الوطن المصري -ناريمان عبدالله
شارك البنك التجاري الدولي- أكبر بنك قطاع خاص في مصر، في قمة عقدها معهد التمويل الدولي لمناقشة وضع التمويل المستدام بالأسواق الناشئة في 15 سبتمبر 2022، والذي جاء في سياق التحضير لمؤتمر COP27المنعقد في شرم الشيخ. تم عقد القمة بهدف استكمال النجاح الهائل الذي حققته قمتي معهد التمويل المستدام لعامي 2021 و2022، مع إتاحة الفرصة لتذليل العقبات التي تواجه الأسواق الناشئة. وقد تناولت جلسات القمة عددًا من النقاشات حول كيفية الوصول بالانبعاثات الكربونية إلى الصفر، وتوفير التمويلات اللازمة للانتقال نحو الاستدامة، فضلًا عن كيفية الحفاظ على رأس المال الطبيعي والتنوع البيولوجي والحاجة إلى التكاتف العالمي لتحقيق تلك الأهداف، بالإضافة إلى تداول “آراء صانعي القرار حول التمويل المستدام بالأسواق الناشئة”، والتي تعتبر إحدى أهم الجلسات التي تتميز بها القمة.
وفي هذا السياق، شاركت الدكتورة داليا عبد القادر، رئيس قطاع التمويل المستدام بـCIB وممثل قارة أفريقيا في اللجنة التنسيقية بالتحالف المصرفي لخفض صافي انبعاثات الكربون إلى الصفر Net-Zero Banking Alliance في جلسة بعنوان “تمويل التحول في أفريقيا” ، كمتحدث رسمي ضمن مجموعة من المشاركين البارزين ومن بينهم: سيي كوماباي، المدير التنفيذي للمجموعة المصرفية ببنك Access Bank، وسيم تشابالالا، الرئيس التنفيذي لمجموعة بنوك ستاندرد. وأدار النقاش ولفجانج إنجل، المدير العام والممثل الرئيسي للمكتب الإقليمي لمعهد التمويل الدولي (IIF) في الشرق الأوسط وأفريقيا.
أوضحت د. داليا في بداية حديثها مدى خبرة البنك في التعامل مع تحديات الاستدامة ودعم التمويل المستدام حيث أنه أول من سار على نهج مبادئ الاستدامة منذ عام ٢٠١٥.
وأفادت أن في ٢٠٢٠ – ٢٠٢١ بادر البنك بإطلاق السندات الخضراء بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولي IFC والذي صاحبه تنفيذ منظومة متكاملة تدعم مبادئ الاستدامة، حيث أدرج البنك التمويل المستدام في جميع عملياته وقام بدمج الممارسات البيئية والاجتماعية ومبادئ الحوكمة في كافة السياسات والاستراتيجيات. كما أشارت إلى مجهودات الجهات الرقابية في مصر، حيث قام البنك المركزي المصري والهيئة العامة للرقابة المالية بإصدار إطارات إرشادية وملزمة للتمويل المستدام، كما أصدرت وزارة التعاون الدولى استراتيجية للحد من تغير المناخ وتشمل منظومة “نوفي” التي تتضمن عدة مشروعات في مجال الطاقة والغذاء والمياه. وأضافت أن البنك التجاري الدولي يسعى جاهدًا لتقديم المزيد والمساهمة بشكل إيجابي في دعم منظومة “نوفي” حتى تصبح نموذجًا يتم تطبيقه في كافة الدول الأفريقية.
واستنادًا لتجربة البنك في دعم التمويل المستدام والتعامل مع قضايا المناخ، قامت د. داليا بإلقاء الضوء على أهمية الدور الذي تلعبه المؤسسات المالية في القارة لجذب المزيد من مستثمري القطاع الخاص لتمويل المشروعات التي تدعم الحد من تغير المناخ، حيث أثبتت التجربة أن تمويل الحكومات والمؤسسات التنموية، إن وُجد، لا يكفي وحده لسد الفجوة التمويلية وتلبية احتياجات القارة الأفريقية، والتي تقدر بمتوسط ٣٠٠ مليار دولار سنويًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن حجم تمويلات الدول المتقدمة وفعاليتها لم يرتقيا حتى الآن إلى المستوى المطلوب لحماية دول أفريقيا الأكثر تأثرًا من آثار تغيّر المناخ، مما يؤكد على أهمية دور القطاع المصرفي في تشجيع المستثمرين، والذي يتطلب ما يلي:
أولًا: إعادة تعريف دور المؤسسات المصرفية ليشمل التنسيق بين جميع الأطراف سواء العملاء من مختلف القطاعات أو الجهات الحكومية أو المؤسسات التمويلية متعددة الأطراف، ولا يقتصر فقط على طرح آليات تمويل جديدة لمشروعات المناخ، لتهيئة المنظومة وتطوير البنية التحتية اللازمة لجذب المزيد من الاستثمارات.
ثانيًا: القدرة على تمويل المشروعات التي تدعم الحد من تغير المناخ وتتماشى مع مبادئ إدارة المخاطر بما لا يؤثر على ربحيتها، لتشجيع المستثمرين على ضخ المزيد من الاستثمارات التي تدعم قضايا المناخ.
وفي سياق متصل، أضافت د. داليا عبد القادر، أنه بالرغم من أهمية خفض الانبعاثات الكربونية التي تعتبر السبب الجذري لأزمة تغير المناخ، إلّا أن تمويل المشروعات التي تدعم التكيف معه والحد من آثاره هو أمر لا يحتمل التأخير بالنسبة للبلدان الأفريقية، وهو ما يقع على عاتق المؤسسات المصرفية بالقارة التي تلعب دورًا هامًا في دعم المشروعات الخضراء لجذب المستثمرين بالخارج لضخ أموالهم.
وقد أثبتت تجربة البنك أهمية الدور الذي تلعبه المؤسسات المصرفية في سد الفجوات وإحداث التغيير المنشود، خاصةً بعد نجاح البنك في إطلاق برنامج السندات الخضراء التي ساهمت في تمويل مشروعات تحلية مياه البحر وتنقيتها كإحدى مشروعات التكيف مع المناخ، والتي نتج عنها عائد اقتصادي وبيئي ومجتمعي مميز، فضلًا عن دور البرنامج في تمويل مشروعات الطاقة المتجددة، والتكيف مع المناخ والحد من آثاره، وزيادة كفاءة الطاقة الصناعية، وإنشاء المباني الخضراء، وزيادة كفاءة استخدام الموارد في كافة القطاعات بما يشمل القطاع الصناعي.
باعتباره رائد في مجال التمويل المستدام يعمل CIB حاليًا على التحول الرقمي للبيانات الخاصة بالممارسات البيئية والاجتماعية ومبادئ الحوكمة، لتشمل جمع وتحليل بيانات الخاصة بتقرير البصمة الكربونية للبنك، والانبعاثات التي تنتج خلال مراحل سلسلة الإمداد، ونظام إدارة المخاطر البيئية والاجتماعية بجميع عملياته، مع إدراج مختلف المعايير التي تتضمنها تقارير الاستدامة بشكل تلقائي، بما في ذلك معايير المبادرة العالمية لإعداد التقارير GRI، ومعايير الإفصاح الخاصة بمجلس معايير محاسبة الاستدامة ومبادئ الميثاق العالمي للأمم المتحدة، وغيرهم. وبمجرد تنفيذ خطة التحول الرقمي لجميع البيانات، سيتمكن CIB من إدارة وتحليل بياناته بشكل منتظم، مما سيكون له بالغ الأثر في تحسين عمليات اتخاذ القرار في البنك.