الجمعة, 17 مايو, 2024 , 11:12 ص
د. غالى أبو الشامات

المال بين مطرقة الاستثمار وسندان الإدخار

د. غالى أبو الشامات

بقلم /دكتور غالى أبو الشامات

طالت الأزمة الاقتصادية و طال انتظار الحل و الفرج، و لكن الحل بيدنا و ليس بيد احد. الأزمة العالمية التي بدأت عام ٢٠٠٨ مستمرة الى يومنا هذا، و الوطن العربي غَرِقَ في وحل “الحدائق” الخلابة التي أتت مع ما يُسمى “بالربيع العربي”.
منذ عام ٢٠٠٨ و الاقتصاد لم يتعافى و لا نرى اي مؤشر إيجابي لأي تعافي، و انا اتحدث عن العالم اجمع و لا اتحدث عن دولة دون اخرى. العالم اصبح قرية صغيرة، فالاقتصاد في الصين يؤثر على العالم باكمله و الاقتصاد في امريكا يؤثر على العالم أيضاً، و الجميع في تنافس خطير و خطير جداً، لان ليس هناك رابح وحيد في ظل العولمة الحاصلة و الاقتصاد المرتبط ببعضه.
لقد تعلمت ان احياء المال يكون بالمال و ليس بأي شي اخر، فمع وجود كمية كبيرة من السيولة في جميع بنوك العالم إلا ان استثمارها ضعيف و ضعيف جداً. ليس من مصلحة البنوك تجميد أموالها بهذا الكم، فالعجلة الاقتصادية تُدار بالمال و الاستثمار و الصناعة و التجارة و السياحة. يجب ان تكون الفائدة في البنوك ضئيلة جداً كي يتم استثمار المال بدل الادخار في البنوك و الجلوس في المنزل بإنتظار العائد الشهري. هذه الخطة و الطريقة تُدمر المجتمع و تضفي عليه طابع الكسل؛ الكسل الجسدي و العقلي و الاجتماعي و الثقافي، فيصبح المجتمع مشلولاً تماماً ينتظر ماله من هذه المؤسسات التي تحتكر ليس فقط ماله بل عقله و قدراته أيضاً. يتم رفع الفائدة لأخذ سيولة معينة لإنفاقها في البلد على هيئة مشاريع متعددة و ثم تعود لوضعها الطبيعي. مثال على الخطأ الذي حصل مؤخراً في لبنان، رفعت البنوك الفائدة و اخذوا أموال المواطنين و من ثم انهار الاقتصاد و اصبح المواطن عاجز عن استرداد أمواله. فلم يكسب المواطن شيئاً و لا كسبت الدولة كذلك، فقد قالت انها تريد الحفاظ على سعر عملتها و هي الليرة و هذا شبه مستحيل في ظل هكذا اقتصاد عاجز و عدم اتفاق عام. لانه فعلياً الاقتصاد اللبناني في ركود منذ اكثر من ١٥ سنة.
الوضع الاقتصادي في أوروبا يعاني ما يعانيه منذ اكثر من ١٠ سنوات، و افريقيا لديها عوائق كثيرة بسبب عدم مجاراتها للاقتصاد العالمي و المنظومة المالية العالمية و عامل الفساد المستشري في جميع مفاصل الحياة، و عدم الشفافية و الحالة المصرفية التي هي دون المستوى المطلوب.
الصين و روسيا و امريكا يعانيان بسبب الحرب الباردة القائمة بينهم و هذا يكفي للتأثير على اقتصاد العالم بأكمله.
نستطيع تخطي بعض العوائق الاقتصادية بفتح باب القروض مع فايدة ضئيلة لتشجيع الصناعة و التجارة و الحركة العامة في البلد، و أيضاً ازالة الفائدة العالية على الودائع كي يتحرك السوق و يصبح اكثر انتعاشاً.
لا نريد ان ننسى دور مؤسسات خارجية تعمل على إضعاف قُدراتنا و هنا سوف يقول البعض اني أُشير الى نظرية المؤامرة على الوطن العربي. انا لا أشير الى اي نظرية بل أؤكد ان هناك مؤامرة على الوطن العربي و على مقدرات البشرية بشكل عام. لا شك ان هناك غباء إداري في أماكن كثيرة و لكن هذا يسهل دخول المؤامرة علينا التي هي أصلاً موجودة.
هل تفكيك الدول العربية شئ عادي و غير مدروس؟ هل طمس القدرات و الموارد الأفريقية شئ طبيعي؟ هل إختراع العملة الرقمية شئ بسيط و سهل؟ كل هذا و إن دل على شئ فهو يدل على وجود مؤامرة غير عادية و مدروسة.
العملة الرقمية المجهولة الهوية من اختراع مَنْ؟ مع كل قيود الدول و البنوك المحلية و العالمية على التحويلات و الإيداعات، إلا ان وجود العملة الرقمية المجهولة جعل جهد هذا المؤسسات يضيع بأيام قليلة.
نريد الخروج من عنق الزجاجة و العودة للعمل و الإنتاجية و التكاتف و المصداقية و الشفافية كي يزدهر إقتصادنا و ينمو، و بإمكاننا فعل هذا و “مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة”، و لكن أين هي هذه الخطوة.

اترك رد

%d