الوطن المصري – ناريمان عبد الله
ثمن مصرفيون وخبراء قرارات البنك المركزي المصري التي أقرها في اجتماع استثنائي، من رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس، ليصل إلى 13.25% و14.25% و13.75% على الترتيب، ورفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 13.75%.
كما قرر البنك المركزي المصري اتخاذ إجراءات إصلاحية؛ لضمان استقرار الاقتصاد الكلي، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل.
وقال: إنه تحقيقا لذلك سيعكس سعر الصرف قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى بواسطة قوى العرض والطلب في إطار نظام سعر صرف مرن، مع إعطاء الأولوية للهدف الأساسي للبنك المركزي، والمتمثل في تحقيق استقرار الأسعار، وبالتالي، سيمكّن ذلك البنك المركزي المصري من العمل على تكوين والحفاظ على مستويات كافية من الاحتياطيات الدولية.
كما سيقوم بإلغاء تدريجي للتعليمات الصادرة بتاريخ 13 فبراير 2022 والخاصة باستخدام الاعتمادات المستندية في عمليات تمويل الاستيراد، حتى إتمام الإلغاء الكامل لها في ديسمبر 2022.
صرحت هبة منير، محلل قطاع البنوك والاقتصاد الكلي بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار، بأنه “يتوافق قرار البنك المركزي المصري برفع سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس مع توقعاتنا المعلنة مسبقا برفع سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس قبل نهاية العام، وهو ما من شأنه أن يساعد في احتواء التضخم، الذي وصل إلى 15.0٪ في سبتمبر، ويجعل السوق أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية”.
وأوضحت أنه بافتراض انعكاس رفع أسعار الفائدة على عائد أذون الخزانة، فإننا نقدر أن سندات الخزانة لأجل الـ 12 شهرًا ستقدم معدل فائدة حقيقيا إيجابيا بنسبة 2.36٪ (مقارنة بنسبتها عند 0.66٪ قبل رفع سعر الفائدة) ومقارنة بعائد حقيقي سلبي في الولايات المتحدة.
وأضافت أن استخدمنا في حسابتنا العائد لأذون الخزانة أجل الـ 12 شهرًا بعد احتساب ضرائب بنسبة 15% على أذون الخزانة المفروضة على المستثمرين الأمريكيين والأوروبيين، مع الأخذ في الاعتبار توقعاتنا لمتوسط التضخم السنوي عند 14.62٪ خلال الـ 12 شهرًا القادمة.
وحول قرارات البنك المركزي بشأن بعض القواعد المنظمة لسعر الصرف، ومنها السماح للبنوك المحلية باستخدام مشتقات العملات الأجنبية، وإلغاء الاستيراد بخطابات الضمان تدريجيا، فمن المتوقع أن هذا سيسهم في توافر العملة الاجنبية بشكل أكبر في السوق، ويساعد على استعادة النشاط التجاري في مصر.
وقالت: ولقد انخفضت قيمة الجنيه اليوم بنسبة 13.7٪ لتبلغ 22.84 جنيه للدولار، الأمر الذي انعكس على تراجع مؤشر سعر الصرف الفعلي الحقيقي للجنيه (REER)، مسجلا 91.82 بنسبة انخفاض 8% عن نقطة الأساس للمؤشر عند 100، طبقا لحساباتنا.
وتابعت: “فيما يتعلق بتأثير القرارات على القطاع المصرفي، فإن شهادات الإيداع ذات العائد المرتفع التي أعلن عنها اليوم البنك الأهلي المصري من شأنها زيادة المنافسة مع بنوك القطاع الخاص. ومع ذلك، فإننا لا نتوقع أن يكون ذلك أمرًا جوهريًا، خصوصا بعد قيام بعض البنوك بطرح شهادات ذات عائد مرتفع خلال الأيام الماضية القليلة، بالإضافة إلى التعويض المتوقع في أسعار عائد الأذون والسندات الحكومية، الذي من شأنه أن يدعم ربحية البنوك”.
