الإثنين, 16 سبتمبر, 2024 , 2:23 م

فى تقرير خطير.. عقار “الدائرى”المحترق يكشف عورات “المحليات”

وزير التنمية المحلية ومحافظ الجيزة ورؤساء الأحياء فى مرمى الإتهامات

النيابة العامة تفضح المسئولين المقصرين .. و”الإدارية” تفتح تحقيقات موسعة

مالك العقار المنكوب يعترف : اشتريت الأرض ” زراعية” .. وبنيت بدون ترخيص

تقرير – خالد عبد الحميد

أفردت الصحف والمواقع الإلكترونية وبرامح التوك شو مساحات كبيرة لتغطية حادث حريق عقار كرداسة الملاصق للدائري ، كما أدلى عدد من نواب البرلمان بدلوهم فى الحادث ، إلا أن أحد من كل هؤلاء لم يتطرق إلى المتهم الحقيقي فى هذا الحادث والذي يتغافل عنه الكثيرين بسبب الفساد الإدارى الذي تعانى منه مصر لعقود طويلة ولا يزال ينخر فى جسد الدولة رغم مئات القضايا التى يتم ضبطها .. المتهمين فيها مسئولين بالدولة.

لقد بُحت أصوتنا منذ سنوات بضرورة توجيه الحكومة بوصلة الإصلاح نحو المحليات .. وفسادها وهى الطامة الكبرى التى ابتليت بها مصر ، ولكن يبدو أن هذا الملف من وجهة نظر بعض المسئولين ليس عاجلا أو اضطرارياً ، رغم أن الفساد الذي ينخر فى عضُد الدولة يُجهض كافة الإصلاحات التى تتم والتى لم تشهدها مصر منذ عقود طويلة وربما فى تاريخها الحديث .

وما يثير استغرابنا حقاً هو اعتراف المسئولين فى الدولة بوجود فساد فى المحليات وبأنها ملف ينبغى مواجهته .. كلام يبدو فى ظاهره محترم ويستحق التحية والإشادة ، ولكن فى باطنه مجرد تصريحات استهلاكية غير موجودة على أرض الواقع والدليل من نراه ونسمعه من كوراث لا يخلو يوماً منها وبطلها إما رئيس حى أو رئيس مجلس مدينة ، أو مهندسين فى الأحياء والمدن .. الكوارث فى المحليات عرض مستمر ، رغم أن الحكومة تضم وزيراً للتنمية المحلية ، ومحافظين ” يسدوا عين الشمس ” .

نحن هنا فى هذا التقرير لا نعلق المشانق لأحد لأننا جميعاً فى مركب واحد ونسعى لنواكب ونلاحق ما يقوم به زعيم مصر وقائدها الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي نشعر كشعب بما يعانيه من أداء باهت وفساد متجزر من بعض المسئولين فى الدولة .

لقد كشفت واقعة عقار كرداسة النصف الآخر من الكوب والذي ساهم بعكارته فى تشويه نصف الكوب المشرق الذي يحمل الخير والتنمية ويمتطى جواد الإصلاح .

لقد وضع بيان النيابة العامة الذي صدر بخصوص واقعة عقار كرداسة المحترق كل مسئول فى الدولة أمام مسئوليته وكشف العوار الذي تعيشه المحليات ليؤكد أن المتهم ليس هو فقط مالك العقار معدوم الضمير الذي أقام عقاره بما يضمه من 110 وحدة سكنية على أرض زراعية ، وبدون ترخيص ، والمصيبة أنه تمكن من إدخال كافة المرافق من كهرباء ومياه وغاز لهذا العقار المخالف بمساعدة المرتشين والفاسدين فى المحليات .. وربما هذه المرة يتم محاسبة تلك الشرزمة التى استحلت المال الحرام على حساب شعب ودولة .. ويجب أن يطال الحساب قمة المحليات بداية من وزير التنمية المحلية ومحافظ الجيزة باعتبارهما مسئولين مسئولية تبعية وتضامنية لأن هذه الكارثة تقع فى نطاق عملهما ومسئوليتهما ، ولا يجب فى إطار المحاسبة ، أن نكتفى برئيس مجلس المدينة أو المهندسين أو الموظفين المتورطين فى الواقعة ، فالكل مسئول والكل مدان حتى من أغمض عينيه عن هذا العقار المخالف وهو مسئول فيجب أن يحاسب لأنه شريك سلبي فى الكارثة.

لقد سببت واقعة احتراق عقار كرداسة أزمة مرورية دفع ثمنها آلاف من المارة وقائدى السيارات على مدار أربعة أيام ويزيد .. الكل يخشي سقوط العقار فى أي وقت فوق الكوبرى الدائرى ، ما جعل رجال الحماية المدنية والمرور يعلنون حالة الطوارئ ويقومون بتغيير اتجاه المرور لتلافى السير بجوار العقار المحترق .

