بقلم / خالدعبدالحميد
أى مراقب لما يحدث فى مصر منذ قيام ثورة 30 يونيه 2013 وحتى الآن لن يبذل عناءً فى تشريح الحالة المصرية ، ففى خضم الأحداث المتلاحقة على الصعيدين الخارجى والداخلى والأزمات الإقتصادية والإجتماعية التى تضرب مصر وكذا الإنجازات التى تحققت على الأرض تظهر الحالة المصرية جلية لرجل الشارع .
الشاهد أن هناك رئيس دولة – اتفقنا عليه أم اختلفنا – يبذل كل ما فى وسعه لإنتشال مصر من براثن السقوط التى كانت على شفا حفرة منه بعد 2011 .
نجح الرئيس السيسى بإمتياز فى تحديث القوات المسلحة المصرية لمواجهة التحديات وحماية ثروات مصر وهو من وجهة نظرى المتواضعة أهم ملف فى الحالة المصرية .
نجح الرئيس بإمتياز أيضا فى إنشاء شبكة طرق لم تشهدها مصر طوال تاريخها القديم والحديث ، كما نجح فى ملف توفير وحدات سكنية للجميع القادرين ومحدودى ومعدومى الدخل بداية من ” الأسمرات وحتى ” العلمين الجديدة” وهو ملف عانت منه مصر سنوات طويلة سابقة .
نحن هنا لا نعدد إنجازات ، ولا نتصيد سلبيات ، ولكننا بصدد وكما سبق وذكرنا تشريح الحالة المصرية بعد ثورة 30 يونيه .
الشاهد هنا أن ما تمر به مصر بعد الثورة كان يستلزم حتما وضروريا أن يتم تشكيل حكومة حرب ، وحتى لا يتعجل من يتصيدون الأخطاء ويقول أن حكومة الحرب لن تأتى باستثمارات أو تدعم الإقتصاد .. هذا الكلام الأجوف مردود عليه ، فما قصدناه من مصطلح ” حكومة حرب ” أن يكون رئيسها وأعضائها مدركون تمام الإدراك للحالة المصرية وأن مصر تحارب إرهاب لو تُرك لقضى على الأخضر واليابس فى مصر .. حكومة الحرب كانت ضرورية لكى تتخذ قرارات حاسمة وفاعلة وسريعة فى كل الملفات .. فى قضايا الإرهاب التى تنظر أمام القضاء العادى وليس الناجز طبقا للحالة التى تمر بها البلاد ، فظل الإرهابيون ماكثون فى السجون يأكلون ويشربون ، بل ويديرون العمليات الإرهابية من داخل محبسهم .
وهناك أيضا ملف المحليات والذى كان يستوجب إسناده إلى وزير يتسم بالحسم والشدة بإعتبار أن معظم المشاكل التى تعانى منها مصر تكمن فى المحليات حيث يرتع الفساد ، وقد تابعنا خلال الفترة الماضية القضايا التى تورط فيها محافظين ورؤساء أحياء ومسئولين كبار فى الدولة .. إنها اليد الرخوة التى نتحدث عنها ، والتى تدير البلاد كما لو أننا لا نواجه إرهابا أو تحديات خارجية تسعى لإسقاط دولتنا .
نعم وأقولها بمنتهى الحرية لقد أخفقت القيادة السياسة فى اختيار حكومة حرب لإدارة البلاد فى ظل الإرهاب الذى يضرب سيناء وقبلها كل ربوع مصر .. كنا نحتاج إلى ” 30 سيسى ” فى حكومة ما بعد 30 /6 حتى تعود البلاد سريعا ومعها تعود السياحة والإستثمارات ، ولكننا فوجئنا بحكومات بعض أعضائها لا يصلح لإدارة مصلحة أو مدرسة أو شركة والدليل على ذلك أن عدد من الوزراء لم يمكث فى منصبه أكثر من ثمانية أشهر .. كيف تم اختياره ، ولماذا تم استبعاده ؟ .. لا ندرى ، ونفس الأمر ينطبق على المحافظين وبعضهم ضُبط متلبسا بقضايا رشوة ، ومسئولين آخرين تم إبعادهم عن مناصبهم لإرتكابهم جرائم وتجاوزات لم يعلن عنها .
