الخميس, 21 نوفمبر, 2024 , 3:54 م

خالدعبدالحميد يكتب عن : الرئيس والنظام وسرطان الجسد

 

 

لم يكن بمقدورنا أن نصمت ازاء ما نراه أنه خطأ ، فأمانة الكلمة ومسئولية القلم تحتم علي أصحابها الا يلتزموا الصمت ، لا سيما الأقلام التي ارتضت أن تكون في خندق الوطن والدولة المصرية ، تدافع عن ثوابتها ومؤسساتها الوطنية .

أبدا لم يطلب منا رئيس أو مسئول أن نصمت علي خطأ أو مخالفة أو تجاوز بزعم أن نشر السلبيات قد يسيئ الي ما تحقق من انجازات .. واذا كان بعض بنى مهنتى في الصحافة والإعلام يتبنون هذا التوجه بإظهار الإيجابيات وفقط ، فلا نعقتد أن ما يفعلونه من الوطنية في شيئ ، بل علي العكس هو فساد من نوع آخر .. وأشد أنواع الفساد من وجهة نظرى هو تضليل الرأى العام .

وبما أننا ومنذ الوهلة الأولى ارتضينا عن اقتناع أن نكون في خندق الدولة المصرية وثوابت ثورتى25 يناير و30 يونيه ، فلابد ونحن نرى أي سلبية أو مخالفة الا نصمت وأن نبرزها كما نبرز الإيجابيات حتي يتم إعمال مبدأ الثواب والعقاب وهو الركيزة الأساسية لبناء أى مجتمع سليم .

لقد أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي ومنذ اليوم الأول لتوليه مقاليد الأمور أنه سيحارب الفساد أينما كان ومهما بلغت مكانة أصحابه ، وبالفعل رأينا ذلك علي الأرض وتم اعادة واسترداد أكثر من مليون و200 ألف فدان تم الإستيلاء عليها في عهود سابقة ، ووضعت الرقابة الإدارية يدها علي الآلاف من قضايا الفساد وتم تقديم أصحابها للمحاكمة وما زالت الأجهزة الرقابية تعمل بكل جد واجتهاد في محاربة الفساد .. ولكن ..

اسمح لنا سيادة الرئيس وقد منحتمونا مساحة من حرية الرأي والنقاش أن نتحدث معكم بصراحة ، فليس عيبا أن يخطأ الإنسان ، فليس هناك من هو معصوم من الخطأ ، قد يخطأ الإنسان في اختيارات بعض معاونيه ، قد يخطأ في توقيت اتخاذ بعض القرارات ، وهذا وارد فكلنا بشر ، وهنا يبرز دور السادة المستشارين الذين تم اختيارهم للإستعانة بهم وأخذ مشورتهم قبل اتخاذ أى قرار.

وعلي هؤلاء أن يضعوا الحقائق أمام المسئول بدون رتوش ، فالأمانة تقتضي أن تكون التقارير سليمة وواقعية ومنطقية حتي يستطيع المسئول أن يتخذ القرار السليم في الوقت السليم .

والشاهد أن هناك العديد من القرارات المصيرية الصحيحة اتخذت في الوقت الخطأ فأتت بنتائج عكسية ، وقرارات أخري لم يتم التمهيد لها جيدا قبل اتخاذها فأتت أيضا بنتائج عكسية رغم أنها قرارات صحيحة .. هنا يبرز وكما قلنا دور المستشارين الذي يستعين بهم المسئول لإستشارتهم قبل اتخاذ القرار .

والشاهد أيضا أن مستشارى الرئيس يمثلون لغزا كبيرا رغم أنهم أسماء كبيرة في عالم السياسة والإقتصاد والأمن والإعلام .

وقد تعودنا أن من يصلح للتنظير ويحترف الخطابة يكون فاشلا تنفيذيا ، فكم من العلماء وأصحاب الفكر والمحاضرين الذين نراهم كبارا ، عندما تولوا مناصبا تنفيذية فشلوا فشلا ذريعا .

نخلص من ذلك بالقول أننا أبدا لم نختلف حول وطنية الرئيس ولا سعيه نحو بناء مصر الجديدة ، وما تحقق من انجازات غير مسبوقة خلال السنوات الثلاث الماضية خير شاهد على ذلك .

