الإثنين, 16 سبتمبر, 2024 , 2:17 م
الغنوشى

أجهزة الأمن تجهض تكرار سيناريو اعتصامى “رابعة والنهضة” فى تونس

 

“النهضة التونسية على خطى إخوان مصر

الغنوشى الرجل القوى فى الجماعة ينكرعلاقته بالإخوان

البرعومي : قادرون على  حماية مقراتنا والنزول إلى الشوارع لعودة الشرعية

رئيس حزب “النهضة” : قرارات الرئيس التونسى.. إنقلابا على الشرعية والدستور

اتحاد علماء المسلمين”الإخوانى” : القرارات الرئاسية انتكاسة وثورة مضادة

التنظيم الدولى للإخوان : “العصابات السوداء”  تقود مظاهرات التوانسة

 

تقرير – خالد عبد الحميد

ما يحدث فى تونس الآن سيناريو بالكربون لما حدث فى مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013 وإزاحة جماعة الإخوان الإرهابية عن حكم مصر .

تهديد ووعيد ورفع شعارات الدفاع عن “الشرعية” ثم ارتكاب مذابح ورفع السلاح فى وجه قوات الأمن وإدعاء المظلومية ، وتحريض الشعب على الحاكم والحكومة .. سيناريو نشاهد الآن نسخة مكررة منه فى تونس ، حيث أعلن التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية الحرب على الرئيس التونسي قيس سعيد وحكومته وجيش تونس الوطنى بزعم الإنقلاب على الشرعية وبدأت أبواق التنظيم تبث سمومها وتهاجم النظام التونسى ، وبدأت حركة النهضة الإرهابية فى تهديد التونسيين بإشعال البلاد ونشر ميلشيات الإخوان فى الشوارع لإعادة الشرعية بالقوة ، والأدهى والأمر سعى إخوان تونس إلى تكرار سيناريو اعتصامى رابعة والنهضة فى إحدى مناطق العاصمة التونسية إلا أن القيادة ومن وراءها أجهزة الأمن التونسية فطنوا لهذا المخطط وأعلنوا حالة الطوارئ ومنها منع التجمعات مطلقا .

لقد عكست تفاعلات الأزمة التونسية الأخيرة قدراً كبيراً من التشابه، الذي يصل لمستوى التطابق والاستنساخ الحرفي، بين تحركات فرع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في تونس، ممثلا في حركة النهضة، ونظيره المصري عقب الإطاحة به في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013 .

ورغم تصريحات رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، أنها “حزب تونسي يعمل وفق القوانين التونسية، ولا علاقة لها بتنظيم الاخوان في مصر”، وقوله “لا تربطني اية علاقة بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين؛ لأني رئيس حزب تونسي” ، إلا أن متابعة نشاط النهضة، تؤكد أن الحركة لم تخرج عن النسق الذي رسمه التنظيم الدولي لفروعه لمواجهة فترات التراجع .. تكتيكات متطابقة تبنت النهضة التونسية، والعناصر المتصلة بها داخليًا وخارجيًا، تكتيكات متطابقة مع تلك المستخدمة في حالة “إخوان مصر”، عقب سقوطهم (عام 2013 )، للتعاطي مع الإجراءات الاستثنائية التي جرى اتخاذها في 25 يوليوالجاري. ونستعرض أبرز صور هذا التطابق بين ما تمارسه حركة النهضة وما فشل فيه إخوان مصر مسبقًا:

أولا : وصف البيان الأول لحركة النهضة ” 25 يوليو 2021 ” التظاهرات الي خرجت ضدها في المدن التونسية – قبيل صدور القرار الرئاسي- بأنها “أعمال إرهابية” تنفذها مجموعات فوضوية وعصابات اجراميّة يتمّ توظيفها من خارج البلاد”.

