كتب خالد عبد الحميد
استقبل اليوم السبت الموافق السادس عشر من شهر سبتمبر عام ألفين وثلاثة وعشرين ميلاديًا المستشار/ حماده الصاوي النائب العام بمقر مكتبه بالقاهرة الجديدة كل من المستشار/ عمر مروان -وزير العدل-، والمستشار/ حسني عبد اللطيف رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى، والسادة المستشارين أعضاء المجلس، والمستشار/ محمد شوقي -النائب العام الذي تبدأ ولايته في التاسع عشر من الشهر الجاري-، وكل من السادة الوزراء؛ الدكتور/ علي المصيلحي -وزير التموين والتجارة الداخلية-، والدكتور/ عمرو طلعت -وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات-، والمستشار/ علاء الدين فؤاد -وزير شئون المجالس النيابية-،؛ والمستشار الدكتور/ تامر فرجاني – نائب رئيس هيئة الرقابة الإدارية-؛ وذلك بمناسبة افتتاح أبنية إدارة الأرشيف الإلكتروني، وإدارة المضبوطات المتحفظ عليها، وإدارة نظم المعلومات والتحول الرقمي، ومركز بيانات النيابة العامة الجديد -بإدارة النيابات بمكتب النائب العام-، والتي يأتي افتتاحها إعلانًا من النائب العام المستشار/ حماده الصاوي لإنهاء النيابة العامة المرحلة الثانية من استراتيجيتها للتحول الرقمي تزامنًا مع انتهاء فترة ولايته في الثامن عشر من سبتمبر الجاري.
حيث اصطحب المستشار/ حماده الصاوي النائب العام السادة الحضور في جولة تفقدية لافتتاح الأبنية الثلاثة ومركز بيانات النيابة العامة الجديد، تضمنت عروضًا وافية من مديري تلك الإدارات المنشأة ومركز البيانات الجديد؛ لاختصاصات وآليات وطبيعة أعمالها على الواقع، وانعقد حفل في عقب الجولة شاهد الحضور فيه مادة وثائقيّة عن هذه المشاريع، أعقبه كلمات ألقاها المستشار/ محمد شوقي -النائب العام المقبلة ولايته-، والمستشار/ حماده الصاوي -النائب العام الحالي-، والمستشار/ عمر مروان -وزير العدل-.
إذ استهل المستشار/ محمد شوقي -النائب العام المقبلة ولايته- كلمته بتقديم التحية لكل السادة الحضور، ثم وجه سيادته الشكر للمستشار/ حماده الصاوي النائب العام مشيدًا بالدور الذي اضطلع به سيادته خلال فترة ولايته، وما أحدثه من نقلة إيجابية وتطوير ملحوظ في المباني والمنشآت والبنية التحتية، وما نفذه من برنامج شامل للتحول الرقمي من إنشاء إدارة التحول الرقمي، وتهيئة البنية الأساسية والمنشآت واللوجستيات التقنية اللازمة، وتغيير ثقافة الأعضاء وموظفي النيابة العامة واستعمال الوسائل الرقمية بدلًا من الورقية.
وأكد سيادته عزمه على السير المتواصل والدءوب في تنفيذ الخطة المستقبلية لمنظومة التحول الرقمي، وتطوير عملية التقاضي الإلكتروني وزيادة جودة الخدمات الرقمية المقدمة، وتحقيق التواصل الرقمي مع مؤسسات الدولة المختلفة، وإتاحة المعلومات على الموقع الإلكتروني، مع العمل بالتوازي على تنمية المهارات للأعضاء والعاملين بالنيابة العامة في كافة المجالات، فضلًا عن تقديم الحلول المستدامة للمشاكل الهيكلية التي تواجه العمل على نحو يضمن الاستجابة الفعالة لكافة التحديات والأزمات.
