الأربعاء, 3 يوليو, 2024 , 12:42 م

د. عبد الوهاب غنيم يكتب عن التحول الرقمي لجميع الخدمات الحكومية


د. غنيم

يعيش العالم الأن عصرالثورة الصناعية الرابعة التي تعتمد علي الذكاء الصناعي وتكنولوجيا النانو,وتحليل البيانات الضخمة حيث ستختفي حوالي 50% من الوظائف التقليدية في العالم بحلول عام 2030 وستظهر وظائف وفرص عمل جديدة للشباب تعتمد علي المعلوماتية والإبداع والإبتكار وريادة الأعمال, وسوف يتعاظم دور الروبوت في جميع مناحي الحياة .

ويقول الدكتور كلاوس شواب مؤسس المنتدي الإقتصادي العالمي ” أن الثورة الصناعية الرابعة والإقتصاد الرقمي سيغيران من شكل العالم وشكل المنتجات وأساليب الإنتاج ” , حيث ستصبح معظم المنتجات ذكية وستظهر نظم النقل الذكية والسيارات ذاتية القيادة وغيرها.

وتنفيذاً لتكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء انعقاد مؤتمر الشباب السادس بجامعة القاهرة في يوليو 2018، ببدء المشروع القومي للتحوّل الرقمي للخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين والمستثمرين، والبدء بمحافظة بورسعيد كنموذج تطبيقي أوليّ ، توفر الحكومة جميع الإمكانيات وتعمل على الاستجابة السريعة للوصول إلى حلول مبتكرة لجميع التحديات التي تواجه المشروع لتنفيذ توجيهات فخامة رئيس الجمهورية بإنهاء التجربة بمحافظة بورسعيد في 30 يونيو 2019، والانتهاء من المشروع بأكمله على مستوى الجمهورية في 30 يونيو 2020.

وتعمل الحكومة على نجاح التجربة بمحافظة بورسعيد وتقييم التجربة طبقاً لمؤشرات الأداء ونظم الحوكمة، بغرض تعميمها على مستوى المحافظات الأخري , وتقوم بمتابعة الخطوات التنفيذية التي تتم في إطار تنفيذ مشروع البنية التحتية المعلوماتية من خلال مجموعة العمل التي ضمت ممثلين عن كل من هيئة الرقابة الإدارية , وزارة التخطيط والإصلاح الإداري والمتابعة ,وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات .

ومن الجدير بالذكر إن مشروع التحوّل الرقمي بمحافظة بورسعيد ينفذ ضمن خطة زمنية ومنظومة عمل دقيقة ,شملت دراسة الوضع الحالي من خلال استطلاع رأي المواطنين داخل المحافظة عن مستوى جودة أداء الخدمات الحكومية وتحديد الأولى لميكنة الخدمات وفقاَ للأولويات للخدمات ذات التأثير الكبير على المواطنين ، والوقوف على البنية التحتية والموقف التكنولوجي للخدمات، مع التأكد من توافر الأجهزة والمعدات داخل الجهات الحكومية المختلفة، بالإضافة لنشر ماكينات الصرف الآليّ ونقاط البيع بنطاق محافظة بورسعيد، وفقاً لأماكن تقديم الخدمات، والعمل علي إصدار البطاقات المصرفية للأفراد بمختلف أنواعها؛ لاستخدامها في السداد الإلكتروني للخدمات ضمن منظومة الشمول المالي.

وقد تم تنفيذ ورش عمل مع كافة مسئولي الوزارات المستهدفة ميكنة خدماتها، وتحديد المهام لكل منها بالإضافة إضافة للتأكد من مدى تأهل العنصر البشري بالجهات الإدارية.

ويتعاظم دوروأهمية الإقتصاد الرقمي حيث يقدر حجم الإقتصاد العالمي بحوالي 79 تريليون دولار, منهم حوالي 11 تريليون دولار هو حجم الإقتصاد الرقمي بنسبة 14%, ويساهم الإقتصاد الرقمي في الصين بقيمة 3.8 تريليون دولاربنسبة 34%, ويساهم الإقتصاد الرقمي بقيمة 1.6 تريليون دولار من الإقتصاد الأمريكي , ويقدر حجم الإقتصاد العربي بحوالي 2.6 تريليون دولار ويساهم الإقتصاد الرقمي بنسبة حوالي 4%  منها , وهي نسبة متواضعة ويذهب حوالي 90% منها إلي الشركات المتعددة الجنسيات والعالمية , أي ان استفادة الدول العربية ضعيفة جداُ من الإقتصاد الرقمي , ولهذا يجب علي الدول العربية التحول نحو الإقتصاد الرقمي المستدام والأمن بسرعة وبخطط وإستراتيجيات مدروسة.