كما صرح نائب رئيس مكتب الإعلام والاتصال بالحركة، محمد البرعومي، بأن “النهضة” يمكنها أن تحمي مقراتها وأن تدعو انصارها للنزول إلى الشوارع”.               

وعقب إعلان رئيس الجمهورية، قيس سعيد، الإجراءات الاستثنائية، وصف رئيس الحركة، الغنوشي، تلك الإجراءات بأنها انقلاب على الدستور والثورة والحريات”، واعتبر في تصريحات لاحقة أن “إعلان الرئيس سعيد بمثابة إنقلاب على الشرعية والدستور ومجلس النواب والحكومة”.

 كما اعتبر بيان المكتب التنفيذي للنهضة  “27 يوليو 2021” الإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية غير دستوريّة وتمثل انقلابا على الدستور والمؤسسات”.

وفي هذا الشأن، تطابقت مواقف إخوان تونس مع خطى إخوان مصر إبان ثورة 30 يونيو؛ إذ وصفت بيانات التنظيم التظاهرات بأنها “مؤامرة محكمة للانقلاب على الشرعية والإرادة الشعبية وللإجهاز على الثورة وأهدافها” وأنها “اعتداءات تمارسها جماعات البلطجة ومليشيات العصابات السوداء”.

 كما أعلن مجلس شورى التنظيم بيانًا (22 يونيو 2013 ) أكد فيه “التمسك بالشرعية والدستور والقانون”،  وعقب الإطاحة بهم من السلطة، أصدر الاخوان بيانهم الأول ( 4يوليو 2013 )، ووصموا فيه الحراك الشعبي والإجراءات الي توافقت عليها القوى والمؤسسات الوطنية بأنها “انقلابًا ضد الرئيس والدستور والشرعية”.

ثانيًا: سارعت أذرع التنظيم الدولي للإخوان لإسناد الطرح الذي صدرته حركة النهضة عما يجري في تونس، وكان أولها فتوى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (25 يوليو 2021 ) بحرمة الاعتداء على العقد الاجتماعي الذي تم بإرادة الشعب التونسي”، واعتبر بيان الاتحاد أن القرارات الرئاسية تمثل انتكاسة وثورة مضادة، وعودة إلى الوراء”، كما أكدت الفتوى أن “الانقلاب .. أمر خطير ولا يجوز شرعا ، كما أن إعلان حالة الطوارئ المفتوحة لا يجوز …” . واعتبر الأمين العام للاتحاد، على القره داغي، في كلمة مصورة  26 يوليو 2021  أن ما يجري في تونس هو انقلاب على الشرعية الدستورية، ويجسد صورة من صور الثورات المضادة بأسلوب مدنيًا بالظاهر”.

وعقب إعلان خارطة الطريق لثورة 30 يونيو 2013 ، أصدر وقتها رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يوسف القرضاوي، فتوى حاول عبرها الترويج بأن القرارات المتخذة تمثل خروجًا عن الشرعية  الدستورية والشريعة الإسامية، وبطلان أية خطوات لا تتضمن عودة المعزول ( محمد مرسي) 7يوليو 2013 .

وواصل القرضاوي هجومه ضد الحراك الشعبي الرافض لحكم الاخوان، وبعد تيقنه من استحالة عودة المعزول للسلطة، وصم 30 يونيو بالانقلاب، وافتى بحرمة الانتخابات التي دعت اليها السلطات الانتقالية.

ويعكس توظيف أفرع التنظيم الدولي للإخوان للفتاوى الدينية، واستصدارها من الأذرع الموالية لها، حرص شديدًا على التأثير في الحشود الرافضة لانتهاكات التنظيمات ضد المصالح الوطنية؛ كون المجتمعات العربية تميل الى النزعة الدينية بدرجة كبيرة، وأن تلك الأذرع نجحت في اختراق المشهد العربي والترويج لنفسها كمنصات دينية تتمسك بما طالب به الشارع بعد 2011 . إلا أن تلك المؤسسات في حالة انكشاف تام، لاسيما الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المصنف بعدة دول ككيان إرهابي.