كما ثمّن سيادته الدور المحوري والفعال الذي يضطلع به السيد المستشار وزير العدل في إحداث الربط الدائم والنموذجي بين الجهات والهيئات القضائية بعضها ببعض وبينها وبين سائر مؤسسات الدولة، على نحو أفضى لإذكاء روح التعاون المثمر والبناء وساهم في تطوير العمل القضائي في كافة جنباته وتيسير سبل اقتضاء الحقوق، مما كان له أبلغ الأثر في مسايرة تحديث هيئات الدولة والمساهمة الفعالة في المشروع النهضوي للدولة المصرية.
وقد أكد سيادته عزمه على السير على ذات النهج، وذلك بالتعاون الفعال والدائم مع وزارة العدل وجميع الجهات والهيئات القضائية وكافة مؤسسات الدولة على نحو ينمي سبل التواصل والتنمية المستدامة والترابط المعرفي ترسيخًا لنهج الدولة المصرية الحديثة الذي يقوم على التكامل بين مؤسساتها في كافة النواحي، وأشار إلى أنه إذا كانت النيابة العامة تتمتع باستقلاليتها في اتخاذ القرارات وكافة مقتضيات العدالة باعتبار أن ذلك من مترسخات العمل القضائي، إلا أن ذلك لا يعني انزواءها عن أهم وأجل مهامها، وهي التيسير على المواطنين باعتبار أن ذلك من أهم المستهدفات التي تتغياها النيابة العامة.
وأوضح سيادته اتجاهه إلى تطوير وضع المتعاملين مع النيابة العامة بإيجاد السبل لتعزيز كفالة حقوقهم، وضمان معاملتهم بما يلزم من الاحترام لكرامتهم المتأصلة وقيمتهم كمواطنين يعيشون على أرض هذا الوطن، واعتبار حقوقهم أمرًا مقضيًّا، وشدد على العناية بوجه خاص بشئون الأسرة والمرأة والطفل، وتعزيز الدور الذي تقوم به النيابة العامة في حماية أموال القصر في ضوء أحكام الدستور والتشريعات السارية والمواثيق والمعاهدات والعهود الدولية ذات الصلة وكفالة التيسير لهم في اقتضاء حقوقهم ومعاملتهم الكريمة باعتبار أن الأسرة هي أساس المجتمع وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها.
واختتم سيادته الكلمة بالإشارة إلى أنه إذا كانت النيابة العامة جزءًا أصيلًا من السلطة القضائية الشامخة لهذا البلد، فإنها تعمل من هذا المنطلق على ترسيخ مبادئ العدل والإنصاف، وتنتهج التطوير الدائم لمنظومة العدالة على نحو يكفل العدالة الناجزة، ويعنى بحقوق الإنسان ويفي بمتطلبات الإستراتيجية الوطنية وحقوق الإنسان وإعلاء سيادة الدستور والقانون.
واستهل المستشار/ حماده الصاوي كلمته بتقديم التحية للسادة الحضور ووافر الاحترام والتقدير، ثم أشار سيادته إلى الإنجاز الكبير الذي حققته النيابة العامة اليوم بسواعد ومجهودات قادتها وأعضائها وموظفيها بتعاونٍ حقيقيٍّ مع مؤسسات الدولة المعنية والجهات المتخصصة في هذا المجال، وما أنجزته النيابة العامة من أعمال مهمة خلال الفترة التي حمَّله الله فيها مسئوليتها ليس فقط على صعيد ملف التحول الرقمي، بل على صعيد سائر أعمالها القضائية والفنيّة، مشيرًا إلى حقيقةٍ واضحةٍ هي أنه قد أصبحت للنيابة العامة اليوم صورةٌ مختلفةٌ أكثر تطورًا، وأكثر بهاءً تليق ببلادنا الحبيبة مصر الكنانة وتحقق أهدافنا وأحلامنا نحو الجمهورية الجديدة، فمن نيابةٍ عامةٍ بلا أوراقٍ، إلى تطويرٍ في آليات إدارة العمل بها، واستفادةٍ حقيقةٍ من التكنولوجيا في تيسير مهامّها، وتقديم خدماتها إلى المواطنين، وكذلك تنمية قدرات وملكات أعضائها بتدفّق الخبرات وسهولة وسرعة تداول المعلومات إلى جانب محطاتٍ ناجحةٍ في مجال التعاون القضائي الدولي وعلاماتٍ بارزةٍ خلال التصدّي للظواهر الإجرامية المختلفة المعتادة منها والمستحدثة فضلًا عن تواصلٍ فعالٍ مع المواطنين والرأي العام بسبل تواصلٍ عصريةٍ بكل ما فيها من تحدياتٍ ومشاق مما رسخ ثقة المجتمع في النيابة العامة.
