الوطن المصري – جيهان جابر
أكد رئيس وفد الاتحاد الأوروبى لدى مصر السفير كريستيان برجر، ترحيب الاتحاد بالحوار الوطنى الذى انطلق الأسبوع الماضى والذى يجمع أطرافا مختلفة من المجتمع والإدارة والأحزاب السياسية.
وقال السفير برجر – فى حديث خاص للمحرر الدبلوماسى لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الثلاثاء بمناسبة يوم أوروبا – إننا تابعنا الكلمات الافتتاحية التى ألقيت الأسبوع الماضى فى انطلاق الحوار الوطنى وأهم الموضوعات المطروحة لاسيما الاقتصادية منها، مشيدا بالتعاون والتنسيق الوثيق مع مصر فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن قطاعات التعليم والطاقة والتنمية.
ووصف السفير برجر، مصر بأنها “الجار الوثيق للاتحاد الأوروبى”، مشيرا إلى أن مصر والاتحاد يتعاونان بشكل وثيق من أجل مواجهة التحديات المشتركة.
ولفت فى هذا الصدد إلى أن مصر والاتحاد الأوروبى يترأسان حاليا المنتدى العالمى لمكافحة الإرهاب حيث تسلمت مصر الأسبوع الماضى الرئاسة من المغرب، مذكرا بأنه سيتم التركيز خلال الرئاسة المشتركة المصرية الأوروبية للمنتدى على أنشطة مكافحة الإرهاب فى إفريقيا وتطوير برامج وأفكار فى هذا الصدد.
وحول التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبى، كشف السفير برجر عن أن عام 2022 – 2023 شهد طفرة كبيرة فيما يخص الصادرات المصرية إلى أوروبا مقارنة بعام 2021 وذلك بفضل الصادرات المصرية من الغاز إلى عدد من الدول الأوروبية، واصفا مصر بأنها شريك اقتصادى رئيسى للاتحاد الأوروبى فى منطقة البحر المتوسط، مؤكدا أن التنمية الاقتصادية المستدامة لمصر أمر بالغ الأهمية بالنسبة للاتحاد الأوروبى.
وأعرب عن تطلع الاتحاد الأوروبى إلى تعاون اقتصادى قوى مع مصر على أساس حوار تجارى بنّاء، مشيرا إلى إعادة إطلاق مناقشات التجارة الثنائية فى إطار لجنة التجارة الفرعية التى كان قد توقف نشاطها لمدة 3 سنوات بسبب تداعيات فيروس كورونا.
وشدد السفير برجر على أن التبادل التجارى بين الجانبين حقق زيادة ملحوظة، حيث بلغت صادرات مصر إلى الاتحاد الأوروبى خلال النصف الأول من عام 2022 حوالى 8 مليارات يورو مقارنة بحوالى 4 مليارات يورو لنفس الفترة من عام 2021 بنسبة تناهز 100%.
وأضاف أنه بالنظر إلى أن إجمالى صادرات مصر بلغ حوالى 27 مليار يورو، فإن الاتحاد الأوروبى يظل أكبر مستورد للمنتجات المصرية، ويمثل حوالى 30% من صادرات مصر.
وقال إن إجمالى صادرات الاتحاد الأوروبى إلى مصر خلال النصف الأول من 2023 بلغ حوالى 9934 مليون يورو حيث مثلت المعادن 32% والمواد الكيميائية حوالى 11% والمعادن الأساسية حوالى 9%، والبلاستيك والمطاط حوالى 7%، والمنتجات النباتية 6% ومنتجات النسيج حوالى 5% .
وأوضح أن إجمالى صادرات مصر فى المقابل إلى الاتحاد الأوروبى بلغ 7880 مليون يورو، مثلت الآلات والأجهزة 26% من صادرات مصر للاتحاد، والمواد الكيميائية 20% والمعادن الأساسية 12% والنقل والمعدات 12% والخضروات 9% والبلاستيك والمطاط 6%.
وأشار إلى أن مصر تمكنت فى عام 2022 من خفض العجز التجارى مع الاتحاد الأوروبى بشكل كبير حيث تُظهر الإحصاءات المؤقتة بشأن التجارة بين الاتحاد ومصر لعام 2022 قفزة هائلة فى الصادرات المصرية إلى الاتحاد الأوروبى بنسبة 78.8% أى من 9 مليارات يورو فى عام 2021 إلى 16 مليارا و300 مليون يورو فى عام 2022 .
