الأحد, 19 مايو, 2024 , 2:59 ص

دكتور حسن صابر يكتب : البشر لا يستفيدون من دروس التاريخ

 

 

ما أن أفتح اليوتيوب You tube حتى أشعر بتفوق آلتي الإعلام القطرية والتركية على كل أجهزة الإعلام في الدول الأربعة المقاطعة لقطر . . هذه حقيقة . . لكن أيَّ تفوق . . إنه تفوق بإستخدام أساليب أخلاقية منحطة وغير لائقة في وصف المعارضين لهم ، وقد لاحظت أن الهجوم غير الأخلاقي تركز على دولة الإمارات العربية المتحدة وعلى حكامها ، ومحاولة بث الفرقة بين الإمارات وشقيقاتها في الخليج العربي ، كذلك محاولة إحداث الوقيعة بين حكام أبوظبي ودبي . . وبالطبع فإن الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي هو أكثر من يتعرض لهذه الهجمات التي أقل ما توصف به أنها غير عادلة . . من هو محمد بن زايد . . إنه إبن حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله وطيب ثراه . . الشيخ زايد الذي ورث لأبنائه جميعاً ومن ضمنهم الشيخ محمد كل مبادئ الشرف والكرامة والأصالة والأخلاق النبيلة ، وعَلَّمَ جيلاً كاملاً من الإماراتيين كيف يحافظون على بلدهم ، ولهذا أبشر كل المتآمرين على دولة الإمارات أن مؤامراتهم لإسقاط هذه الدولة الفتية لن تجدي فهم كالبنيان المرصوص حكاماً وشعباً ، ولن تجدي مؤامراتكم لإحداث الوقيعة بين محمد بن زايد وأشقائه آل زايد ، فأبناء الشيخ زايد لا يختلفون ، وإن إختلفوا في الرأي لا يتآمرون على بعض ولا يتقاتلون ، لأنهم أصلاء ، تخلقوا بأخلاق وأصالة أبيهم ، ولا أزيد على ذلك ، ولهذا فإن مؤمراتكم لإثارة الفتنة بينهم لن تُحْدِث سوى السخرية بكم والضحك عليكم .

كما أن محاولات إثارة الفتنة بين الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي ، الرئيس القادم لدولة الإمارات والشيخ محمد بن راشد حاكم دبي الرجل القوي الذي حول دبي إلى أهم مركز تجاري ومالي في الشرق الأوسط ، وحولها إلى مدينة تتباهى بها دولة الإمارات العربية بين مدن العالم . . أبشركم أيها المتآمرون أن مؤامراتكم لن تجدي في التفريق بين أبوظبي ودبي بعد أن تحولتا إلى جسد واحد حكاماً وشعباً .

كذلك فإن محاولات شغل حكام الإمارات وسلطنة عمان بمسائل قد إنتهى أوانها لإختلاق المنازعات بينهما هو نوع من العبث ، فالأمور قد إستقرت بين البلدين منذ فترة ولا يتبق بينهما سوى الإخوة العربية والخليجية .

إن قناة الجزيرة من قطر وقناة الشرق العميلة من تركيا تحاولان أن تلوحا بهذه الأوراق التآمرية لإرهاب الدول الأربعة المقاطعة لقطر إرهاباً إعلامياً ، لكنه إرهاب خائب لن يجدي نفعاً في دول تقف على أرض صلبة ، ترسخت قواعدها ، ولن تهزها رياح ضعيفة خائبة كالتي تصدر من قطر وتركيا .

هل يمكن أن أحلم بيوم أرى فيه أجهزة الإعلام تُقَرِّب بين الدول المتنازعة ولا تُفَرِّق . . هل يمكن أن أحلم بيومٍ لا تتحول فيه أجهزة الإعلام إلى أبواق لحكوماتها تنشر الكذب والتطرف والإرهاب ، إن سلوك أجهزة الاعلام القطرية والتركية تعمق الأزمة بين قطر والدول الأربعة المقاطعة لها وتأخذ هذه الأزمة إلى موضع سئٍ لا رجوع عنه . . ليس شرطاً أن يكون الإعلام مرآةً وصدىً لحكومة البلد التي يعمل بها ، فذلك أمر الإعلام المبتدئ ، أو الإعلام المقهور الذي يعمل في بلدٍ ديكتاتوريٍ ، لكن أن تَدَّعي هذه الأجهزة أنها إعلام حر ثم في نفس الوقت تعمل على تعميق الخلافات بين حكوماتها وحكومات الدول الشقيقة المختلفة معها في بعض السياسات فذلك من المغالطات والمتناقضات الواضحة . . وماذا اذا تمت المصالحة بين قطر والإمارات ؟ فهل سيبقى محمد بن زايد ذلك الشخص المرعب الذي لا يتوانى عن فعل أي شئ لمصلحته الشخصية ؟ بالطبع لا . . سيتحول إلى رسول السلام والشهامة والإخوة . . سيتذكرون حينئذ فقط أنه إبن الرجل العظيم زايد العرب الذي أحسن تربيته هو وأشقاءه ، وجعل منهم رجالاً أشداء ليتولوا المسئوليات الصعبة من بعده ، ويحولوا دولتهم من دولة صحراوية إلى دولة متحضرة متقدمة تأخذ بكل عوامل الرقي والتقدم . . عندما تتحسن العلاقات بين الشيخ تميم والشيخ محمد بن زايد فهل سيجرؤ هذا الإعلام على الإساءة للشيخ محمد ، إنه إعلام لا ولاء له إلا لمن يخاف منه أو يدفع له أكثر . . ولا مكان فيه للمبادئ الأخلاقية أو التقاليد المهنية . . ذلك هو إعلامنا المسيس ، وذلك هو عالم المصالح الذي نعيش فيه الآن .

والدول السفيهة التي يحكمها سفهاء لا تتورع عن إنفاق ثرواتها وثروات شعوبها في أمور تافهة ومظاهر فارغة للنفخ في صورتها الضئيلة ، ومحاولة إظهارها بصورة تبدو أكبر من حقيقتها . . وهذه الدول لم تتعلم من دروس التاريخ ، ولا حتى من دروس الحاضر ، فبعض دولنا تتصرف على أنها دول ثرية ، لكني بحثت عن موقعنا بين البشر وبين الدول ، وفوجئت بأن العرب على الرغم من تهمة الثراء ليسوا بين الأثرياء الذين تعترف بهم الأمم المتحدة في تقاريرها التي أوضحت أن المال الخرافي تتقاسمه الولايات المتحدة واليابان وأوروبا ، ولا يبقى لبقية العالم الذي نحن منه دائماً سوى عشرة في المئة . . ومع ذلك يستمر السفه في تبديد الثروات من جانب بعض الأنظمة التي تعتقد أنه طالما تخرج الثروات من باطن الأرض فماذا يضير أن يضخموا ذاتهم بشراء ضمير العالم الحر وإرضاء أسياد الأرض بإستيراد الأسلحة والطائرات منهم دون الحاجة الحقيقية لها ، وتمويل العمليات الإرهابية ودعم المخططين والمنفذين لها ، بل يصل السفه الى إنفاق ربع مليار دولار من أجل لاعب كرة ، وإنفاق أضعاف أضعاف هذا المبلغ للفوز بإستضافة كأس العالم لكرة القدم وانتزاعها ممن ؟ من الولايات المتحدة الأمريكية .

إن أهم درسٍ يمكن أن نستفيده من التاريخ هو أن البشر لا يستفيدون كثيراً من دروس التاريخ . . ولسوف يندمون . . حتماً سيندمون

اترك رد

%d