ثالثًا: حولت مجموعة الشبكات والمنصات الإعلامية التابعة للتنظيم الدولي، والدول الراعية للإخوان، تركيزها عن القضايا الإقليمية والدولية الى الحالة التونسية، وأصبحت الشخصيات الموالية للتنظيم ومشروعهم في حالة تدوير متواصل على برامج تلك المنصات.

 وركزت المواقع الالكترونية للأفرع والكيانات الإخوانية على حشد رأي عام “داخلي وخارجي داعم لرواية النهضة، ومن أبرزها موقع إخوان أونلاين، وبوابة حزب الحرية والعدالة المنحل في مصر، ومنصات اتحاد علماء المسلمين، وغيرها من الصفحات التابعة للتنظيم.

كما تصدرت الأزمة التونسية شبكة القنوات الموالية للإخوان، وفي مقدمتها الجزيرة القطرية والقنوات التركية الناطقة بالعربية، وغيرها من القنوات الإقليمية والتونسية الي تستحوذ عليها شركات الاخوان والدول الداعمة لها.

وتبدو تلك التكتيكات نسخة كربونية مما اعتمده إخوان مصر بعد عزل “مرسي”، حيث اتبعت السياسة التحريرية للمنصات المعادية للمشروع الوطني المصري الرافض لمخطط التنظيم الدولي نفس الخط، بل وكانت الشخصيات المروجة لسيناريوهات فوضي مع بعد الاحتجاجات في 30 يونيو هي ذاتها المتصدرة للحديث عن الحالة التونسية بعد 25 يوليو، وفي مقدمتهم يوسف القرضاوي، وقيادات فرع الاخوان في الدولة محل الازمة.

رابعًا: الحشد لاستعراض القوة وترسيخ الاستقطاب حيث حرص رئيس حركة النهضة “راشد الغنوشي”، بأول رد فعل على قرارات الرئيس “سعيد”، على دعوة الشارع التونسي وأنصار الحركة للتحرك والاحتشاد لمواجهة الإجراءات المُعلنة، وقال الغنوشي أن “أنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون على الثورة”.

ووجهت النهضة لاحقًا الدعوة لأتباعها وانصارها للتوجه الى مجلس نواب الشعب حماية للثورة”، كما دعت في بيانها الصادر الثاني “ 26 يوليو 2021 ” الشعب التونسي في الداخل والخارج للاستعداد للدفاع عن استقلال تونس وحرية شعبها وتجربتها الديمقراطية ومؤسساتها الدستورية المنتخبة، .. واليقظة التامة حتى إزالة الانقلاب …” كما داوم الاخوان في مصر على الحشد المضاد لكافة التظاهرات والفعاليات الرافضة لمشروع التنظيم، فكانت مسيرات الاخوان لاحتلال الميادين وساحات التظاهر، بدايةً بـ “جمعة لم الشمل والهوية الإسلامية” والمعروفة بـ “جمعة قندهار” 30 يوليو 2011 ”، ثم فض التظاهرات المناوئة لسياسات الجماعة بعدد من المحافظات كان أبرزها بمحيط قصر الاتحادية ) 5ديسمبر 2012

ووصولا  إلى اعتصامي رابعة والنهضة المسلحين “يونيو-أغسطس 2013 ” وهي ضمن أدوات الاخوان الرئيسية للتعتيم عى تصاعد رفضهم شعبيًا، وإظهار أنهم يمتلكون الأغلبية المحركة للأحداث والمسيطرة على الشارع.

خامسًا: يدرك تنظيم الإخوان التداعيات الخطرة لتفعيل أذرعه المسلحة ضد السلطات ومعارضيه بشكل موسع، رغم حرصه للاحتفاظ بدرجة عالية من الجاهزية لمثل هذه الخطوة في كل فروعه حال اقتضت الضرورة ذلك.