وعلى الجانب الأخر يجب ألا نغفل عن أحد أهم الملفات على الإطلاق ونحن نُشّرح الحالة المصرية بعد ثورة 30 يونيه وهو ملف الإعلام الذى لطالما تحدث عنه رأس الدولة فى أكثر من مناسبة وتوجيه اللوم له لأنه لم يقف فى خندق الدولة المصرية ، وهنا لنا وقفة ، فالمتعارف عليه أن الصحافة القومية والتليفزيون المصرى هما جناحا الإعلام لتوصيل رسالة الدولة للمواطنين ، وهذا بلاشك يتوقف على اختيار القيادات التى تقود الإعلام ، وهنا أيضا لابد أن يكون الإعلام المصرى فى تلك الفترة ” إعلام حرب ” والمقصود هنا هو أن تكون كافة وسائل الإعلام ” مرئية ومسموعة ومكتوبة” فى خندق الدولة المصرية إلى أن نعبر هذه المرحلة الصعبة ، ولا نقصد عنها بخندق الدولة المصرية أن نتغاضى عن السلبيات التى قد يرتكبها المسئول ، ففى ذلك خيانة للدولة ونحن فى مرحلة البناء ، ولكن ما قصدناه هو أن يعى الإعلام جيدا ما يحاك بمصر والأخطار التى تهدد الوطن ، وعلى ذلك كان يجب أن نواجه الشائعات بنشر الحقائق وكشف الطابور الخامس الذى يعمل ضد مصلحة البلاد فى مختلف قطاعات الدولة
والسؤال الذى يتبادر للأذهان فى تلك الحالة هل حققت إختيارات الدولة لمن يقودون الإعلام الهدف التى أرادته لدعم الوطن ؟ الإجابة .. فشل .. وإلا لماذا دائما الإعلام فى مرمى النقد والهجوم ؟ لأنه ببساطة فشل فى توصيل رسالة الدولة للمواطنين بعد أن تم الإستعانة بقيادات إعلامية وصحفية عدد كبير منها تحت مستوى الشبهات ، فشاهدنا رئيس تحرير ” زير نساء ” وغرامياته يعلمها القاصى والدانى ورغم أنه فشل فى إدارة جريدته وتسبب فى خسائر بالملايين إلا أنه .. ولأنه من أهل الثقة ظل فى منصبه رغم عدم خبرته ، وإعلاميون يهاجمون الدولة من استديوهات الدولة ويتقاضون رواتبهم من الدولة التى يهاجمونها .
لقد بُحت أصواتنا لدى المسئولين وناشدناهم كثيرا بأن يدققون فى إختيار القيادات الإعلامية والصحفية وضرورة أن يتم إختيار القيادة من أهل الثقة والخبرة معا ، فعدم توافر أحداهما لا يغنى ولا يثمن من جوع .
ونعلم رؤساء مجالس إدارات مؤسسات قومية يفرضون على الدولة رؤساء تحرير بالإسم ليس لشيئ سوى أنه من ” شلته ” أى والله .. يحدث ذلك ومصر فى حالة حرب !! .
لقد استشرى الفساد فى معظم قطاعات الدولة ، والساكت عن الفساد .. فاسد .. لا يقل جُرما عن الفاعل الأصلى.
لطفا بنا وبشعبنا ، وقبل أن نلوم المواطن ونحاسبه ، يجب أولا وقبل كل شيئ أن يحاسب المسئول نفسه ، فكلنا مسئولون إن لم يكن أمام الحاكم ، فسنقف أمام المولى عز وجل ونُسأل عما اقترفناه فى حق الوطن .
ولا يفوتنا ونحن نختم كلمتنا أن نهنئ قواتنا المسلحة بذكرى نصر أكتوبر العظيم والتى تهلُ علينا هذه الأيام ، وأن نشُدّ على أيدى أجهزتنا المعلوماتية والأمنية والإستخبارتية التى تواصل العمل ليل نهار للحفاظ على أمن واستقرار مصر .. هؤلاء الرجال علينا أن ننحنى لهم احتراما وعرفانا لما يقدمونه للوطن وللمواطن .
حفظ الله الجيش.. حفظ الله الوطن ،،،
كاتب المقال رئيس تحرير جريدة الوطن المصرى
مساعد رئيس تحرير الأخبار المسائى