كتب – مصطفى حمزة
شحنة “الغضب” التى يكنها أعضاء جماعة الإخوان، و”الشماتة” المحمومة حتى فى وفاة أى مؤيد لثورة 30 يونيو، تأخذ أبعادًا أكثر فى حالة الفنان محمد منير تحديدًا ، الذى كثيرًا ما يصبح الهدف الأول لقناصة “خلايا ” الشائعات التى يديرونها عبر مواقع التواصل الأجتماعى المختلفه ، وهو ما يستدعى السؤال “لماذا يكره “الأخوان” الكينج؟
منير الذى يكرم السبت 27 أغسطس ، من قبل مهرجان «باما أووردذ» بألمانيا بمنحه جائزة خاصة بوصفه “أسطورة” ، وسط صمت منابر الجماعة الإعلامية ومنها “رصد_العربى الجديد” وغيرها، فضلًا عن صفحاتهم بمواقع فيس بوك وتويتر، كان صيدًا ثمينًا لهم طوال الأسابيع الماضية.
حيث لم يكتفوا بالترويج لشائعة عدم مصافحته لنجم الكرة محمد أبو تريكه “المحسوب على جماعة الإخوان”، بل زادوا وغالوا وأضافوا لها، ليؤكدوا إصرار “منير” على رفض محاولات الوسطاء لإقناعه بالجلوس مع اللاعب ، وبرروا ذلك بتخوفه من نشر صور اللقاء صحفيًا، وهو مايضعه فى حرج الظهور علنيًا مع لاعب تطارده إتهامات الإنتماء للجماعة المحظورة.
ورغم النفى المتكرر من الكابتن ضياء السيد “والد العروس”، وتأكيده بأن “أبو تريكة” أصلًا غادر الفرح قبل حضور “منير”، كان المنتمين للجماعة يرددون فى مغالة واضحة وبإصرارأقاويل وتعليقات من نوعية ” النوبة بريئة من أمثال محمد منير”.
و”عذرًا لك يا ابوتريكة ياخلوق”، أو كما يقول آخر “أنا لو أحسنت الظن ممكن أقول أنه خاف يسلم على تريكة للخبر يوصل للصحافة وفي أول مانشيت منير يدعم الإرهاب”.
ولفهم دوافع شهوة الإنتقام المسيطرة على نفسية الجماعة ودراويشها، نعود للبدايات التى تكشف سبق الإصرار والترصد للنيل من “منير”، منذ الظهور الأول له فى حفل تنصيب الرئيس السيسي، حيث أصبح هدفًا متاحًا لنيران الحقد الإخوانى ، وعلى الرغم من أنه لم يكن الفنان الوحيد، ولا ذهب وسط أقليه من المؤيدين، إلا أن أولى طلقات الهجوم كانت من نصيبه وحده، وخرج موقع “العربى الجديد” الممول من الجماعه حاملًا عنوان محمد منير : حمل الثوّار أغنياته.. فساند قائد الانقلاب عليهم “، ومن بين ما كتب فى السياق “حضرت أغانيه في ميدان التحرير طوال أيام ثورة 25 يناير 2011، لكن فضّل أن يحضر حفل تنصيب “الثورة المضادّة” وتمكين قائد الانقلاب العسكري”.
وما كتب يطرح للقارىء العادي غير المنحاز عدة أسئلة، أولها بأى حق يتمادى الأخوان فى السطو على ثورة 25 يناير؟، بل يقدمون أنفسهم بأعتبارهم ثوارها؟.
واللافت أنهم لم ينكروا ليس على “منير” وحده ، بل على الجموع التى خرجت مؤيدة لثورة 30 يونيو، أحقيتهم فى رؤيتها بأنها مكملة لإنجاز الإطاحة بنظام مبارك؟ .
ومن هنا ايضًا يعود السؤال، ولكن لماذا منير؟، فالغالبية العظمى من فناني مصر كثيرًا ما هاجموا وسخروا من حكم جماعة الأخوان والمعزول “محمد مرسي”، ودخلوا فى صراع شهير وتحدي علني “لم يشارك به منير” لتعييين “علاء عبد العزيز” وزير للثقافة، فيما أعتبر البشارة التى مهدت الطريق لثورة 30يونيو.