وقد طور التنظيم الدولي للإخوان من منهجية تعاطيه مع تلك الإشكالية، لاسيما بعد التداعيات السلبية لانتهاج اخوان مصر العنف بعد 2013 ، وأصبحت النهضة مُركزةً على التلويح والمناورة اللفظية بقدرتها واحتمالية انهيار حالة السلم والامن إذا تضررت مصالحها، ضمن تأكيدها على نبذ العنف ورفضها أية حلول غير قانونية أو سلمية لمعالجة الأزمة.

وحملت بيانات الحركة وتصريحات مسؤوليها هذا النمط المناور بالألفاظ بنية رفض العنف والتلويح به ، فبينما شكرت النهضة مناضليها وأنصارها على ضبط النفس واعتماد الطرق القانونية في التصدي لما وصفته بالاعتداءات والتهديدات “ 25 يوليو”، صرح نائب رئيس مكتب الإعلام والاتصال، محمد البرعومي، بأن النهضة “يمكنها أن تحمي مقراتها وأن تدعو انصارها للنزول إلى الشوارع على غرار مسيرة فبراير الماضي”.

وبعد قرارات الرئيس، جاءت إشارة “الغنوشي” لقدرة أنصار النهضة على الدفاع عن الثورة، وأعقب ذلك دعوتها أتباعها وانصارها للتوجه لمجلس النواب.

وبطبيعة الحال، كانت تلك الوسيلة مُفعلة لدى الفرع المصري، فبينما دعى ببيان رسمي “ 7 ديسمبر 2012 ” لإعمال القانون، حذر من اضطرار كل فرد وجماعة للدفاع عن نفسه وإلى أخذ حقه بيده ثم صدور بيان ) 8ديسمبر 2012 ( والذي تضمن أن التنظيم “يؤكد على أنهم قادرون عى حماية مقارهم ومؤسساتهم، ولديهم القدرة على ردع كل من تسول له نفسه بالإساءة إليهم، ولن يقفوا مكتوفي الأيدي” ورغم من تأكيد بيان التنظيم “ 20 مارس 2013 ” على أن “حماية المنشآت العامة والخاصة هي مسئولية الشرطة بالدرجة الأولى” فقد حرص على التلويح بأنهم متمسكين بما وصفوه أنه “حقنا في الدفاع عن أنفسنا ومقراتنا وممتلكاتنا ولن نفُرط فيها”.

هناك حالة واضحة من التناسخ بين تكتيكات وأساليب تعاطي النهضة الآن وما انتهجه الاخوان بمصر بعد 30 يونيو، وهو ما لا يدع مجالًا للشك أن التنظيم الدولي قد صاغ لفروعه أدبيات للتعامل مع مراحل وفترات السخط الشعبي، وطورها بعد انكشاف مخططاته العنيفة في مصر، وتحسبه لتداعياتها على قبوله بالأوساط الدولية، وأنه أصبح أكثر ميلا

لترويج المظلومية عن المواجهة الخشنة.

وفي ضوء الحالة المصرية والتقارب التكتيكي بين فروع التنظيم الدولي للإخوان، يرُجح أن تسير حركة النهضة خلال الفترة القادمة في مسارين: الأول، مهادنة القوى السياسية ومؤسسة الرئاسة لإظهار سلمية تحركاتها، والدفع نحو ضغوط دبلوماسية خارجية وتوظيف الحشد بالشارع لتحسين موقفها الداخلية.

والثاني، تعطيل أية حلول محتملة وتأزيم الوضع التونسي، وربما تفعيل إثارة الاضطرابات، إذا وجدت خطراً على نفوذها وسيطرتها على المشهد وأن مشروعها قد يقُضى عليه.

إقرأ أيضا :

تونس تعلن الحرب علي جماعة الإخوان الإرهابية وتقيل الحكومة والبرلمان

اترك رد

%d