والسؤال الذي يتفرع منه عدة أسئلة أخرى هو : ألم يمر مسئول واحد فى الدولة على الدائرى ويشاهد تلك الأبراج الشاهقة التى أحاطت به وتكاد تسقط فوقه بسبب قربه الشديد منه .. ألم يمر وزير التنمية المحلية أو محافظ الجيزة الحالى أو السابق أو الأسبق من هذا المكان أم أنه كان مستغرقاً فى متابعة انستجرام أو الوتساب ، وربما كان يشاهد اليوتيوب أثناء مروره أمام تلك المخالفات .

المشهد مأساوى ، والإهمال والفساد وصل لـ”للحواجب” وليس للركب وآن الآن لمواجهته مواجهة جادة وحقيقية وعاجلة إذا إردنا الحفاظ على ما تم من إصلاحات تاريخية خلال الأعوام الستة الماضية .

وبسبب جسامة الواقعة وخطورتها تقوم نيابتين بالتحقيق فيها هما : النيابة العامة ، والنيابة الإدارية .. كلاهما فتح تحقيقات موسعة فى الواقعة ، فأصدرت النيابة العامة بياناً أكدت فيه “……. أن العقار محل الواقعة غير صادر له ترخيص بالبناء ولا يمكن صدوره لوقوعه خارج الحيز العمراني وبنائه على أرض زراعية في حرم الطريق الدائري، وتبين عدم اتخاذ بعض المهندسين بمركز ومدينة كرداسة الإجراءات القانونية قِبَل القائمين بأعمال تلك المخالفات مما تسبب في تحقق أضرار تمثلت في عدم تحرير محاضر بتلك المخالفات والتقاعس عن المتابعة وعدم احتساب الغرامات وتحصيلها من المخالفين والبناء على أرض خارجة عن الحيز العمراني، وإثبات اسم مغاير لمرتكب المخالفات الحقيقي،  مما أسفر  عن حدوث الواقعة موضوع التحقيق، وأنه تبين تقديم مالك العقار المخالف طلبًا للتصالح عما ارتكبه من مخالفات، وقد رُفض طلبه فتظلم منه ولم يبت في التظلم حتى تاريخه.

وأن من ضمن الإجراءات المتخذة حيال الواقعة صدور قرار من “إدارة الشئون القانونية” بالمركز بإخلاء العقار، وقرار من “لجنة المنشآت الآيلة للسقوط” بإخلاء العقارات المجاورة واتخاذ إجراءات هدم العقار طبقًا للمواصفات الهندسية التي تضمن عدم حدوث ضرر للمارة والعقارات المجاورة والطريق الدائري؛ لما يمثله العقار من خطورة الآن، على أن تبدأ تلك الإجراءات فور إخماد الحريق.

وعلى ذلك اتخذت “النيابة العامة” إجراءاتها نحو حصر المخالفات التي شابت العقار والقائم بها والمسئول عنها والإجراءات القانونية التي اتخذت قِبَلها وما شاب تلك الإجراءات من أخطاء ومخالفات، وتحديد المسئول عنها من الموظفين العموميين لاتخاذ ما يلزم قانونًا معهم.

كما قامت النيابة الإدارية بفتح تحقيقات موسعة فى الواقعة حيث أمر المستشار عصام المنشاوى رئيس هيئة النيابة الادارية بفتح تحقيق عاجل امام المكتب الفنى لرئيس الهيئة للتحقيقات ، وذلك فى اعقاب نشوب الحريق بمخزن أحذية غير مرخص بالعقار المنكوب بمحافظة الجيزة .

وتضمن بيان النيابة ان التحقيق سيشمل بيان سلامة الاجراءات التى شابت انشاء العقار والمخزن للوقوف على كافة المخالفات والمسئولين عنها من كافة الجهات الادارية المختصة مع عرض الأوراق على رئيس الهيئة للتصرف فيها فى ضوء ماتنتهى اليه التحقيقات .

                                        ( طوارئ فى مرور الجيزة )

فور وقوع حادث احتراق عقار كرداسة وتهديده للمرور فوف الكوبرى الدائرى الذي يمثل شريان الحياة والربط بين أكثر من محافظة هرعت قوات الحماية المدنية وعشرات من سيارات الإطفاء إلى موقع الحادث ، كما أعلنت الإدارة العامة للمرور وإدارة مرور الجيزة حالة الطوارئ منعاً للزحام والتكدس المرورى بعد إغلاق الدائرى من الجانب المواجهة للعقار المنكوب خوفاً من سقوطة فى أي لحظة على السيارات المارة ووقع كارثة كبرى لا قدر الله.