وأعرب سيادته عن مشاعر الفخر والاعتزاز التي انتابته عندما استعرض خلال لحظات كل تلك الإنجازات، فخرٍ بزملائه وأبنائه، قادةً وأعضاءً وموظفين بالنيابة العامة، واعتزازٍ بهذا التعاون الحقيقي، والدعم الصادق الجاد، الذي قدمته بإخلاصٍ وزارات وهيئات الدولة، وخصَّ منها وزارة العدل ووزارة الاتصالات وهيئة الرقابة الإدارية وكثيرين لن يتسع الوقت لذكرهم، ولكن التاريخ سيظل حافظًا لأسمائهم كأسبابٍ مباشرةٍ لتحقيق هذا الحلم الكبير الذي كان يراود كل عضوٍ عمل وأخلص لهذه الهيئة، النيابة العامة المصرية.
وخلال تلك الكلمة الأخيرة التي ألقاها سيادته في ختام فترة الولاية التي تحمَّلها، وجَّه سيادته الحديث لزملائه وأبنائه أعضاء وموظفي النيابة العامة معربًا عن خالص شكره وتقديره على هذا الجهد الكبير غير العاديّ الذي بذلوه وقدموه لسيادته طوال هذه الفترة، وتلك المشقة التي تحمّلوها مع سيادته خلالها، وهذه المصاعب التي تصدوا لها بجانب سيادته، مشقة التغيير، ومصاعب التطوير، بكل إخلاصٍ وبسالةٍ، وتصميمٍ وعزمٍ وإرادةٍ، حتى تسنى لسيادته أن يقف بجانبهم بشرفٍ واعتزازٍ متحدثًا بنعمة الله، من تطويرٍ وتحديثٍ، ومسيرةٍ ناجحةٍ، من العطاء والارتقاء.
وأوصى سيادته زملاءه وأبناءه في نهاية مسيرته معهم، أن يتقوا الله في عملهم ورسالتهم، وليكونوا دومًا القدوة الحسنة لزملائهم وأعوانهم، وأن يؤدوا أمانتهم بإخلاصٍ ووفاءٍ، ليكونوا مستحقّين لخلافة الله في الأرض، قضاةً منصفين يطمئنّ الناس بهم وإليهم حتى تملأ الدنيا بهم عدلًا.
كما أوصاهم سيادته أن يحافظوا على إنجازاتهم التي حققوها، وأن يمضوا قدمًا في مسيرة التقدّم وركب التطوير، غير عابئين بالمعوقات والمصاعب، مؤكدًا ثقة سيادته في قدراتهم وانحيازه إليهم، داعيًا المولى لهم بدوام التوفيق والسداد في عافيةٍ وإحسانٍ.
كما أوصى قادتهم بهم، اهتمامًا وعنايةً وحرصًا، وأوصى أبناءه وزملاءه بقادتهم خيرًا؛ ليكونوا لهم دومًا سندًا حقيقيًّا، وعونًا صادقًا مخلصًا، مشيرًا إلى أنه لا أحد ينجح منفردًا، ولا يتقدَّم أحدٌ منعزلًا أبدًا.
