الجمعة, 22 نوفمبر, 2024 , 6:05 ص

د.فراج هارون يكتب عن ” الخيانه الإلكترونيه و السعادة الزوجية “

صورة أرشيفية

 

الخيانة الزوجية .. أسبابها .. وتأثير الملل والترابة والفراغ .. وخطر الإختلاط

لماذا الخيانة .. ولماذا تخون الزوجة زوجها .. أسئلة واستفسارات كثيرة يجيب عنها البرفيسور فراج هارون حصريا على ” بوابة الوطن المصرى “

 

التكنولوجيا التي غزت البيوت واستخدامها بالشكل غير الصحيح ، أدت الى تغيير في القيم الدينيه والأخلاقية ، وأثرت على المفاهيم ، فهناك الانترنت ، الفضائيات التي تبث البرامج الهابطة والاباحية ، بالاضافة الى ذلك توفر الأجهزة الخلوية لكل فرد من أفراد الأسرة الذي له جهازه الخاص به أحدثت فجوة كبيرة في العلاقات الاسرية وعدم استقرار في الحياة الزوجية وبالتالي افضت الى ما اصبح يصطلح عليه بالخيانة الالكترونية او الخيانة الزوجية عبر الانترنيت

احببت الحديث في هذا الموضوع املا في وضع القارئ امام ما يمكن ان تاتي به الخيانة عبر الانترنت من مصائب لم يتوقعها ثم الوقوف على بعض الاسباب التي تؤدي الى الخيانات الزوجية التي ازدادت في الآونة الأخيرة ، مؤكدين على انها مهما كانت تلك الاسباب فلا مبرر للخيانات الزوجية ، فلماذا يخون الزوج ولماذا تخون الزوجة ، وما هي طرق الوقاية التي تحمي العلاقة المقدسة التي وصفها الله سبحانه وتعالى بالميثاق الغليظ

العلاقات الالكترونية عبر الانترنت واقع موجود في جميع المجتمعات ، ولكنه يكثر في المجتمعات المحافظة – نسبيا – لان هذه الوسيلة تكون أكثر سرية وغير منفتحة على الآخرين فلا يعلم بها المحيطون حتى أقرب الناس. وهذه العلاقات تكون لدى عدة فئات وحالات اجتماعية ، فهناك علاقات بين شباب وفتيات غير متزوجين هدفهم التعرف والتسلية ، وقليل منهم يكون التعارف من أجل الزواج والذي لا ينجح في معظم الأحيان اذا تم وهناك حالات يكون فيها أحد الاطراف او كلاهما متزوجا ،لكن تقع هذه العلاقات والتي تصنف تحت مفهوم الخيانات الزوجية ، وكما ذكرت آنفا انهم يلجأون الى هذه الوسيلة للحفاظ على السرية بالاضافة الى انها سهلة وتحت متناول الايدي .

أسباب الخيانة الالكترونيه هي نفس الأسباب التي تدعو لاي خيانة مثل الفراغ ،ويقصد بالفراغ عدة امور، الفراغ العاطفي ، وفراغ
الوقت ، والفراغ من القيم الأخلاقية ، و في كثير من الأحيان تكون الخيانة عن طريق الصدفة وليس مع سبق الاصرار والتي يكون سببها اوقات الفراغ مع الجهل ، فالانسان بطبيعته يحب المغامرة وحب الاستطلاع ، فيبدأ بالدخول الى غرفة الدردشة ومواقع ومنتديات التعارف ، سواء الزوج أو الزوجة ، فتكون البداية للتسلية وحب الاستطلاع ، لكن سرعان ما تتحول هذه العلاقة الى علاقة مشبوهة خاصة لدى الأزواج الذين تنقصهم العاطفة في اطار الزوجية ،

فبمجرد بعض كلمات الثناء والغزل تجر الكثير من الأزواج الى الهاوية بعد أن تتطور الأمور ، والمحادثة الكتابية التي تتحول الى مكالمات عبر الهاتف ، وربما لقاءات محرمة والى غير ذلك .هذه العلاقات والمحادثات الالكترونية فبالاضافة الى حرمتها ومخاطرها فمعظم مستخدميها يتصفون بالكذب والخداع لاصطياد ضحاياهم كما ان للخيانة الزوجية أسبابا عدة منها:

