدا قدر كل من ينتمي للمؤسسة العسكرية ، وعندما يتولي صاحب تلك الخلفية منصبا أو مسئولية مدنية سيكون مسئولا أمام الشعب وسيكون عرضة للنقد وتقييم الاداء ولا يجب أن يغضب ذلك احدا طالما أن هذا النقد من أجل البناء وليس الهدم .