بعد نشر الجزء الأول والثانى من سلسلة مقالات الكاتب والمحلل السياسي الدكتور حسن صابر بعنوان
( أمريكا تبيع الخوف للعالم ) و ( 14 عائلة مصرفية أمريكية تحكم العالم ) فى ” بوابة الوطن المصرى ” وبعد انتشار المقال على مواقع التواصل الإجتماعى كالنار فى الهشيم فوجئنا بإدارة الفيس بوك تتخذ قرارا بمنع المقال ووقف ” الوطن المصرى ” من نشر المقالتين عبر مواقع التواصل الإجتماعى مع توجيه إنذار للجريدة بعدم استكمال النشر باعتبارها مقالات تحض على الكراهية .. وها نحن نستجيب للإنذار ونستكمل نشر الجزء الثالث من سلسلة مقالات ( أمريكا تبيع الخوف للعالم ) بعد أن كشفت هذه المقالات النقاب عن الوجه القبيح للعصابة التى تحكم العالم )
وتؤكد الجريدة أنه اذا كانت أمريكا تتحكم فى عمل الفيسبوك ، فإن ما يحكمنا فى صحافة مصر هو الضمير المهنى والأمن القومى المصرى والعربى وفقط ، ولن نلتفت الى انذارات أو تحذيرات مهما كانت مصدرها .. والآن الى تفاصيل الجزء الثالث من ( أمريكا تبيع الخوف للعالم ) :
بمئات المليارات . . أمريكا تبيع الخوف للعالم ( الجزء الثالث )
أين نحن من هذه المخططات الشيطانية
الخوف لا يمنع الموت لكنه يمنع من الحياة
بقلم دكتور/ حسن صابر
أين نحن العرب من كل هذه المخططات التي دبرتها هذه القوة الماسونية الشيطانية ، ومازالت تصدرها لنا البنوك المركزية في أمريكا وأوروبا . . متى نترك مقاعد المتفرجين ، ونصبح عناصر فاعلة على مسرح الأحداث العالمية . . متى ننضج سياسياً ونترك المبادئ الناصرية التي أورثتنا الخراب والدمار والهزيمة المذلة . . متى نتعلم وندرك أن المصالح المشتركة المتبادلة هى التي تحكم العلاقات بين دول العالم . . عدو الأمس يمكن جداً أن يكون صديق وحليف اليوم وغداً ، فلا عدوٌ دائم ، ولا صديقٌ دائم ، والمصالح قبل أي شئ هى التي تحدد لنا من هو الصديق ومن هو العدو . . اليابان وأمريكا كانا أعداءاً ووصل العداء بينهما الى حد لم يكن يتصوره أحد حين ألقت امريكا أول قنبلتين ذريتين في التاريخ على مدينتي هيروشيما وناجازاكي ، واليوم تستنجد اليابان بأمريكا لتحميها من الخطر الكوري الشمالي ، كذلك فإن ألمانيا تعيش في وئام وسلام مع بقية الدول الأوروبية وتوحدوا في دولة الإتحاد الأوروبي رغم أن جيوش هتلر الألمانية النازية نشرت الرعب والقتل والدمار في هذه الدول أثناء الحرب العالمية الثانية . . دول متحضرة عاشت للسلام فحققت الرفاهية والتقدم لشعوبها ، بينما نحن لا نريد أن نعيش في سلام مع إسرائيل ، واخترعنا وضعاً غريباً وشاذاً اسمه عدم التطبيع الشعبي مع اسرائيل ، حتى ولو كانت هناك اتفاقيات سلام بينها وبين مصر والأردن وفلسطين ، ذلك لأن سدنة وكهنة الناصرية وحراس معبدها كفروا كل من يقترب بالسلم مع اسرائيل وطَبَّع معها وإنتقد ربهم الذي إختزل مصر كلها في شخصه مثل أي ديكتاتور يحكم بلداً .
ولعلنا نرى حالياً هذه الهجمة الشرسة على الأستاذ عمرو موسى لأنه تجرأ وإنتقد عبد الناصر في كتابه الأخير ” كتابيه ” ، رغم أن الرجل نطق بكلمة حق لا تروق لهم ، ولن يستفيد شيئاً مما ذكره في كتابه سوى أنه وَثَّقَ تاريخاً بمنتهى الأمانة دون أية مصلحة له . . هؤلاء الناصريون المغيبون حتى الآن ، منتشرون في أجهزتنا الإعلامية والثقافية ، ومنهم أبناء مسئولين عملوا مع عبد الناصر وشاركوا في الهزائم التي تسبب فيها لمصر وللعالم العربي ، واليوم يدافعون عن عبد الناصر ويصورونه آلهاً لأنهم نشأوا وتربوا على النفاق ، ويدركون جيداً أن إدانة عبد الناصر معناه إدانة لآبائهم وللنظام الناصري كله . . حاولوا ركوب أحداث 25 يناير ورفعوا صور عبد الناصر في ميدان التحرير ، كما حاول عبد الحكيم عبد الناصر التقرب لشباب تمرد ، وحاول الظهور معهم عدة مرات للإيهام بعودة الناصرية ، لكنهم تنبهوا لهذا الأمر وإبتعدوا عنه في النهاية . . هؤلاء الناصريون يتاجرون بما أسموه مبادئ الناصرية التي تلعب على أوتار وجع الناس لتحقيق مصالح إنتخابية لهم .
