الوطن المصرى – ريهام إبراهيم
زعفران بماء الورد يشفيك من الحسد .. وببركة الروحانيين حاجتك مقضية بإذن الله
خزعبلات وخرافات وعمليات نصب يقوم بها بعض من اعتقدوا أنهم أذكياء مستغلين غباء وجهل بعض المواطنين ورغبتهم فى المشى شمال والحصول على ما ليس من حقهم غير راضيين بما قسمه الله لهم .
الأدوات “بخور جاوى وكندر وشوش ومسك إنجليزى وترياق هندى”، يطلبها الدجالون أو الروحانيون، كما يطلقون على أنفسهم، يستخدمون عادة الزعفران المخلوط بماء الورد، لكتابة الطلاسم فى أشهر روشتة بين الروحانيين، ويوفرها لهم أشهر العطارين بالبحيرة، ورغم ارتفاع أسعار هذه الطلبات فإنهم لا يرضون بغيرها بديلاً، يستخدمونها لفك السحر وجلب الحبيب وتوفيق المختلفين وعلاج المربوط – على حد زعمهم .
رواد منازل الروحانيين أو الدجالين أكثر من رواد المستشفيات والعيادات الطبية، بحثاً عن الحل السهل والسريع للتداوى، وتجسّد قرية (محل بشر)، أشهر قرى الجمهورية فى السحر والشعوذة، نموذجاً لهذا الخلل، حيث يقصدها ضعاف النفوس الذين يريدون إيذاء الغير بأعمال السحر الأسود الذى يحرمه الدين وينكره العُرف ويعاقب عليه القانون.
الكثيرون يسمعون عن لاعبى كرة القدم وأصحاب الأندية الذين يقصدون مركز شبراخيت بالبحيرة للتعامل مع الدجالين اعتقاداً منهم فى جلب الفوز والنصر. رمضان خليف، موظف بالأوقاف بشبراخيت، يقول: أساطير وروايات كثيرة نسمعها حول الدجالين وأعمال السحر والشعوذة بقرية محلة بشر، والأمر الذى لا ينكره سكان القرية هو زيارة المشاهير والأغنياء لها، فنرى السيارات الفارهة تقصد شوارع القرية، وتقف أمام منازل الدجالين المعروفين للجميع، أما عن الروايات فكثيراً ما سمعنا من الأجداد عن الجن والسحر بشبراخيت، وعن الخلافات التى تدب بين السحرة، ويقع الأهالى ضحية لتلك الخلافات، فأذكر رواية جدى الذى عاصر الكثير من هذه الأشياء عن مشاجرة نشبت بين اثنين من كبار السحرة فى ذلك الوقت، وحسب قوله لم تستمر المعركة بينهما سوى 5 دقائق، ولم يصل الأمر إلى الاشتباك، بل كان عبارة عن تبادل السباب والشتائم بسبب نزاع على أرض زراعية، ثم انصرفا فور ذلك يتوعد كلاهما الآخر، اعتقدنا وقتها أن كلاً منهما سيحضر أقاربه للاعتداء على الآخر، إلا أن انتقامهما كان من نوع آخر، بعد أن اعتكف كل منهما داخل خلوته وظلا يرسلان الجن لبعضهما فى أكبر واقعة تعذيب وضرب شهدتها القرية التى أطلق عليها الناس ” قرية العفاريت”.
وسط حجرة مليئة بالكتب القديمة والحديثة داخل منزل بمركز كفر الدوار، يجلس مصطفى المهدى، أحد المعالجين الروحانيين المعتزلين، يروى تجربته مع كتب العالم السفلى وتحضير الجن، قائلاً: ” قرأت كتباً بعدد شعر رأسى، وحصلت على مجلدات تساوى مئات الآلاف من الجنيهات، كان أبرزها كتاب شمس المعارف، أشهر كتب السحر على مر التاريخ، وسلكت درب الشيوخ الروحانيين بقصد جلب الخير للناس ودفع الأذى عنهم وشفائهم من الأمراض، إلا أننى أدركت متأخراً أن الخير والشفاء بيد الله، والحالات التى تتعرض للسحر والمس وغيره لا تُشفى إلا بالتزام صاحبها والتقرب إلى الله وقراءة القرآن، وما يفعله الروحانيون من اتصال مع الجن بهدف إبعاده عن جسم المريض، لا يشفى بنسبة كبيرة بل يزيد أحياناً من قوة الجن، وأنا أؤكد أن كل من يمارس السحر الأسود هو فى الأصل ساحر، وأتحدى أى شخص يقول غير ذلك من الشيوخ الروحانيين”.
يقطع حديث “المهدى” دخول رجل يرتدى الزى الفلاحى وهو جاره ويعمل عطاراً، وبعدما عرف طبيعة الحوار بيننا اعترض على وصف الدجالين بالشيوخ، متحدثاً بعفوية: “أنا معرفش شيوخ غير اللى بيطلعوا على المنبر يخطبوا يوم الجمعة، أما الناس اللى بيدّعوا العلاج الروحانى فكلهم نصابين، وأنا ليا تجربة سوده مع كتب الجن”.“عطار”: لا يوجد علاج روحانى و”كلهم نصابين”.