وبالنسبة لسوق الأوراق المالية، فقالت: “على الرغم من أن قاعدة أسعار الفائدة المرتفعة ليست إيجابية بشكل عام للاستثمار في سوق الأوراق المالية، إلا أننا نعتقد أن سوق الأوراق المالية سوف يتفاعل بشكل إيجابي مع القرارات؛ بسبب تقييمات الأسهم المنخفضة للغاية والتي كانت تعكس تباطؤ النشاط الاقتصادي في مصر”.
أما بالنسبة للمساعدات الخارجية البالغة 9 مليارات دولار أمريكي التي حصلت عليها مصر من صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية، فصرحت “هبة”، بأن: “نحن نعتقد أنها ستغطي بالكامل إجمالي سداد ديون مصر المستحقة عن النصف الثاني من عام الحالي 2022 وجزءاً من النصف الأول لعام 2023. والأهم من ذلك، أن الاتفاقيات بشكل عام تعد شهادة بالثقة في برنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر، وتضمن استمراره على المسار الصحيح. وتتضمن الإصلاحات زيادة المشاركة لنمو القطاع الخاص أمام نسبة مشاركة القطاع العام والحكومي، واعتماد إطار تنافسي أكثر قوة، وتعزيز الشفافية، وضمان تسهيلات قطاع التجارة، وهو ما يمكن أن يطلق العنان لإمكانات النمو الاقتصادي في مصر”.
قالت سارة سعادة، محلل أول الاقتصاد الكلي بإدارة البحوث بشركة “إتش سي” للأوراق المالية والاستثمار، إن قرارات البنك المركزي المصري التي اتُّخذت يوم الخميس في اجتماع استثنائي، من رفع أسعار الفائدة، والإلغاء التدريجي لقرار الاعتمادات المستندية، كان متوقعا بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وأوضحت أن البنك المركزي المصري اتخذ العديد من القرارات الاستباقية، وكان آخر تلك القرارات رفع سعر الفائدة، وتحرير العملة، وإلغاء الاعتمادات المستندية، لافتا أن تلك القرارات تتطلب عملة صعبة.
وأكدت أن السوق كان جاهزا لتلك القرارات، ولكن مع إعلان التوقيع مع الصندوق، ولكن المركزي اتخذ القرار استباقيا، لافتا أن تلك القرارات كانت واجبة، ولا مفر منها.
وحول تأثير تلك القرارات على التضخم، توقعت “سعادة” ارتفاعا على المدى القصير، ثم التراجع مرة أخرى، وتوقعت أن يصل التضخم إلى 18% خلال الثلاثة أشهر المقبلة، ثم التراجع مرة أخرى بداية مارس إلى مستوى 14 و15%.
قال هاني جنينة، الخبير والمحلل الاقتصادي، إن قرارات البنك المركزي الخاصة برفع الفائدة، وتحرير سعر الصرف، قرار صائب في الوقت الحالي؛ وذلك لمواجهة ارتفاع مستويات التضخم العالمية.
وأضاف “جنينة” أن القرارات تعتبر فرصة كبيرة للمستثمرين للاستثمار والطرح في البورصة المصرية، خاصة مع ارتفاع الفجوة التمويلية في الفترة القادمة.
قال المهندس متى بشاي، رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن زيادة سعر الصرف اليوم في التعاملات البنكية قد تؤدي إلى زيادة في الأسعار، لكنها لن تطال السلع الغذائية بشكل كبيرة.
وأوضح “بشاي”، أن معظم السلع شهدت زيادات كبيرة خلال الفترة الماضية؛ نتيجة لتوقع بارتفاع سعر الصرف، وبالتالي عدد كبير من القطاعات التجارية لن تشهد زيادات جديدة نتيجة لأن هذه الزيادات حدثت بالفعل.
