الوطن المصرى – آلاء شوقى
ليس سهلًا أن تدرك ما يريد الكاتب الصحفى سعيد نصر أن يقوله من خلال كتاب مسرحية “ولي في قطار تائه” ، والتي سيتم عرضها في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وقد يحتاج إدراك المراد إدراكه، وفهم المراد فهمه، أن تقرأ الكتاب أكثر من مرة ، وقد تندهش وأنت تسير فوق حروف الكلمات، وتصعد درجات سلم الأحداث ، من دواخل شخصيات المسرحية، وخاصة بطلها سلام .
فالمسرحية تتسم بأنها كونية على مستوى المكان والزمان، فهي تتمحور حول قيمة عليا يدافع عنها البطل ويؤمن بها كل من حوله، وتتمثل هذه القيمة العليا في إنقاذ الكون من خطر داهم.
طبع ونشر المسرحية من خلال مركز إنسان للدراسات والطبع والنشر ، ليست مجرد خطوة عادية، وإنما قرار اتسم بالجرأة، وذلك بعد أن تخوفت دور نشر أخرى من طبعها ونشرها، وهو ما يجعل قرار نشرها بمثابة حدث مهم جدًا، في معرض القاهرة الدولي للكتاب، والمقرر إقامته في الفترة من 30 يونية وحتى 15 يوليو.
فكل من إطلع عليها قبل نشرها يرى أن سر الإبداع فيها أنها مكتوبة بحبر القلب وقلم الروح، وليست مكتوبة على طريقة الشاعر الصنايعي ، وإن كان كاتبها لاتنقصه حرفية الصنعة.
فمسرحية «ولي في قطار تائه» لكاتبها سعيد نصر، والتي صارت على وشك الصدور عن مركز إنسان للطباعة والنشر،هي عمل أدبي يتفاعل مع تساؤلات عميقة وقضايا إنسانية كبرى، ويثير تساؤلات أكثر عمقًا، وقضايا أكبر حجمًا وأثرًا، وهذا ما يجعله عملًا يحاكي «القضية الكلية» ، أحيأنًا بالجزئية، وأحيانًا بالكلية.
“ولي في قطار تائه” مسرحية شعرية مختلفة، تبدو لقارئها ، كما لو كانت دفقة شعورية واحدة، ثارت بوجدان شاعر، وساحت في نوازع النفس البشرية، والقضايا الكونية، والمدركات الحياتية، ولم تهدأ ثورتها إلا في نهاية دورتها، أي في لحظة انسدال الستار على الأشخاص والأحداث، وهذا يضفي عليها طابع التشويق والتأثير الوجداني، ويجعلنا أمام حقيقة مفادها أن ما يُكتب بمداد القلب والروح، لايُقرأ إلا بذات الطريقة، فهي مسرحية شعرية تُقرأ بالقلب والذهن معا، وليس باللسان والأذنين فقط،وذلك على عكس ما يحدث حال قراءة الناس لأي مسرحية شعرية أخرى.
مسرحية شعرية قابلة للتأويل
وتتسم مسرحية « ولي في قطار تائه»، لكاتبها سعيد نصر، بأنها مسرحية شعرية قابلة للتأويل، سواء في بعض أشخاصها أو في بعض أحداثها، وسواء في بعض أفكارها الظاهرة أو في أفكارها المستترة، وهذا يجعلها مسرحية كل الناس، وليست مسرحية كاتبها فقط، ويجعلها أيضا، وبفضل الرمزية التي تغلب عليها، بمثابة « نص حمال أوجه »، يحتك معه كل قارىء، بحسب قراءته للحياة ورؤيته للبشر وفكرته عن الكون والخير والشر، والحلم الكوني الذي يحلم به كل الطيبين في القرية الكونية.
“ولي في قطار تائه”، مسرحية شعرية لاتخلو من المضامين الفلسفية، وهي مضامين تتفاعل مع الرمزية والسردية الشعرية ، وتشكل ما يشبه الشاشة السينمائية العارضة للأحداث بالصوت والصورة، في ذهنية المتلقي، وهذا في الحقيقة لايصعب على القاريء تلمسه وتحسسه، خاصةً القارىء المحب للأدبة عامةً، والمحب للشعر خاصةً.
مسرحية «ولي في قطار تائه» للكاتب والشاعر سعيد نصر، أكثر ما يميزها من وجهة نظري، أن الاتصال فيها ليس في اتجاه واحد، وإنما في اتجاهين، حيث في فصلها الثاني، يشارك جمهور المسرح في أحداث المسرحية ورسم نهايتها، وذلك بعد أن أدرك الجمهور المتفرج على مسرحية شعرية كونية تعرض على خشبة مسرح باتساع العالم كله، أنه جزءًا لايتجزأ منها، وبأن مصيره مرتبط بشكل ومضمون نهاية أحداثها، وهو أمر فعله شعراء مسرحيون سابقون، ولكن الجديد والمختلف في مسرحية”ولي في قطار تائه”، هو أن سعيد نصر فعله بشكل مميز ومختلف، حيث جعل أحد المشاهدين، وهو “طفل نابغ” ، ابن بطل المسرحية، يحمل رمزية الطهارة والبراءة والذكاء والإرادة ، واختاره الكاتب كرمزية للجيل الجديد أو جيل المسقبل على مستوى العالم كله، هوالذي يحدد شكل ومضمون النهاية.