– الملل والرتابة في الحياة الزوجية :حين يظن الزوج ان مهمته الأولى والأخيرة هي الخروج للعمل من قبيل الفجر الى ما بعد العشاء لتوفير الطعام والشراب لاسرته وأبنائه، وحين يزداد اهتمام الزوجة بالابناء وأعمال المنزل ويتكرر هذا النمط يوميا ليصبح روتينا يخيم على جو البيت والاسرة،عندها يبحث كل من الزوجين عن التجديد خارج المنزل وذلك بسبب خلو الحياة الزوجية من كلمات الحب والغرام ، واغفال كل منهما احتياجات الآخر العاطفية .

لذا على المرأة ان تتجمل لزوجها وأن تتزين له بحيث لا يقع نظره عليها الا وهي في أحسن حالاتها ، فإنها ان استطاعت ان تدخل السرور على قلبه ملأت بذلك بيتها بهجة ورضا وسعادة .

وكذلك على الزوج ان يتجمل لزوجته فقد كان ابن عباس يتجمل ويقول : ( اني أحب أن أتزين لزوجتي كما أحب أن تتزين لي ) وتلك سنة النبي & مع أزواجه.

– الاختلاط وعدم غض البصر : ان في غض البصر سلامة للمجتمع من الانحلال والتفسخ باعتباره من جانب الرجال أدبا نفسيا رفيعا واغلاقا للنافذة الاولى من نوافذ الفتنه والغواية ، فكما هو من جانب النساء ترفع وأحجام عن ارسال النظرات الجائعة التي تستشير كوامن الفتنه في صدور الرجال وقد جمع الله تعالى بين غض البصر وحفظ الفرج باعتبارهما سببا ونتيجة، قال تعالى:{ قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكى لهم ان الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها} ولا شك ان التساهل في غض البصر يؤدي الى الانزلاق وراء الشهوات وذلك من خلال الاختلاط غير المشروع في العمل والمناسبات ، ومن خلال ارسال النظر للافلام والمسلسلات بما فيها من نساء ورجال ، وأيضا من خلال الفيديو والانترنت بما فيه من مواقع اباحية هدامة والاختلاط بين الجنسين في الشوارع والاماكن العامة ، كل ذلك يجعل الأزواج دائمي التطلع الى ما عند غيرهم فيجعل الزوج غير قانع بما عنده فيلجأ الى أخرى فيخون زوجه وكل ذلك بسبب عدم غض البصر .

التطلع الى الكمال عند شريكه :عدم تقبل أحد الزوجين للآخر كما هو ،يصنع الحواجز بينهما ويجعل كل منهما يبحث عن البديل لبناء علاقة معه الا ان النبي & يرشدنا الى البحث عن ايجابيات الطرف الآخر من خلال قوله & : ( لا يفرك مؤمن مؤمنه ان كره منها خلقا رضي منها آخر)

– الجهل بطبيعة الرجال: وذلك بأن تتصور المرأة خطأ انه من المستحيل ان يتزوج بأخرى او ان ينظر الى غيرها فتتظاهر بعدم الغيرة عليه من باب الثقة به ،فتطلق له العنان للحديث مع زميلاتها والجلوس معهن ومضاحكتهن فيسهل عليه أمر زوجته فيخونها على حين غفلة منها ثم تستفيق بعد اصابتها من سوء تصورها وتقديرها لطبيعة الرجال .

– انتكاس أحد الزوجين : انتكاس أحد الزوجين عن المسار الذي اختاره في بداية الزوجية من التزام الى انحراف وانزلاق، تلك أعظم المصائب لأنها مصيبة في الدين وعلاجها ليس بالأمر اليسير خاصة انها أصابت أحد الزوجين، والصبر على الزوج واحتمال الأذى منه واسداء النصح له يعتبر من انجع وسائل العلاج وتلكم وصيته & للرجال والنساء معا، وأكد ذلك احد علماء النفس بقوله ( ليس بمقدور احد ان يقوّم انسانا آخر ولكن بحبك لهذا الانسان الآخر على ما هو عليه تستطيع ان تمنحه القوة لتغيير نفسه ) اذا فلنعد المودة والرحمة الى بيوتنا حتى يعود الاستقرار وتعود السكينة اليها .

