جدل جديد في الإعلام الألماني ومواقع التواصل بعد قرار إحدى الجامعات إغلاق "غرفة للتأمل" مخصصة للطلبة الباحثين عن الهدوء، بعد أن حولها طلبة مسلمون إلى مصلى، ما حرم الطلبة الآخرين من الاستفادة من الغرفة.
كانت جامعة دورتموند التقنية الألمانية قد خصصت غرفة للطلبة الباحثين عن الهدوء بعيدا عن صخب الجامعة، لكن الفكرة تسببت في جدل شديد أدى لإغلاق الغرفة، بعد أن حولها طلبة مسلمون لمصلى، ما رأت فيه الجامعة خرقا لأساس الفكرة ونوعا من الاستبعاد لباقي الطلبة من غير المسلمين.
وأعلنت الجامعة عن إغلاق الغرفة وفشل المشروع الذي أعد في الأساس بشكل مستقل عن الدين والثقافة والجنس وكان الهدف منه منح جميع الطلبة فرصة للاسترخاء والهدوء، كما ذكرت الجامعة في بيان لها. وبعد افتتاح الغرفة أقام طلبة مسلمون حائطا داخلها للفصل بين مصلى الرجال والنساء ووضعوا المصاحف في أنحاء الغرفة وعلقوا اللافتات الدينية.
وأوضحت إيفا بروست، المتحدثة الصحفية باسم الجامعة، الأمر في تصريحات لموقع "شبيغل أونلاين" قائلة: "لم نقم هذه الغرفة كمكان للصلاة، لا للمسلمين ولا للمسيحيين، ولكنها غرفة لكل من يرغب في الابتعاد قليلا عن الضغط العصبي. من يرغب في الصلاة هنا يمكنه فعل ذلك طالما لا يزعج غيره ولا يستبعد باقي الطلبة من المكان".
وعقبت الجامعة على قرار إغلاق الغرفة بعد هذا الموقف، بأن الهدف من هذه الغرفة كان إبقائها محايدة من الناحية الدينية وخالية من الرموز والعلامات الدينية. وقالت مصادر الجامعة إنها تلقت العديد من الشكاوى من الطلبة الذين أغضبتهم سيطرة فئة معينة من الطلبة على المكان.
وأثار قرار إغلاق الغرفة، غضب الطلبة المسلمين الذين تقدم 400 منهم بشكوى لإدارة الجامعة ضد ما سموه "التمييز" ضدهم، لترد الجامعة، بأن التمييز هو بالضبط النقطة التي دفعت الجامعة لإغلاق المكان منعا لحدوث تمييز ضد مجموعات معينة من الطلبة.
وحول مواجهة الجامعة لتهمة "معاداة الإسلام" بعد هذا الموقف، قالت بروست: "لا علاقة للأمر بالإسلام. نحن هنا بصدد طلبة غيروا طبيعة مكان وخرقوا قواعد استخدامه بشكل صارخ"، مشيرة إلى أن جامعات أخرى تواجه نفس المشكلة، لكن القضية لا تثير عادة الكثير من الجدل ولا تخرج للرأي العام بهذا الشكل. وأشارت بروست إلى أن قضية جامعة دورتموند لم تكن لتحظى بمثل هذا الاهتمام من الرأي العام، لو لم تقع أحداث التحرش الجماعي التي شهدتها مدينة كولونيا مطلع العام الجاري.
وأكدت الجامعة أن قرارها نهائي في هذه القضية وأنها بصدد تحويل هذه الغرفة لمكان مخصص للطلبة الذين يأتون للجامعة بصحبة أطفالهم الصغار.
ردود فعل متنوعة
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، أثارت هذه القضية العديد من التعليقات إذ انتقد بعض الطلبة على صفحة الجامعة على الفيسبوك، إغلاق المكان أمام الجميع، حيث قال أحد المعلقين: "أرى أنه من الخطأ إغلاق الغرفة ومعاقبة باقي الطلبة بسبب تصرف مجموعة من الحمقى. يجب فصل هذه المجموعات المتطرفة من الجامعة، وينتهي الأمر عند هذا الحد دون الإضرار بباقي الطلبة".
ولم تقتصر الانتقادات على غير المسلمين فقط من الطلبة إذ كتبت إحدى المعلقات على صفحة مجلة "شبيغل": "هؤلاء الناس فقدوا صوابهم. أنا نفسي مسلمة وفخورة بذلك ولكني لا أتفق مع ما حدث إطلاقا..يجب أن يحظى الجميع بالمساواة سواء كانوا ألمانا أم أتراكا… الأهم في الصلاة أن تكون من القلب بغض النظر عن المكان أو عن من يراك أثناء الصلاة".
وأشارت إحدى المعلقات إلى إمكانية قضاء الصلاة في حال الانشغال بالعمل أو الدراسة وكتبت على نفس الصفحة: "ثمة سبب يسمح بقضاء الصلاة بعد موعدها..على الأقل هذا ما تعلمناه ولذلك فأنا أتفهم تماما موقف الجامعة".
وعن رؤيتها للهدف من وجود مثل هذه الأماكن بالجامعات، كتبت إحدى المعلقات: "كان على الجامعة توفير مساحة للصلاة إن أمكن، لجميع العقائد الدينية. لكن الهدف من مثل هذه الغرفة هو الجلوس في هدوء وربما القراءة دون إزعاج الآخرين. وعندما تقول الجامعة إن هذه الغرفة محايدة من الناحية الدينية فيجب الالتزام بذلك ومن يرغب في إتباع قواعد الدين، عليه ترتيب الأمر بنفسه. يقدم مثل هؤلاء صورة سيئة جدا عن الإسلام ولا يمكنني الاتفاق معهم".