الأحد, 27 يوليو, 2025 , 8:42 ص
د. وفاء الجندي

د. وفاء الجندي تكتب : الإعلام فاعل مؤثر في تشكيل وعي الأمة – الجزء الثالث – 

التحولات الكبرى التي تشهدها مصر الان على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية،تحتم علي الإعلام  المصري أن يكون أحد الركائز الأساسية في دفع عجلة التنمية، وتثبيت الهوية الوطنية، وصناعة وعي جمعي قادر على مواجهة التحديات وبناء المستقبل. ومع ازدياد حجم التحديات، لم يعد مقبولًا أبدا  أن يقتصر دور الإعلام على التغطية الخبرية أو الترفيه، بل أصبح لزامًا عليه أن يتحول إلى قوة ناعمة ذات استراتيجية واضحة، تسير بخطى متوازنة ومتوازية وفعالة مع مسيرة مصر التقدمية

أولًا: الإعلام كداعم للوعي الوطني

الإعلام المصري مطالب اليوم بأن يؤدي دورًا تأسيسيًا في إعادة تشكيل الوعي الجمعي بما يتناسب مع متطلبات المرحلة فبناء وعي حقيقي يتطلب الآتي

• إنتاج محتوى درامي ووثائقي متكرر يعزز الانتماء الوطني ويرسخ القيم المصرية الأصيلة.

• كشف التحديات الداخلية والخارجية بشفافية دون تهويل أو تهوين، مع شرح أبعادها وأسبابها وطبعا مع مراعاة بعد الامن القومي.

• التصدي للشائعات والأخبار الزائفة بمنهج علمي موثوق وبأسلوب بسيط يصل إلى جميع فئات الشعب وهنا يأتي دور الهيئة الوطنية للإعلام والهيئة العامة للاستعلامات وتُعد الأخيرة الذراع الإعلامي والعلاقات العامة الرسمي للدولة المصرية، وهي الجهة المنوط بها تقديم صورة متكاملة عن سياسات الدولة، داخليًا وخارجيًا، بأسلوب احترافي ومؤسسي فأين هي؟!

ثانيًا: استراتيجية الإعلام في دعم التنمية//

لكي يواكب الإعلام المصري مسيرة الدولة نحو “الجمهورية الجديدة”، لا بد من استراتيجية عمل تطبيقية تتضمن ما يلي:

1. التخطيط الإعلامي المرتبط بأجندة وأيدولوجيات  الدولة:

إذ يجب أن يتكامل الإعلام مع خطط الدولة التنموية من خلال تخصيص برامج ومواد تواكب مشروعات الدولة التنموية في المجال الاجتماعي مثل “حياة كريمة”، وتوضح أثرها الحقيقي على المواطن( بالمناسبة مشروع حياة كريمة من انجح المشاريع التنموية التي حدثت في مصر ولكن للأسف الشديد لم يأخذ حقه في التغطية الإعلامية التي يستحقها )

2. التحول الرقمي وبناء إعلام عصري من خلال:

• الاستثمار في المنصات الرقمية وتطبيقات الهواتف الذكية.

• توظيف الذكاء الاصطناعي في تحليل توجهات الجمهور وبناء رسائل موجهة.

• تعزيز الحضور على السوشيال ميديا بمنصات رسمية فاعلة(علاقات عامة)

3. إعادة تأهيل الكوادر الإعلامية:

• التدريب المستمر للعاملين على المهارات الحديثة (دور ماسبيرو بتاع زمان)

• إشراك الإعلاميين الشباب في صناعة المحتوى الجديد.

• رفع كفاءة الخطاب الإعلامي بما يتماشى مع تنوع فئات المجتمع.

ثالثًا: الدراما الوطنية كأداة استراتيجية

 اليوم تلعب الدراما بشكل عام دورًا عميقًا في تكوين  الشخصية المصرية وتؤثر بشكل مباشر وقوي جدا في اتجاهات السلوك الفردي والاجتماعي كما انها تشكل ايضًا الصورة الذهنية والوجدانية للمجتمع، من هنا يأتي دور الدراما الوطنية التي يمكن توظيفها في:

• إعادة بناء الرموز الوطنية من خلال القصص الواقعية.

• عرض التحديات التاريخية التي واجهت مصر، والانتصارات التي حققتها.

• إنتاج أعمال درامية تربط الأجيال بتاريخها وترسخ القيم الإيجابية.

ولن ننسي الحديث عن الدراما الإنسانية والحياتية التي تركز في محتواها علي ترسيخ القيم والمبادئ الأخلاقية واصول الدين الحنيف الذي يشكل في الأساس دولة الإنسان .(محتاجين أعمال درامية ضخمة بمحفظة إنتاجية متعددة الأقطاب )

رابعًا: الإعلام المجتمعي والمشاركة الشعبية

يجب أن يُفسح المجال للإعلام المجتمعي ليكون حلقة وصل بين الدولة والمواطن:

• دعم المبادرات الإعلامية المحلية.

• إشراك الشباب في إنتاج قصص نجاح من داخل مجتمعاتهم.

• بث النماذج المُلهمة من مختلف المحافظات، لتعزيز الروح التنافسية والتنموية.

خامسًا: مواجهة الإعلام المعادي والتضليل الرقمي

 وهو موضوع غاية في الأهمية بمكانه وزمانه فالإعلام المصري اليوم في امس الحاجة إلى آليات واضحة في التصدي لما يلي:

• الحملات الممنهجة ضد الدولة عبر مواقع التواصل.

• التشويه المتعمد للقرارات الوطنية أو الإنجازات.

• بث ثقافة الهزيمة والانفصال عن الواقع.

ويكون ذلك عبر مراكز رصد إعلامي، وردود فورية، وحملات توعوية مضادة تستند للحقائق والأرقام.

 في نهاية كلمتي اكرر واؤكد أن الإعلام ليس مجرد وسيلة نقل رسائل وتغطية أحداث، بل هو فاعل مؤثر في تشكيل وعي الأمة، وداعم أساسي في مسيرة مصر نحو المستقبل. ولتحقيق هذه الغاية، لا بد من استراتيجية عمل تطبيقية تواكب الواقع وتستشرف المستقبل، وتُعيد للإعلام المصري مكانته الرائدة، وتجعله شريكًا أصيلًا في بناء الدولة القوية الواعية بثوابتها، والمنفتحة على آفاق التقدم والنمو وانا لن أقول هنا فلننظر علي من سبقونا في هذا المجال لأنني لست من أنصار التقليد الاعمي لأنني علي قناعة أن كل دولة تملك من الابتكارات والإبداعات ما يتناسب مع تقاليدها وأعرفها وثوابتها ، ومصر من اوائل الدول في الابتكارات في جميع المجالات نحن فقط ينقصنا اعادة الثقة في انفسنا والتركيز علي هويتنا بما يتناسب مع آلة التطوير العالمي.

اترك رد

%d