ثم وجَّه سيادته الحديث إلى المستشار/ محمد شوقي -النائب العام المقبلة ولايته- بدعاءٍ مخلصٍ صادقٍ أن يسدِّد الله خطاه ويعينه على ما ولَّاه لتشهد النيابة العامة المصرية معه مزيدًا من التطوير والتقدّم والازدهار لهذه الهيئة العريقة والصرح العظيم الذي هو مبدأ القاضي ومدرسته الأولى، راجيًا لسيادته السداد والتوفيق والرشاد.
واختتم سيادته الكلمة بحمد الله عز وجل على هذه العناية فيما ولَّاه، وهذا التوفيق فيما أقامه فيه، داعيًا الله سبحانه وتعالى أن يتقبل عمله خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجعله مستوجبًا لرضاه سبحانه، وحمده تعالى على البطانة الصالحة والصحبة الصادقة التي شمله بها داخل النيابة العامة وخارجها، متمنيًا وداعيًا للجميع بأسمى آيات التوفيق والنجاح ولبلادنا الحبيبة مصر بدوام الرفعة والمجد والازدهار.
واستهلَّ المستشار/ عمر مروان وزير العدل كلمته بالترحيب بالحضور، ثم تقدم بالشكر إلى المستشار/ حماده الصاوي النائب العام على إقامة هذه الاحتفالية كما تقدم بالتهنئة إلى المستشار/ محمد شوقي -النائب العام المقبلة ولايته- على تقلد المنصب القضائي الرفيع.
ووجَّه سيادته إلى الحضور تحية صادقة في يوم افتتاح مباني إدارات الأرشيف الإلكتروني والمضبوطات المتحفظ عليها ونظم المعلومات والتحول الرقمي في النيابة العامة باعتبارها خطوة مهمة على طريق التحول الرقمي الذي تنشده الدولة، وهي الخطوة التي سيعقبها خطوات وثَّابة في هذا المضمار للتغلب على أي صعوبات قد تظهر، وأيضًا لتعظيم الاستفادة من هذه البنية الرقمية غير المسبوقة، والتي تغير من آليات العمل في النيابة العامة لتواكب النظم العالمية المتقدمة إذ أضحى تطوير العمل القضائي في مختلف جهاته وهيئاته محل اهتمام كبير من الدولة المصرية ويحظى بدعم مشهود من فخامة السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية إدراكًا للدور الكبير الذي تقوم به المنظومة القضائية في إقامة العدل وحفظ الحقوق والحريات وحماية السلم المجتمعي.
وأشار سيادته إلى أن التطوير مسيرة لا نهاية لها، ومع كل إنجاز ينتظر إنجازٌ آخر ليضاف به لبنة بعد لبنة في الصرح القضائي العريق، ووجه سيادته الشكر من هذا المنطلق للمستشار/ حماده الصاوي النائب العام على ما بذله من جهد مشهود وما شيده من إضافاتٍ ملموسة، وأشار سيادته إلى ثقته أن المستشار/ محمد شوقي -النائب العام المقبلة ولايته- سيواصل نهج العطاء والبناء ليبقى دائمًا القضاء المصري رائدًا وشامخًا ومحافظًا على قيمه ومتطلعًا في ذات الوقت إلى الحداثة.
وأكد سيادته أن المشهد ليس بغريب عن القيم والتقاليد القضائية بحضور السلف والخلف لمنصب النائب العام لفعاليات هذا الحدث في رسالة لا تخفى دلالتها على أن العمل القضائي عمل ملموس مؤسسي قائم على التعاون والتكاتف في دائرة كاملة من العلم والعمل والبناء المتجدد.
وقد قدم سيادته في نهاية كلمته درع وزارة العدل إلى المستشار/ حماده الصاوي النائب العام تقديرًا لجهوده على مدار السنوات الماضية.
كما أهدى المستشار/ حماده الصاوي النائب العام السادة كبار الزوار دروعًا تذكارية على شرف افتتاح الأبنية الثلاثة، ثم التقط السادة الحضور صورة تذكارية في ختام مدة ولاية المستشار/ حماده الصاوي النائب العام تخليدًا لهذه الذكرى.