ولفت برجر إلى أن ذلك يرجع إلى حد كبير إلى زيادة الصادرات فى ثلاثة قطاعات وهى الوقود المعدنى (أى الغاز والنفط) بنسبة 170% من مليارين ونصف مليار يورو إلى 7 مليارات يورو، والأسمدة بنسبة 142% وبدرجة أقل البلاستيك بنسبة 48%.. مشيرا إلى أن الفئتين الأوليتين هما النتيجة الطبيعية لإعادة توجيه الاتحاد الأوروبى للمصادر بسبب الحرب فى أوكرانيا.
وأضاف السفير الأوروبى أن صادرات الاتحاد الأوروبى انخفضت بشكل طفيف فقط من 21 مليار ونصف مليار يورو فى عام 2021 إلى 21 مليار يورو فى عام 2022 وهو أمر مثير للدهشة نظرًا للصعوبات التى واجهها المصدرون بسبب قيود الاستيراد من خلال متطلبات خطاب الاعتماد، ومع ذلك، فإن الفئة التى عانت أكثر كانت السيارات مع انخفاض بنسبة 43% (من مليارين و200 مليون يورو فى عام 2021 إلى مليار و100 مليون يورو فى عام 2022) .
ولفت إلى أنه وبشكل عام، يرجع أداء الصادرات الرائع لمصر فى عام 2022 إلى عوامل خارجية استثنائية (الحرب وارتفاع أسعار النفط والأسمدة والغاز)، موضحا أن هذه العوامل قد تلعب دورًا أقل فى عام 2023، لكنه قال إن الإصلاحات المعلنة وخصخصة الشركات المملوكة للدولة، إذا تم تنفيذها بشكل جيد، يجب أن تساعد فى التنويع على المدى الطويل.
وأضاف أن عام 2022 – 2023 شهد كذلك عودة الاستثمارات الأوروبية إلى معدلاتها الطبيعية التى سبقت أزمة تداعيات وباء فيروس كورونا “كوفيد 19”.
وقال إن العام الماضى شهد تبادلا للزيارات لعدد كبير من المسئولين من الجانبين، فضلا عن الاجتماعات، خاصة وأن عام 2022 يواكب الذكرى العاشرة لإنشاء مجلس الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبى، وعقد اجتماع المجلس لتحديد أولويات الشراكة، كما قامت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أيضا بزيارة إلى القاهرة وشاركت فى مؤتمر المناخ بشرم الشيخ “COP 27” والذى يعد حدثا دوليا هاما، وقام رئيس المجلس الأوروبى شارل ميشال بزيارة مصر وشارك فى مؤتمر المناخ.
ونوه برجر بأن مصر والاتحاد الأوروبى وقعا خلال المؤتمر على مذكرة تفاهم للتعاون فى قطاع الهيدروجين، فضلا عن التوقيع على عدد من الاتفاقيات الأخرى خلال الفترة الأخيرة، ومن أبرزها مذكرة تفاهم بشأن التصدير الغاز المسال من مصر إلى أوروبا.
كما سلط الضوء على الزيارات المتعددة التى قام بها عدد من مفوضى الاتحاد الأوروبى وكبار المسئولين الأوروبيين إلى مصر، مشيرا إلى أن الفترة القادمة ستشهد المزيد من الزيارات والاجتماعات بين الجانبين.
وعن المجالات الجديدة للتعاون بين مصر والاتحاد الأوروبى، أكد السفير كريستسان برجر أن مصر تسهم بشكل كبير فى أمن الطاقة والأمن الغذائى.
وأشار إلى التعاون الكبير بين مصر والاتحاد فيما يتعلق بالهجرة ومحاربة ومنع تهريب البشر، لافتا إلى أن الاتحاد الأوروبى سيواصل دعم الاستراتيجية الوطنية المتعلقة بالهجرة.