ولكن هناك من يسعى الي إهالة التراب علي تلك الإنجازات .. تلك هى الحقيقة التي يحاول قيادات الإعلام في مصر والمؤسسات القومية إخفائها وعدم التطرق اليها خوفا من غضب النظام – وهو من تصرفاتهم براء –

أبدا لم يطلب النظام عدم إظهار السلبيات أو ” الطرمخة ” علي الفساد .. أبدا لم يطلب النظام خداع الشعب وعدم وضع الحقائق أمامه ، بل العكس هو ما ينادي به النظام وهو مصارحة الشعب بحقيقة الأوضاع حتي يكون مشاركا في المسئولية .. واذا ما شاركنا الشعب في المسئولية فسيتقبل كل القرارات الصعبة بصدر رحب .

نعلم أن الرئيس اتخذ أصعب قرار يمكن أن يتخذه رئيس مصرى وهو الإصلاح الإقتصادى وإلغاء الدعم باعتبار أن ذلك هو طوق النجاة الوحيد لإنقاذ مصر من عثرتها ، والشعب ارتضى أن يتحمل فاتورة الإصلاح ، ولكن التعامل مع هذا الأمر لم يكن علي مستوى المسئولية من أعضاء الحكومة الذين ومن وجهة نظرى وبسوء تصرفات بعضهم وعدم إدراكهم لتبعات ما يتخذونه من قرارات قد ورطوا النظام في عدة أزمات ، ومنحوا الجماعات المتربصة بمصر الفرصة لتأليب الشعب عن طريق استغلال كل إخفاق حكومى للإساءة الي القيادة السياسية – هل يمكن لأحد أن ينكر ذلك ؟ ! – .

 المشكلة ليست في القيادة السياسية ولا في مؤسسات مصر الوطنية فجميعهم يحظى بالثقة الكاملة من الشعب .. المشكلة في الجهاز التنفيذي للدولة الذي يمثل حجر عثرة لتقدم مصر واستكمال مسيرة البناء والتنمية .. نعم الجهاز الحكومى في الدولة هو مصدر الأزمات للقيادة السياسية والحكم ، وإلا بماذا نفسر قيام بعض المسئولين بتطفيش المستثمرين الذي حضروا لمصر لإقامة مشروعات نحن في أشد الحاجة إليها ، بل وننفق المليارات لجذب هذه الإستثمارات ؟.

بماذا نفسر العملية المنظمة لتدمير شركة الطيران الوطنية الوحيدة في مصر والسعى لتحقيق أكبر خسائر لها باتخاذ عدد من القرارات العكسية ؟

بماذا نفسر تغاضي إدارات المرور في مصر عن محاسبة النعوش الطائرة ومافيا الميكروباص والتكاتك التي تسير بدون ترخيصات أو لوحات معدنية وإهدار مئات الملايين من الجنيهات سنويا ، رغم أن ميزانية الدولة تحتاج الي كل جنيه ، وتضطر الحكومة الى تقليل حجم العجز من جيوب الفقراء الذين أوشكوا علي الفناء ؟

بماذ نفسر استمرار عدد كبير من رؤساء الأحياء الفاسدين الذين استحلوا الحرام في ظل غياب رقابة المحافظ والأجهزة التنفيذية ؟

بماذا نفسر الأحكام التي تصدر علي إرهابيين ، ثم يتم الغائها ، ثم تعاد من جديد لنظرها ، ثم يتم الغائها ، قبل أن تتصدى لها محكمة النقض بعد سنوات من التقاضى ؟

بماذ نفسر انشاء وزارة للهجرة والمصريين بالخارج للم شمل المغتربين فاذا بالوزيرة والوزارة تفرق شمل المصريين وبدلا من جذب استثمارات أبناء الوطن بالخارج الي مصر .. تم افتعال الأزمات مع الطيور المهاجرة الذين احجموا عن الإستثمار بسبب الروتين والعجرفة ، وزادت الصراعات والمشاحنات رغم مؤتمرات الشو الإعلامى ؟

أشد ما يؤلمنا أن هناك انجازات كبيرة وضخمة وغير مسبوقة تحققت خلال الأعوام الثلاثة الماضية في عهد الرئيس السيسى ، لم يشعر بها المواطن البسيط بسبب تلك السلبيات التي يرتكبها أعضاء الجهاز التنفيذي للدولة وهو ما يشبه سرطان داخل جسد الحكومة يعمل علي تشويه كل إنجاز .. فهل تأخذ القيادة السياسية هذا الأمر بعين الإعتبار حتي يشعر المواطن بما تم ويتم من إنجازات ؟ .. نتمنى ذلك

اترك رد

%d