الإثنين, 29 أبريل, 2024 , 12:49 ص
الكاتب الصحفى خالد عبد الحميد

خالدعبدالحميد يكتب : لماذا فشلت وزارة الهجرة فى تحقيق طموحات المصريين بالخارج ؟

 

 

تعالت منذ عدة سنوات أصوات المصريين بالخارج .. (عمال ومهاجرين) بضرورة إنشاء وزارة خاصة بشئون المصريين بالخارج ، ورغم رفض رؤساء مصر السابقين لهذا المطلب المشروع وإهمال هذا الملف المهم ، إلا أن الرئيس عبد الفتاح السيسى ولعلمه بأهمية دور المغتربين فى تنمية مصر وافق على هذا المطلب ، وبالفعل تم إنشاء أول وزارة للهجرة وشئون المصريين بالخارج .. كان هدف القيادة السياسية وقتها لم شمل أكثر من عشرة ملايين مصرى مغترب وربطهم بوطنهم الأم بعد عشرات السنين من الفرقة والتشتت والإنفصال عن الوطن .

هلل مصريو الخارج لهذا القرار مع وجود وزارة تدير شئونهم .. ولكن .. وما أدراكم ما لكن .. لم يتم تحديد أهداف الوزارة الوليدة ولا ترتيب الأولويات لديها ومع مرور الأيام والشهور والسنوات ومع فشل وزارة الهجرة فى الهدف الذى أنشأت من أجله عادت الأصوات التى كانت تنادى وتلح وتطالب القيادة السياسية بإنشاء وزارة للمصريين بالخارج .. لتنادى بعكس ما طالبت به قبل أربع سنوات ، حيث تعالت الأصوات اليوم بضرورة إلغاء وزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج  ودمجها فى وزارة القوى العاملة لتكون إحدى القطاعات بها بعد فشلها فى أول وأهم ملف وهو لم شمل المصريين بالخارج والإستفادة بخبراتهم وجذب استثماراتهم ومدخراتهم وزيادة تحويلاتهم .. وحمايتهم من تعسف وبطش المتربصين بهم فى الخارج ، وقبل ذلك كله دعم الولاء والإنتماء لدى المصريين المغتربين واستخدامهم ليكونوا ظهيرا شعبيا للدولة المصرية بالخارج .

للأسف لم تنجح الوزارة فى أى من هذه الملفات وآخرها ملف الترويج للإنتخابات الرئاسية لدى المصريين بالخارج وحثهم على النزول لصناديق الإقتراع وجاءت النتيجة مخيبة للآمال حيث بلغ عدد من أدلوا بأصواتهم 157 ألف ناخب رغم أن الإنتخابات الرئاسية السابقة عام 2014 وقبل قدوم الوزارة بلغت فيها أعداد من أدلوا بأصواتهم 318 ألف ناخب ، رغم الحملات والسفريات التى قامت بها وزارة الهجرة وعدد من نواب البرلمان للخارج لحث المصريين المغتربين على النزول للصناديق .

لقد كانت جريدة ” الوطن المصرى ” منذ اللحظات الأولى لمولد وزارة الهجرة داعمة ومؤيدة لهذا الوليد وحاولنا دعمه بشتى الطرق الى أن جاءت الصورة عكس توقعاتنا ، فازدادت حدة التشاحن والتناحر بين المصريين فى الخارج ، وتشكلت جبهة معارضة قوية ضد بعض سياسات الوزارة والتى لا ينكرها الا مضلل أو مستفيد .

حاولنا قدر استطاعتنا إرسال رسائل عبر الجريدة للقائمين على وزارة الهجرة بضرورة جمع شتات كل الفرقاء لمصلحة الوطن ولكن محاولاتنا جميعا باءت بالفشل بسبب شلة منتفعين أوهمت وزيرة الهجرة بأن من يعارضها أصحاب مصالح شخصية وأنهم لا يزيد عددهم عن أصابع اليد الواحدة ، وللأسف صدقتهم الوزيرة وسارت الأمور من سيئ الى أسوأ ، رغم عشرات المبادرات والندوات والمؤتمرات التى عقدتها وزارة الهجرة الا أن جميعها لم تغير فى الأمر شيئ حيث لم تقترب الوزارة من الملفات الرئيسية .

عشرات من المذكرات قدمها مصريون بالخارج للجهات المعنية بالدولة ، وعدد من التقارير لأجهزة مهمة جسدت الموقف من جميع جوانبه ولكن المياه ظلت جامدة فى طقس صعب جدا ربما أصعب من طقس ” استراليا ” .

ما يعنينا هنا كوسيلة إعلامية ليس كشف سلبيات مسئول بقدر ما هو تسليط الضوء على تلك السلبيات لتلافيها خاصة اذا ما كان الأمر يتعلق بقوة استثمارية مهدرة تتخطى فى قيمتها 200 مليار دولار كان يمكن أن يدخلوا لمصر فى صورة استثمارات لو أُحسن استغلال هذا الملف والترويج له لدى المصريين فى الخارج .

حاولنا مرارا وتكرارا حث أولى الأمر وبناء على طلبات عدد من المصريين بالخارج على إنشاء مجلس أعلى للمصريين بالخارج يكون تحت الرعاية المباشرة لرئيس الجمهورية أسوة بالمجالس الأخرى التى ترعاها القيادة السياسية ولكن يبدو أن الأمر لم يأتى دوره  بعد لأسباب لا نعلمها  ، أو لم يُحط الرئيس بهذا الأمر علما ، ونرجح الإحتمال الأخير لعلمنا اليقينى أن الرئيس السيسى لا يتوانى عن اتخاذ أى قرار فيه مصلحة لمصر .

نعود ونكرر أن الأمر لا يتعلق بمسئول أهمل فى أداء واجبه أو أن قدراته المحدودة منعته من تحقيق الأهداف المرجوة ، فالمسئولية هنا لا تقع عليه بقدر ما تقع على من اختاره ، فقد تناسب إمكانيات هذا المسئول وجوده فى قطاع أخر يستطيع أن يؤدى فيه ويستخرج قدراته وينفع الوطن والمجتمع .

عتابنا على من يختار .. عتابنا على من لا يضع مصلحة الوطن فى المقام الأول قبل الموائمات التى ضيعتنا فى الماضى ونخشى أن تضيعنا فى الحاضر .. لا زالت الغلبة فى الإختيار فى معظم  قطاعات الدولة لأهل الثقة وفقط دون وجود الخبرة الكافية لإدارة هذا المرفق أو ذاك .

ما نريده هو أن نجمع بين الحسنيين ( أهل الثقة وأهل الخبرة معا ) هذا هو ما تحتاجه مصر فى تلك المرحلة الخطيرة والمهمة التى تمر بها ، وبدون أن يكون الإختيار مكتملاً فى ركنيه ( الثقة والخبرة ) لن تستقيم الأمور فى مصر ، ولا نعتقد أن مصر قد أصابها العقم حتى تعجز عن إنجاب أصحاب خبرة وأهل ثقة  فى ذات الوقت .

اخلصوا النية لله ، ثم للوطن .. تحيا مصر

اترك رد

%d