تقرير – خالدعبد الحميد
تحتفل مصر اليوم بمرور 6 سنوات على ثورة 30 يونيه 2013 .. تلك الثورة الشعبية التى انحاز إليها الجيش لإنهاء حقبة مظلمة من تاريخ مصر لم تدم أكثر من عام .. شهدت مصر خلالها أسوأ عهودها ، فى ظل عملية التكويش والتمكين التى تبناها نظام جماعة الإخوان وانتهت بإزاحتهم عن الحكم فى ثورة أذهلت العالم وأجبرته على إحترام إرادة المصريين رغم محاولات الفصيل الإرهابى وأتباعه والأنظمة الخارجية الداعمة له فى تشويه إنجاز 30 يونيه .
اليوم نحتفل بمرور 6 سنوات على هذه الثورة شهدت خلالها البلاد انتفاضة اقتصادية وتنموية غير مسبوقة ، وربما لم تشهدها مصر منذ عهد محمد على باشا .. تم بناء أكثر من 500 ألف وحدة سكنية لمحدودى الدخل ، والتصدى لملف العشوائيات وتوفير حياة كريمة لقطاع كبير من المواطنين الذين كانوا يقطنون فى عشش وأماكن غير آدمية ، وتم تسكينهم فى ” الأسمرات 1 والأسمرات 2 ” ، كما شهدت سيناء تنمية غير مسبوقة بعد ربطها بالوادى عن طريق شبكة طرق وأنفاق هى الأولى من نوعها ، بالإضافة إلى بناء مدينة الإسماعيلية فى قلب شمال سيناء
وذا ما تحدثنا عن شبكة الطرق والمحاور التى تم انشائها خلال السنوات الست الماضية فحدث ولا حرج ، بعد أن شهد القاصى والدانى فى مصر بالطرق التى تم انشائها والتى ساهمت بشكل كبير فى التخفيف من الزحام الذى كان كابوساً ضرب مصر لسنوات طويلة ، وساهمت شبكة الطرق الجديدة فى تشجيع العديد من المستثمرين على توجيه بوصلة استثماراتهم إلى مصر ، بالإضافة إلى تعديل قانون الاستثمار لتسهيل الإجراءات على المستثمرين .
ليس هذا فحسب ما تم ، بل بدأت السياحة المصرية فى التعافى وبدأت الوفود السياحية تعود إلى مصر بعد 9 سنوات عجاف منذ ثورة 2011 .
وعلى الرغم من حركة البناء والتنمية التى شهدتها مصر فى السنوات الست الماضية بعد ثورة 30 يونيه ، إلا أن أهل الشر لم يتركوا مصر تعيد بناء ما خلّفه الماضى البغيض ، فاشتدت وتيرة العمليات الإرهابية التى تضرب مصر منذ قيام ثورة 2013 وحال قوة وتماسك الجيش المصرى ومعه الشرطة المدنية والدعم الشعبى الهائل لهما فى الحيلولة دون تنفيذ المخططات الإرهابية والنيل من الدولة المصرية وكسر إرادتها ، وقد دفعت مصر الثمن غالياً ولا زالت تدفع من أرواح ودماء أبنائها شهداء الوطن من الجيش والشرطة والمدنيين .
ومن يسمع ويشاهد كلمات أهالى الشهداء يفتخر بأن فى مصر مواطنين الوطن أغلى لديهم من النفس والجسد .. والإبن والسند .. هذه الكلمات هى الوقود الحقيقى والدفعة الهائلة التى ينهل منها جنودنا فى الميدان لمواصلة عملية الشرف والكرامة وتحرير سيناء من فلول الإرهاب .
تحتفل مصر اليوم بذكرى تصحيح مسار الدولة المصرية داخليًا وإقليميًا ودوليًا، ووضع خارطة طريق بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى كانت بمثابة طوق النجاة لما تبقى من الدولة بعد أن هدمته أفكار وسياسات جماعة الإخوان ، وتخطو أولى خطوات تصحيح المسار وخلق فرص جديدة للتعاون سياسيًا وإقتصاديًا وإنسانيًا مع العالم فى محاولة لمحو ما قامت به الجماعة الإرهابية .