التناقض الأخوانى فى حالة ” منير” يكشف عنه المقال نفسه الذى يبدأ بوصفه “حمل على كتفيه مشروعًا فنيًا ثريًا، وصوتًا شديد الخصوصية والتميز، كان حاضر في التحرير بأغانيه التي هزت الميدان، محرضة على الثورة على الظلم والطغيان، مال وميّل الملايين على إيقاع “إزاي”، بكائيته في “حدوته مصرية”، جعلت الكثير من المصريين يعتبره “جيفارا” صوت الثورة”.
تلك الرؤية انتظر صاحبها ثلاثة أعوام كاملة، قبل أن ينقلب عليها، وتحديدًا بعد غناء “منير ” فى حفل المؤتمر الإقتصادى، ثم مشاركته فى أغنية “مصر قريبة”،حيث كتب ” محمد منير أثار منذ بداية مشواره الفني، جدلًا حول مواقفه السياسية، فالشخص الذي ذاب عشقًا في الثورة، هو من غنى بكلمات ركيكة ترويجًا للحزب الوطني المنحل في العام السابق للثورة”.
ومع ملاحظة أن كاتب المقال لم يذكر أسم الأغنية التى يجزم أن “منير” روج بها للحزب الوطني المنحل، مكتفيًا برغبته المحمومة بإلصاق التهم، يعود ليقول “أتت رياح التغيير مسرعة في 2011، فاعتلى “منير” منبر مطرب الثورة، لتصبح “إزاي” هي صوت الجموع طوال ثمانية عشر يومًا من الاعتصام، ولم تصمت الأغنية طوال هذه الفترة، كأنها جائت عربون مصالحة على سقطة أغنية الحزب المنحل “المجهولة العنوان”، لكن منير كعادته مع كل موجة تغيير، ثورة كانت أم حكم عسكر يعتلي الأمواج، فغنى مؤخرًا في أوبريت “مصر قريبة”!!!.
الطريف أن حتى “إزاى” التى تعد من أيقونات ثورة 25 يناير، ووجود حقائق وشهود وتصريحات تؤكد أن التليفزيون المصري رفض قبل أشهر من الإطاحة بنظام “مبارك” تصويرها، خوفًا من كلماتها الثورية الغاضبة، لم تسلم هى ايضًا من موجات التشكيك الإخواني، وعادوا بعد سنوات من الإشادة بالأغنية ليروجوا فى تناقض واضح، وبإفتراء سافر لأكذوبة، أنها كانت معدة بالأساس لحملة جمال مبارك الرئاسية.
تلك الشائعة التى يرد عليها الواقع، الذي يكشف لمن يريد الحقيقه، ويسعى لها بجدية وموضوعية، وأمانة أن”منير” الذى يعد أكثر مطربى جيله تقديمًا لأغانى تتغزل فى حب مصر وتحرض شبابه على الأمل، كان فى تلك الفترة تحديدًا، ضحية تعليمات أمنية عليا صدرت بإلغاء حفلاته المعتادة بالأوبرا، وتم وقف اغنياته بالإذاعة لمجرد إشادة تلقاها من الدكتور محمد البرادعى “المغضوب عليه وقتها من نظام مبارك”.
وما سبق يجعلنا نتوقف أمام المفارقة التى جعلت “منير” تحديدًا يؤدى فى فيلم “المصير” للمخرج الراحل يوسف شاهين، شخصية “مروان” الشاعر والمغني الذى يقف ليدعم بأغنياته المفكر “أبن رشد” فى مواجهة قوى التطرف، حتى أنهم حاولوا اغتياله، وهو أشبه لما يسعى لتكراره تابعي “المحظورة” مع المطرب الأبرز مصريًا وعربيًا خلال الـ30 عامًا الماضية، والموضوع حاليًا على قائمة الأغتيال المعنوي.