وقد أَدَّى كل هذا إلى هيمنة وضعٍ شاذً في حياتنا السياسية والثقافية جعل قادتنا ورؤساءنا يسدلون ستاراً من السرية على إتصالاتهم مع إسرائيل ، حتى الرئيس السيسي عندما إلتقى نتنياهو في الأردن مع الملك عبد الله بن الحسين فقد كان لقاءاً سرياً لم يُعْلَنْ عنه ، ثم علمنا به بعد ذلك من الصحف الإسرائيلية ، ولم تكذبه رئاسة الجمهورية المصرية . . كذلك يفعل الآن بعض قادة الدول الخليجية . . فلماذا الإتصالات مع إسرائيل في الخفاء ؟ ولماذا نعتبر أن التعامل معها جريمة حتى أنهم ضربوا نائباً مصرياً بالحذاء ، وأسقطوا عضويته في مجلس النواب لأنه إستضاف السفير الإسرائيلي في مزرعته الريفية . . سيأتي يوم قريب نسخر فيه من أنفسنا حين تصبح الاتصالات مع اسرائيل امراً طبيعياً ، ولسوف يتوارى الناصريون خجلاً لأنهم هم من كَفَّروا أيَّ شخصٍ يتعامل مع اسرائيل وإتهموه بالخيانة والعمالة وحاولوا نبذه من المجتمع .
وشخصياً أعتقد أن دولة شرق أوسطية تضم اسرائيل ومصر والأردن والدول الخليجية وفلسطين ستكون هى الضمان لإستمرار بقائنا كدول وشعوب في ظل النظام العالمي الجديد . . وليس في دعوتي هذه خيانة لقضية فلسطين ، فقد أمضينا ستين عاماً في صراع مع اسرائيل ولم نحصد خلالها سوى الهزائم ، وكلما مضت السنون كلما زادت خسائر الفلسطينيين وخسائرنا ، وما كان متاحاً لنا وفي متناول اليد ، أصبح حلماً مستحيلاً الآن ، وبمرور الوقت سوف تتحقق أحلام الفلسطينيين لو إنخرطت إسرائيل في علاقات طبيعية مع جيرانها العرب .
أرجو أن يصدقني إخواني الفلسطينيين أن من يدعو الى سلام مع إسرائيل ليس خائناً لهم ، بل وعندما تبنى مؤتمر القمة العربية مبادرة الملك فهد – رحمه الله – والتي كانت تدعو اسرائيل الى الموافقة على قيام دولة فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس مقابل اقامة علاقات طبيعية مع دولة اسرائيل ، لم ترفضها اسرائيل لكنها أيضاً لم تقبلها . . ما رفضته إسرائيل هو تلك الشروط المسبقة ، ودعت إلى مفاوضات عربية اسرائيلية . . لكننا لم نقبل رغم أن مصر نجحت بالمفاوضات في استرداد أراضيها التي إحتلتها اسرائيل ، فلماذا رفضت القمة العربية التفاوض مع إسرائيل ؟ السبب هو جمود الفكر العربي ، وانعدام الإرادة والشجاعة للإقتداء بتجارب دول العالم المتحضرة .
ومن حسن الطالع أن الرئيس السيسي لديه القبول والقناعة بأهمية وجود علاقات طبيعية بين العرب وإسرائيل ، وأخيراً كشفت رئاسة الجمهورية المصرية عن لقاء السيسي في مقر إقامته بنيويورك مع نتنياهو على هامش حضورهما إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحالية رقم 72 . . كذلك فإن الجيل الجديد من حكام الدول الخليجية لديهم نفس القبول والقناعة . . المهم ألا تستمر علاقاتهم مع إسرائيل بصورة خفية من خلف ستار ، وأن تكون علنية ، وعلينا أن نحذف من قاموسنا عبارة لا تطبيع . .
أناأعلم جيداً أن الشعب العربي الخليجي لن يفعل مثل ما يفعله الناصريون في مصر ، فالخليجيون يثقون بحكامهم ولا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن يصفوهم بالخيانة ، ويدركون تماماً أن قطار السلام في الشرق الأوسط لابد أن يصل إلى حدودهم ، أما نحن المصريون لو كان بيننا الآن النبي محمد لإختلفنا عليه ، هذه طبيعة المصريين ، ولا يمكن يكونوا مصريين إلا إذا إختلفوا . . لهذا أطلب من حكام الخليج أن تكون إتصالاتهم مع إسرائيل علنية حتى تعتاد عليها شعوبهم . .
إن أردنا البقاء لبلادنا والإستمرارية لأبنائنا وأحفادنا فيجب علينا ألا نخاف ، فالخوف إما أن يدفعنا للفرار أو أن يشل حركتنا وتفكيرنا . . الخوفُ لا يمنعْ من الموت لكنه يمنع من الحياة