وبالنسبة للتعاون بين الجانبين فيما يتعلق بتنمية الكوادر البشرية..قال السفير الأوروبى إن الاتحاد خصص هذا العام “كعام للمهارات” حيث يتم التركيز على التدريب والتعلم والنظام التعليمى والتعليم الفنى، مشيرا إلى أن الاتحاد سيواصل دعم المركز المصرى الألمانى للوظائف والهجرة وإعادة الدمج بالمعادى.
وأضاف أننا نشجع مصر على المشاركة فى برنامج البحوث والابتكار “هوريزان أوروبا” (آفق أوروبا) الجديد وهو ما يعد بمثابة فرصة للشباب والشركات والجامعات للمشاركة فى برامج أبحاث كبيرة.
وأشار إلى برنامج “ايراسموس” الأوروبى للتبادل التعليمى والشباب للسفر والاستفادة من الخبرات، لافتا إلى أن هذا النوع من التعاون مفيد بالنسبة لأوروبا أيضا لأنه يسهم فى تعزيز المعرفة بالثقافة بين ضفتى المتوسط، واعتبر أن “ايراسموس” يعد البرنامج المثالى الذى يسهم فى محو سوء الفهم الثقافى والمعرفى .
وعن مكافحة الهجرة غير الشرعية، أشاد سفير الاتحاد الأوروبى بالجهود التى تقوم بها السلطات المصرية لمنع الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، لافتا إلى قدوم عدد من المصريين إلى أوروبا خلال الأشهر الماضية عبر ليبيا ودول أخرى وليس عبر مصر.
وفيما يتعلق بالتنسيق بين مصر والاتحاد حول الموضوعات الإقليمية، أكد السفير برجر على التنسيق الوثيق بين الجانبين فيما يخص القضايا والأزمات الإقليمية محل الاهتمام المشترك بما فى ذلك ما يتعلق بالنسبة للوضع بليبيا وفقا لخطة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا وهناك اتصالات مع الشركاء المصريين فى هذا الخصوص، ونأمل أن نصل إلى الانتخابات فى ليبيا.
وبالنسبة للجهود التى تقوم بها مصر فيما يتعلق بعملية السلام قال إن مصر والاتحاد الأوروبى يتشاركان نفس الهدف والمتمثل فى الوصول إلى حل إقامة الدولتين، مشيدا بشكل خاص بالدور الذى قامت به مصر لخفض التوتر فى غزة.
وأشار إلى الدور الذى يقوم به الممثل الخاص الأوروبى لعملية السلام فى الشرق الأوسط الذى يقوم باتصالات مع عدد من اللاعبين فى المنطقة للعمل من أجل الوصول إلى حل الدولتين ولتذكير الجميع بوجود المبادرة العربية المطروحة على الطاولة منذ وقت طويل.
وبمناسبة الاحتفال “بيوم أوروبا”، أوضح السفير كريستيان برجر أن يوم أوروبا، الذى يوافق التاسع من مايو من كل عام، هو احتفال سنوى للسلام والوحدة فى أوروبا تخليدا لذكرى “إعلان شومان”، ففى عام 1950 وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بخمس سنوات أعلن وزير الخارجية الفرنسى آنذاك روبرت شومان اقتراحه الذى يعتبر بمثابة أول وثيقة رسمية أعلنت ميلاد الاتحاد الأوروبى.
واستعرض السفير الأوروبى ما تضمنه إعلان شومان، فضلا عن توقيع معاهدة باريس فى أبريل 1951 والتى أنشأت الجماعة الأوروبية للفحم والصلب وهى أول جماعة فوق وطنية فى أوروبا؛ ومهدت هذه المنظمة الطريق للجماعة الاقتصادية الأوروبية والاتحاد الأوروبى بعد ذلك.
وأوضح أن الاتحاد الأوروبى مر بعدة مراحل ويرتبط بعدد من المعاهدات وكذلك لديه عدد من المؤسسات كالمفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبى والبرلمان الأوروبى.
وقال إن العام الماضى شهد قفزة كمية ونوعية فيما يتعلق بالتعاون بين دول الاتحاد الأوروبى، حيث أكدنا أننا يمكننا دعم عمليات عسكرية وأن نتميز بالقوة الدفاعية وهو ما لم يتم من قبل، لأن الاتحاد هو “مشروع للسلام ولكن هناك وقتا كان لابد من الدفاع عما تحقق منذ من أكثر من سبعين عاما”.