الجمعة, 22 نوفمبر, 2024 , 8:57 ص

الجيش المصري الحديث ..بناه محمد على بمعاونة فرنسية وخاض أشرس الحروب

كتب: أحمد أبوالحسن Battle_of_Nezib

إن الجيش هو الدعامة الأولى التي شاد عليها محمد علي كيان مصر المستقلة، ولولاه لما تكونت الدولة المصرية ولا تحقق استقلالها، وهو الذي كفل هذا الاستقلال وصانه ستين سنة، خصه محمد علي باشا باعظم قسط من عنايته ومضاء عزيمته، وليس في منشات محمد علي ما نال عنايته مثل الجيش المصري، ويكفيك دليلا على مبلغ تلك العناية ان منشاته الاخرى متفرعة منه، والفكرة في تاسيسها أو استحداثها انما هي استكمال حاجات الجيش، فهو الأصل وهي التبع.

وكان الجيش المصرى حينها مؤلف من عناصر تميل بطبيعتها الى الشغب والفوضى ، فمعظمها من الاكراد والالبان والشراكسة الذين يطلق عليها لفظة ( باشبوزق ) اى الجنود غير النظاميين ، ولم تكن لمثل تلك المجموعة المختلطة من الاجناس الغربية عن مصر الشعور القومى الذى يشعر به ابناء البلاد ، وكان تنظيم هذه القوات خاضعا للانقلابات السياسية التى املتها الثورات فى الولايات العثمانية والمعارك والاختلافات التى الفتها حياة المماليك اثناء القرن الثامن عشر .

ويضاف الى تلك القوات جماعات من الاعراب الذين كانوا يهددون الامن فى بعض الاقاليم ، ولم تكن هذه القوات فى مجموعها خاضعة لنظام عام او تدريب ثابت منسق ، وانما كانت اعمالها عبارة عن حرب عصابات وحرم كر وفر.

القوة العسكرية الحديثة:

أدرك محمد علي أنه لتحقيق أهدافه التوسعية، كان لا بد له من تأسيس قوة عسكرية نظامية حديثة، تكون بمثابة الأداة التي تحقق له تلك الأهداف.

رأى محمد على أن هذا الجيش لا يعتمد عليه، فبذل جهده في إنشاء جيش يضارع الجيوش الأجنبية في قتالها، وقرر أن يستبدل جنوده غير النظامية بجيش على النظام العسكري الحديث.

انشأ محمد على باشا مدارس لتعليم العسكرية ومنها(مدرسة أسوان- مدرسة قصر العيني- مدرسة المشاة بالخانكة ثم دمياط ثم بأبي زعبل- مدرسة الفرسان بالجيزة- مدرسة المدفعية بطره- مدرسة أركان الحرب بالخانكه- مدرسة الموسيقى العسكرية- المدرسة الحربية بالاسكندرية).Mohamedali5-300x158

الجيش الحديث:

كانت محاولة محمد علي الأولى لتأسيس جيش نظامي عام 1815، عندما عاد من حرب الوهابيين، حيث قرر تدريب عدد من جنود الأرناؤوط الألبان التابعين لفرقة ابنه إسماعيل على النظم العسكرية الحديثة، في مكان خصصه لذلك في بولاق.

لم يرق لهؤلاء الجنود ذلك، بسبب طبيعتهم التي تميل إلى الشغب والفوضى، فثاروا على محمد علي وهاجموا قصره ودار بينهم وبين الحرس قتال، استطاع خلاله حرس محمد علي السيطرة على الموقف، إلا أن محمد علي أيقن أنه لا يمكنه الاعتماد على مثل هؤلاء الجند، فأرجأ تنفيذ الفكرة.

لجأ محمد علي مجددًا إلى الحيلة، ففي عام 1820، أنشأ محمد علي مدرسة حربية في أسوان، وألحق بها ألفًا من مماليكه ومماليك كبار أعوانه، ليتم تدريبهم على النظم العسكرية الحديثة على يد ضابط فرنسي يدعى جوزيف سيڤ جاء إلى مصر وعرض خدماته على محمد علي.فيضانات لويزيانا

وبعد ثلاث سنوات من التدريب، نجحت التجربة وتخرجت تلك المجموعة ليكون هؤلاء الضباط النواة التي بدأ بها الجيش النظامي المصري.