ففى سعيها لإعادة بناء السياسة الخارجية سعت الدولة المصرية إلى إعادة بناء سياستها الخارجية اعتمادا على مبادئ الندية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية لها، وتحقيق مصالح الشعب المصري من خلال إدارة علاقات مصر الدولية في إطار الشراكة ودعم إرادة الشعوب ودعم الحلول السياسية السلمية للقضايا المتنازع عليها.
ومن أبرز سمات السياسة المصرية في هذه الحقبة الانتقالية: التعامل مع الإرهاب والفكر المتطرف كقضية ذات أولوية قصوى، وعلاقتها المباشرة بالأزمات التي تمر بها بعض دول المنطقة مثل سوريا وليبيا، والقضايا الدولية متعددة الأطراف، وقضايا الاقتصاد والتعاون الدولى، وعلاقات مصر الخارجية على المستويين الثنائي والجماعي، خاصة بعد أن نجحت الجماعة الإرهابية فى قطع العلاقات الإستراتيجية مع سائر دول الخليج والارتماء في أحضان قطر كأبرز داعم للإرهاب سياسيًا وتمويليًا.
ونتيجة لمساعي الدولة المصرية الحثيثة، وعملها على تقوية مؤسسات الدولة الداخلية وتطويرها وزيادة تماسكها مع الشعب بما ساهم بشدة في وجود مردود إيجابي قوي في صياغة السياسة الخارجية ودعم صانع القرار المصري في علاقاته الدولية، وكانت أول ثمار الحصاد للسياسة الخارجية التى بدأ تطبيقها فعليًا عقب تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسى، حصول مصر على مقعدٍ غير دائم فى مجلس الأمن خلال دورة (2016- 2017)، طبقًا لنظام التناوب على المقعد العربي بين الدول العربية من غرب أسيا وشمال إفريقيا، كما ترأس مصر لجنة مكافحة الإرهاب بالمجلس، وترأس القمة العربية، والجمع بين عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقى ورئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات الإفريقية المعنية بتغير المناخ.
وجاءت رئاسة مصر للإتحاد الإفريقى تتويجًا جديدًا للجهود المصرية وتوثيق لعلاقاتها بالدول الإفريقية بشكل خاص ودول العالم بشكل عام، وإنعكس ذلك بشكل قوى فى فتح أفاق لعلاقات جديدة ومتوازنة مع دول القارة.
وتركزت أولويات الرئاسة المصرية على تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية، مد جسور التواصل الثقافى والحضارى بين الشعوب الإفريقية، الإصلاح المؤسسى والمالى للإتحاد، تعزيز الآليات الإفريقية لإعادة الإعمار وتحقيق التنمية لمرحلة ما بعد النزاعات، تحقيق التكامل الإقتصادى والإندماج الإقليمى.
وقد ارتكزت العلاقات المصرية الأمريكية ما بعد ثورة 30 يونيو على عدة أسس لعل أبرزها: بالعمل على الإسهام الفاعل في إرساء تسوية مقبولة للقضية الفلسطينية تراعي حقوق ومطالب أطراف النزاع، وضرورة التوصل إلى السلام في السودان بدون الإخلال بوحدة السودان كدولة، وزيادة المساعدات الإضافية الأمريكية لمصر لمواجهة خسائر الحرب على العراق وكذلك الخسائر التي نجمت بعد أحداث 11 سبتمبر، ـ بدء المفاوضات الرسمية بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين بعد تحقيق تقدم في العلاقات التجارية في إطار اتفاقية التجارة والاستثمار، كما سعت الدبلوماسية بالدولتين لإيجاد إطار مؤسسي يتسم بصفة الاستمرارية وهو ما يُطلق عليه الحوار الإستراتيجي، لتحقيق التفاهم بين البلدين بمعزل عن التفاصيل اليومية لإدارة العلاقات المصرية – الأمريكية. كما حرصا على تحديد ثلاثة أهداف كبرى لتعاونهما وهي: السلام والاستقرار الإقليمي، و التصدي للإرهاب، والإصلاح الاقتصادي.