لماذا الخــــــيانة ؟
إن من أسباب خيانة الرجال لنسائهم : حبهم للمغامرة والتجربة ، أو بسبب الصحبة السيئة التي تدفعهم دائما للمنكرات ، أو بسبب تحقيق مظاهر الرجولة وعودة الشباب ، خاصة اذا كان الرجل كبيرا في السن ، أو عنده ملل من حياته الزوجية ،

أما المرأة فتخون زوجها ، بهدف الانتقام منه ومن خيانته لها ، أو بسبب حرمانها العاطفي ، فتريد أن تشبع عاطفتها من آخر أو قد تكون منهزمة نفسيا ، ولديها إحباط زوجي فتلجأ هروبا من الواقع ، أو انها لا تريد الطلاق وتحرص على اسم متزوجة ، ولكنها غير سعيدة مع زوجها وكلا الطرفين يشتركان في سبب واحد وهو انعدام الوازع الديني وقلة الخوف من الله ، وهذا ما نعاني منه كثيرا في زماننا هذا»

إن للعولمة وسائلها في نشر الخيانة أو مشروع الزنا » بين الشعوب ، فالفضائيات تعمل بالليل والنهار على إشاعة مفهوم الزنا والتفنن في عرضه حتى أصبح لأشكال الزنا وأنواعه قنوات متخصصة ، فالفضائيات والانترنت والمجلات والأفلام والسينما والمسرح والقصص والروايات هذه كلها من الوسائل التي تستخدمها » عولمة الزنا » بل حتى الهاتف لم يسلم ، إذ أن هناك ابتكارا جديدا لهذه المعصية من خلال » المكالمات الممتعة » وهي عبارة عن ارتكاب الفاحشة من خلال استخدام الخيال عبر الهاتف .

المدونة وماادراك ما المدونة التي جاءت في بعض بنودها تقليدا اعمى للغرب معلنة الحرب على شرع الله تعالى في موضوع الزواج وخاصة تعدد الزوجات رفعت من وتيرة هذه الظاهرة، فهناك الكثير من الأزواج الذين لديهم امكانيات و احتياجات خاصة بهم ، وهم بحاجة لزوجة ثانية ، الا انهم لا يجرأون حتى على طلب الزواج لأن سيوف المعارضة // وبالاحرى بنود المدونة// ستشهر في وجوههم وستنهال عليهم التهم وكأنهم أجرموا ، لذلك يلجأ العديد من الأزواج خاصة الذين لا يمنعهم الوازع الديني لاقامة علاقات محرمة لاشباع رغباتهم واحتياجاتهم خارج اطار الزوجية.
وما يزيد من تفاقم ظاهرة الخيانة الزوجية تفكك العلاقات بين الزوجين فتستمر الحالة حتى تنقطع أواصر المحبة والعاطفة بينهما ، فبدلا من حل المشاكل بينهما يهرب في بعض الأحيان أحد الزوجين لاستعاضة العاطفة والنقص الذي لديه ، والبدائل اليوم موجودة ورخيصة يحصل عليها بسهولة ، خاصة في زماننا هذا حيث أصبح القانون يحمي ويدافع عن مرتكبي هذه الفضائح لدرجة أن الخيانات الزوجية أصبحت شبه مقبولة في بعض المجتمعات التي قللت من حجمها تقليدا للمدنية الغربية .
اضف الى ذلك قلب الأدوار ويقصد بذلك على سبيل المثال : أن الزوجة التي تكشف خيانة زوجها يتولد لديها حب الانتقام ، فان لم يمنعها الوازع الديني والاخلاقي ، فإنها تذهب للانتقام من زوجها بنفس الطريقة ، وهناك أمر آخر حيث أن الفتاة التي تشم رائحة خيانة في بيت والديها ، لا تتردد في إقامة علاقة محرمة بل تلجأ الى نفس اسلوب والدها . وهذا الأمر ثابت في مجتمعنا الاسلامي ،اذ ان من يتعرض لأعراض الناس ، لا بد ان يتعرض آخرون الى أهل بيته .

