الوطن المصري – وكالة الأناضول
كعادة وكالة الأناضول التركية تستغل الأزمات التي تواجه مصر لتقليب الرأي العام الداخلي علي الحكومة والنظام ، وأخر ما تناولته الوكالة قضية القرض المزمع أن تقترضه مصر من صندوق النقد الدولي وراحت تعدد في مساوئ هذا القرض وخطره علي مصر عن طريق استضافة بعض الخبراء .
قالت الوكالة أن الحكومة المصرية، بدأت ، ماراثون المفاوضات مع صندوق النقد الدولي؛ للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات مقبلة.
وتباينت آراء المحللين الإقتصاديين تجاه مساعي الحصول على هذا القرض بين من اعتبرها خطوة تجاه إثقال كاهل مديونية الدولة، محذرا من انعكاساتها السلبية على الطبقة الفقيرة، وبين من عدّها فرصة لحمل الحكومة المصرية على تنفيذ برنامج إصلاح إقتصادي حقيقي.
وتُجمع أبجديات الاقتصاد على أن شروط “صندوق النقد” لمنح تسهيلات ائتمانية (قروض) لأي دولة، تتضمن مواجهة عجز الموازنة عبر تنفيذ تقشف مالي، وإلغاء الإنفاق على بنود معينة، وخفض قيمة العملة الوطنية، ورفع معدلات الفائدة للحد من حجم الائتمان الداخلي، وإلغاء القيود على الواردات السلعية.
كما تشمل شروط صندوق النقد، ومقره واشنطن، التي انسحبت على دول سابقة، تعزير تخصيص الاقتصاد الوطني لإنتاج سلع قابلة للتصدير، وخصخصة المشاريع الحكومية وأملاك الدولة، وتشريع لوائح قانونية تضمن حقوق المشاريع الخاصة.
وبعد فترة طويلة من التأكيد والنفي، أعلن وزير المالية المصري، عمرو الجارحي، في تصريحات صحفية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تتفاوض مع صندوق النقد على اقتراض 12 مليار دولار على ثلاث سنوات، بواقع أربعة مليارات دولار سنوياً.
ومبررا حاجة البلاد إلى هذا القرض، قال الوزير إن معدلات عجز الموازنة المصرية تراوحت بين 11% و13% خلال السنوات الستة الماضية، “وقرض الصندوق يعطي شهادة ثقة للمستثمرين الخارجيين”.
وأعلنت الحكومة المصرية في مشروع الموازنة العامة للعام المالي 2016/2017، خفض العجز الكلي للموازنة إلى 9.8% من الناتج المحلي، على أن يصل من 8% – 8.5% خلال العام المالي 2019/2020؛ ما يسمح بتراجع مستويات الدين العام (محلي وخارجي) إلى حدود 97% من الناتج المحلي.
أستاذ الاقتصاد ومدير مركز البحوث بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية (مصرية خاصة)، الأكاديمي المصري إيهاب الدسوقي، رأى أن “عجز الحكومة المصرية في تحقيق إصلاح اقتصادي حقيقي دفعها إلى التوجه لصندوق النقد الذي سيحملها على تنفيذ إصلاح اقتصادي حقيقي”، موضحاً أن “قرض الصندوق مشروط بتنفيذ إصلاحات معينة يتم الاتفاق عليها، على أن يتم صرف القرض على شرائح وليس دفعة واحدة”.
وقال الدسوقي، للأناضول، إن “مزايا الحصول على القرض تتمثل في إلزام الحكومة بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، على أن يقوم ممثلون عن الصندوق بمتابعة ومراقبة الأخيرة في مدى تنفيذها للإصلاحات”.
وتابع: “إحدى إيجابيات الحصول على قرض الصندوق، هو توفير سيولة دولارية يمكن أن تساعد في حل أزمة شح الدولار، والقضاء تدريجياً على السوق الموازية التي ساهمت في تفاقمها”.
واعتبر أن حل أزمة الدولار واحدة من أهم المشاكل التي تواجه البلاد في الوقت الحالي؛ “لأن القرض سيمنح مصر شهادة ثقة في الاقتصاد المصري أمام المؤسسات المالية المانحة والمستثمرين المحتملين”.
ومطلع الأسبوع الجاري، ارتفع سعر الدولار الأمريكي إلى أكثر من 13 جنيهاً مصريا في السوق الموازية؛ بسبب زيادة الطلب ونقص المعروض وادخار الدولار انتظاراً لخفض جديد في العملة المحلية من جانب المواطنين والمضاربين، بينما يبلغ سعر صرف الدولار 8.88 جنيهات في السوق الرسمية.
إلا أن تبعات الموافقة على قرض من الصندوق، حسب الدسوقي، ستقود إلى زيادة قيمة الدين الخارجي، وتحرير بعض الأسعار، وإلغاء بعض أوجه الدعم على سلع أساسية، محذراً من “التداعيات السلبية على الطبقات الفقيرة”.
