الوطن المصري – ناريمان خالد
نظمت هيئة الوثائق والمحفوظات معرضا وثائقيا متنقلا في ولايتي دبا ومدحاء بمحافظة مسندم تحت رعاية “إبراهيم بن سعيد بن إبراهيم البوسعيدي” محافظ مسندم بالمجلس العام بولاية دبا بمحافظة مسندم، وحضور المشايخ والرشداء والأعيان بولايتي دبا ومدحاء.
وأشاد البوسعيدي بالمعرض بقوله: يسلط المعرض الضوء على الكثير من الوثائق في محافظة مسندم بصفة خاصة وسلطنة عمان بصفة عامة، حيث تم عرض الكثير من الشواهد التاريخية الموثقة لحضارة تاريخية عريقة وقديمة. مضيفا: مما لا شك فيه أن فتح باب الدخول للأهالي والمقيمين والناشئة سيكون له أطيب الأثر في إعطاء فكرة شاملة عن التاريخ العماني إضافة إلى أن الوثائق الشخصية تعد من أهم الوثائق المعروضة كونها تمثل واقعا ملموسا لأشخاص عايشوا واقعا تاريخيا بمختلف إنجازاته الفكرية فهي توثق لمشاهدات وأحداث وأفكار كانت موجودة لتكون من أصدق ما ينقل من جيل إلى جيل، وهذا كله يزيد من المخزون الفكري والتاريخي العماني، ويعطيه الزخم الذي يستحقه. وأعرب عن سعادته بالإقبال الذي شهده من قبل الأهالي على حضور المعرض والإفادة من محتوياته بالتعرف على تاريخ طويل يمتد إلى ما قبل الميلاد وبعده والعصور الإسلامية المختلفة فالتواجد في هذا المعرض يعطي فرصة للإفادة من قبل جميع القطاعات التربوية والتعليمية والسياحية.
إبراز الدور الحضاري
وبهذه المناسبة ألقى الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية كلمة قال فيها: إن افتتاح المعرض الوثائقي في محافظة مسندم وبالتحديد في ولاية دبا يأتي إيمانا بأهمية إبراز الدور الحضاري والتاريخي لسلطنة عمان عبر الحقب الزمنية المختلفة. مؤكدا على أهمية دور العمانيين في الإسهام الحضاري للحضارة الإنسانية، وأهمية الوثائق من ضرورة وأهمية في البحث العلمي والإبداع الفكري.
وأوضح الضوياني أن سلطنة عُمان عبر تاريخها الممتد أنتجت فكرا وثقافة وضربت أروع الأمثلة في التسامح والاحترام وفتحت مجالا واسعا من العلاقات مع دول العالم وفق مبادئ راسخة وثوابت قائمة على السلام والوئام وحُسن التعامل ونشر الطمأنينة والأمان فتحقق لعُمان ما تطمح إليه من إرساء علاقات تجارية وسياسية وثقافية واسعة امتدت شرقا وغربا في عمق الأراضي الآسيوية والإفريقية والأوروبية، مبينا: كشفت لنا الوثائق والشواهد التاريخية ما حققه الإنسان العُماني على مدار الحقب التاريخية المختلفة، فأولت الهيئة اهتمامها في توثيقه ورصده واستغلاله الاستغلال الأمثل في الدراسات والبحوث العلمية إدراكا منها بأهمية تحقيق الأهداف المرجوة والغايات المنشودة التي ترتكز على إبراز دورنا الحضاري والفكري وعلاقاتنا الدولية ودور المجتمع العُماني وإسهاماته في بناء التنمية المستدامة المتكاملة.
إرث تاريخي
وحول المعرض الوثائقي قالت الدكتورة حنان بنت محمود مديرة دائرة المعارض الوثائقية: إن المعرض الوثائقي المتنقل في ولايتي دبا ومدحاء بمحافظة مسندم يؤكد على أهمية ترسيخ الذاكرة الوطنية وإبراز الإرث التاريخي والحضاري لمحافظة مسندم بشكل خاص وتاريخ السلطنة بشكل عام، وذلك بعد نجاح ندوة “محافظة مسندم في ذاكرة التاريخ العماني” وإبراز وثائق جديدة لمحافظة مسندم، ولتحقيق الوعي المعرفي في الوثائق والمحفوظات وترسيخ الذاكرة الوطنية مضيفة: إن تنظيم مثل هذه المعارض الوثائقية بمختلف محافظات السلطنة لتوثق تاريخ الولايات وفق الأجندة والخطط السنوية التي تتواءم مع أولوية رؤية عمان 2040 (الهوية والمواطنة والتراث والثقافة الوطنية).
وأضافت حنان: إن المعرض الوثائقي تصاحبه أنشطة ومسابقات ثقافية مخصصة لطلبة وطالبات المدارس، بهدف ترسيخ مفهوم الوثائق بشكل عام ومحتوى المعرض بشكل خاص وتاريخ السلطنة، ويهدف المعرض لتعريف أبناء محافظة مسندم بدور هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وما خصصته من قانون يضمن امتلاك الوثائق الخاصة من أفراد المجتمع وأهمية الوثائق الخاصة بالمواطنين للباحثين والدارسين، وتشجيعهم للمبادرة في تسجيل وتصوير وثائقهم لتضاف إلى ذاكرة الوطن. ويسجل المعرض الوثائقي في محافظة مسندم رقم مائة، حيث نفذت الهيئة ١٠٠ معرض وثائقي منذ عام 2010 ولغاية الآن.