وكان النائب العام المستشار حماده الصاوي، قد أعلن في سبتمبر من العام الماضي انطلاق تنفيذ المرحلة الثانية من استراتيجية النيابة العامة للتحول الرقمي، بعد نجاح مرحلتها الأولى في تغيير صورة النيابة العامة وآلياتها في ممارسة أعمالها وأصبحت بلا أوراق، إذ كان مخططًا في المرحلة الثانية من الاستراتيجية إنجاز مشروعات هامة لتطوير العمل بالنيابة العامة وجني ثمار التحول الرقمي بها، ومنها مشروع الأرشيف الإلكتروني، والذي يستهدف القضاء على مشكلات غرف الحفظ بمختلف النيابات على مستوى الجمهورية، وتذليل صعوبات الوصول إلى القضايا فيها لتكدسها لفترات طويلة، ووقاية القضايا من أخطار التلف والتخريب والسرقة، ومكافحة للفساد.
وجاء هذا المشروع بالتعاون بين النيابة العامة ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وكبرى الشركات المتخصصة في هذا المجال، بهدف حفظ كافة مستندات النيابة العامة المنتهية مهما بلغ قدم عمرها، حيث بدأت أولى خطوات تنفيذه في سبتمبر من العام الماضي، بدشت كافة القضايا والأوراق التي حلَّت آجال دشتها بكافة النيابات على مستوى الجمهورية وحفظ نسخ رقمية منها والاحتفاظ بأصول الأحكام الصادرة فيها وإدخال بياناتها الوصفية على المنظومة الرقمية للنيابة العامة، فضلًا عن نقل جميع القضايا المنتهية -التي لم تحل آجال دشتها- من كافة غرف الحفظ إلى مقر مبنى الأرشيف الإلكتروني -بعد إنشائه- والذي يعد أكبر مبنى للأرشفة بالشرق الأوسط، للاحتفاظ بأصولها داخل صناديق مخصصة تم ترتيبها وحصرها بصورة رقمية، يسهل معها البحث والوصول إلي القضايا، والاحتفاظ بنسخ رقمية منها وإنشاء قواعد ببياناتها الوصفية، حيث انتهت أعمال أرشفة كافة القضايا المنتهية بالنيابة العامة على مستوى الجمهورية يوم العشرين من شهر أغسطس عام ٢٠٢٣م بإجمالي ثلاثمائة وثمانية وعشرين ألف (٣٢٨٠٠٠) صندوق، وبواقع اثنتين وثلاثين مليونًا وتسعمائة وستين ألفًا وثمانمائة وست وثلاثين (٣٢,٩٦٠,٨٣٦) قضية، بمتوسط عدد ستمائة وستين مليون ورقة (٦٦٠,٠٠٠,٠٠٠).
هذا، ويعد الأرشيف الإلكتروني بالنيابة العامة منظومة متكاملة تحتوي على قاعدة بيانات لكافة معلومات القضايا المنتهية على مستوى الجمهورية وسجلًا دقيقًا لكافة بيانات أطرافها والأحكام والتصرفات القانونية الصادرة فيها، مما ييسر تقديم الخدمات إلى المواطنين بصورة رقمية ومنها استخراج الشهادات في القضايا واستدعاء أي معلومات منها من خلال أي نيابة أو مكتب رقمي من مكاتب خدمات النيابة العامة الرقمية على مستوى الجمهورية، فضلًا عن تقديم الأرشيف أصول تلك الأوراق إلى المحاكم تنفيذًا لقراراتها، وإلى ذوي الشأن حال طلبها خلال ثلاثة أيام عمل عبر خدمات البريد السريع.
وقد تم تأهيل قواعد البيانات بالأرشيف الإلكتروني لمعالجتها لاحقًا بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل المعلومات والبيانات واستخراج التقارير اللازمة منها؛ دعمًا لاتخاذ القرار داخل النيابة العامة وخارجها، وتقديم وتبادل المعلومات الدقيقة مع الجهات والمؤسسات المختلفة.