بعد ذلك، كان أمام محمد علي مشكلة، أنه وبالتجربة ثبت أن الجنود الأتراك والأكراد والألبان والشراكسة لم يعودوا يصلحون ليكونوا عماد جيشه لعدم تقبلهم للاندراج في جيش نظامي، لذا تحجج بحاجته إليهم في تأمين الثغور، وأرسلهم إلى دمياط ورشيد ليخلي القاهرة، وليطمئنهم أرسل معهم بعض أبنائه كقادة لهم، ثم أرسل إلى ابنه إسماعيل ليمده بعشرين ألفًا من السودانيين ليتم تدريبهم على الجندية في معسكرات أعدها لهم في بني عدي، على أيدي الضباط الجدد.

إلا أن التجربة فشلت لتفشي الأمراض بين الجنود السودانيين، لاختلاف المناخ،لذا لم يكن أمامه إلا الاعتماد على المصريين.

قاوم الفلاحون في البداية تجنيدهم، لأنهم لم يروا مصلحة لهم فيه، واعتبروه عملاً من أعمال السخرة.Seve-283x300

ولكن وبمرور الوقت تجاوب الفلاحون مع الوضع الجديد، استشعروا تحت راية الجيش بالكرامة وبحياة مأمونة الملبس والمسكن لا يعانون فيها معاناتهم في الزراعة.

وبحلول شهر يونيو من عام 1824، أصبح لدى محمد علي ست كتائب من الجند النظاميين، يتجاوز عددهم 25 ألف جندي، فأمر بانتقالهم إلى القاهرة.

بذلك أصبح لمصر جيش نظامي بدأ يتزايد باطّراد حتى بلغ 169 ألف ضابط وجندي في إحصاء تم عام 1833، وإلى 236 ألف في إحصاء تم عام.

1839كما أنشأ محمد علي ديوانًا عرف بديوان الجهادية لتنظيم شئون الجيش وتأمين احتياجاته من الذخائر والمؤن والأدوية، وتنظيم الرواتب كانت أول مشاركات هذا الجيش في حرب المورة، التي أظهرت ما وصلت إليه العسكرية المصرية، وهو ما جعل لها شأنًا بين القوى العسكرية المعاصرة، وقد اعتمد عليه إبراهيم باشا في حملته على الشام والأناضول.

الاسطول البحرى الحديث:

عندما شرع محمد علي في حرب الوهّابيين، اقتضت الحاجة إلى بناء سفن لنقل الجنود عبر البحر الأحمر، فشرع في إنشائها في ترسانة بولاق، ثم نقل القطع على ظهور الجمال إلى السويس ليتم تجميعها هناك، وقد اقتصر دور هذا الأسطول في البداية على نقل الإمدادات والتموين طوال سنوات الحملة.

وبعد أن أسس الجيش النظامي المصري، وجد أنه من الضروري تأسيس أسطول حربي قوي يعاونه على بسط نفوذه.Mouhamed_ali_armynavy-300x200

اعتمد محمد علي في البداية على شراء السفن من أوروبا، كما تعاقد على بناء سفن أخرى في موانئ أوروبا.

ولكن بعد تدمير هذا الأسطول في معركة ناڤارين أمام أساطيل إنجلترا وفرنسا وروسيا الأكثر تطوّرًا، لم ييأس محمد علي وأمر في عام1829 ببناء “ترسانة الإسكندرية”، التي عهد في إدارتها إلى مهندس فرنسي اسمه سريزي.

قامت الترسانة بمهمة إعادة بناء الأسطول على الأنماط الأوروبية الحديثة، وقد بلغ عدد السفن الحربية التي صنعت في تلك الترسانة حتى عام 1837،28 سفينة حربية من بينها 10 سفن كبيرة كل منها مسلح بمائة مدفع، فاستغنت مصر عن شراء السفن من الخارج.

ومن شدة اهتمام محمد على بهذه الترسانة كان يزورها باستمرار، وكان يستحث العمال على العمل، ويحضر حفلات تدشين السفن الجديدة.

ثم تابع الجيش المصرى الحديث فى الكثير من الفتوحات و الحملات و الحروب حتى تمكن من هزم الحملة الانجليزية و الحملة الوهابية و احتلال ينبع و احتلال الصفراء و فتح المدينة و Ibrahim-messolonghi-300x224فتح مكة و احتلال الطائف ثم هزيمتة فى التربة وزاد في حرج الموقف انتشار الامراض في الجيش المصري، وما أصاب الجنود من الاعياء لشدة القيظ وقلة المؤنة والماء ثم استكمل الجيش فى فتح قنفذة ثم اخلاؤها ثم واقعة بسل و احتلال الرس ثم طلب الوهابين الصلح ثم توالت الاحداث فى فتح المدن و الحصار و الفوز و الهزيمة حتى عرفت مصر بقوة جيشها و عظمتة فى انحاء العالم.

اترك رد

%d