السبت, 12 أبريل, 2025 , 8:29 م
أحمد عبده طرابيك

منتدى أنطاليا الدبلوماسي واستعادة الدبلوماسية في عالم مجزأ

بقلم: أحمد عبده طرابيك 

تستضيف مدينة أنطاليا التركية المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط الدورة الرابعة لمنتدى أنطاليا الدبلوماسي “تحالف القوى الديمقراطية 2025″، والذي تنظمه وزارة الخارجية التركية، تحت رعاية الرئيس رجب طيب أردوغان، خلال الفترة من 11 إلى 13 أبريل 2025. والذي يُعقد تحت عنوان “استعادة الدبلوماسية في عالم مجزأ”.

يأتي انعقاد المنتدى في فترة يعيش العالم خلالها حالة من  الحاجة الملحة للدبلوماسية لإعادة تأكيد نفسها كقوة استقرار، وسط الانقسامات العالمية المتزايدة. فقد تزايدت الانقسامات الجيوسياسية، وتعمقت حالة عدم المساواة العالمية، وتصاعد العنف الذي يستهدف المدنيين، وعدم التسامح تجاه وجهات النظر المتباينة، وعدم اليقين الناجم عن الاضطرابات التقنية والأثر المتعدد الأبعاد لأزمة المناخ، وكلها عوامل هزت الحس السليم بالعدالة وقلصت الثقة في المؤسسات الدولية. وقد أدى عجز النظام الدولي الحالي عن إيجاد حلول لهذه التحديات المعاصرة إلى زيادة أعباء القائمين على عمليات التعاون المتعثرة بالفعل.

يقوم منتدي أنطاليا الدبلوماسي كمنذ انطلاقه عام 2021، بدور كبير في مناقشة القضايا الأكثر تعقيدًا في العالم ومحاولة ايجاد حلول دبلوماسية لها، حيث يعقد المنتدي كل عام بشكل دوري باستثناء عام 2023، الذي توقف نظرًا لحادث الزلزال المدمر الذي تعرضت له منطقة غازي عنتاب وجنوب تركيا، ولكن المنتدي واصل أعماله، حيث استطاع أن ينمو ويكبر ليصبح منصة دبلوماسية عالمية، يلتقي من خلالها رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية والدبلوماسيون والخبراء في عالم السياسة والاقتصاد لتبادل الرؤى والأفكار حول مختلف القضايا العالمية.  

وتزداد أهمية المنتدى هذا العام، نظرًا لاشتداد المواجهات العسكرية في الأراضي الفلسطينية، حيث استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وتصاعد المواجهات العسكرية في الضفة الغربية. والحرب التجارية التي أشعلها الرئيس الأمريكي مع الصين ومختلف دول العالم. والخلافات الساسية في أكثر من منطقة في العالم، الأمر الذي زاد من حالة عدم الاستقرار وعدم القدرة على التنبؤ، وزيادة حدة التحديات المعقدة والأزمات المتعددة، ومن ثم يهدف منتدى أنطاليا الدبلوماسي إلى تقييم المشاكل المعقدة في النظام متعدد الأطراف وتعزيز الحوار حول استعادة الدبلوماسية في بيئة دولية سريعة التطور.

يجمع منتدى أنطاليا الدبلوماسي العديد من قادة العالم وصانعي السياسات والأكاديميين والخبراء ورجال المال والأعمال بالإضافة إلى ممثلين عن وسائل الإعلام والمجتمع المدني لاستكشاف كيف يمكن للدبلوماسية أن تقلب المد وتبحر بنا عبر عالم مجزأ لإيجاد أرضية مشتركة للعمل الجماعي. كما يهدف المنتدى إلى إلهام الحوار لإعادة تحديد دور الدبلوماسية ومبادئها الأساسية في أجواء تزداد استقطابًا. ومن خلال مناقشة الأسباب الجذرية للمشاكل المختلفة، يعمل المنتدى على تشجيع صانعي السياسات على إعادة النظر في كيفية إدارة الدبلوماسية في هذه الأوقات المضطربة، مع التركيز على الأدوات المبتكرة لحل النزاعات واستراتيجيات الوساطة وآليات التعاون الإقليمي.

يبحث المنتدى عن حلول جديدة لمعالجة إخفاقات الحوكمة العالمية، من خلال دراسة الخلل الوظيفي وانعدام الثقة في المنظمات الدولية، وذلك من  أجل المساعدة في إعادة إنشاء نظام دولي أكثر فعالية وتماسكًا. حيث يتم توضيح دور أصحاب المصلحة غير الحكوميين الذين يكملون الجهود الدبلوماسية التقليدية لاكتشاف كيف يمكن للدبلوماسية أن تصبح أكثر شمولا وقدرة على التكيف والمرونة. ويوفر منتدى أنطاليا الدبلوماسي منصة للتفكير المستقبلي للمشاركين من جميع أنحاء العالم للعمل على وضع استراتيجيات مشتركة لجعل الدبلوماسية القوة الدافعة للسلام والتعاون بين دول العالم.

تشهد فعاليات النسخة الرابعة من منتدى أنطاليا الدبلوماسي ADF2025، مشاركة عربية لافتة. حيث تشارك مصر، قطر، السعودية، الكويت، سوريا، لبنان، اليمن، تونس. وتناقس الجلسة الافتتاحية للمنتدى قضايا تغير المناخ، ومكافحة الإرهاب، والمساعدات الإنسانية، والتحول الرقمي، والأمن الغذائي والذكاء الاصطناعي. كما يتم عقد اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية والإسلامية الاستثنائية المشتركة بشأن التطورات في قطاع غزة، حيث يتم بحث آخر التطورات في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وسبل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وضمان انسياب المساعدات الإنسانية إلى المتضررين في القطاع دون عوائق.

وتطرح هذه الدورة من منتدى أنطاليا الدبلوماسي عددًا من القضايا الإقليمية والدولية الراهنة، ويأتي في مقدمتها القضية الفلسطينية في ظلّ حرب الإبادة التي يشنّها الكيان المحتلّ، وأهمية استعادة دور المنظمات الدولية والإقليمية في حلّ الأزمات الدولية وتعزيز مقوّمات الأمن السيبراني في ظلّ التهديدات التي يفرضها تطوّر الذكاء الاصطناعي.

ويأتي المنتدى في وقت تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط توترات جيوساسية على خلفية حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة والمستمرة منذ أكتوبر 2023، والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سيادة لبنان وسوريا، فضلا عن التوترات في منطقة البحر الأحمر.

 

اترك رد

%d