رسالة سامية
وقال الدكتور راشد بن محمد حروب الشحي أحـد رواد المعرض: إن المعرض يحمل في طياته رسالة سامية إلى الناس تجمع على مدى مكانة هذه الولاية أرضا وشعبا لما لها من تميز جغرافي وعمق وسبق حضاري منذ الجاهلية وصدر الإسلام وحتى يومنا هذا في تاريخ عمان الحافل بالمآثر الخالدة.
مشيرا إلى أن مثل هذه المعارض تعمل على إبراز الدور الحضاري والتاريخي للسلطنة عموما ومدى ارتباط محافظة مسندم بالسلطة المركزية العمانية منذ القدم عبر حقب التاريخ المتعاقبة حتى عصرنا الحاضر، وكذلك أهميتها في نشر الثقافة على مستوى الفرد والمجتمع، فهي لها أبعادها الثقافية والحضارية والإنسانية كونها تتمثل في البشر وممارساتهم الحياتية، ويتطلب الحفاظ على صانعي تلك الحضارات المتعاقبة والمتأمل لهذه الأركان جميعها يجدها تهدف إلى تعريف الجمهور بالحضارة العُمانية وإبراز الجوانب التراثية والتاريخية المشرقة لها والرحلة التاريخية للتوثيق العماني وهذا بدوره يعمل على نشر المعرفة علاوة على تنمية سبل التواصل والترابط بين مختلف أطياف المجتمع العماني والمجتمعات الخارجية، وذلك إيمانا بأهمية نشر الوعي الثقافي في مجال الوثائق والمحفوظات.
وأضاف: إن الوثائق والصور المعروضة عن محافظة مسندم تبرهن على المكانة التاريخية للمحافظة وارتباطها الوثيق سياسيا وإداريا مع مختلف أقاليم عمان التاريخية وحكامها منذ أقدم العصور، بجانب الأهمية الاستراتيجية لها على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية كونها البوابة الشرقية لحركة التجارة والملاحة من وإلى الدول المطلة على الخليج العربي لإشراف محافظة مسندم على مضيق هرمز الذي هو أحد أهم الممرات المائية الدولية، كما أبرز المعرض المعالم التاريخية والأثرية بمحافظة مسندم باعتبار الإنسان هو الثروة الحقيقة للوطن والمعبر عن الثقافة والهوية والتراث والتاريخ وهو الموثق والحافظ لذاكرة تاريخ وطنه وأمته بالإضافة إلى تعدد وتنوع الوثائق المعروضة في المعرض الوثائقي بمحافظة مسندم والقيمة التاريخية لها وللوثائق والمحفوظات حاضرا ومستقبلا.قيمة تاريخية
ويقول عمر بن علي الفحل الشحي: إن المعرض هذا هو الأول الذي تنظمه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في ولاية دبا بمحافظة مسندم عن المخطوطات والوثائق بصفتهم أحد الأوعية المعلوماتية التاريخية المهمة من حيث ما تحويه من علوم وأخبار وأحداث إضافة إلى ما تعكسه عن تاريخها من الملامح العلمية والسمات الفكرية مضيفا: إن المعرض لفت الانتباه إلى تاريخ التوثيق والأرشفة بالمنطقة وتقديمه كنموذج للمصدر الأولي الذي يعتمد العقل أكثر من النقل في مسألة البحث والتقصي ويمكن للزائر الاطلاع على أبرز المحطات التاريخية لسلطنة عمان وأيضا على المراسلات المتنوعة عن تاريخ ولاية دبا ومحافظة مسندم والآثار التاريخية بها التي تبرز للجمهور والمهتمين القيمة التاريخية والحضارية للمنطقة.
معرض وثائقي
ويضم المعرض أكثر من ألف ومائتي وثيقة من خلال خمسة أركان وهي: تاريخ التوثيق والأرشفة، ويعرض فيه تاريخ التوثيق ابتداء من النحت على الصخور في الحضارات القديمة، مرورا بتاريخ الأرشفة، وانتهاء بالكتابة والتوثيق وهجرة قبائل الأزد إلى عمان ونشأة الإمامة ودولة النباهنة واليعاربة – وركن محافظة مسندم، ويهدف إلى التعريف بالمحافظة وولاياتها الأربعة: خصب، ومدحاء ودبا وبخاء، وأهم المواقع الأثرية والتاريخية في المحافظة كحصن دبا وحصن مدحاء ومقابر الحوامي الأثرية والإسلامية، ومواقع الدابر وموقع سبطان، وبيت القفلن حيث تعد المحافظة أحد أهم المحافظات التاريخية في البلد. وركن مراسلات المواطنين، حيث تم التركيز على عرض وثائق المواطنين تكريما لهم لما قدموه من مبادرة لتسجيل وثائقهم لدى الهيئة وتأكيد حرصهم ووعيهم التام بأهمية المحافظة على الوثائق وإدراكهم لدور هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية لحفظ الذاكرة الوطنية. وركن المخطوطات يحتوي على العديد من الموضوعات التي تبرز مجموعة قيّمة من الوثائق والصور والخرائط والصحف والمجلات والمخطوطات التي وثقت التاريخ العُماني بشكل عام وتاريخ محافظة مسندم بشكل خاص، والمحتوى الرقمي الذي يحتوي على مجموعة قيمة من الطوابع والعملات والخرائط، إضافة إلى مجموعة من الوثائق المتنوعة، كما يتناول في أروقته أهم وأبرز المحطات التاريخية لسلطنة عُمان، إلى جانب مراسلات متنوعة عن محافظة مسندم والآثار التاريخية.
الجدير بالذكر أن المعرض الوثائقي سيستمر في ولاية دبا حتى ١٧ من نوفمبر ومن ثم سينتقل المعرض إلى ولاية مدحاء بدء من ١٩-٢٠ نوفمبر الجاري.