فأعلنت الإدارة العامة للمرور عدة تحويلات لتلاشي التكدسات وهي :

– القادم من الطريق الدائري من اعلي طريق القاهرة / الاسكندرية الزراعي في اتجاه وصلة المريوطية تم تحويله إلي الاتجاه الأخر القادم من وصلة المريوطية اتجاه طريق القاهرة / الاسكندرية الزراعي رد حارات مرورية يتم تسيير الحركة المرورية في القادم من وصلة المريوطية اتجاه طريق القاهرة/ الاسكندرية الزراعي في 3 حارات مرورية.

– القادم من طريق القاهرة / الاسكندرية الزراعي اتجاه وصلة المريوطية في ۲ حارة مرورية بمنطقة العقار السابق الاشاره اليه المسافة ۵۰۰ متر ثم العودة عقب تجاوز منطقة العقار.

                                     ( الماس سبب الحريق )

كانت المعاينة الأولية التى أجريت بمعرفة مباحث الجيزة وإدارة الحماية المدنية قد أكدت وقوع ماساً كهربياً بعقار يتكون من 18 طابقاً بمنطقة كرداسة يضم 110 شقة سكنية وتحديداً بالطابق الأرضي تسبب فى اشتعاله وامتدت النيران للدور الأول والثانى والذي يستخدمهم مالك العقار مخزنا ومصنعاً للكوتشهات والأحذية وبهم أيضاً مواد كيماوية قابلة للاشتعال .

على الفور انتقلت قوات قوات الحماية المدنية بالجيزة إلى مكان الحريق لمحاولة إخماد النيران والسيطرة على البرج المحترق لكن لم تنجح المهمة  ، واضطرت قوات الاطفاء للتعامل من باب البدروم إلا ان استمرار وشدة النيران أدت إلى انهيار أجزاء من السقف على القوات ، وحذرت لجنة من كلية الهندسة من التعامل مع الحريق بخراطيم المياه حتى لا يسقط البرج على الكوبرى الدائرى وتقع الكارثة الكبرى .

                                            ( تجار الثورة )

استغل مالك البرج المنكوب الحالة التى كانت تمر بها البلاد فى عام 2013 وانشغال أجهزة الدولة فى الحفاظ على الأمن والاستقرار ومواجهة تهديدات جماعة الإخوان الإرهابية وبدأ فى تشييد أكبر برجاً مخالفاً فى مصر مكون من بدروم وقد استغله المالك مخزناً للأحذية وهو الذي اشتعل فيه الحريق، ثم طابقين «ميزان» بهما منفذًاً لبيع الأحذية الرياضية والكوتشهات، ثم 12 طابقًا سكنيًا بكل طابق 9 وحدات ، وتمكن من بيع ما يقرب من 25 وحدة سكنية ، وقد أكدت المعلومات أن العقار بلغت تكلفته الإنشائية ما يقرب من 45 مليون جنيهاً .

                                        ( أقوال المتهم فى النيابة )

أكد مالك العقار المتهم أمام نيابة مركز كرداسة بإشراف المستشار حسام خالد بعد القبض عليه تنفيذاً لقرار النيابة، أنه قام بسداد مبلغ 550 ألف جنيه جدية تصالح في مخالفات بناء العقار، التي قٌدرت بمليون و200 ألف جنيه، تنفيذا لقرار الحكومة،

وأضاف أنه قام بشراء قطعة الأرض وقتما كانت زراعية وقام ببناء العقار على مساحة ألف متر وأقام 12 طابقا بدون ترخيص ، وأنه عندما صدر قرار من الحكومة خلال الفترة الماضية بإجراء تصالح مع أصحاب العقارات المخالفة، سعى لتقنين أوضاع العقار وعمل تصالح وسداد جدية التصالح ولكن تم رفض طلبه لأن العقار لم يقم باتخاذ إجراءات الأمن والسلامة مثل رشاشات المياه وطفايات الحريق، وهو ما اضطر معه لأن يقوم بالإتفاق مع إحدي الشركات لتتولى إنهاء هذه الإجراءات وبالفعل بدأت الشركة في عملها وقبل أن تتهي منه وقع الحريق.

وعن أسباب الحريق أكد صاحب العقار خلال التحقيقات” أنه منذ عدة أيام حدث عطل بلوحة الكهرباء الخاص بمخزن الأحذية المملوك له والذي يقع أسفل العقار وقد قام بإصلاحه، وبعد ذلك فوجئ بنشوب حريق داخل المخزن امتد إلى طابقين آخرين، وقد إلتهم الحريق الأحذية المتواجدة بالمخزن والمقدرة بما يقرب من 4 ملايين جنيه وقد ساعدت المواد المصنع منها الأحذية على استمرار الحريق.

وقد وجهت النيابة للمتهم اتهامات بالإهمال الذي تسبب في تعريض حياة المواطنين للخطر، وإدارة منشأة تجارية بدون ترخيص، وبناء عقار بدون الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة

 

 

اترك رد

%d