وجدير بالذكر مشاركة كافة أعضاء وموظفي النيابة العامة في إنجاح هذا المشروع الضخم، إذ تم إعداد برنامج متكامل لتدريبهم على أعمال الأرشفة، بتدريب نحو عشرة آلاف موظف وتعيين عضو بكل نيابة جزئية وكلية ونيابة استئناف كمسؤول عن تلك الأعمال.
هذا، وقد جاء مشروع إنشاء إدارة المضبوطات المتحفظ عليها بالتعاون بين النيابة العامة ووزارة العدل وهيئة الرقابة الإدارية وإحدى الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال، لتكون مخزنًا مركزيًا على مستوى الجمهورية لحفظ المضبوطات والأشياء الثمينة، وإدارتها بصورة رقمية وإحكام السيطرة عليها وتوحيد آليات التصرف فيها مركزيًا، وضمان تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة بشأنها، ووقايتها من السرقة أو العبث أو التلاعب فيها.
وبالتنسيق مع وزارة العدل سلمت جميع المحاكم المضبوطات المتحفظ عليها بخزائنها لإيداعها بالإدارة بعد جردها والتأكد من محتوياتها، فضلًا عن إيداع النيابات مضبوطاتها لدى الإدارة، وتم إثبات إجراءات تسليم وتسلم الأحراز رقميًا عبر المنظومة الرقمية بالنيابة العامة، لسهولة الوصول إليها، حيث تتحفظ الإدارة على ما يزيد عن أربعة آلاف حرز لأشياء ثمينة، وأصدرت نحو ثلاثمائة وخمسين ألف قرار في سيارات ومركبات وسفن متحفظ عليها.
وتتمثل مزايا الإدارة في الحفاظ على قيمة الأشياء المضبوطة المتحفظ عليها أو المقرر ردها لأصحابها أو طرحها بالمزادات العلنية، وضبط إجراءات حفظها وتوحيد التصرفات والقرارات الصادرة فيها ومكافحة صور الفساد حولها، وتوحيد الجهات المرسل إليها المضبوطات لفحصها وإعداد التقارير الفنية بشأنها، واتباع سياسة الحوكمة المالية والشمول المالي؛ بإنشاء حساب موحد لإيداع المبالغ النقدية المضبوطة والمتحفظ عليها، ومراقبة إجراءات إعدام المضبوطات، وكذا ضمان اتباع الشروط البيئية في حفظها أو إعدامها.
وبدأ تنفيذ هذا المشروع بإنشاء مبنى الإدارة في شهر نوفمبر من العام الماضي، وتأمينه بنظم مراقبة رقمية متطورة بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إذ يحتوي على مئة وثلاثين كاميرا متطورة لمراقبة أروقته واثنتا عشرة خزنة مصفحة ومؤمنة لحفظ المضبوطات والأشياء الثمينة، بمعايير لتأمين الدخول والخروج بتقنيات بصمتي الوجه والأصابع الرقمية، وقد تم تدريب عدد من الموظفين على إثبات إجراءات تسليم وتسلم الأحراز وحصرها رقميًا عبر المنظومة الإلكترونية بالنيابة العامة.
وينقسم المبنى لأربعة أقسام فرعية لحفظ أحراز المضبوطات الثمينة والنقود والمواد التموينية والطبية ومختلف أنواع المضبوطات وملحق بالمبنى مكانًا مخصصًا للتحفظ على المركبات الآلية، كما يضم المبنى قاعة لعقد المزادات العلنية الدورية التي تعقدها الهيئة العامة للخدمات الحكومية ومصلحة الدمغة والموازين، وقاعة مخصصة لإجراءات فحص المضبوطات بمعرفة الجهات الفنية المختصّة.