ودائما ما يشدد الرئيس السيسي على أن مصر ستظل داعمة لأي جهد مخلص يضمن التوصل لحل عادل ودائم للقضية الفلسطينية استنادا إلى قرارات ومرجعيات الشرعية الدولية وحل الدولتين وما تضمنته المبادرة العربية، على نحو يحفظ الحقوق الأصيلة للشعب الفلسطيني، الأمر الذي من شأنه صياغة واقع جديد بمنطقة الشرق الأوسط يحقق تطلعات شعوبها في الاستقرار والبناء والتنمية والتعايش في أمن وسلام.
كما شهدت العلاقات المصرية الروسية طفرة هائلة بعد إهمالها لعدة سنوات، حيث تم إبرام عدد من الصفقات العسكرية التي بموجبها لم يقتصر الاعتماد المصري على المساعدات العسكرية الأمريكية أو غيرها.
ومع بداية حكم الرئيس السيسى، بدأ تفعيل صيغة (2+2) من أجل تحقيق تنسيق عسكرى وسياسى كامل والتشاور المشترك فى التعامل مع السياسة الإستراتيجية للبلدين، بالإضافة لتوفير الدعم اللوجستى لكليهما، بخاصة أن مصر هى الدولة العربية الوحيدة حتى الآن التى تطبق روسيا معها هذه الصيغة في دلالة على اهتمام روسيا بتعزيز علاقاتها مع مصر، حيث تعد هذه الصيغة بمثابة امتياز كانت تعطيه روسيا فى السابق للدول الحليفة، وتمنح العلاقات طموحا أكثر للتعاون، ويستمر تطبيق صيغة 2+2 مع استمرار العلاقات الثنائية بين القاهرة وموسكو، ولا يوجد لها تاريخ صلاحية ولكنها لا تتسم بالأبدية.
وعقد الجانبان المصرى والروسي أربعة اجتماعات في إطار هذه الصيغة، الأول بالقاهرة في نوفمبر 2013، والثاني بموسكو في فبراير 2014 والثالث بالقاهرة في مايو 2017، والرابع في مايو 2018 في موسكو.
ودورية انعقاد هذه المشاورات تعكس الأهمية الإستراتيجية الخاصة للعلاقات المصرية الروسية، على خلفية ما تحققه من مصالح للبلدين والشعبين، بالإضافة الى الأهمية المتزايدة لتكثيف قنوات التشاور والتنسيق فيما يتعلق بالتطورات المتلاحقة والتحديات المتزايدة فى منطقة الشرق الأوسط.
كما حرصت مصر بعد إنقضاء حكم الإخوان على عودة العمل العربى المشترك كأساس لحل مشكلات المنطقة العربية، فى ظل تأكيد مصر دائمًا على أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من أمنها القومى. ومن أبرز ما شاركت به مصر كجهود مشتركة مع الدول العربية “عاصفة الحزم” التى تم تنفيذها بناء على طلب من الرئيس اليمنى المعترف به عبد ربه منصور هادي، بهدف تقديم العتاد والجنود والاعتراف بشرعية هذه الحرب على الحوثيين وأتباعهم، حيث قدمت 9 دول عربية طائرات محاربة للمشاركة في العمليات وهي مصر والسودان والأردن والمغرب والكويت والإمارات والبحرين، إضافة إلى قطر التي استبعدت في 2017 في حين فتحت الصومال مجالها الجوي والمياه الإقليمية والقواعد العسكرية للتحالف، كما قدمت بريطانيا والولايات المتحدة الدعم اللوجستي وزودت التحالف بالسلاح.