ولهذا تسعي معظم الدول إلي التحول إلي الإقتصاد الرقمي المبني علي تطبيقات تكنولوجيا المعلومات الذكية والمعرفة والإبداع والإبتكار, ويعتبر الإقتصاد الرقمي أهم الموارد الإقتصادية بالعالم والذي يساهم في إنتاج القيمة المضافة, حيث يشكل التعليم والتطوير اللبنة الأولي لذلك, والتجارة الإلكترونية أحد أفرع الإقتصاد الرقمي حيث إزدهرت التجارة الإلكترونية عالمياً من تبادل المعلومات وبيع وشراء السلع والخدمات والتسويق الإلكتروني وفي زيادة سريعة ومضطردة, وخاصة مع تقدم التطبيقات الذكية  لتكنولوجيا المعلومات وظهورالعالم الإفتراضي ثلاثي الأبعاد, وتطبيقات الهواتف الذكية التي تستخدم الجيل الرابع  ,وظهور الجيل الثاني من الإنترنت  والحوسبة السحابية  ,واستخدام الإنترنت الأشياء التي تمكننا من مشاهدة الأشياء والأحداث والفعاليات والمزادات المختلفة عبر الإنترنت وكذلك تطويرمنصات التجارة الإلكترونية وبوابات الدفع الإلكترونية الأمنه.

ومن أهم أسباب التحول إلي الإقتصاد الرقمي هو عوامل الندرة والإستنزاف للموارد الريعية والطبيعية, ورفع الكفاءة والفاعلية لتقديم الخدمات الحكومية المختلفة للمواطن عبر الوسائل إلإلكترونية والموبايل علي مدار 24 ساعة يوميا مما يوفر الكثير من التكاليف والوقت والجهد, وزيادة الإنتاج وتوفير فرص عمل جديدة وتحقيق المساواة والشفافية.

وأعلن فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي ضرورة التحول إلي الإقتصاد الرقمي في ظل تطبيق خطة الإصلاح الإقتصادي الطموحة ورؤية مصر2030 للتنمية المستدامة  والتي تتماشي مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة , ويدعم ذلك الزيارات المكوكية لفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي لدول العالم  للعمل علي زيادة الإستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر وزيادة الصادرات المصرية للعالم ,ومنها زيارات إلي أمريكا وأوروبا وحضور قمة البريكس في الصين وهي الدول الأسرع نموا والتي تشكل ثاني أكبر قوة إقتصادية في العالم بعد مجموعة الدول الصناعية السبع الكبري.

وطبقاً للتقاريرالإقتصادية لبرايس ووتر هاوس كوبر أكبر بيت إستشاري عالمي تحتل مصر الأن المرتبة 39 عالميا طبقا للناتج المحلي الإجمالي, ومن المتوقع بعد تطبيق الإصلاحات الإقتصادية وزيادة الإنتاج والتصديرأن تحتل مصر المرتبة 19 عالميا بحلول عام 2030  والمرتبة 15 عالميا بحلول عام 2050 وستكون الصين الأولي عالميا عام 2030 .

وإن آفاق التجارة الالكترونية بسرعة نموها اليوم أصبحت بالمنظور العالمي هي النافذة التي ستطل منها دول العالم ومصر نحو آفاق أرحب للتبادل التجاري العالمي حيث يتوقع أن تصل لما يقارب ثلث اجمالي المبادلات الاقتصادية العالمية بحلول العالم 2021 ، وتلقي هذه التقديرات الضوء على الحكومة المصرية بضرورة تطوير منظومات التجارة الالكترونية وما يلحق بها من ضرورات تشريعية وتنظيمية وتكنولوجية وتجارية وتنظيم التفاهمات البينية والدولية والإقليمية لهذا الغرض, وتشجيع المستثمرين وشركات القطاع الخاص وريادة الأعمال والشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص للعمل علي زيادة ومضاعفة الصادرات المصرية من السلع والخدمات لدول العالم من خلال بناء وتطويرمنصات التجارة الإلكترونية لعرض جميع السلع والمنتجات والخدمات المصرية وتسويقها وبيعها إلكترونيا لجميع الأفراد والشركات في دول العالم ويتم الدفع من خلال بوابات الدفع الإلكتروني العالمية والعربية.

ونظراً للفجوة الرقمية بين الدول العظمي والدول النامية والعربية , فأنه مازال هناك تحديات تواجه الدول العربية ومنها ضعف البنية التحتية التكنولوجية الرقمية , وضعف الممارسات التجارية والتشريعات والقوانين التي تواكب البيئة الرقمية , والتي تنظم حركة التجارة الإلكترونية وتحميها من أعمال القرصنة الإلكترونية المختلفة  والتي تؤدي إلي ضعف الثقة في التعاملات الإلكترونية, ومازالت معظم الدول ليس بها قوانين لأمن وسرية وخصوصية المعلومات وقوانين التجارة الإلكترونية وقانون التوقيع الإلكتروني وقوانين تبادل المعلومات والشفافية , التي تحفظ وتحمي حقوق جميع الأطراف.

أتمني من الحكومة المصرية اعطاء حوافز وتسهيلات وتشجيع الشركات والمناطق الحرة علي بناء منصات للتجارة الإلكترونية وتطويرإدارة سلاسل التوريد وعلي سبيل المثال بناء منصة للتجارة الإلكترونية لبيع الأثاث المصري في مدينة دمياط للأثاث , ومنصة لبيع المنتجات الجلدية في مدينة الروبيكي , وإنشاء كليات لريادة الأعمال , وإدخال تخصصات المدن الذكية والذكاء الصناعي ضمن مناهج كليات الهندسة وكليات نظم المعلومات .

( كاتب التحليل نائب رئيس الإتحاد العربي للإقتصاد الرقمي

المستشار الاقتصادى لجريدة وموقع الوطن المصرى

مستشار تطوير الأعمال كلية كامبردج الدولية بريطانيا  )

 

اترك رد

%d