هذا وقد أنشئت إدارة نظم المعلومات والتحول الرقمي بإدارة النيابات كمقرٍ لها لمباشرة أعمالها بعد أن أصدر المستشار/ حماده الصاوي النائب العام قرار إنشائها وتحديد اختصاصاتها في سبتمبر عام ٢٠٢١م، والتي من أبرزها تنفيذ سياسات استراتيجية التحول الرقمي للنيابة العامة وتحقيق أهدافها، ومن بينها إنشاء مركز بيانات جديد للنيابة العامة بمكان مؤمن لاستيعاب الانتشار السريع للمنظومات الرقمية التي امتدت إلى كافة الإدارات والنيابات على مستوى الجمهورية خلال تنفيذ المرحلة الأولى من الاستراتيجية، والحفاظ على استقرارها وضمان استدامة تيسير أعمال الأعضاء والموظفين رقميًا، وتقديم الخدمات الرقمية لجمهور المواطنين على مستوى الجمهورية بشكل سريعٍ والتوسع فيها، وحتى يكون للنيابة العامة مركز أساسي لتخزين البيانات وآخر احتياطي.
وبدأ العمل على إنشاء مركز البيانات الجديد منذ ديسمبر عام ٢٠٢١م وفق أحدث المعايير العلمية الدولية في تكنولوجيا بناء مراكز البيانات، بإشراف لجنة مشكلة من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وبالتعاون مع كبرى الشركات المتخصصة في المجال ومجموعة استشارية من خبراء ومهندسين بجامعة القاهرة.
وساهم المركز في زيادة الاتصالات اليومية عبر التطبيقات الرقمية بالنيابة العامة من خمسة وثلاثين ألف (٣٥٠٠٠) اتصال بالمنظومة الرقمية إلى خمسة وأربعين ألف (٤٥٠٠٠) اتصال يوميًا، فضلًا عن زيادة الحركات اليومية عبر جميع المنظومات الرقمية، من مليون وخمسمئة ألف (١,٥٠٠,٠٠٠) حركة إلى ثلاثة ملايين (٣,٠٠٠,٠٠٠) حركة، وخصيصًا زيادة الحركات على برنامج المرور من سبعمئة وخمسين ألف (٧٥٠,٠٠٠) حركة إلى مليون (١,٠٠٠,٠٠٠) حركة، وقد وصلت مساحة البيانات الموجودة بالمركز إلى سبعمائة (٧٠٠) تيرا بايت، ويتراوح حجم البيانات المنقولة منه وإليه يوميًا من سبعمئة (٧٠٠) جيجا بايت، إلى واحد ونصف (١,٥) تيرا بايت.
ويضم المركز الجديد خوادم تناسب حجم تشغيل المنظومات الرقمية بالنيابة العامة لنحو أربع سنوات مقبلة، فضلًا عن أجهزة على أحدث مستوى للشبكات المؤمنة وأجهزة لتأمين المعلومات ورخصها، وقواعد للبيانات والاتصالات، كما يضم أنظمة استشعار مختلفة وأنظمة خاصة بمراكز البيانات لإطفاء الحريق دون التأثير على جودتها ونظام لكاميرات المراقبة، وأجهزة لتأمين الدخول والخروج بتقنيات البصمات الرقمية، وغرفة تحكم مركزية لإدارة المركز ومراقبة أدائه.
وقد ساهم إنشاء المركز على هذه الصورة المتطورة، في بناء منظومة مستودع للبيانات Data warehouse متخصصة في الإحصاء واستخراج التقارير وتحليل المعلومات من كافة تطبيقات النيابة العامة الرقمية، للمساهمة في دعم اتخاذ القرار داخلها وخارجها من خلال شاشة لمراقبة النظام Dashboard تعرض المؤشرات والبيانات المأخوذة من كافة التطبيقات، إذ يمكن من خلالها دعم الجهات والمؤسسات المعنية بالبيانات الهامة عن أنواع الجرائم وأسباب وقوعها وأكثرها شيوعًا على مستوى الجمهورية، لبحث سبل التصدي لها وتجنب حدوثها من الأساس.