وحول قرارات البنك المركزي الأخير الخاص بإلغاء العمل بالاعتمادات المستندية حتى 500 ألف دولار بدلا من 5 آلاف دولار سيؤدي إلى انفراجة كبيرة في خروج البضائع المكدسة بالموانئ، وبالتالي سيحدُث رواج في السلع وتوفير للسلع الناقصة أو التي شهدت عجزا خلال الفترة الماضية.
وأشار “بشاي”، أن قرار العمل بالاعتمادت المستندية للبضائع الأكثر من 5 آلاف دولار تسبب في تكدس السلع بالموانئ منذ شهر مارس الماضي، وأن الأسواق ستشهد رواجا خلال الأيام القليلة المقبلة؛ لأن معظم العمليات الاستيرادية دون الـ 500 آلف ولار، وبالتالي لن يحتاج المستوردون إلى اعتماد مستندي لها، مما سيؤدي إلى سرعة خروجها وتداولها بالأسواق، وبالتالي دوران حركة التجارة كما كانت من قَبل.
وشدد على ضرورة الرقابة الصارمة من قبل الدولة حتى لا يستغلها البعض في زيادة الأسعار بحجة ارتفاع الدولار، رغم أن عددا غير قليل من القطاعات التجارية رفعت أسعارها توقعا بارتفاع سعر الصرف، وبالتالي ليس هناك مبرر لزيادات أخرى.
قال الدكتور عمرو السمدوني، سكرتير شعبة النقل الدولي واللوجستيات بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن قرار البنك المركزي للعمل بالاعتمادات المستندية حتى 500 ألف دولار بدلا من 5 آلاف دولار سيودي إلى انفراجة كبيرة في خروج البضائع المكدسة بالموانئ، وبالتالي تنشيط الأسواق.
وأوضح “السمدوني”، أنه من المتوقع حدوث انفراجة كبيرة في توافر السلع خلال 10 أيام.
وأضاف “السمدوني”، أن كل من لديه الآن حاوية أقل من 500 ألف دولار سيتمكن من خروجها من الموانئ وطرحها بالأسواق، لافتاً إلى أنه كان هناك حاويات بـ 10 الاف دولار 50 ألف دولار معطلة ومخزنة في الموانئ نتيجة لعدم فتح اعتماد مستندي لها، وبالتالي كل البضائع ما دون الـ 500 ألف دولار ستخرج من الموانئ، مما سيحدث انفراجة كبيرة.
ولفت النظر إلى أنه قد تحدث زيادات في الأسعار نتيجة لارتفاع سعر الصرف؛ لكن لن تكون بنسب كبيرة، مشيراً إلى أن موجة ارتفاع الأسعار التي حدثت لا تعتمد على معايير اقتصادية ومعظمها يرجع لجشع التجار.
قال صفوت عبد النعيم، الخبير بأسواق المال، إن الحكومة قامت مؤخرا بالعديد من التحركات الاقتصادية نحو تفعيل الموافقة على القرض المقدم من صندوق النقد الدولي في الوقت الراهن؛ لدعم المشاريع القومية، ودعم العملة والاحتياطي النقدى بالدولار، وتسهيل حركة الاستيراد للمواد الخام الصناعية والزراعية.
وأضاف “عبد النعيم”، ، أن الاستفادة من الموافقة على القرض كونها شهادةً دوليةً على جدارة التمويل لمصر أمام باقي المؤسسات الدولية.
وتوقع أن ارتفاع الدولار لن يدوم كثيرا بمجرد ورود أول دفعة من القروض الدولية.
وحول تأثّر البورصة بقرارات البنك المركزي المصري، يرى “عبد النعيم” أن هناك تدافعا من جانب العرب والأجانب على الشراء في الأسهم القيادية، والمتوقع معها في حالة ارتفاع القوة الشرائية للدولار أن يستهدف السوق مستوى فتح العام للمؤشر الرئيسي ليحققه في نهاية العام عند 12000 نقطة.