وقال الخبير الاقتصادي: “إذا لم تعوض الحكومة الطبقات الفقيرة والمتوسطة بزيادة الأجور ستواجه مشكلة عدم استقرار رهيبة؛ لأن المواطن يعاني حالياً من ارتفاع الأسعار”.
والأسبوع الماضي، أظهرت تقديرات رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري أن عدد الفقراء في البلاد وصل إلى نسبة قاربت على 28% من إجمالي عدد السكان خلال 2015، موضحة أن الفقراء هم الذين لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء.
وخلال الشهر ذاته، قفز معدل التضخم السنوي في أسعار المستهلكين في أنحاء مصر إلى 14.8% 2016، مقابل 12.9% في الشهر السابق عليه.
الأكاديمي ، جمال شحات، الحاصل على دكتوراه في فلسفة المالية من جامعة أوكلاند فى نيوزيلاند، انتقد من جانبه، الخطوة المصرية للاقتراض من صندوق النقد الدولي.
وقال شحات، في حديث مع الأناضول، إن مشكلة المديونية العامة تتفاقم في مصر والحكومة تتحرك في دائرة مغلقة؛ “فكلما شربت من ماء البحر ازدادت عطشاً؛ وبالتالي فهي تسعى للبحث عن الاقتراض والمشكلة تزداد تفاقماً”.
وأضاف: “بعد ارتفاع وتيرة الدين المحلي، لجأت الحكومة المصرية إلى الدين الخارجي (…) ولم تجد غير صندوق النقد الدولي؛ الأمر الذي يرفع وتيرة المديونية خاصة بعد القرض الروسي لمحطة الضبعة النووية البالغ 25 مليار دولار (…)؛ ما سيكبل الأجيال القادمة بأعباء غير عادية”.
ويتعين على مصر خلال العام المالي الجاري سداد فوائد خدمة الدين بنحو 292 مليار جنيه (32.8 مليار دولار)، وسداد قيمة سداد القروض المحلية والأجنبية بنحو 256 مليار جنيه (28.8 مليار دولار)، وفق أرقام قانون الموازنة العام للعام الجاري 2016/2017.
وبلغ إجمالي الدين الخارجي لمصر 53.4 مليار دولار في نهاية مارس/آذار الماضي، ما يعادل 16.5% كنسبة للناتج المحلي الإجمالي.
ورأى شحات أن “الزيادة المستمرة للدين العام لها نتائج سلبية تتمثل في إعاقة قدرة الحكومة عن تخصيص الموارد الكافية للإنفاق على الخدمات، وإعاقة توزيع الدخل لمصلحة فئات محدودي الدخل، إضافة إلى زيادة عجز الموازنة، وإيجاد ضغوط تضخمية تغذي ارتفاع الأسعار”.
ورأى الأكاديمي المصري أن الحل أمام الحكومة المصرية يتمثل في “تعظيم الموارد وخاصة الموارد السيادية مثل التصدير، وقناة السويس (مجرى ملاحي عالمي)، والاستثمار، وتحويلات المصريين في الخارج”.
واعتبر بنك الاستثمار “برايم” في مصر أن إعلان الحكومة التفاوض للاقتراض من صندوق النقد يأتي متماشياً مع توصيات سابقة للبنك بأن لا حل لأزمة نقص العملة الأجنبية إلا عن طريق الحصول على مساعدات مالية خارجية.
وأضاف برايم، في مذكرة بحثية أصدرها الأسبوع الماضي، واطلعت عليها الأناضول، أن الحصول على قرض الصندوق “من شأنه أن يساعد على حل الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد المصري إلى حد ما، وسيعمل على زيادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة”.
والأسبوع الماضي، أيضا، قالت “شركة بلتون المالية القابضة” إن كافة العوامل المحفزة للتخلص من نظام تثبيت سعر الصرف توافرت بعد إعلان الحكومة المصرية التفاوض للاقتراض من صندوق النقد.
ورأت، في مذكرة بحثية اطلعت عليها الأناضول، أن “اتخاذ إجراء خفض الجنيه قبل وصول بعثة صندوق النقد بـ 48 ساعة ستكون بادرة جيدة لإتمام مباحثات قرض النقد الدولي بنجاح، وتأمين الحصول عليه قبل نهاية العام”.
وبدأت بعثة الصندوق زيارة رسمية لمصر، أول أمس السبت، في إطار مباحثات دعم الصندوق لبرنامج الإصلاح الاقتصادي للحكومة، ومن المقرر أن تلتقي البعثة مسؤولين بوزارة المالية والبنك المركزي ووزارات “التخطيط” و”الصناعة” و”التعاون الدولي” و”الاستثمار” لمتابعة البرنامج الحكومي