 

آثار الخيانة الزوجية على الأسرة والمجتمع
بالاضافة الى جرم ارتكاب المعصية والحرام والتي سيحاسب ويعاقب عليها ،فهناك آثار آنية نذكر منها :

– قد تؤدي الخيانة الى دمار الأسرة فقد يحدث الطلاق اذا اكتشف الطرف الآخر خيانة الشريك .

– قد تؤدي الى القتل في بعض المجتمعات خاصة اذا كانت الزوجة هي الخائنة ، فمسائل الشرف والعفة حساسة جدا .

– فقدان التوازن العاطفي والنفسي بين الزوجين .
– فقدان الثقة والتي هي من أهم أسس النجاح في العلاقات الزوجية .
أما الآثار السلبية التي تأتي على المجتمع فهي :
– الفوضى الأخلاقية التي يمكن ان تحدث اذا انتشرت الخيانات.

– تشتت الأسرة وانتشار الضغائن ، خاصة عند انتشار الخبر فالآثار لا تقتصر على أسرة الزوجين ، بل على أهالي كل طرف ، ويتلوها فضيحة اجتماعية تتداولها الألسن ، وقد تمتد الآثار الاجتماعية على مدى أجيال ، فيتردد مثلا الشاب ان يخطب فتاة اذا علم ان امها خانت اباها يوما ، وتتردد اسرة فتاة ، ان توافق على خطيب يكون والده على علاقات مشبوهة خوفا ان يكون مثل والده وهكذا..
– التقليد وما يتبع ذلك من انتشار للفاحشة ، فقد تقلد البنت امها اذا علمت ان لها علاقات مشبوهة وكذلك الأمر بالنسبة للشاب قد يقلد أباه اذا علم انه يخون امه .

الزواج في الشريعة الاسلامية ميثاق غليظ وعهد متين ربط الله به بين رجل وامرأة وأصبح كلاهما زوجا بعد ان كان فردا قال تعالى : { وقد أفضى بعضكم الى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا } [ النساء 21] وهذا الميثاق الغليظ أحيط بهالة من التوجيهات الربانية من أجل صيانته والمحافظة عليه.
الا ان التساهل في تطبيق هذه التوجيهات والتغافل عنها يجعل هذا العهد معرضاً للانتقاص والتفسخ مما يحدث شرخا في العلاقة بين الزوجين بعد ان كان يعتقد كل من الزوجين في بداية الزواج بأنه هدية من الله تعالى الى الطرف الآخر .
فقد تتغير سلوكيات أحد الزوجين وتصدر منه تصرفات غير مشروعة وقد تكون محرمة كالخيانة الزوجية مثلا ،وهذه التصرفات لا شك انها تعبير واضح عن شخصية فاعلها وعن مقدار تدينه وعلمه وفهمه ، كما إنها تعبير واضح أيضا عن نوعية العلاقة الزوجية ومقدار رسوخها وتعلق الطرفين بها .

ومهما تكن أسباب الخيانة الزوجية عند أحد الزوجين فإنها لا تبرر ولا بأي حال من الأحوال اللجوء الى مثل هذه الجريمة البشعة وانما تستدعي من كلا الطرفين معالجة السبب بالرؤية والتفاهم وذلك من خلال استخدام الوسائل الشرعية المعروفة في ديننا الحنيف .

كما ان أهم الأمور التي من الممكن ان تجنب الازواج الوقوع بهذه المحرمات هي التوعية الاجتماعية ،والدينيه ،والاخلاقية، والصحية ايضا، حيث يدرك الشخص جيدا الاضرار الصحية التي تنجم عن العلاقات المحرمة ، والاضرار النفسية، والاجتماعية، التي تزيد من تعقيد المشاكل داخل الأسرة ،لذلك يجب التاكيد على أهمية حل المشاكل بين الزوجين والمصارحة التامة بينهما لحل مشاكلهما ، وفتح قنوات الحوار لتقوية العلاقة بينهما وخلق أجواء الاستقرار ، واذا تعسر التفاهم في حل المشاكل الزوجية ينصح بالتوجه الى اصحاب الاختصاص بهذا المجال

 

اترك رد

%d